فة .
ويعرف أغلب الناس الصرع على أنه النوبات الكبيرة وهي عبارة عن تشنج جميع الأطراف مع فقدان الوعي مصحوباً بخروج الزبد من الفم وتقلب العينين والتبول لاإرادياً ، بينما هناك أنواع كثيرة أخرى لايدركون الناس أنها أحد أنواع الصرع وتحتاج إلى رأي أخصائي الأعصاب لإقناعهم بذلك .
ومازال مرض الصرع يحتفظ بسمعة سيئة بين الناس حتى في أوساط المتعلمين والمثقفين وفي جميع الحضارات ، فلقد ذهب اليونانيون لاعتباره من صنع قوى خارقة إلهية وسموه المرض المقدس وكان المريض يغسل ويدهن بالعطور والزيوت في المعبد وأداء طقوس خاصة لإرضاء الآلهة . بينما اعتقد اليهود أنه عقاب للمذنبين وكان على المريض أن يكفر عن آثامه ويطلب التوبة.
واعتقد الكثيرون من باقي الأمم أن نتيجة لقوى شريرة كالشياطين والجن ويتم علاجها تبعاً لمعتقدات كل أمة.
وفي الوقت الحالي يشكل ظهور الصرع فزع كبير في الأسرة ويحاولون إخفاء الأمر بقدر المستطاع ويؤمنون إما ذاتياً أو بإيحاء أو ضغط من الآخرين أن هذا المرض نتيجة لتلبس الجن بالشخص وكثيراً ما رأينا حالات تأخر فيها طلب العلاج الطبي لعدة سنوات ، بالطبع فأنا لا أقصد من كلامي عدم وجود الجن أو عدم تلبسهم بالإنس وحصول حالات صرعية نتيجة لذلك ، بل هو ثابت في عقيدتنا من الكتاب والسنة
الحلقة الثانية
ففي حديث النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما من مولود إلا يمسه الشيطان حين يولد فيستهل ارخاً من مس الشيطان ، غير مريم وابنها ) أو كما قال صلى الله عليه وسلم ، والسبب في حمايتهما هو استجابة دعوة أم مريم ( وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم )
والصبي الذي أحضره أبوه إلى النبي عليه الصلاة والسلام يشكو له جنونه فأخذه الرسول عليه الصلاة والسلام بمجامع ثوبه من أعلاه وأسفله فجعل يضرب ظهره ويقول (( أخرج عدو الله )) ثم أقعده رسول الله بين يديه فدعا له بماء فمسح وجهه ودعا له فلم يكن في الوفد أحد بعد دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم يُفضل عليه .
ولكن ما أقصده وأتمنى وصوله للجميع أن أغلب حالات الصرع نتيجة لأمراض عضوية وعلاجها متوفر وحتى يمكن الشفاء منه تماماً بإذن الله . أما حالات الجن والسحر والعين فهي قليلة جداً ولا ينبغي تعميمها وجعلها هي الأساس .
ولقد قال ابن القيم ( الصرع صرعان ، صرع من الأرواح الخبيثة الأرضية ، وصرع من الأخلاط الرديئة والثاني هو الذي يتكلم فيه الأطباء في سببه وعلاجه .
وهذا يترتب عليه وجوب تغير النظرة لحالات الصرع واعتباره مرض مثل باقي الأمراض التي ممكن أن يصاب بها الإنسان كالسكر والضغط وغيرها ومعاملته بدون خجل أو حساسية مفرطة ثم الحرص على مراجعة الطبيب المختص في الحال للتشخيص والعلاج ، ولا يتعارض هذا مع اللجوء للرقية الشرعية عند من يظن فيه الصلاح .