تاريخ النشر 13 أكتوبر 2021     بواسطة الدكتور صالح احمد القرني     المشاهدات 1

الصرع اعراض واسباب وعلاج

الصرع هو خلل في نقل الإشارات الكهربائية في داخل الدماغ، وبالرغم من أن الاعتقاد الشائع هو أن مرض الصرع يُسبب دائمًا نوبة من الحركة اللاإرادية وفقدان الوعي إلا أن مرض الصرع في الحقيقة يظهر بصور متنوعة جدًا. إن الحالات التي تظهر فيها العلامات المعروفة بالنوبة الصرعيّة تكون على الأغلب ضمنية
تثير أحاسيس غريبة وحساسية زائدة وتصرفات شاذة، بعض المصابين بمرض الصرع يحدقون في الفضاء لمدة ما عندما تصيبهم النوبة بينما يعاني آخرون من اختلاجات وتشنجات حادة.

أشخاص كثيرون، مثل: الأطفال الذين يعانون من الحمّى قد يعانون من نوبة صرعية لمرة واحدة، أما إذا تكررت الحالة وأصيب شخص ما بنوبتين صرعيّتين فإن احتمال التعرض لنوبة أخرى ثالثة يرتفع بصورة جدية جدًا، ومن الجدير بذكره أنه يجب الإصابة بنوبيتين على الأقل من أجل تشخيص مرض الصرع.

يظهر مرض الصرع بشكل عام في مرحلة الطفولة أو لدى البالغين فوق سن 65 سنة، ومع هذا قد يظهر مرض الصرع في أية مرحلة عمرية.

علاج الصرع الصحيح والمناسب يمكن أن يجنّب المريض النوبات الصرعيّة أو أن يقلل على الأقل وتيرة حدوثها ودرجة حدّتها، كما أن كثيرين من الأطفال والأولاد المصابين بالصرع يتعافون ويشفون منه في مرحلة البلوغ.
أعراض الصرع

يتولّد مرض الصرع جراء عدم انتظام نشاط خلايا الدماغ، لذا فإن نوبات الصرع قد تسبب ضررًا لأي عمل يقوم به الجسم ويتم تنسيقه بواسطة الدماغ، والنوبة الصرعية قد تسبب بلبلة مؤقتة، وفقدانًا تامًا للوعي، وتحديقًا في الفضاء، وحركات ارتجافية غير إرادية في اليدين والرجلين.

تختلف علامات النوبة الصرعية باختلاف نوعها، في معظم الحالات إذا عانى شخص ما من نوبات صرعية متكررة فإنه يميل إلى تطوير العلامات والأعراض نفسها في كل نوبة، بحيث تصبح العلامات المصاحبة للنوبة الصرعية متماثلة من نوبة إلى أخرى، ولكن يوجد مرضى آخرون يعانون من أنواع مختلفة من النوبات، تختلف علاماتها وأعراضها من مرة إلى أخرى.

يميل الأطباء، عامة إلى تصنيف النوبات إلى جزئية أو عامة، طبقًا للصورة التي بدأ فيها النشاط غير المنتظم في الدماغ، فإذا ظهرت النوبة نتيجة لنشاط غير منتظم في جزء واحد فقط من الدماغ تكون هذه نوبة صَرْعية جزئية، أما النوبة التي يجري خلالها نشاط غير منتظم في كل أجزاء الدماغ فتسمى نوبة عامة، في بعض الحالات قد تبدأ النوبة في جزء ما من الدماغ ثم تنتقل بعدها إلى جميع أجزاء الدماغ. 
أهم المعلومات والتفاصي حول أنواع النوبة الصرعية في ما يأتي:
1. النوبة الجزئية

تشمل أنواع النوبات الجزئية ما يأتي:

    نوبة جزئيّة بسيطة (Partial seizures Simple) 

هذه النوبة لا تسبب فقدان الوعي، إنما قد تسبب تغيّرًا شعوريًا، أو تغييرا في الشكل، أو الرائحة، أو المذاق، أو أصوات أشياء معروفة.

    نوبة جزئية معقدة أو مركّبة (Complex partial seizures)

هذا النوع من النوبات الصرعية يُسبب تغييرًا في الحالة الإدراكية، ثم فقدان الوعي لمدة زمنية معينة، كما تسبب تحديقًا في الفضاء وحركات بدون هدف محدد، مثل: فرك اليدين، وإصدار أصوات باللسان، وحركات باليدين، وإصدار حركات وأصوات ابتلاع.
2. النوبة العامة

تشمل النوبة العامة ما يأتي:

    نوبة التغيّب أو نوبة صرعية خفيفة (Petit mal): تتميز هذه النوبة بالتحديق في الفضاء، وبحركات جسدية ضمنية، وتدهور مؤقت في الوعي.
    نَوبَةٌ رَمَعِيَّةٌ عَضَلِيَّة (Myoclonic seizure): تظهر هذه النوبة بصورة حركات حادة في اليدين والرجلين.
    نوبة توتّريّة ارتجاجية شاملة (tonic - clonic seizure) (Grand Mal): هو النوع الأكثر حدّة من النوبات، ويتميز بفقدان الوعي، وتصلب الجسم واهتزازه وارتعاشه، كما يتخللها أحيانًا عض اللسان أو فقدان السيطرة على مخارج الإفرازات.

أسباب وعوامل خطر الصرع
يعود سبب أنواع معينة من مرض الصرع إلى خلل في الجينات المسؤولة عن الطريقة التي تتصل بها خلايا الدماغ ببعضها البعض، لكن المعروف هو أن أنواعًا نادرة فقط من المرض هي التي تنجم عن جينات معينة معتلّة، يبدو أن الخلل في أي مجموعة من مئات الجينات يمكن أن يشكل عاملًا مركزيًا في نشوء وتطور مرض الصرع.

بالرغم من أنه يبدو أن أنواعًا معينة من مرض الصرع تنتقل من جيل إلى آخر، إلا إن العوامل الجينية الوراثية لا تشكل سوى عامل واحد فقط من بين العوامل التي يمكن أن تسبب ظهور مرض الصرع، وربما يعود سبب ذلك إلى كون بعض الأشخاص يميلون للتأثر أكثر من غيرهم بالعوامل البيئية التي يمكن أن تؤدي إلى النوبات.

قد تحدث النوبة الصرعية في حالات كثيرة نتيجة لحادث، أو مرض، أو صدمة طبية، مثلًا: السكتة الدماغية التي تُسبب ضررًا للدماغ أو تمنع وصول الأكسجين إلى الدماغ، وفي حالات نادرة قد يعود سبب ظهور مرض الصرع إلى ورم في داخل الدماغ، إن نوبات الصرع لا تحدث كلها بسبب عامل معين واحد يمكن تشخيصه وتحديده وهذا ينطبق على نحو النصف من المصابين بمرض الصرع.

من بين عوامل الخطر ما يأتي:

    التاريخ العائلي.
    إصابات في الرأس.
    سكتة دماغية أو أمراض أخرى في الأوعية الدموية.
    أمراض التهابية في الدماغ، مثل: التهاب السحايا، وحدوث تشنجات وارتعاشات متواصلة خلال مرحلة الطفولة جراء ارتفاع الحرارة، والحمّى.

مضاعفات الصرع

إذا حصل وتعثـّر شخص لحظة إصابته بنوبة صرعية فقد يتلقى ضربة في رأسه، كما من المحتمل أن يتعرض للغرق شخص يُصاب بنوبة صرعية بينما هو يسبح أو يغتسل في حوض الاستحمام. 

نوبة الصرع التي تؤدي إلى فقدان الوعي أو فقدان السيطرة قد تكون خطيرة جدًا إذا حدثت في أثناء القيادة أو في أثناء تشغيل الآلات، والأدوية المعدّة لتثبيط النوبات الصرعية قد تسبب النعاس، مما قد يحدّ من القدرة على القيادة.

نوبات الصرع لدى المرأة الحامل تشكل خطرًا على الجنين وعلى الأم، على حد سواء مع العلم أن عددًا من العقاقير المعتمدة لمعالجة النوبات الصرعية تزيد من خطر إصابة الجنين بتشوهات خِلقيّة، وعليه إذا كانت المرأة مصابة بمرض الصرع وترغب في الحمل فعليها التشاور حول الأمر مع الطبيب المعالج.

معظم النساء المصابات بالصرع يستطعن الحمل وولادة أطفال أصحاء، ولكن ربما يُطلـَب منهن تغيير الجرعة العلاجية من العقاقير وعليهن أن يخضعن لمتابعة ومراقبة بشكل دائم طوال فترة الحمل. 

خطر الموت الفجائي ومجهول الأسباب نتيجة لنوبة صرعية يزداد إذا كان:

    النوبات الصرعية قد بدأت في سن مبكر جدًا.
    النوبات الصرعية التي تنطوي على أكثر من جزء واحد في الدماغ.
    استمرار النوبات الصرعية على الرغم من تناول العلاج الدوائي.

تشخيص الصرع

يحتاج الطبيب المعالج إلى وصف مفصل عن النوبات؛ ونظرا لأن معظم الذين يعانون من مرض الصرع لا يتذكرون ما حدث لهم وقت النوبة فقد يطلب الطبيب التحدث إلى شخص آخر كان برفقة المريض وقت حدوث النوبة وكان شاهدًا على الأعراض والعلامات.

عند زيارة العيادة قد يجري الطبيب المعالج بعض الفحوصات والتشخيصات العصبية، مثل: توتّر العضلات (Muscle tone)، ومتانة العضلات (Muscle strength)، والأداء الوظيفي للحواس، وشكل المشي، ودرجة الثبات، والتناسق الحركيّ والتوازن.

قد يطرح الطبيب المعالج على المريض بعض الأسئلة بغاية اختبار طريقة التفكير والقدرة على الحُكم والذاكرة، وربما يوصي بإجراء بعض فحوصات الدم بغاية تشخيص مشكلات مختلفة، مثل: الالتهابات، والتسمم بالرصاص، وفقر الدم، والسكري وجميعها قد تكون عوامل مسببة للنوبات الصرعية.

كذلك قد يوصي الطبيب المعالج بإجراء بعض الفحوصات بغية تشخيص اختلالات أو شذوذات في عمل الدماغ، في الآتي أبرز الفحوصات التي قد يطلبها الطبيب:
1. مُخَطـَّط كَهْرَبِيَّةِ الدِّماغ (Electroencephalogram - EEG)

يوفّر رصدًا تسجيليًا للنشاط الكهربائيّ في داخل الدماغ بواسطة مُحِسّات (Sensor) يتم تثبيتها على الجمجمة، والمصابون بمرض الصرع تظهر لديهم غالبًا تغيرات في القالب الترتيبي العادي لموجات الدماغ، بالرغم من عدم إصابتها بالنوبة في تلك اللحظة.
2. تَصْويرٌ مَقْطَعِيٌّ مُحَوسَب (Computed tomography - CT)

بواسطة استخدام تقنيات أشعة سينية خاصة يجمّع الجهاز صورًا من زوايا مختلفة ويدمجها معًا لعرض مقطع عَرْضيّ للدماغ والجمجمة، هذه الوسيلة تُساعد الطبيب المعالج في استبعاد ونفي عوامل محتملة قد تسبب النوبات الصرعية.
3. التَّصْويرُ بالرَّنينِ المِغْناطيسِيّ (Magnetic resonance imaging - MRI)

يتم استعمال جهاز للفحص بالرنين المغناطيسي يقوم على موجات راديويّة مع حقل مغناطيسي ذي قوة كبيرة جدًا بغرض عرض صور مفصلة للدماغ، يمكنه الكشف عن اختلالات في بنية الدماغ قد تسبب ظهور النوبات الصرعية.

الحشوات المستخدمة في ترصيص الأسنان أو الجسور المستخدمة لتقويم الأسنان قد تعطي صورة مغلوطة، لذا عليك إبلاغ تقنيّ الأشعّة بوجودها في فمك قبل بدء الفحص.
4. التَصْويرٌ المَقْطَعِيٌّ بإِصْدارِ البوزيترون (Positron emission tomography - PET)

يُجرى هذا الفحص بواسطة حقن مادة إشعاعية في الوريد بغاية عرض المناطق النشطة الموجودة داخل الدماغ، يمكن التعرف على المادة الإشعاعية من خلال طريقة ارتباطها بسكّر الغلوكوز، فنظرًا لأن الدماغ يستعمل الغلوكوز لإنتاج الطاقة تظهر أجزاء المناطق النشطة في الدماغ في الصورة بلون فاتح أكثر.
5. التصوير بأشعّة غاما (Single photon emission computed tomography - SPECT)

هذا الفحص يُستخدم أساسًا لدى الأشخاص الذين يجري فحص مدى ملاءمتهم للعلاج الجراحيّ لمرض الصرع حين لا تظهر المناطق في الدماغ المسؤولة عن النوبات الصرعية بوضوح في فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي ومخطط كهربية الدماغ.
علاج الصرع

في الآتي طرق علاج الصرع:
1. العلاج الدوائي

أكثر من نصف الأولاد الذين تلقوا العقاقير من أجل علاج الصرع قد يستطيعون في النهاية التوقف عن تناول الأدوية ليعيشوا حياة طبيعية بدون نوبات، كما أن عدد كبير من البالغين الذين يعانون من الصرع سيكون بمقدورهم التوقف عن تناول الأدوية في حال مرور أكثر من سنتين على النوبة الأخيرة.

علاج الصرع بالدواء الصحيح والجرعة المناسبة قد يكون مهمة معقدة، من المرجح أن يوصي الطبيب المعالج بدواء محدد وبجرعة قليلة نسبيًا، ثم يزيد الجرعة تدريجيًا حتى يصبح بالإمكان التحكم بالنوبات، وإذا جرّب مريض ما بالصرع تناول عقارين منفردين دون جدوى فقد يوصي الطبيب المعالج بدمج العقارين معًا.

كل العقاقير المضادة لنوبات الصرع لها أعراض جانبية قد تشمل: التعب الخفيف، والدوار وزيادة الوزن، وقد تظهر أيضًا أعراض أكثر حدة منها، مثل: الاكتئاب، والطفح الجلدي، وفقدان التناسق الحركيّ، ومشكلات في التحدث والكلام، والتعب الشديد.

من أجل التحكم في نوبات الصرع ينبغي تناول الدواء طبقًا لما يصفه الطبيب والمحافظة على اتصال وتشاور دائمين مع الطبيب المعالج، كما يجب إخبار الطبيب بجميع الأدوية المتناولة ومن الممنوع إطلاقًا التوقف عن تناول الأدوية التي وصفها الطبيب المعالج دون الرجوع إليه.

في حال لم يجد علاج الصرع بالأدوية لتثبيط النوبات نفعًا أو لم تحقق نتائج مرضية قد يوصي الطبيب بطرق علاجية أخرى مثل: المعالجة الجراحية، أو المعالجة الإشعاعية، أو الحمية الغنية بالدهون.
2. علاج الصرع بالجراحة

يُنصح بتلقي علاج الصرع الجراحي غالبًا حينما تدل الفحوصات على أن مصدر النوبات يتركز في منطقة صغيرة ومحددة من منطقة الفصوص الصدغية (Temporal lobes) في الدماغ، ويوصى علاج الصرع الجراحي في حالات نادرة إذا كان مصدر النوبات متوزعًا في عدة مناطق مختلفة من الدماغ أو إذا كان مصدر النوبات في منطقة من الدماغ تحتوي على أجزاء وظيفية حيوية.
الوقاية من الصرع

فيما يأتي بعض النصائح التي قد تُساعد في تقليل خطر الإصابة بنوبة الصرع:

    احصل على قسط كافٍ من النوم كل ليلة.
    تعلم تقنيات التحكم الإجهاد والاسترخاء.
    تجنب المخدرات والكحول.
    خذ جميع الأدوية الخاصة بك كما هو موصوف من قبل طبيبك.
    تجنب الأضواء الساطعة والمحفزات البصرية الأخرى.
    تخطي وقت التلفاز والحاسوب كلما أمكن ذلك.
    تجنب ممارسة ألعاب الفيديو.
    اتبع نظامًا غذائيًا صحيًا.

العلاجات البديلة

لا يمكن علاج الصرع بالأعشاب.


أخبار مرتبطة