قدرة غير محدودة على الانقسام والتكاثر، كما تستطيع التمايز والتحول إلى أي نوع من الخلايا، كالعضلات أو الأعصاب أو نخاع العظم.
فالخلية الجذعية تنقسم لتعطي خلايا جديدة، وهذه الخلايا إما أن تبقى جذعية مثل الخلية الأم، أو تتمايز لتصبح خلية ذات خصائص محددة، كخلية عصبية أو خلية عضلية قلبية. ومن بين خلايا الجسم فإن الخلايا الوحيدة التي لها هذه القدرة هي الخلايا الجذعية.
ويمكن للأطباء الحصول على الخلايا الجذعية من عدة مصادر، منها الخلايا الجنينية التي تنتج بعد خمسة أيام من تلقيح البويضة في المختبر -وهذا النوع من الخلايا استعماله محصور في علاج أمراض العين مثل التنكس البقعي- ونخاع العظم لدى البالغين، والحبل السري لدى الجنين.
تقنية جديدة
ويمثل تخزين الخلايا الجذعية من دم الحبل السري تقنية جديدة تقوم على أخذ الدم الموجود في الحبل السري للجنين وتخزينه في بنك، بحيث يتم استعمال الخلايا الجذعية التي فيه في المستقبل للأبحاث أو العلاج. وتقسم هذه البنوك إلى نوعين، العامة التي تتبع مؤسسات حكومية أو بحثية أو جامعات، إذ يقوم الأهل بالتبرع بدم الحبل السري للأبحاث التي حول الخلايا الجذعية، وبعد التبرع بالدم لا يستطيع الأهل الحصول عليه مستقبلا أو استعماله للعلاج الشخصي، وهذه البنوك تكون مجانية، وعادة ما يطلب من الأم أن تلد في مستشفى تابع للمؤسسة البحثية ليتم أخذ الحبل السري مباشرة بعد الولادة بواسطة الخبراء المتخصصين التابعين للمؤسسة.
أحد المجالات البحثية الواعدة التي يعمل فيها الدكتور أراش هو مضاعفة وتكاثر الخلايا الجذعية (الجزيرة)
أما الخيار الثاني فهو بنوك خلايا دم الحبل السري الخاصة، وفيها يتم تخزين الخلايا الجذعية من دم الحبل السري للشخص وتحفظ باسمه، وتكون هذه الخلايا في متناوله حيث يمكنه الحصول عليها مستقبلا عندما يريد، وذلك لعلاج أحد أفراد الأسرة مثلا. وهذه الخدمة تقدم نظير مبلغ محدد يتضمن مصاريف جمع العينة وتخزينها على مدار السنوات اللاحقة.
ويشير الأستاذ المساعد في كلية طب وايل كورنيل في قطر والدكتور في علم الأورام الجزيئي رافع أراش إلى أن مفهوم تخزين خلايا دم الحبل السري قائم على حقيقة أن هذه الخلايا تحتوي على خلايا جذعية يمكن استعمالها في العلاج أو الأبحاث. إذ تشير المعطيات العلمية الحالية إلى أنه يمكن استعمالها في علاج حالات معينة من اللوكيميا (سرطان خلايا الدم البيضاء). فبعد أن يتم علاج هذه الحالات عن طريق العلاج الكيماوي والأشعة يكون قد قُضي تماما على خلايا النخاع العظمي، ويحتاج الجسم إلى خلايا لإنتاج نخاع عظمي جديد، ويمكن استعمال الخلايا الجذعية كمصدر لها.
ويؤكد أراش في حديث للجزيرة نت، أن هذا الخيار العلاجي يعد بديلا جيدا عن نقل خلايا نخاع العظم من متبرع آخر، ولكنه يلفت إلى أنه لم يثبت حتى الآن نجاح الخلايا الجذعية من دم الحبل السري في علاج أمراض أخرى كالسكري.
وحول اعتقاد بعد المعارضين للتقنية أن الخلايا الجذعية التي يحصل عليها من الحبل السري ليست كافية للعلاج، يجيب الأستاذ الدكتور أنها احتمالية واردة، ولكن أحد المجالات البحثية الواعدة -والتي يعمل فيها الدكتور أراش- هو مضاعفة وتكاثر الخلايا الجذعية، والهدف هنا هو تطوير طرق لمضاعفة عدد الخلايا الجذعية، وعندها حتى لو كان عددها في دم الحبل السري قليلا فسيتم مضاعفتها للعدد المطلوب واستعمالها في العلاج.
لا مضاعفات
وحول وجود آثار سلبية للتقنية، أشار الدكتور إلى عدم وجود مضاعفات لا على الأم أو الجنين، ولكنه شدد على ضرورة توخي الدقة بشأن الأمراض التي يمكن علاجها بالتقنية.
ويشرح المدير التنفيذي لبنك فيرجين للصحة في قطر -وهو بنك خاص لتخزين الخلايا الجذعية من دم الحبل السري- كريستوفر غودمان، أن الخلايا الجذعية يمكن تحفيزها بمؤثرات معينة لتتمايز وتصبح خلايا متخصصة، كنخاع العظم أو القلب. مشيرا إلى أن نقل نخاع العظم هو طريقة مستعملة منذ عقود للحصول على الخلايا الجذعية المكونة للدم لعلاج سرطان الدم، وتمثل تقنية تخزين خلايا دم الحبل السري طريقة أخرى للحصول على تلك الخلايا.
غودمان: عملية التخزين تتضمن جمع ومعالجة وحفظ الخلايا الجذعية بالتبريد، حيث يمكن استعمالها لاحقا للأبحاث العامة أو للعلاج الشخصي (الجزيرة)
ويشير غودمان في حديث للجزيرة نت، إلى أنه من الإمكانيات المستقبلية للخلايا الجذعية استخدامها في تطوير أعضاء كاملة كالكبد أو البنكرياس لعمليات زراعة الأعضاء، خاصة أن عدد المرضى الذي ينتظرون على قوائم عمليات الزراعة يفوق كثيرا أعداد المتبرعين بالأعضاء.
علاجات مستقبلية
ووفقا لغودمان فإن العلاجات المستقبلية قد تشمل مرض باركنسون وإصابات الحبل الشوكي وأمراض القلب والحروق والسكري والتهاب المفاصل والتصلب الضموري.
ويقول غودمان إن عملية التخزين تتضمن جمع ومعالجة وحفظ الخلايا الجذعية بالتبريد، حيث يمكن استعمالها لاحقا للأبحاث العامة أو للعلاج الشخصي.
ويؤكد غودمان أن هناك توصيات بخصوص عدد الخلايا الجذعية اللازمة لعلاج الأمراض، إذ تكفي عادة الوحدة الواحدة من دم الحبل السري لعلاج طفل، بينما يحتاج اليافع إلى كمية أكبر منها لعلاجه. كما يمكن دمج عينتين من الخلايا الجذعية لعلاج مريض واحد.
ويلفت غودمان إلى أن علاج اللوكيميا باستخدام الخلايا الجذعية من دم الحبل السري مطبق منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي، حيث يمكن استعمال خلايا نفس الشخص المصاب في بعض الحالات، بينما في أخرى يجب أن تكون الخلايا الجذعية من شخص آخر.
وحول الإجراء نفسه يشير غودمان إلى أن عملية أخذ دم الحبل السري تتم مباشرة بعد ولادة الجنين وقبل هبوط المشيمة، مؤكدا أنه لا يسبب ألما أو ضيقا للأم أو المولود، كما يمكن عمله سواء كانت الولادة طبيعية أو قيصرية.
وحول بنك فيرجين للصحة يشرح غودمان أنه شركة متخصصة في جمع وتخزين الخلايا الجذعية من دم الحبل السري، وهو بنك خاص، يعمل في قطر تحت ترخيص من المجلس الأعلى للصحة، كما يمتلك ترخيصا من سلطة الأنسجة البشرية في المملكة المتحدة.