تاريخ النشر 2 نوفمبر 2021     بواسطة الدكتورة نهى احمد دشاش     المشاهدات 1

حمى الضنك وحمى الضنك الوخيمة.

حقائق رئيسية حمى الضنك عدوى فيروسية ينقلها البعوض، وتظهر في المناخات المدارية وشبه المدارية في العالم، ولا سيما في المناطق الحضرية و شبه الحضرية. يُسمى الفيروس المسبب لحمى الضنك فيروس حمى الضنك. وتوجد أربعة أنماط مصلية من هذا الفيروس، ما يعني تضاعف احتمال الإصابة به أربعة أضعاف.
    حمى الضنك من الأسباب الرئيسية للإصابة باعتلالات جسيمة وحصاد الأرواح في بعض البلدان الواقعة بآسيا وأمريكا اللاتينية، ويستدعي تدبيرها علاجياً تدخل مهنيين من الكادر الطبي.
    حمى الضنك من الأسباب الرئيسية للإصابة باعتلالات خطيرة والوفاة في بعض البلدان الواقعة بآسيا وأمريكا اللاتينية. ويستدعي تدبيرها علاجياً تدخل مهنيين من الكادر الطبي.
    لا يوجد علاج محدد لحمى الضنك/حمى الضنك الوخيمة. ولكن الإبكار في الكشف عن تفاقمها إلى حمى ضنك وخيمة وإتاحة الرعاية الطبية اللازمة يقللان من معدلات الوفيات الناجمة عن حمى الضنك الوخيمة إلى ما دون نسبة %1.
    ارتفعت في العقود الأخيرة معدلات الإصابة بحمى الضنك بشكل كبير في العالم. ويتعرض الآن نصف سكان العالم تقريباً لاحتمال الإصابة بها. ورغم أن التقديرات تشير إلى أن حالات الإصابة بعدواها تتراوح بين 100 و400 مليون حالة سنوياً، فإن أكثر من %80 من حالات الإصابات بها تتراوح بين الخفيفة وغير المصحوبة بأعراض عموماً.
    تعتمد الوقاية من حمى الضنك ومكافحتها على اتخاذ تدابير فعالة لمكافحة نواقلها. ويمكن أن يؤدي إشراك المجتمع باستمرار في مكافحتها إلى تعزيز جهود مكافحة نواقلها إلى حد كبير.

حمى الضنك مرض فيروسي ينقله البعوض وقد انتشر بسرعة في كل أقاليم المنظمة في السنوات الأخيرة. وتنقل فيروس الضنك إناث البعوض ومعظهما من نوع الزاعجة المصرية، ومن نوع الزاعجة المرقطة بدرجة أقل. وينقل هذا النوع من البعوض فيروسات الشيكونغونيا والحمى الصفراء وزيكا. وتستشري حمى الضنك على نطاق واسع بالمناطق المدارية وتتباين معدلات خطورتها محلياً بحسب معدلات هطول الأمطار ودرجات الحرارة والرطوبة النسبية والتوسع الحضري السريع والعشوائي.

وتتسبب حمى الضنك في الإصابة بطائفة واسعة من الأمراض، يمكن أن تتراوح بين أمراض مصحوبة بأعراض دون سريرية (قد يجهل الأفراد أنهم مصابون بعدواها حتى) وأخرى وخيمة الأعراض شبيهة بالأنفلونزا لدى المصابين بعدواها. ورغم أن حمى الضنك الوخيمة أقل شيوعاً، فإن بعض الناس قد يُصابون بعدواها ويمكن أن تقترن بعدد من المضاعفات المرتبطة بالتعرض لنزيف حاد و قصور أداء أجهزة الجسم و/ أو تسرب البلازما. ويزداد احتمال التعرض للوفاة من جراء الإصابة بهذه الحمى إن لم تُدبر علاجياً كما ينبغي. وجرى التعرف لأول مرة عليها في خمسينات القرن الماضي أثناء ظهور أوبئة حمى الضنك بتايلند والفلبين. وتؤثر حمى الضنك الوخيمة اليوم على معظم البلدان الواقعة بآسيا وأمريكا اللاتينية، وقد باتت من الأسباب الرئيسية لدخول الأطفال والبالغين إلى المستشفيات وتعرضهم للوفاة في هذين الإقليمين.

ويسبب حمى الضنك فيروس من فصيلة الفيروسات المصفّرة، ويوجد أربعة أنماط مصلية متميزة من الفيروس المسبب لحمى الضنك، وإن ربطتها صلات وثيقة ببعضها (DENV-1 وDENV-2 وDENV-3 وDENV-4). ويُعتقد أن تعافي المريض من عدوى الفيروس يكسبه مناعة تدوم طيلة عمره ضد النمط الذي أُصيب به، على أن المناعة المتصالبة المكتسبة بعد التعافي إزاء الأنماط الأخرى تظل جزئية ومؤقتة. وتزيد حالات الإصابة لاحقاً بعدوى أنماط أخرى من الفيروس (العدوى الثانوية) من احتمال الإصابة بحمى الضنك الوخيمة.

ولحمى الضنك أنماط وبائية متميزة ترتبط بأنماط الفيروس المصلية الأربعة. وبمقدور تلك الأنماط أن تسري بالتزامن داخل إقليم ما، ويوجد في الواقع الكثير من البلدان الموبوءة بشدة بجميع أنماط الفيروس المصلية الأربعة. وتخلف حمى الضنك آثاراً مثيرة للذعر على صحة الإنسان والاقتصادات العالمية والوطنية على حد سواء. وكثيراً ما ينقل المسافرون المصابون بعدوى حمى الضنك فيروس الحمى من مكان إلى آخر؛ وعندما تكون النواقل المعرضة للإصابة بالمرض موجودة بتلك المناطق الجديدة، فإن من المحتمل أن يستحكم انتقالها محلياً.
انتقال المرض
انتقاله من البعوض إلى الإنسان

ينتقل الفيروس إلى الإنسان بواسطة لدغات إناث البعوض الحاملة لعدواه، وهي أساساً من نوع الزاعجة المصرية. وثمة أنواع أخرى تنتمي إلى البعوض الزاعج بإمكانها أيضاً أن ت تتحول إلى نواقل للمرض، ولكن إسهامها في نقله يعد ثانوياً مقارنة بالزاعجة المصرية.

وبعد أن تتغذى البعوضة على دم شخص مصاب بعدوى فيروس حمى الضنك، يتكاثر الفيروس في معدتها الوسطى قبل أن ينتقل في أنسجتها الثانوية، بما فيها الغدد اللعابية. ويُسمى الوقت الذي تستغرقه البعوضة انطلاقاً من تناولها للفيروس وحتى نقلها له فعلياً إلى مضيف جديد بفترة الحضانة الخارجية. وتستغرق هذه الفترة ما بين 8 أيام و12 يوماً تقريباً في حال تراوحت درجة حرارة المحيط بين 25 و28 درجة مئوية [4-6]. ولا تتأثر الاختلافات في فترة الحضانة الخارجية بدرجة حرارة المحيط فحسب؛ بل يوجد عدد من العوامل من مثل حجم التقلبات الطارئة على درجات الحرارة يومياً [7، 8] والنمط الجيني للفيروس [9] وتركيزات الفيروس الأولية [10] التي يمكن أن تغير أيضاً الوقت الذي تستغرقه البعوضة في نقله. وبمجرد أن تصبح البعوضة معدية، فإنها تغدو قادرة على نقل الفيروس طوال الفترة المتبقية من حياتها.
انتقاله من الإنسان إلى البعوض

يمكن أن يصاب البعوض بعدوى مرض حمى الضنك من الأشخاص الذين يحملون فيروسه في دمهم. و يمكن أن يكون هذا الشخص مصاباً بعدوى حمى الضنك المصحوبة بأعراض، أو شخصا لم تظهر عليه أعراض الإصابة بها بعدُ ، بل حتى من الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أعراض الإصابة أبدا [11].

ويمكن أن تُنقل العدوى من الإنسان إلى البعوض قبل يومين من ظهور أعراض الاعتلال على الشخص [5، 11]، وبعد يومين من زوال الحمى عنه [12].

يزداد احتمال إصابة البعوضة بعدوى المرض بارتفاع وجود الفيروسات في الدم في دم المريض وارتفاع درجة حرارة جسمه؛ وبخلاف ذلك، فإن ارتفاع مستويات الأجسام المضادة لفيروس حمى الضنك تحديداً في الدم يرتبط بانخفاض احتمال إصابة البعوضة بعدوى المرض (نغوين وآخرون 2013 PNAS). ويبقى الفيروس في دم معظم الناس لمدة تتراوح بين 4 و5 أيام، ولكن بقاءه قد يستمر إلى 12 يوماً [13].
طرق الانتقال الأخرى

تعتمد طريقة الانتقال الرئيسية لفيروس حمى الضنك بين البشر على نواقله من البعوض. ولكن ثمة بينات تشير إلى إمكانية انتقال الفيروس من الأم (الحامل إلى جنينها)، وإن كانت معدلات انتقال الفيروس من الأم إلى الجنين تبدو منخفضة، نظراً إلى ارتباط خطورة انتقاله بهذه الطريقة على ما يبدو بتوقيت عدوى الإصابة بحمى الضنك أثناء الحمل [14-17]. وفي حال كانت الأم مصابة فعلاً بعدوى فيروس حمى الضنك أثناء الحمل، فإن طفلها قد يولد قبل أوانه وقد يعاني من انخفاض وزنه عند الولادة ومن الضائقة الجنينية [18].
خصائص المرض (علاماته وأعراضه)

إن حمى الضنك مرض وخيم شبيه بالأنفلونزا وهو يصيب الرضع وصغار الأطفال والبالغين، ولكنه قلّما يودي بحياة المصاب به. وعادة ما تدوم أعراض المرض فترة تتراوح بين يومين و7 أيام في أعقاب فترة حضانة تتراوح بين 4 و10 أيام وبعد تعرض الفرد للدغ بعوضة مصابة بعدوى المرض [25]. وتصنف منظمة الصحة العالمية حمى الضنك إلى الفئتين الرئيسيتين التاليتين: حمى الضنك (المصحوبة بعلامات تحذيرية/ غير المصحوبة بهذه العلامات) وحمى الضنك الوخيمة. وإن التصنيف الفرعي لحمى الضنك بوصفها مصحوبة بعلامات تحذيرية أو أخرى غير مصحوبة بها معدّ لغرض مساعدة الممارسين الصحيين على فرز المرضى اللازم إدخالهم إلى المستشفى وضمان رعاية حالتهم والتقليل إلى أدنى حد من خطورة الإصابة بحمى الضنك الأشد وخامة (انظر أدناه).
حمى الضنك

ينبغي الاشتباه في إصابة الفرد بحمى الضنك عندما يُصاب بحمى عالية (40 درجة مئوية/ 104 درجات فهرنهايت) مصحوبة باثنين من الأعراض التالية خلال المرحلة الحموية:

    الصداع الشديد
    ألم وراء العينين
    آلام العضلات والمفاصل
    الغثيان
    التقيؤ
    تورم الغدد
    الطفح الجلدي 

حمى الضنك الوخيمة

عادة ما يدخل المريض ما يسمى بالمرحلة الحرجة في غضون 3 إلى 7 أيام بعد ظهور أعراض المرض عليه. وهي المرحلة التي تنخفض فيها درجة حرارة المريض (إلى ما دون 38 درجة مئوية/ 100 درجة فهرنهايت)، ويمكن أن تظهر عليه علامات تحذيرية مرتبطة بإصابته بحمى الضنك الوخيمة. ويمكن أن تتسبب حمى الضنك الوخيمة في مضاعفات مميتة ناجمة عن تسرب البلازما، أو تراكم السوائل، أو ضيق التنفس، أو النزيف الشديد، أو قصور أداء أعضاء الجسم.

وفيما يلي العلامات التحذيرية التي ينبغي أن يبحث الأطباء عنها:

    الألم الشديد في البطن
    التقيؤ المستمر
    التنفس السريع
    نزيف اللثة
    الإجهاد
    الأرق
    وجود دم في القيء. 

وإذا أبدى المريض هذه الأعراض أثناء المرحلة الحرجة من المرض، فمن الضروري أن يخضع للمراقبة الدقيقة خلال 24 إلى 48 ساعة لكي يتسنى تزويده بالرعاية الطبية اللازمة تلافياً لإصابته بمضاعفات واحتمال الوفاة.
وسائل التشخيص

يمكن الاستعانة بعدة أساليب لتشخيص عدوى فيروس حمى الضنك، ومنها الاختبارات الفيروسية (التي تكشف مباشرة عن عناصر الفيروس) والاختبارات المصلية التي تكشف عن المكونات المناعية المشتقة من الإنسان التي تُولّد استجابة للفيروس. ويتوقف تطبيق أساليب التشخيص المختلفة على وقت ظهور أعراض المرض. ولابد من فحص ما يُجمع من عينات من المرضى خلال الأسبوع الأول من ظهور الاعتلال بواسطة أساليب الاختبار المصلية وتلك الفيروسية على حد سواء (اختبار تفاعل البوليميراز التنسخي العكسي المتسلسل).
الأساليب الفيروسية

يمكن عزل الفيروس عن الدم خلال الأيام القليلة الأولى من الإصابة بالعدوى. وتُتاح أساليب مختلفة لإجراء اختبار تفاعل البوليميراز التنسخي العكسي المتسلسل، وتتسم عموماً مقايسات هذا الاختبار بطابع الحساسية، ولكنها تستدعي توفير معدات متخصصة وتدريباً تقنياً للموظفين الذين يجرونها، لذا فهي غير متاحة دوماً بجميع المرافق الطبية. ويمكن أيضاً الاستفادة من المنتجات المستمدة من العينات السريرية عقب فحصها بواسطة اختبار تفاعل البوليميراز التنسخي العكسي المتسلسل لغرض تحديد أنماط جينات الفيروس لإتاحة المجال أمام إجراء مقارنات مع عينات الفيروس المأخوذة من مصادر جغرافية مختلفة.

كما يمكن الكشف عن الفيروس بواسطة اختبار البروتينات التي ينتجها، والتي تسمى البروتينات اللابنيوية 1. وثمة اختبارات تشخيص سريع منتجة لأغراض تجارية ومتاحة لهذا الغرض، لأن إجراءها لا يستغرق إلا 20 دقيقة لتحديد النتيجة ولا يتطلب توفير تقنيات أو معدات مختبرية متخصصة.
الأساليب المصلية

قد تؤكد الأساليب المصلية مثل مقايسات المناعة المرتبطة بالإنزيمات وجود عدوى حديثة أو سابقة بواسطة الكشف عن أضداد مكافحة حمى الضنك IgM وIgG. وبالإمكان الكشف عن أضداد IgM عقب مرور أسبوع واحد على الإصابة بالعدوى، علماً بأن تلك الأضداد تبلغ أعلى مستوياتها بعد مرور فترة تتراوح بين أسبوعين و4 أسابيع من ظهور أعراض المرض. ويظل الكشف عنها ممكناً لمدة 3 أشهر تقريباً، ويدل وجودها على الإصابة بعدوى حديثة من فيروس حمى الضنك. أمّا الأضداد IgG فتستغرق وقتاً أطول من أضداد IgM لكي تتكون بمستويات معينة، ولكنها تبقى في الجسم لسنوات عديدة، ويدل وجودها على الإصابة بعدوى سابقة من فيروس حمى الضنك.
العلاج

لا يوجد علاج محدد لحمى الضنك.

ويمكن تناول خافضات الحرارة ومسكنات الألم لمكافحة أعراض أوجاع العضلات والآلام والحمى.

    لعل الأسيتامينوفين أو الباراسيتامول من أفضل الخيارات المتاحة لعلاج تلك الأعراض.
    لابد من تجنب تناول مضادات الالتهابات غير الستيرويدية، مثل الإيبوبروفين والأسبرين. فهذه الأدوية المضادة للالتهابات تحدث مفعولها عن طريق ترقيق صفائح الدم وقد تتسبب في تفاقم عملية التكهن بالمرض في سياق الإصابة بهذا الداء المقترن باحتمال تعرض المصاب به للنزيف.

وبالنسبة إلى حمى الضنك الوخيمة، فإن بالإمكان إنقاذ الأرواح من ويلاتها بفضل الرعاية الطبية المقدمة على يد الأطباء والممرضين من ذوي الخبرة بتبعات المرض ومراحل تطوره - بحيث تقلل هذه الرعاية معدلات الوفيات من نسبة تزيد على 20% إلى أقل من 1%. ولا يُستغنى عن صون حجم سوائل جسم المريض المصاب بحمى الضنك الوخيمة في إطار تزويده بالرعاية. وينبغي أن يسعى المرضى المصابون بحمى الضنك إلى الحصول على المشورة الطبية عند إبدائهم لعلامات تحذيرية من المرض.


أخبار مرتبطة