تاريخ النشر 13 نوفمبر 2021     بواسطة البروفيسور حسين عبدالرحمن القحطاني     المشاهدات 1

تصلب متعدد

التصلب المتعدد ويعرف بأسماء عديدة، منها التصلّب اللويحي والتصلب المنتثر أو التهاب الدماغ والنخاع المنتثر (بالإنجليزية: Multiple sclerosis)‏، وهو التهاب ينتج عن تلف الغشاء العازل للعصبونات في الدماغ والحبل الشوكي. يُعطّل هذا التلف قدرةَ أجزاءٍ من الجهاز العصبي على التواصل، مما يؤدّي إلى ظهور عدد
ٍ من الأعراض والعلامات المرضية، منها أعراض عضوية أو إدراكية عقلية، وأحياناً تكون على شكل مشاكل نفسية. يتّخذُ التصلّب المتعدّد عدّة أشكال مختلفة مع أعراض جديدة تحدث إما على شكلِ نوباتٍ منفصلة (أشكال ناكسة) أو متراكمة بمرور الوقت (أشكال مترقّية). وقد تختفي الأعراض بين النوبات بالكامل، لكن المشاكل العصبية الدائمة تحدث في أغلب الأحيان خصوصاً إذا كان المرض في مراحل متقدمة.في حين أن أسباب المرض غير واضحة إلا أنه يُعتقد أن آلية المرض قد تكون إما تلف في الجهاز المناعي أو فشل في الخلايا المصنعة للمايلين. وتشمل الأسباب المحتملة لهذا المرض عوامل وراثية وعوامل بيئية مثل العدوى.

يعتمد تشخيص مرض التصلب المتعدد على العلامات والأعراض الموجودة ونتائج الفحوصات الطبية المساعدة.

لا يوجد علاج معروف للتصلب المتعدد. تحاول العلاجات تحسين وظائف الجسم بعد النوبة ومنع حدوث نوبات جديدة.
ففي حين تتصف الأدوية المستخدمة لعلاج مرض التصلب المتعدد بأنها متواضعة الفعالية، إلا أنها قد تترافق بتأثيرات سلبية وهي صعبة التحمّل. ويسعى العديد من المرضى للعلاجات البديلة على الرغم من عدم ثبات فاعليتها. يصعب التنبؤ بالنتائج طويلة الأمد، ولكن في كثير من الأحيان تكون النتائج جيدة عند النساء المصابات، وعند الذين أصيبوا بالمرض في سن مبكرة، وعند من يعانون من سير المرض الناكس، والذين عانوا من نوبات قليلة من المرض. يقل متوسط العمر المتوقع بين 5 و10 سنوات مقارنة بالأفراد غير المصابين.التصلب المتعدد هو مرض مناعي ذاتي شائع يؤثّر على الجهاز العصبي المركزي. ففي عام 2008، كان عدد المصابين بهذا المرض يتراوح بين 2 - 2.5 مليون فرد على مستوى العالم بمعدلات شدة تتفاوت من منطقة إلى أخرى ومن مجموعة سكانية إلى أخرى. عام 2013، ارتفع عدد المتوفين من مرض التصلب المتعدد إلى 20.000 شخص مقارنة بـ 12.000 وفاة عام 1990. يبدأ المرض عادة بين عمري 20 و50 سنة ونسبة إصابة النساء به ضِعف نسبة إصابة الذكور. يشير اسم المرض "التصلب المتعدد" إلى الندبات (الصلبة – المعروفة باللويحات أو الآفات) التي تحدث بالأخص في المادة البيضاء في الدماغ والحبل الشوكي. وقد كان جان مارتن شاركو أول من وصف المرض عام 1868. هناك عدد من العلاجات الجديدة وأساليب التشخيص قيد التطوير. 
العلامات والأعراض
الأعراض الرئيسية للتصلب المتعدد

يمكن أن تظهر لدى الشخص المصاب بالتصلب المتعدد أي علامة من العلامات أو الأعراض العصبية، وأكثرها شيوعاً مشاكل الجهاز العصبي الذاتي والمشاكل البصرية والحركية والحسية.
أما الأعراض النوعية فتظهر بحسب مكان الضرر ضمن الجهاز العصبي، وقد تشمل فقدان الحس والتنميل كالوخز أو الخدر، وضعف العضلات، والتقلص العضلي، والمنعكسات الشديدة جداً، وصعوبة الحركة؛ وصعوبة التنسيق الحركي والتوازن (الترنح)، واضطراب الكلام، وصعوبة البلع، ومشاكل النظر (كالرأرأة والتهاب العصب البصري وازدواج الرؤية)، والإعياء، والألام الحادة أو المزمنة، ومشاكل المثانة والأمعاء وغيرها من الأعراض. ومن الشائع أيضاً ظهور صعوبة في التفكير ومشاكل انفعالية مثل الاكتئاب أو المزاج المتقلّب ومن الأعراض الخاصة المميزة للمرض ظاهرة أوتهوف، وهي تفاقم الأعراض نتيجة التعرض لدرجات حرارة أعلى من المعتادة، وعلامة ليرميت وهو إحساس يشبه مرور تيار كهربائي على طول الظهر عند تحريك الرقبة. يستخدم مقياس اتساع مدى الإعاقة مع قياسات أخرى مثل مقياس المركب الوظيفي للتصلب المتعدد لقياس شدة المرض، ويُعتمد على هذه القياسات بصورة متزايدة في الأبحاث.في 85% من الحالات، يبدأ المرض كمتلازمة سريرية مُنعزلة على مدى عدة أيام، مع وجود مشاكل حركية أو حسّية لدى 45% من المصابين، والتهاب العصب البصري لدى 20%؛ وتظهر أعراض تتعلق بالاختلال الوظيفي لجذع الدماغ لدى 10%. أما الـ 25% المتبقين فيُعانون من أكثر من مشكلة مما سبق ذكره. أما سير الأعراض فيمكن أن يحدث مبدئياً حسب أحد النمطين الآتيين: إما نوبات من التفاقم المفاجئ تدوم لبضعة أيام أو لأشهر (وتعرف بالانتكاسات، أو السورات، أو النوبات، أو الهجمات، أو الاحتدامات) يعقبها تحسّنٌ (في 85% من الحالات)، أو نمط التفاقم التدريجي على مدى الزمن بدون فترات شفاء (ويشمل هذا النمط 10 – 15% من الحالات). وقد يحدث مزيج من النمطين. أو قد يبدأ المريض بالنمط الناكس أو المعاود، ثم يتحول بعد ذلك إلى النمط المتطوّر. لا يمكن توقع الانتكاسات عادةً، فهي تحدث دون سابق إنذار. لكن نادراً ما تحدث السورات أكثر من مرتين في السنة. ومع ذلك فبعض الانتكاسات تأتي مسبوقة بمسببات شائعة، وتحدث بصورة أكبر في فصلي الربيع والصيف. وبشكل مماثل، فإن العدوى الفيروسية مثل الزكام أو الإنفلونزا أو الالتهاب المعدي المعوي من شأنها أن تزيد من إمكانية الإصابة. يمكن أن يكون الإجهاد أيضاً مسبباً للهجمة. يُقلل الحمل من إمكانية حدوث الانتكاس، ولكن الأشهر الأولى التالية للولادة تزيد من إمكانية الإصابة. وبوجه عام لا يبدو أن الحمل يؤثر على الإعاقة على المدى طويل الأمد. ويُشار إلى أنه قد ثبت أن العديد من الأمور لا تُؤثّر على معدلات حدوث الانتكاس بما في ذلك التطعيم والرضاعة والاصابات الجسدية وظاهرة أوتهوف.
الأسباب
إن سبب التصلب المتعدد غير معروف، لكن يعتقد أنه يحدث نتيجة مزيج من العوامل الوراثية والبيئية كالعوامل المعدية. تحاول النظريات جمع البيانات وصياغتها في تفسيرات مُرجّحة، ولكن لم تثبت صحة أي منها بعد. على الرغم من وجود العديد من عوامل الخطورة البيئية وبعضها قابل للتعديل جزئياً إلا أنه من الأهمية بمكان إجراء المزيد من البحوث لتحديد إذا كان إلغاء هذه العوامل البيئية سيقي من التصلب المتعدد.
الوراثيات
منطقة HLA على الكروموسوم 6. تزيد التغيرات التي تحدث في هذه المنطقة من احتمالية الإصابة بالمرض.

لا يُعتبر التصلب المتعدد مرضاً وراثياً، إلا أنه قد ثبت أن عدداً من التباينات الوراثية تزيد من إمكانية الإصابة بالمرض.
وترتفع إمكانية الإصابة بين أقارب الشخص المصاب مع زيادة هذا الاحتمال كلما كانت صلة القرابة أوثق. في التوائم المتماثلة يصاب التوأمان في 30% من الحالات، بينما تقل نسبة الإصابة عند التوائم غير المتماثلة إلى 5%، وإلى 2.5% عند الأشقاء، وإلى نسبة أقل عند أنصاف الأشقاء. إذا كان كلا الوالدين مصابٌ بالمرض فإن احتمال إصابة أولادهما يعادل عشر أضعاف نسبة إصابة السكان عامةً. كما أن المرض أكثر شيوعاً عند بعض المجموعات العرقية عن سواهم. الجينات النوعية المرتبطة بالتصلب المتعدد تشمل الاختلافات في مستضد الكريات البيضاء البشرية (HLA)، وهي مجموعة من الجينات التي توجد على الكروموسوم 6 الذي يعمل كمعقد التوافق النسيجي الكبير (MHC). ترتبط التغيرات التي تحدث في منطقة مستضد الكريات البيضاء (HLA) بالاستعداد للإصابة بالمرض وهي معروفة منذ أكثر من 30 عاماً. إضافة لذلك، وُجد أن هذه المنطقة مشاركة في تطور أمراض مناعية ذاتية أخرى مثل سكري النمط الأول والذِئْبَةٌ الحمامِيَّةٌ الشاملة. عموماً فإن التقديرات تشير إلى أن التغيرات التي تحدث في HLA هي السبب في حوالي 20 إلى 60% من الاستعداد الوراثي للمرض.وقد كشفت الأساليب الوراثية الحديثة (دراسات الجينوم البشري) عن وجود 12 جين آخر على الأقل خارج الموقع الكروموسومي لـHLA قد تزيد قليلاً من احتمالية الإصابة بالتصلب المتعدد.
العوامل المسببة للعدوى
اقتُرح أن العديد من الميكروبات قد تكون نقطة بدء الإصابة بالتصلب المتعدد، ولكن لم يتم تأكيد أي من تلك الآراء. إن انتقال شخصٍ في سن صغيرة من أحد الأماكن في العالم إلى مكانٍ آخر يترتب عليه تغيّر إمكانية إصابة ذلك الشخص بالتصلب المتعدد. وقد يكون سبب ذلك أن نوعاً ما من العدوى، التي يُحدِثها ميكروب واسع الانتشار أكثر من كونه نادراً، يتعلق بالمرض. من آليات العدوى المقترحة ما يُعرف بالفرضية الصحية وفرضية الانتشار. وتقترح الفرضية الصحية أن التعرض لبعض العوامل المعدية في سنٍ مبكرة يقي من الإصابة، ويكون المرض استجابةً لمواجهة متأخرة مع تلك العوامل. في حين تقترح فرضية الانتشار أن المرض يرجع إلى عامل مُعدٍ أكثر شيوعاً في المناطق التي ينتشر فيها التصلب المتعدد، حيث يتسبب العامل المعدي بإصابة معظم الأشخاص بحالة عدوى مستمرة بدون أعراض. فقط في حالات قليلة وبعد مرور سنوات عدة يتسبب المرض في إزالة الميالين. وقد تلقت الفرضية الصحية قبولاً أكبر من فرضية الانتشار.تضم الأدلة الخاصة باعتبار الفيروس عاملا مسببا: وجود الشرائط قليلة النسائل في المخ والسائل الدماغي الشوكي لدى معظم المصابين بالتصلب المتعدد، وارتباط العديد من الفيروسات بالتهاب الدماغ والنخاع الشوكي المزيل للميالين في البشر، وحدوث إزالة الميالين في الحيوانات بسبب بعض حالات العدوى الفيروسية. ويعتبر فيروس الهربس البشري من المجموعات الفيروسية المرشحة لذلك. الأفراد الذين لم يُصابوا مطلقاً بفيروس إبشتاين – بار هم أقل لإمكانية الإصابة بالتصلب المتعدد بينما يكون الأفراد الذين أُصيبوا به كشباب بالغين أكثر عرضة للإصابة به مقارنة بمن أصيبوا به في سن أصغر. على الرغم من أن البعض يعتبر أن ذلك يتناقض مع الفرضية الصحية، حيث أن من لم يُصابوا ربما خضعوا لتنشئة أكثر تشددا من الناحية الصحية ويعتقد الآخرون أنه لا يوجد تعارض لأن اللقاء الأول مع الفيروس المسبب في مرحلة متأخرة نسبياً من الحياة هو ما يحرك المرض. وتضم الأمراض الأخرى التي قد تكون ذات صلة الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية.
عوامل أخرى
أظهر التدخين أنه عامل مخاطرة مستقل للإصابة بالتصلب المتعدد. قد يكون الكرب عامل مخاطرة على الرغم من ضعف الأدلة التي تدعم ذلك. وقد تم تقييم الارتباط بالتعرض المهني للسموم - بصورة أساسية المواد المذيبة- ولكن لم يتم التوصل لاستنتاجات واضحة. كما دُرست التطعيمات كعوامل مسببة؛ ولكن، معظم الدراسات لم تظهر أي ارتباط. وقد تم النظر في عدة عوامل مخاطرة محتملة أخرى، مثل الحمية وتناول الهرمونات؛ ولكن، الأدلة على علاقتها بالمرض "ضئيلة وغير مقنعة". ويقل حدوث داء النقرس عما هو متوقع لدى الأشخاص المصابين بالتصلب المتعدد، كما وُجِدت مستويات أقل من حمض البول فيهم. وقد أدى ذلك إلى وجود النظرية القائلة بأن حمض البول عامل واقٍ، على الرغم أن أهميته الدقيقة تظل غير معروفة.


أخبار مرتبطة