الصعب أن نطلب من طفل الجلوس دون حراك لفترة طويلة.
لكن عندما تزيد هذه التصرفات عن الحد الطبيعي وتترافق مع أعراض أخرى، كأن تسمع الأم مثلاً شكوى المعلمة في المدرسة من عدم تركيز الطفل وقلة انتباهه في الصف، وعندما يجد الطفل صعوبة في إنهاء أي مهمة تطلب منه إذا كان ذلك يتطلب وقتاً ويجد صعوبة في الجلوس لبعض الوقت في مكان واحد وغيرها من السلوكيات اللافتة، لا يمكن إلا أن تفكر الأم بضرورة استشارة الطبيب الاختصاصي.
في هذه الحالة واستناداً إلى تقرير الأم وغيره من التقارير، قد يتمكن من تشخيص حالة الاضطراب الحركي والنشاط المفرط ADHD الذي يعتبر من اكثر الاضطرابات السلوكية شيوعاً بين الأطفال والمراهقين، وله أعراض عدة وسلوكيات تلفت نظر الأهل وتستدعي المعالجة الفاعلة التي تجمع ما بين العلاج النفسي والسلوكي والدوائي والتربوي، بحسب الطبيب الاختصاصي بالأمراض النفسية د.فاضل شحيمي، وذلك حتى لا تستمر الأعراض حتى سنّ متأخرة وتؤثر على حياته وصداقاته وعلى دراسته وتزعزع ثقته بنفسه.
ما هو التعريف الطبي لل ADHD؟
الـ ADHD هو اضطراب مرتبط بالنقص في التركيز وكثرة الحركة. هو اضطراب سلوكي يظهر لدى الأطفال ويبرز بوضوح في السنتين الدراسيتين الأولى والثانية.
ما مدى انتشاره؟
هو من أكثر الاضطرابات السلوكية انتشاراً بين الأطفال والمراهقين وتصل نسبة انتشاره إلى 5 في المئة، أي انه في صف مؤلف من 30 تلميذاً هناك واحد أو اثنان مصابان بهذا الاضطراب.
ما أبرز الأعراض التي قد تلفت نظر الأهل إلى احتمال إصابة الطفل؟
يمكن تقسيم الأعراض إلى 3 أقسام
1 كثرة الحركة والنشاط المفرط، أي أن الطفل يجد في هذه الحالة صعوبة في اللعب بهدوء وفي المكوث في مكان واحد فيكون دائم الحركة. يمكن أن يلاحظ الأهل أن لديه اندفاعاً دائماً، إضافةً إلى أنه كثير الكلام.
2 الاندفاع الزائد بحيث يميل الطفل إلى مقاطعة الآخرين في الكلام ويجد صعوبة في انتظار دوره ويتسرع في الإجابة قبل سماع السؤال كاملاً ويتدخل في عمل الآخرين.
3 النقص في التركيز، فيجد الطفل صعوبة في الاستمرار في التركيز والانتباه لفترة وفي الاستماع، بل يتشتت تفكيره بسهولة. حتى أنه يتجنب الأنشطة التي تتطلب مواصلة الجهد العقلي. كما أنه يرتكب العديد من الهفوات الناتجة عن عدم الاكتراث الملحوظ لديه ويجد صعوبة في تنظيم المهمات.
لكن لا بد من التوضيح أن الأعراض تختلف بين طفل وآخر ولا يمكن تعميم الأعراض على الكل. ففيما تغلب لدى البعض أعراض كثرة الحركة بشكل منفرد أو النقص في التركيز بشكل منفرد، ثمة حالات تظهر فيها أعراضاً مشتركة.
هل من أسباب معروفة أو عوامل خطر تزيد احتمال الإصابة به؟
مما لا شك فيه أن العامل الوراثي يلعب دوراً في الإصابة بهذا الاضطراب، فإذا كان طفل مصاباً ثمة احتمال يصل إلى 35 في المئة لأن يكون احد أخوته مصاباً.
أما في حال وجود توأم فتصل النسبة إلى 90 في المئة. من جهة أخرى، ثمة أسباب أخرى بيولوجية دماغية قد تكون من أسباب الإصابة، بمعنى أنه قد يكون هناك اضطراب ناتج عن تفاوت في مستوى بعض المواد الكيميائية الدماغية المرتبطة بالنشاط الدماغي الذي يتصل أيضاً بسلوكيات الاندفاع والانتباه.
هل من عوامل خارجية وتأثير للمحيط في الإصابة بالADHD؟
لا علاقة لسوء التربية أو عدم الانضباط بظهور هذه الحالة المرضية، كما يعتقد البعض، خصوصاً الأهل الذين يضعون اللوم على أنفسهم عند ظهور الحالة لدى طفلهم.
في أي سن تظهر الاعراض؟
يظهر هذا الاضطراب السلوكي عادةً لدى الأطفال قبل سن 7 سنوات.
ما مدى تأثيره على حياة الطفل وعلى نتائجه المدرسية؟
يعتبر الADHD من الأمراض البيولوجية التي تجعل حياة الطفل صعبة ومحبطة، خصوصاً أنه قد يشكل حاجزاً يحول دون تكوين الطفل صداقات والحفاظ عليها. وتكمن الصعوبة الكبرى في كون الطفل يجهل غالباً سبب اختلافه عن الآخرين فيشعر بالوحدة ويؤثر الأمر على ثقته بنفسه وتقديره لذاته.
ما الذي قد ينتج عنها في حال عدم المعالجة في الوقت المناسب؟
في حال عدم تشخيص الحالة ومعالجتها، ثمة مشكلات عدة قد تنتج عن ذلك:
الفشل في المدرسة والتأخير في الأداء المدرسي.
الاكتئاب.
المشاكل في إقامة العلاقات وفي تكوين الصداقات.
سوء تقدير الذات.
أما لدى من هم أكبر سناً، فأبرز المشكلات التي يمكن مواجهتها هي:
صعوبة العثور على وظيفة.
التنقل غير المبرر في مكان العمل مما يسبب الكثير من المشكلات.
السلوك الإجرامي وتعاطي المخدرات.
ما الحالات المرضية التي قد تترافق مع الADHD؟
ثمة حالات من الADHD تترافق مع القلق النفسي والاكتئاب والصعوبة في التعلّم والصعوبات في اللغة وفي القراءة. وقد تكون هذه أيضاً من المؤشرات التي تدل على إصابة الطفل.
هل تصيب الصبيان أكثر أو الفتيات؟
تبدو نسبة الأولاد المصابين أكثر ارتفاعاً من نسبة الفتيات. لكن في الوقت نفسه قد يكون التشخيص أكثر صعوبة لدى الفتيات لأن الأعراض لا تظهر بوضوح كما لدى الأولاد.
كيف يتم التشخيص وما الفحوص التي تجرى لكشف الاضطراب؟
لا يتم تشخيص الحالة، كما يعتقد البعض، من خلال فحص دم معين، بل استناداً إلى تقارير الأهل والمدرسة التي توضح كل التفاصيل المرتبطة بحالة
الطفل وسلوكه، فتقارن بمعايير التشخيص التي تعتمدها الجمعية الاميركية للطب النفسي.
من هو الطبيب المختص بهذا النوع من الحالات؟
يقوم بالتشخيص الطبيب النفسي أو أي طبيب مرتبط بهذا الاختصاص.
ما طبيعة العلاج الذي يوصف في هذه الحالة؟
لا يقتصر العلاج على نوع واحد بل يتم على مستويات عدة بدءاً بالعلاج النفسي والعلاج السلوكي الذي يساعد الاهل على إبراز تغييرات إيجابية في سلوك الطفل تمهيداً لشفائه. إضافة إلى العلاج بالأدوية التي يصفها الطبيب والتي تعمل على تغيير مستويات المواد الكيميائية الطبيعية في الدماغ التي حصل فيها خلل تسبّب بهذه الحالة.
وبالتالي يرتكز العلاج على هذه الأنواع مجتمعة، إضافةً إلى الوسائل التربوية في العلاج التي تعتمد على أساليب تعليمية متخصصة تراعي حالة الطفل.