بالتحكم من بعد. وهي من ضمن الجراحات الدقيقة الأقل تدخلاً.
حيث يشهد العديد من دول العالم المتقدمة، جهوداً جبارة لتطوير وإنتاج روبوتات قادرة على إجراء العمليات الجراحية ومعالجة المرضى، ويبدوان الروبوتات سوف تحل في المستقبل، غير البعيد، محل الأطباء الجراحين ومن المتوقع ان يكون المريض هوالشخص الوحيد الذي يتواجد في غرفة العمليات الجراحية، بحيث يتم استبدال الجراحين والممرضين وأخصائيي التخدير بأنظمة روبوتية. وبذلك يتم تفادي تداعيات اهتزاز أيدي الجراحين بسبب شعورهم بالتعب أثناء إجراء الجراحات الدقيقة التي تستغرق وقتا طويلاً، الأمر الذي يمثل خطرا كبيراً على حياة المريض. ولذلك فكّر العلماء في تطوير روبوتات طبية تتميز بالدقة التامة تستطيع إجراء الجراحات بمساعدة الكمبيوتر، بإشراف طبيب ذي كفاءة عالية في مجال التعامل مع هذه الروبوتات الطبية المعقدة والمتطورة.
إلى ذلك تنبأ العديد من كتّاب الخيال العلمي، بأنه قد يأتي يوم، تكون فيه المستشفيات بدون بشر تقريباً، إذ سيختفي الجراح البشري وفريق التمريض، وكذلك أطباء التخدير والعمال والمديرون، لتحل محلهم الروبوتات (الإنسان الآلي) التي ستصبح قادرة على القيام بالمهام كلها منفردة، مثل إجراء الجراحات الدقيقة، من دون الحاجة إلى مساعدة. وهذه النبوءة لم تعد ضرباً من ضروب الخيال العلمي اذ انه قد تم بالفعل، إجراء جراحات لمرضى عن بعد بواسطة الروبوت، عبر تقنيات الاتصالات الفضائية، وبتوجيهات من الكمبيوتر ونظم المعلومات والتكنولوجيا. وقد تبيّن ان لهذا النوع من الجراحات مزايا عدة، مثل الدقة، وصغر حجم الشقوق الجراحية، وانخفاض كميات الدم المفقودة، وقلة الألم، وسرعة الشفاء.
تقنية الجراح الآلي
وفي العام 2000، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)، على استخدام الروبوت داخل غرف العمليات لمساعدة الأطباء الجراحين، على إجراء العمليات الجراحية الدقيقة. وقد تم اختبار كفاءة الروبوت الجراح في عمليات مهمة ودقيقة، مثل جراحة القلب المفتوح، واستبدال صمامات القلب.
في عام 2009 نشر د. تيلمان وزملاؤه اكبر دراسة لمراكز متعددة في جراحة الأورام السرطانية النسائية باستخدام جهاز الروبوت ديفنشي.
وفي يناير 2009 اجرى الدكتور جيفنر أول عملية زرع الكلى باستخدام الروبوت بمدينة نيوجرسي
وتتوفر هذه التقنيات ولله الحمد في بلادنا وذلك منذ عام 2003 في مستشفى الملك خالد الجامعي بالرياض ونشرت اول دراسة عام 2004 ل 42 مريضا أجريت بمستشفى الملك خالد الجامعي منها 25 عملية قلب و9 عمليات للمرارة بالإضافة لعمليات أخرى. وفي مجال الامراض النسائية الحميدة والخبيثة أجرينا ما يقارب من 100 عملية باستخدام تقنية الروبوت الآلي ديفنشي معظمها لسرطان الرحم والمبيض وكانت النتائج ولله الحمد ممتازة حيث كانت فترة مكوث المريضة بالمستشفى لا تتجاوز 48 ساعة بالمقارنة بسبعة أيام في الجراحة التقليدية وكانت نسبة الدم المفقود قليلة جداً أما الألم فكان خفيفا جداً بالإضافة الى صغر الشق الجراحي الذي لايزيد عن 12ملم. ونجري الآن العديد من جراحة المسالك البولية واورام القولون المستقيم بهذه التقنيات.
ويتوقع الخبراء ان يتم استخدام هذا النوع من الروبوتات في إجراء الجراحات الفائقة الدقة مثل جراحات الأعصاب وجراحة الروبوتية لها ميزات كثيرة، بحيث يمكن لجهاز الروبوت أن يقوم بحركات دقيقة في مساحة صغيرة جداً، من دون أن ترتعش أصابعه، كما يحصل إذا أصيب الطبيب البشري بالإرهاق. وللروبوت الجراح ذراع حساسة جداً تستطيع التحرك بحذر داخل جسم الإنسان، مع إحداث اقل الاضرار الممكنة على الخلايا والأنسجة الكثيرة التي تحتك بها أثناء إجراء العملية. كما انه يقلل من درجة الألم التي يعاني منها المريض خلال خضوعه للعملية الجراحية، وبالتالي يقلل من خطورة وتداعيات المضاعفات، ويزيد من سرعة الشفاء.
تعتبر من أكبر علوم الطب تقدماً في وقتنا الحاضر
تعتبر من أكبر علوم الطب تقدماً في وقتنا الحاضر
إلى ذلك، يأمل العالم روبرت هاوي أستاذ الهندسة الالكترونية في جامعة هارفارد الأميركية، تصميم أنظمة روبوتية توفر من ضمن العديد من الميزات، ميزة القدرة على تلمّس الأنسجة الداخلية والأورام لإبلاغ جرّاحي العمليات بها. يضيف هاوي إن إضافة حاسة اللمس هي الخطوة التالية في الجيل المقبل من الجراحات الروبوتية، لأن ذلك من شأنه ان يسهل استخدام الروبوتات ويسرّع انجاز العمليات الجراحية. ويستطرد قائلاً: الروبوتات تنقصها حالياً حاسة اللمس، ويتم كل شيء بالاعتماد على المعلومات البصرية، ما يتطلب الانتباه ويؤدي إلى إبطاء العمل الجراحي.
ومن المعروف ان القرن العشرين شهد ثورة معلوماتية هائلة في تقنية الإلكترون، وما تبعها من تطور لهندسة الكمبيوتر. غير ان حقل تقانة الروبوتات اتخذ مساره التطوري السريع الخاص به في العقدين الأخيرين، ويتوقع ان هذه الثقافة ستكون من أهم ثورات العلم في القرن الحالي. ففي إطار الصناعات الثقيلة، مثلاً، كان لتكنولوجيا الروبوت دور كبير في معامل الآليات، حيث تطورت خطوط التجميع بشكل هائل مما جعل عمليات التجميع أكثر انسيابية وسرعة ودقة. كما أن هناك اليوم روبوتات زراعية متخصصة، وروبوتات «أليفة» تملأ على البعض حياتهم الفارغة. كما أصبح الروبوت بمثابة عين للإنسان تصل الى أصعب الأماكن وأصغرها أو اكبرها او أبعدها.
واذا كانت الروبوتات قد اخذت دورها بفعالية داخل غرف العمليات الجراحية، فهي ليست بعد روبوتات مستقلة عن الاستخدام البشري في اتخاذ قراراتها والقيام بمهامها، لأنها تقدم للجراح «البشري» خدمات آلية أثناء قيامه بالعملية الجراحية. وهذه الآلات ما زالت تحتاج الى مساعدة بشرية لتشغيلها واعطائها التعليمات اللازمة. كما ان أجهزة التحكم عن بعد والتخاطب الصوتي هي الطرق التي يتم بها التحكم بعمل هذه الروبوتات.