ل أدنى شهادة طبية أو دوائية تخول له صرف " الخلطة" فضلا على أنه لا يملك المقومات الأساسية في تشخيص المرض ومن ثم علاجه وإنما هي خلاص الكلمة المشهورة " لنجرب" فإن نجحت فهو الطبيب الهمام العشبي الناجح وإن لم يكن فلن يذكر وتكون الوصفة في مهب النسيان أو ربما تستخدم كلمة اخرى" لنجرب شيئا آخر" علها تصيب هذه المرة.
صورة متكررة تحدث بين الفينة والأخرى أبطالها هؤلاء المتعلقون بأستار الدجل والمتحدثون باسم الطب والمتلاعبون بأجساد المرضى والقصص في ذلك كثيرة وعظيمة أما الضحايا فهم المرضى بلا شك.
أما الحقائق الغائبة فإن هناك حوادث قد أشارت إلى تلاعب هؤلاء والمعامل المخبرية المتخصصة أثبتت وجود عناصر دوائية ضمن هذا الخليط العشبي كمادة “ Ventolin” والمشهورة عند مرضى الربو والمسؤولة عن توسعة الشعب الهوائية؛ لذلك يظن المريض أن ذاك الخليط السحري قد أدى نتائجه في وقت قصير؛ واكتشف أيضا مادة " الكورتيزون" الدواء الأساسي والمسؤول عن منع الإلتهبات المزمنة والحادة والمادة الريئسية لعلاج معظم أمراض السرطان قد دخلت ضمن هذا التكوين الخليطي ؛ومنها أيضا أدوية خافضة الحرارة قد امتزجت بالخليط المزعوم توصف للمريض المصاب بالحرارة المزمنة وقد اعتصر جسده باثارها فيطرب لذلك فرحا وقد تعلق قلبه بسراب هذه الخلطات التى تغير من حدة المرض مؤقتا ثم لا يلبث أن يعود المرض مرة أخرى؛ لكن هذه المرة أشد فتكا وفراسة يستصعب فيه العلاج وخصوصا ما يتعلق بالأورام الخبيثة فتصبح أكثر خبثا وصعوبة بعد أن انتشر المرض واستفحل؛ والأمثلة لدينا كثيرة مأساوية.
اما الحقيقة الاخرى هي أن العلاج الكيماوي على سبيل المثال لمقاومة الأمراض السرطانية هو علاج نتاج مخاض سنوات عديدة من البحث والتجارب بين أروقة المختبرات والمعامل قد مر في مراحل عديدة من الدراسات الطبية والمقارنات المرحلية حتى يهيأ ويوصف للمريض المصاب وقد قتل بحثا وتقصيا واختبر في مقاومته للخلايا السرطانية العدوانية ومدى حساسية هذه الخلايا لهذا الدواء؛ واثاره في الخلايا السليمة.
إنها دراسات مضنية ومتتالية تصرف فيها الملايين من الدولارات تبدأ على أجساد الحيوانات لاكتشاف تأثيرها الوقتي والمستقبلي والاثار الناجمة عن ذلك وتنتهي بصرفها للمريض بعد أن تمر بسلسلة من الدراسات والتجارب حتى يعطى لها الضوء الأخضر لاستخدامها من قبل هيئات عالمية صحية معترفة كالهيئة الصحية والغذائية الأمريكية والمعروفة " FDA" .
ولايوصف العلاج الكيماوي إلا أن يكون ضمن جدول زمني محدد تختلف المدة باختلاف نوع السرطان ومدى انتشاره؛ قد يصل العلاج إلى فترة زمنية طويلة تصل إلى 2سنتين أو أكثر لعلاج سرطان الدم الحاد على سبيل المثال؛ ومعظم فترات العلاج للسرطانات الأخرى لاتقل عن سنة واحدة؛ كل ذلك الجهد الطبي نما عن دراسات متأنية تحسبا لظهور الخلايا الخبيثة مرة أخرى في نفس المكان أو أماكن أخرى وحينها يستصعب العلاج و التخلص منه.
بعد هذا التواصل الطبي المتأني لمعرفة الأسباب والتشخيص ومن ثم العلاج يأتي من يسفه ذلك كله بوصفة مخلوطة مزعومة وقد اختلط فيها الحابل بالنابل؛ فهذا الخليط موسوم لعلاج داء البهاق وذاك لعلاج الصداع واخر لعلاج أدواء البطن حتى غدى الطبيب والصيدلاني في ان واحد.
وأذكر في هذا المقام على سبيل الحصر ؛ أن طفلا قد أصيب بمرض سرطان الغدد العصبية في الغدة الكظرية وقد تم اكتشاف المرض في مراحله الأولى بالأدلة الطبية المتاحة وتم التعريف بالمرض والعلاج والمضاعفات الممكنة؛ ولكنا فوجئنا اختفاء ولى أمر المريض مع ابنه بعد رفض العلاج الكيماوي؛ وبعد أكثر من 6 أشهر عاد المريض بعد ان انتشار المرض في اكثر من عضو جسمي؛ وقد استعصب على العلاج العشبي الموصوف من قبل مدعي الطب ؛ وأكل المرض جسده حتى كسا العظم الجلد وصار الجسم باليا خلقا لولا أن تداركه نعمة من ربه فتماثل للشفاء بفضل من الله ثم استمرار العلاج الكيماوي الخاص في مثل هذه الحالات ضمن جدول زمنى محدد.
الحقيقة الغائبة الأخرى؛ هو اعتقاد الناس أن مرض السرطا ن هو مرض واحد لا يعرف إلا أنه قاتل إذا أصاب الجسد ؛ وهذا خطأ شائع حيث أن مرض السرطان يشمل العديد العشرات بل المئات من الأنواع المختلفة التى قد تصيب جسد الأنسان من رأسه إلى أخمص قدميه وهي تختلف باختلاف نوع الخلية السرطانية التى ينشأ منها؛ فسرطان الدم يختلف عن سرطان الثدي اختلافا طبيا ونسيجيا وجينيا وبالتالي في كنه العلاج الكيماوي ومدى استجابة هذه الخلايا للعلاج ونسبة الشفاء منه وكذا في سائر الأنواع؛ وحتى في النوع الواحد قد تجد اختلافات جوهرية بين خلاياه والشفاء منه فسرطان الدم الحاد يختلف عن سرطان الدم المزمن الذي عادة مايصيب الكبار وهذه الإختلافات بائنة في التشخيص والعلاج.
والمعروف بالدراسات الطبية أن مجمل سرطان الأطفال تستجيب للعلاج الكيماوي عن غيره لدى الكبار فنسبة اختفاء هذا المرض في الأطفال أكثر منه في الكبار وقس على ذلك معظم الأنواع الأخرى.
هذا التطور الملحوظ في التشخيص والعلاج لهذا النوع من الأمراض قد بدد الصورة القاتمة عنه والمعروفة خطأ من لدن الناس التي هى بحاجة إلى تصحيح ودراية حتى يتمكن من تشخيص المرض في مراحله الأولى قبل انتشاره.
ومفهوم اخر خاطئ يعتقده بعض أقارب المرضى أن أول الدواء هو الكي؛ فحديث نبينا صلى الله عليه وسلم واضح أشد الوضوح أن اخر الدواء هو الكي بل أنّ هناك أحاديث نهى فيها صلى الله عليه وسلم أمته عن الكي فعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( الشفاء في شربة عسل وشرطة محجم وكية نار وأنهى أمتي عن الكي)
أخرجه البخاري في كتاب الطب باب الشفاء , لذلك فليس من الغرابة أن نسبة ليست بالقليلة من المرضى المحالين إلى المراكز المتخصصة لعلاج السرطان قد غطت أجسادهم اثار الكي الملتهبة طبيا حتى أن بعضهم انتهي امره في العناية المركزة جراء شدة الإلتهابات الجلدية واخرتأخر علاجه الكيماوي بسبب مضاعفات الكي كل ذلك بسبب القصور في فهم أحاديثه صلىّ الله عليه وسلم.
ختاما؛ ليس من العيب أن يعترف الإنسان بخطئه ولكن العيب أن يستمر فيه.