تاريخ النشر 16 اغسطس 2004     بواسطة الدكتور اشرف عبدالقيوم امير     المشاهدات 201

حمى الضنك تزحف بسرعة في جدة

سجلت المديرية العامة للشؤون الصحية في محافظة جدة حالات جديدة لمصابين بحمى الضنك، وصلت الى 263 حالة حسب آخر احصائية للحالات المصابة في المستشفيات الحكومية والخاصة. وقال الدكتور أشرف عبدالقيوم أمير استشاري طب الأسرة ومساعد مدير الشؤون الصحية للرعاية الصحية الأولية بمحافظة جدة، إنه بالرغم من عدم
وجود أي علاج فعال لهذه الحمى الا أن هناك تحسنا بين عدد كبير من المصابين نتيجة للرعاية الصحية والاشراف الاكلينكي المتواصل على حالات الإصابة. مبينا أن عمليات رش المبيدات تعتبر هي الاجراء الوقائي الافضل لمنع الوباء.
وأضاف عبد القيوم ان المرض ينتشر في أماكن متفرقة من الدول الآسيوية والافريقية بواسطة بعوضة تسمى (الزاعجة المصرية). وتتكاثر البعوضة في الاماكن التي يوجد فيها تجمع للمياه الراكدة، ويمكن انتقالها عن طريق العبوات او الحاويات او اطارات السيارات الملوثة او أي تجمع بسيط يمكن ان يكون ناقلا للمرض.
أما بالنسبة للخارطة الوبائية لتوزيع حالات الاصابة في خمسة احياء من مدينة جدة فهي حي الصفا والنسيم ومدائن الفهد والكندرة والبغدادية الصحيفة، حيث يبلغ متوسط الإصابه حوالي 7 حالات في كل حي، وهذه الاحياء شهدت اعمال رش مكثفة من قبل اللجنة الثلاثية. وقال الدكتور خالد بن صالح الصواف مدير الشؤون الصحية بمحافظة جدة، إن تراجع عدد الإصابة ناتج عن الإجراءات الوقائية التي قامت الوزارة في اتخاذها لمقاومة هذا المرض ومنعه من الانتشار بشكل كبير، وذلك من خلال الفرق الوقائية في مجال الإصحاح البيئي والاستقصاء الوبائي وكذلك الاستكشاف الحشري بالتنسيق مع الجهات المعنية وخاصة أمانة محافظة جدة.
وكانت المديرية العامة للشؤون الصحية بمدينة جدة أعلنت مطلع الشهر الجاري، وفاة سعوديين مصابين بالمرض. وعلق الدكتور سامي محمد بادود مدير مستشفى الملك فهد على وفاة احد المرضى بكون الشخص وصل في مرحلة متأخرة من المرض بعد مراجعته للعديد من الاماكن التي لم تقف على طبيعة الحالة المرضية ومعالجتها. وكانت مستشفى الملك فهد العام رصد ظهور أعراض المرض على 20 مريضا بينهم 12 رجلا تترواح أعمارهم بين 14ـ55 عاما.
يروي محمد شقيق أحد المتوفين (ع. أ) بمضاعفات حمى الضنك يوم الجمعة 4 يونيو (حزيران) الماضي، أن اخاه كان متزوجا ويبلغ من العمر 35 عاماً ولدية طفلان وهو يعمل مدرسا للتربية الفنية بمدراس الأبناء في قوات الدفاع الجوي بمدينة جدة.
وقال بدأت أعراض المرض على أخيه بمغص وقيء شديدين، استمرا لمدة أربعة أيام، حيث تم نقله إلى مستشفى الجامعة، ومكث فيه لمدة أسبوع كامل بدون أكل أو شرب. وبعد مرور الأسبوع الأولاشتدت عليه آلام البطن، وتم تحويله إلى مستشفي الملك فهد بجدة وبمجرد دخوله المستشفي بتاريخ 1425/3/27 هـ حيث شعر في اليوم الأول بتحسن وفي اليوم الثاني دخل في غيبوبة كاملة، بعدها تم نقلة إلى غرفة العناية المركزة في المستشفى واثر دخوله الغرفة توقف الكبد عن العمل واصبح يأخذ علاجا مقاومة مرض حمى الضنك. وكان الأطباء المشرفون على حالته يقومون بعملية غسيل كلى له في بداية دخوله العناية المركزة بشكل يومي، حيث ظل في غيبوبة لمدة أسبوعين وبعدها افاق أفاقة غير كاملة، حيث لا يستطيع إدراك من هم حوله بشكل جيد.
وأضاف أن المرض اثر على صحة اخيه، حيث اصبح يسأل باستمرار عن أبنائه ووالدته وإخوانه بشكل يومي ومستمر رغم أن الجميع كانوا حول سريره من دون ان يشعر بوجودهم، الى أن لقي ربه يوم الجمعة. وكان المرض قد ظهر بمدينة جدة عام 1994 ثم تناقصت الحالات المسجلة حتى بدأت بالتلاشي مطلع العام الحالي، حيث عاودت الظهور مرة أخرى وفق الأعداد المسجلة حاليا ولا يعرف على وجه التحديد كيفية دخول المرض الى المملكة، إلا انه يمكن القول إن سهولة التنقل بين الدول في العصر الحديث وبفضل وجود وسائل المواصلات الحديثة، قد ساهما في سرعة وسهولة انتقال الأمراض بين الدول، ومما يلاحظ في هذا الصدد وجود حركة كبيرة للمسافرين بين المملكة ودول أخرى لديها حالات اصابة بحمى الضنك سواء للسياحة أو العمل أو العمالة الوافدة.
وأكدت الدكتورة سمر بدرالدين استشارية أمراض جرثومية معدية ورئيسة قسم مكافحة العدوى بمستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة، أن مرض حمى الضنك ينتقل بواسطة البعوض المعدي من نوع ( أيجبتاي) أو (الألبوبكنس)، وهي من الأنواع التي تظهر نهارا بعد الشروق وقبل الغروب بساعتينوتتكاثر بوضع البويضات في المياه الراكدة والمتبقية في الصفائح الفارغة والبراميل والإطارات وعند مكيفات الهواء وحول المسابح، وهو فيروسي حاد يشعر المصاب به بحمى مفاجئة تستمر من 3 ـ 5 أيام ونادراً ما تصل الى 7 أيام، تبدأ الأعراض بحمى مستمرة وقشعريرة متقطعة وصداع شديد واحمرار للعينين وترافق ذلك آلام في الظهر والمفاصل والعضلات وتظهر بعد ذلك اضطرابات في الجهاز الهضمي وفقدان في الشهية مع طفح جلدي ينتشر في الاطراف ويحدث ظهور بقع نزيفية صغيرة.
وشددت على اتخاذ كافة الوسائل وطرق الحماية الشخصية من الإصابة بالمرض، وطالبت بالابتعاد عن الاماكن التي يكثر فيها البعوض ويتكاثر فيها وبالذات المستنقعات، وعدم تخزين المياه في اوعية مكشوفة وحماية الابناء عند النوم عبر استخدام ناموسيات تمنع وصول البعوض.إليهم. ووفق الدكتور عبد المحسن الزلباني أخصائي طب مجتمع لشؤون الوقائية في إدارة الرعاية الصحية الأولية بجدة، فإن حيوان (النسناس) يعد مستودعاً لفيروسات حمى الضنك.
يقول الدكتور علي بن عدنان عشقي أستاذ كلية علوم البحار في جامعة الملك عبد العزيز بجدة، إن مشكلة حمى الضنك تكمل بوجود بحيرة (بريمان)، وهي مرتفعة عن جدة بحوالي 300 إلى 400 متر تقريباً ويسبب ارتفاع المنطقة إلى نزول المياه من الاعلى إلى الأسفل والموجودة في حي الأجواد بجدة. واستغرب عشقي انتشار مثل هذه الامراض في بيئة جافة معدل الامطار فيها منخفض كمدينة جدة. مرجعا السبب لتلك البحيرة الآسنة التي وصفها بالمكان الخصب لهذه الفيروسات. مشيرا الى أنه سبق وحذر امانة جدة من خطورة تلك البحيرة وكونها عامل جلب للعديد من الامراض الوبائية ومنها حمى الضنك. وأضاف أنه سبق ان قام بنقل مخاوفه الى أمين مدينة جدة بأن جدة معرضة إلى حدوث كوارث بيئية، وأن انتشار الأوبئة منذ فترة طويلة مثل حمى الضنك وحمى الوادي المتصدع هو بسبب هذه المستنقعات.
ودعا عشقي الجهات المعنية لوضع حلول عاجلة للمشكلة وتبني حلولا مستقبلية للقضاء على هذه الاوبئة.وقال الدكتور عشقي إنه كان يتوقع ظهور حمى الضنك وحمى النيل منذ خمس سنوات وتحديداً منذ أيام ظهور الحمى القلاعية في منطقة جازان.
وكانت أمانة محافظة جدة أعلنت عن برنامجها الذي تم إعداده لمكافحة مرض حمى الضنك بالتنسيق مع الشؤون الصحية في مدينة جدة وتضمنت الخطة التي وضعتها إدارة صحة البيئة في الأمانة عدداًمن الإجراءات المتخذة لمنع تكاثر وتوالد البعوض الناقل للمرض ومنها تكثيف أعمال الرش في الأحياء التي أنتشر فيها البعوض الناقل للمرض. وعمدت شركة النظافة بالرش على المناطق الأكثر تأثراً بالحالات المصابة، ووفقا لتقرير الأمانة فانه تم معالجة أكثر من 227 منزلا و11 موقعا لمواقع التوالد، وتم تغطية حوالي 104 كلم، وتم رش 54 مستنقعا كما تم تغطية 113 هكتارا بالتضبيب الحراري.
وأوضحت الأمانة أن هناك تواصلا مباشرا مع وزارة الصحة بجدة لتحديد بؤر التوالد ومعالجتها فوراً إلى جانب تشكيل فرق مشتركة بين الأمانة والصحة لمكافحة هذا الوباء.


أخبار مرتبطة