اريع في بعض المستشفيات، مازال العديد من المواطنين في المدينة المنورة والقرى المجاورة لها ينتظرون من الدكتور الغامدي إنهاء معاناتهم المستمرة في مستشفى أحد العام، الذي يعاني- على حد قولهم- من إهمال إداري وخدمي منذ عدة أعوام، مؤكدين أن الأسرة تتكدس في الممرات وأن النظافة شبه معدومة، إضافة إلى قصور الخدمات الطبية.
وتبدأ فصول المعاناة بتكدس المراجعين في العيادات الخارجية من الرجال والنساء والأطفال منذ شروق الشمس، أملا في الحصول على رقم يساعدهم في إنهاء المراجعة في وقت مبكر.
"الوطن" رافقت المراجعين منذ الساعات الأولى لحضورهم للعيادات، حيث رصدت تأخر بعض الأطباء عن وقت الدوام الرسمي المحدد بالساعة التاسعة صباحا، حيث حضر بعض الأطباء بعد الوقت المحدد بثلث ساعة، فيما وصل بعضهم بعد ساعة من موعده.
وفي هذا السياق، يقول المواطن عيد الحربي لـ"الوطن" إنه حضر منذ الساعة السابعة صباحا للعيادة في سبيل الحصول على دوره، حيث حصل على رقم 15 إلا أن الطبيب لم يحضر. وأضاف أن هذا الأمر من الأمور التي اعتاد عليها المراجعون منذ فترة طويلة، لأنه تخضع لمزاج الطبيب وليس لاحترام النظام.
ورصدت "الوطن" أثناء جولتها بين عشرات المراجعين مسنة تهاتف ابنها طالبة منه الصبر والاحتساب على الانتظار حيث قالت "يا ولدي تتذكر الزحام بمستشفى الملك فهد، هنا أكثر وأشد، وعلينا الصبر، ليس لدينا مال للعلاج على حسابنا".
وليس مختبر المستشفى بأفضل حالا من غيره من الأقسام حيث حضر مواطن مع زوجته لتحليل الدم فطلب منه الموظف الحضور مبكرا فربما يحالفه الحظ بإجراء التحليل لزوجته.
كل ذلك جعل من الواسطات والمحسوبيات أمرا مألوفا داخل أروقة المستشفى دون مراعاة لشعور المواطنين الذين ينتظرون ساعات طويلة، فقبل أن يغادر المواطن الذي طلب منه الحضور مبكرا لإجراء التحليل لزوجته بوابة المستشفى حضر موظف باستعلامات العيادات مصطحبا معه زميلاً له يعمل في الاستقبال لإجراء تحليل له، ولم يطلب منه الحضور في اليوم التالي مثلما حدث مع المواطن سابق الذكر.
كما لوحظ أن بعض المواطنين يتخطون الحضور في ظل غياب النظام، ويراجعون العيادات أمام الحاضرين الذين يشعرون بالظلم والدهشة لما يجري.
وفي هذا الصدد، قال المواطن سعود الحجيلى إن الوساطات في المستشفى منتشرة بشكل واسع، وعندما نشكو لمدير العيادات لا نجد غير كلمة "سوف أتابع الأمر".
ويضيف الحجيلى أن مكتب مدير العيادات يقع خلف مكتب الاستعلامات وأن من المفترض أن يكون في مكان واضح للجميع حتى يحل مشاكل المراجعين إلا أن موقعه يدل على عكس ذلك، وكأن دوره مهمش.
ويروي حمد الصبحي معاناته قائلا إنه حين تقرر موعد عمليته منذ شهرين مضى للمستشفى إلا أنه عند موعد الدخول اضطر أن ينتظر ثلاث ساعات حتى وصل إلى سريره بسبب الإجراءات المملة، موضحا أن الاستشاري قرر إجراء العملية منذ أشهر مضت بعد أن وافق عليها. وقال إنه كان يتوقع أن يصعد إلى غرفته مباشرة بمجرد وصوله غير أنه مر بلجنة مكونة من متدربات وطبيب حيث شرح لهم الطبيب حالته قبل العملية والمتوقع بعدها.
يستطرد الصبحي "لقد شعرت أنني أصبحت معمل تجارب لهم، ولم يكن عندي مانع -يقولها بسخرية- من ذلك لكي يكتسب المتدرب عددا من المهارات، ولكن لماذا لم يجهزوا لي غرفتي المحجوزة مسبقا".
ويؤكد الصبحي أن جميع الأسئلة التي وجهت له موجودة بالملف ولم تتغير.
أما نورة محمد فتشرح معاناتها حين كانت قبل فترة منومة بمستشفى أحد، وكانت ترقد بجانبها في الغرفة المجاورة إحدى المريضات بمرض وبائي خطير، ولم تعط هي والمريضات بجانبها أي معلومات عن خطورة المرض، وأن العدوى ممكن أن تنتقل إليهن بواسطة اللمس أو حتى عن طريق الأنف.
وأضافت أنه بالرغم من ذلك لم توضع لافتة للمريضات الأخريات والزائرات تحذر من خطورة لمس المريضة أو استخدام أدواتها، ولم تعط المريضة نفسها معلومة بذلك حيث إنها تعاني إضافة إلى ذلك من مرض نفسي، وتذهب إلى الأطفال المواليد وتقبلهم.
وتطالب نورة بضرورة وجود تثقيف صحي للمريض والزائر بنوعية المرض إن كان معدياً أم لا، وكيفية التعامل مع الحالات المعدية دون أن يؤثر ذلك على الحالة النفسية للمريض.
وأضافت أن عاملات الشركة المسؤولة عن النظافة يتأخرن عن العمل وأنهن بطيئات جداً في تنظيف غرف المرضى. وتقترح وجود مراقبة عليهن في كل قسم من أقسام المستشفى ليرتقي مستوى النظافة إلى الأفضل، إضافة إلى أن الأغطية قديمة ولم تجد المرافقة معها وسادة عندما طلبتها من العاملات بالمستشفى نظرا للنقص الكبير فيه.
أما الغرف الخاصة بالمريضات، فالعديد منها بحاجة إلى اهتمام وإعادة ترتيب وإكمال النقص بها، ومنها ما تفتقد إلى الأدراج الخاصة لحفظ الطعام وأخرى تفتقد إلى كرسي المرافق وغيرها تفتقر إلى وجود تلفاز وثلاجات صغيرة فيضطر المريض إلى تبريد الماء على هواء تبريد الغرفة.
وتعد الغرفة 228 نموذجاً للإهمال والتردي الذي يعاني منه مستشفى أحد العام حيث قرر الأطباء تنويم مريضة لحين موعد ولادتها بعد أربعة أشهر من دخولها للمستشفى حيث مضى من المدة أكثر من شهرين، إلا أن الجو العام للغرفة يبعث الملل في نفس المريضة لعدم وجود تلفاز لديها لكون الأطباء حذروها من المشي نظراً لما قد يلحق بها وجنينها من ضرر محقق حسب إفادة الأطباء لها.
ولذا، يجب على المريضة أن تبقى داخل سجنها الانفرادي حتى موعد ولادتها المنتظر بعد أقل من شهرين.
ولا يبدو أن بقية أركان وزوايا المستشفى أفضل من خدمات العيادات حيث تنعدم فيها النظافة خصوصا وأن ممرات الأقسام تحولت إلى مستودعات للأسرة والحاضنات وكذلك الأسرة المحطمة، إضافة إلى دورات المياه المتسخة.
وليس غريبا مشاهدة عربات التمريض التي تحتوي على الأدوية وبعض الإبر على الطرقات، إضافة إلى علب التحاليل والعينات في كل مكان.
وقالت ممرضة- رفضت ذكر اسمها- إن المستشفى يتدهور كل يوم أكثر من السابق لغياب الرقابة، مؤكدة أن الممرضات يعملن وسط أجواء طبية سيئة، فليست هناك غرف لحفظ الأغراض الشخصية على سبيل المثال.
وعن كثرة عربات التمريض التي تنتشر في ممرات المستشفى، قالت الممرضة لـ"الوطن": أين نضعها؟. لقد سبق لنا أن طلبنا غرفة خاصة لها دون جدوى.
وتشرح سارة الحربي معاناتها مع المستشفى حين رافقت ابنها البالغ من العمر ثلاث سنوات لمدة ثلاثة أيام، وذلك بعد تعرضه لمشاكل في التنفس. وأشارت إلى عدم وجود تلفاز في الغرفة للترفيه عن المريض ولا حتى في صالة الانتظار التي تحولت إلى مستودع لبعض الأغراض الطبية.
وتضيف الحربي أن طفلها كان يحتاج إلى الهدوء التام وعدم البكاء غير أنه واصل البكاء، فتوسلت للممرضات طالبة تزويد غرفته بجهاز تلفزيون ليتابع من خلاله بعض برامج الأطفال غير أن طلبها رفض لعدم توفر ذلك. وتؤكد أم الطفل أنها اضطرت أن تطلب من زوجها جهاز محمول يمكن من خلاله عرض أفلام كرتون كي يهدأ الطفل ويتوقف عن البكاء، مؤكدة أن غرفة ابنها تحولت إلى مسرح للأطفال الآخرين المنومين بالمستشفى.
"الوطن" عرضت ملاحظات المواطنين وما رصدته خلال الجولة على مدير إدارة الإعلام الصحي والعلاقات العامة بصحة المدينة المنورة بالنيابة أحمد البربوشي فأكد أنه بالتنسيق
مع مدير المستشفى علي محمد كربوجي أشار إلى وجود الزحام وتكدس المواطنين في العيادات الخارجية بسبب تصميم العيادات الذي لا يتسع لأعدادهم، وكذلك ضيق الممرات. وأضاف أن حضور المراجعين مبكراً قبل موعد حجوزاتهم يسبب الازدحام وأنه يجري العمل على وضع خطة تطويرية لإنشاء صالات للمراجعين. ونفى الكربوجي وجود الأسرة أو الحاضنات في الممرات أو في صالات الانتظار داخل قسم التنويم، مؤكدا عدم وجود شبكة تلفزيونية للمرضى. وقال إنه يجري العمل حالياً على توفيرها مضيفا أن شركة الصيانة تؤدي عملها بالشكل المطلوب.