معة الملك عبد العزيز في جدة، والذي عرف بعمليات تصحيح الجنس، إجراء أي جراحة لتغيير الجنس، يوضح «إنه يجري فقط عمليات تصحيح الجنس لأولئك الذين يعانون من إشكالية اختلاط تحديد الجنس»؛ حيث بلغ عدد العمليات التي أجراها من هذا النوع طيلة 27 عاما مضت، نحو 405 عمليات، بمعدل يتراوح ما بين 10 إلى 15 عملية سنويا. لافتا إلى وجود ما يقارب 100 حالة لا زالت في انتظار دورها لإجراء ذلك النوع من العمليات.
ويروى الدكتور ياسر جمال لـ«الشرق الأوسط» العديد من القصص لحالات وقف على علاجها، نترككم مع تفاصيلها في حوار شامل أجريناه معه.
* بداية، ماذا تعني مشكلة اختلاط تحديد الجنس؟
ـ هذه مشكلة معقدة وتعني الاختلاط بين صفات الذكورة والأنوثة، حيث إن الجنين الذكر والأنثى يكونان متشابهين وتحت تأثير عوامل تحديد الجنس يتميز الجنين إلى ذكر أو أنثى.
* كيف يتم تحديد إشكالية اختلاط الجنس لدى الشخص، وهل يمكن فعل ذلك منذ ولادته؟
ـ بالطبع، حيث إن كل مولود يولد يتم فحصه كاملا من كافة النواحي بما فيها الجهاز التناسلي، لا سيما وأن هناك ما يسمى بالجهاز التناسلي المبهم الذي لا يمكن تمييزه باعتبار أنه في العادة يكون أكثر من الأنوثة وأقل من الذكورة فيبقى منظره غريبا، ومن هنا يبدأ البحث عن بقية صفات الشخص.
* وكيف تتم عملية البحث عن صفات الشخص الأخرى؟
ـ لدينا خمسة مستويات يتم من خلالها تحديد جنس المولود تتضمن فحص الكروموسومات والأعضاء التناسلية الداخلية للتأكد من وجود رحم وأنابيب بالنسبة للأنثى أو بربخ ووعاء منوي ناقل للذكر، إضافة إلى الغدد التناسلية من حيث كونها خصيتين خارجيتين أو داخليتين أو وجود المبايض، عدا عن فحص الشكل الخارجي للجهاز التناسلي كشكل طبيعي أو مبهم، وهو ما يتم الاعتماد عليه في معظم الحالات، ومن ثم تبدأ بقية الفحوصات للتأكد من الجنس الحقيقي والعمل على تصحيحه.
* وكم تستغرق مدة الفحوصات للتأكد من الجنس الحقيقي قبل إجراء العملية؟
ـ بعض الحالات يتم تشخيصها في وقتها، بينما تستغرق حالات أخرى أسبوعا على أقل تقدير وذلك لضرورة فحص الكروموسومات، وثمة حالات معقدة، غير أنه في الأغلب يتم تشخيص الطفل منذ ولادته وأخذ القرار لتبدأ عمليات تصحيح الجنس وتستمر متابعة الحالة لمدة ثلاثة أشهر إلى سنتين، إلا أن نحو 93 في المائة ممن أجريت لهم عمليات تصحيح الجنس لدينا في المستشفى انتهوا خلال السنتين الأوليين، بينما قد يحتاج آخرون مراحل متعددة لإكمال تلك العمليات.
* ما هي الأسباب وراء الخلل المتسبب في اختلاط الجنس لدى الجنين؟
ـ ثمة كثير من الأسباب، إلا أن الرئيسي منها مرتبط بالعوامل الوراثية لدى العائلات خاصة ممن تشهد تداخلا كبيرا في الزواج من الأقارب، إضافة إلى استخدام النساء لبعض الأدوية أثناء الحمل والتي تكون ذات مفعول هرموني، مما يؤدي إلى تقليل الجهاز التناسلي في حال كانت علاجات محتوية على نسبة عالية من هرمونات الأنوثة، أو تضخم الجهاز التناسلي إذا كانت تلك العقاقير متعلقة بتثبيت الجنس والمحتوية على هرمونات ذات صفات ذكورية، الأمر الذي من شأنه أن يزيد من حجم مشكلة الجهاز التناسلي لدى الجنين ويجعله يبدو كالذكر بينما يكون في الأصل أنثويا. وهنا يجب التشديد على ضرورة عدم تناول أي علاجات أثناء فترة الحمل إلا بإذن الطبيب، إلى جانب الابتعاد عن زواج الأقارب خاصة في الأسر التي لها تاريخ مرضي مسبق فيما يتعلق بالإصابة بعيوب اختلاط تحديد الجنس، أو حتى الزواج من أسر مشابهة لديها المشكلة نفسها.
* هذا يعني بأن الخاضعين لعمليات تصحيح الجنس لا بد أن يبتعدوا عن زواج الأقارب؟
ـ بالتأكيد لأن تلك الإشكالية ترتبط بشكل كبير بالعوامل الوراثية.
* وما هي نسبة احتمالية إنجاب مولود يعاني من اختلاط تحديد الجنس في حال زواج الأقارب؟
ـ من الصعب تحديد نسبة معينة لاحتمالية الإصابة باختلاط تحديد الجنس، ولكنها قد تشهد تزايدا وارتفاعا بحسب وضع الأسرة، حيث إن هناك من يكون لديهم 5 أفراد من أسرة واحدة يعانون من هذه المشكلة، والكثير من الأسر يكون لديهم فردان ممن يحتاجون إلى عمليات تصحيح الجنس.
* كم عدد العمليات التي أجريتموها حتى الآن، وهل هناك تزايد في معدلات الإصابة باختلاط تحديد الجنس في السعودية؟
ـ قمنا بإجراء ما يقارب 405 عمليات لتصحيح الجنس على مدى 27 عاما، عدا عن وجود نحو 100 حالة ما زالت في انتظار دورها لإجراء العملية، غير أن ذلك التزايد ناتج عن زيادة الوعي لدى المجتمع وبالتالي اكتشاف الإشكالية، وذلك بعد افتتاح مركز تحديد الجنس التابع لجامعة الملك عبد العزيز بجدة، حيث إن جميع حالات اختلاط تحديد الجنس تتم إحالتها للمركز من أجل إجراء العمليات ومعالجتها.
* من بين تلك العمليات أيهما أكثر، تصحيح الجنس من الذكر إلى الأنثى أم العكس؟
ـ يمكننا القول بأن هناك تساويا في إجراء عمليات تصحيح الجنس للحالتين.
* وأيهما أكثر صعوبة؟
ـ هناك جانبان أحدهما نفسي والآخر جراحي، من الناحية النفسية يسهل تصحيح الجنس من الأنثى إلى الذكر في ظل المجتمع الذي نعيش فيه كمجتمع ذكوري، غير أن تحويل الرجل إلى أنثى خصوصا في سن متأخرة صعب جدا كونهم لا يقبلون بذلك، ولكن إجمالا جميع الحالات التي تم تصحيحها من ذكر إلى أنثى تمت منذ ولادتها، ولم يتم إجراء أي عملية تصحيح للكبار الذين لا بد أن يتحولوا إلى إناث باعتبارهم يرفضون بشدة. أما من الناحية الجراحية، فإن التصحيح في تكوين الجهاز الأنثوي يعد الأسهل، لأنها أنسجة دون وجود أعضاء ذكورية والتي لا بد من تكوين أنسجة الانتصاب بها، حيث إن تكوين الجهاز التناسلي الأنثوي لا يتطلب بعض الصفات الخاصة بالجهاز التناسلي الذكري.
* وكيف يتم التعامل مع الأشخاص الكبار الذين يرفضون تصحيح جنسهم إلى إناث، وهل من الممكن أن تحدث لديهم مضاعفات نتيجة عدم خضوعهم لإجراء عمليات التصحيح؟
ـ أنا لا أستطيع إجبار المريض على إجراء عملية تصحيح الجنس أو تقديم العلاج المناسب، ولكنهم غالبا ما يعيشون حياة أخرى، ولا يؤدي عدم خضوعهم لعمليات تصحيح الجنس إلى أي مضاعفات أو حتى الوفاة.
* ما هي الفترة التي يحتاجها المريض بعد العملية لكي يعيش جنسه الحقيقي عقب التصحيح؟
ـ ما يقارب 93 في المائة من الحالات التي خضعت لدينا إلى عمليات تصحيح الجنس هم مواليد حديثو الولادة كونهم لا يدركون مرحلة الانتقال من جنس لآخر، إلا أن نحو 7 في المائة منهم كانوا كبارا والذين يحتاجون إلى مراحل طويلة من العلاج تدخل ضمن العلاج النفسي أيضا وهنا تكمن الصعوبة.
ونحن لا نريد أن نرى تلك الحالات المتأخرة التي تكون بحاجة إلى فترات علاج طويلة وبالتالي يحتاجون إلى دعم حتى يصلوا إلى ما يريدون، غير أنه من السهل تصحيح الجنس من الإناث إلى الذكور في ظل مساحة الحرية التي ينعمون بها بعد ذلك من منطلق الطبيعة المجتمعية، إلا أن تحويل الذكر إلى أنثى في سن كبيرة يعتبر قاسيا جدا حتى علينا نحن كأطباء في مجتمعنا الذي يتميز بكونه ذكوريا.
لذلك لا ينبغي على الأهالي ترك مثل تلك الحالات حتى سن متأخرة، ولا بد من الوعي بالمشكلة، خصوصا أن اختلاط تحديد الجنس يعد عيبا خلقيا مثله مثل أي العيوب الخلقية الأخرى كالشفة المشقوقة وغيرها، والتي يتم تصحيحها دون أي إشكاليات.
* عادة كم تستغرق عمليات تصحيح الجنس أثناء إجرائها؟
ـ تتفاوت مدة إجرائها بحسب وضع الحالة، منها ما تكون قصيرة لتتراوح مدتها ما بين ساعتين إلى 3 ساعات، في حين قد تمتد أخرى إلى 10 ساعات، إلى جانب وجود حالات تحتاج لمراحل متعددة على فترات زمنية متباعدة، وهنا تعتبر مشكلة، حيث إنه في بعض الحالات يكون الجهاز التناسلي الخارجي المبهم أنثويا ويبدو كالذكر، ويمكن تصحيحه كأنثى، إلا أنه تبقى إشكالية عملية تكوين الرحم والمهبل والتي لا يمكن إجراؤها سوى في مرحلة البلوغ وبعد تلك المرحلة تتم متابعة الحالة، ولا سيما أن الحالات التي تخضع لعمليات تصحيح الجنس تحتاج إلى متابعة حتى بعد الزواج عن طريق المساعدة والتوجيه والدعم، خصوصا أنها تعود إلينا عند أي مشكلة أو مصاعب تواجهها. وعلى مدى السنوات الأخيرة القريبة تم تزويج الذكور والإناث المصححين جنسيا، واستطاع البعض منهم الإنجاب بشكل طبيعي، وهنا يتضح الفرق بين عمليات تصحيح الجنس وتغييره، إذ إن جراحات تغيير الجنس لا يمكن أن ينجب الأفراد الخاضعون لها مطلقا، ولا سيما أن زواجهم يندرج تحت الزواج المثلي كون مثل تلك العمليات تعمل على إرضائهم في تغيير جنسهم فقط دون الصفات الأخرى.
وأحب أن أوضح الخطأ الفادح الذي وقعت فيه بعض وسائل الإعلام حينما تناقلت قصة الرجل الذي حمل وأنجب، لأن في ذلك غشا وتدليسا، إذ إن ذلك الرجل هو في الأصل أنثى خضعت لعملية تغيير الجنس واحتفظت بالرحم في داخلها، وحينما تحوّلت إلى ذكر عمل على التخصيب الصناعي داخل رحمه الموجود وذلك لتضليل الناس فقط.
* وما هي الحالات التي على أساسها يتم تحديد صعوبة العملية الجراحية من سهولتها؟
ـ مثلا طفل تكون لديه مشكلة تتمثل في كون أعضائه التناسلية صغيرة ولديه خصيتان معلقتان في الأعلى، مما يجعله بحاجة إلى هرمونات لمعالجة الحالة وإجراء عملية بسيطة. بينما تكون هناك عمليات أخرى لحالة لديها خصيتان مرتفعتان وكيس الصفن مقسوم إلى نصفين كالجهاز الأنثوي بينما يكون العضو التناسلي خفيا بينهما ومجرى البول في المنتصف، في هذه الحالة يحتاج إلى تكوين الجهاز التناسلي بالكامل وذلك لتعديل الانحناءات الموجودة وإنزال الخصيتين وتكوين كيس الصفن بالإضافة إلى الهرمونات قبل الجراحة، وهو ما يحتاج إلى عدة مراحل.
وثمة حالات يكون فيها الجهاز التناسلي الخارجي قد تم إصلاحه كأنثى لتظل عملية الرحم وتوصيله بمهبل خارجي إذا لم يكن موجودا، الأمر الذي يستدعي استخدام جزء من الأمعاء أو الجلد أو نسيج المشيمة لتكوين المهبل.
* كم تبلغ نسبة نجاح عمليات تصحيح الجنس؟
ـ لجميع العمليات الجراحية مضاعفاتها ومخاطرها، ولكن عملية تصحيح الجنس مخاطرها لا تصل إلى حياة المريض بشكل عام، إلا إذا كان مصابا بمرض آخر مصاحب له مما قد يؤدي إلى وفاة الجنين في حال كانت لديه إشكاليات صحية، ونحن عموما لا نريد أن نزرع الخوف في نفوس الناس حيال مثل تلك العمليات.
* هل من الممكن أن تتم عملية تصحيح الجنس عن طريق علاجات أو عقاقير طبية دون الحاجة إلى التدخل الجراحي؟
ـ هناك حالات تكون الأعضاء التناسلية بها صغيرة نتيجة انخفاض هرمونات الجنس، وهي التي تحتاج فقط إلى إعطائها هرمونات لتتم معالجتها دون تدخلات جراحية ما عدا عمليات بسيطة جدا، غير أنه يمكن تصحيح الجنس بها عن طريق الهرمونات المناسبة للحالة.
* ما هي أغرب القصص التي واجهتك خلال مسيرتك العملية في عمليات تصحيح الجنس؟
ـ ثمة قصص كثيرة، من أبرزها إحدى الحالات المرضية القادمة لتأدية الحج، والتي تم عرضها علي كأنثى يريدون معرفة سبب اضطراب الدورة الشهرية لديها، وحينما خضعت للفحص اتضح أنها ذكر، حيث إن لديها جهازا تناسليا مبهما يبدو كالأنثى إلا أنه يوجد به خصيتان، وكانت تحاول إقناع من حولها بأنها ذكر غير أنهم لم يقتنعوا، وتم تصحيح جنسها وعاد لبلده كذكر ليتزوج إحدى قريباته، مما جعله ينجب طفلا لديه نفس الإشكالية وتم تصحيح جنسه. كما أجريت عملية تصحيح جنس لخمس شقيقات كن في الأصل ذكورا، وهم من النماذج التي أفتخر بها كثيرا كونهم التحقوا بالجامعات واحتلّوا وظائف جيدة وبعضهم تزوج ويعيشون حياة رجولية ناجحة.
ولكن من أغرب القصص التي مرّت علي حينما كنت معيدا بالجامعة، قدم إلي رجل ومعه زوجته وكان مرتبكا جدا، وحينما سألته عن سبب ارتباكه قال لي: «لقد تزوجت رجلا»، غير أن زوجته كانت بحاجة فقط إلى تصحيح جهازها التناسلي وإزالة الجزء المتضخم منه.
* هل هناك مجال للخطأ في تشخيص حالة معينة من حالات اختلاط تحديد الجنس، وما مدى احتمالية تفاقم الإشكالية في مثل تلك الأخطاء؟
ـ قد تحدث أمور خاطئة نتيجة الاختلاف في وجهات النظر، ولا سيما أنه في السابق كانت القصة متعلقة بمصطلحات لا تتوافق مع الشريعة الإسلامية، مما جعلنا نعمل على تأصيل مصطلح «تصحيح الجنس» والمتمثلة في حالة بها خلل يجعلها تحتاج للعودة إلى الجنس الصحيح من خلال عمليات التصحيح، إلا أن هناك حالات سليمة ترغب في أن تتحول للجنس الآخر وهذا ما لا يجوز فعله شرعا.
وسبق وأن مرت علي إحدى الحالات كانت في الأساس ذكرا ولكنه يمتلك أعضاء تناسلية صغيرة، فقام بعض الأطباء بإخضاعه إلى عملية إزالة جهازه التناسلي لاعتقادهم بأنه أنثى، غير أنه ومع مرور الوقت اكتشف بأنه لا يزال ذكرا، الأمر الذي حتّم علينا إعادة جهازه التناسلي الذكري مرة أخرى بصعوبة، خاصة أنه ليس من السهل مطلقا تكوين جهاز تناسلي جديد بعد إزالته، وذلك لأنه يدخل في مرحلة جراحات ميكروسكوبية من شأنها أن تسبب ضررا.
* وكيف يمكن مساعدة الشخص المصحح جنسيا لتجاوز مرحلة الصدمة النفسية التي يمر بها نتيجة تحوّله من جنس لآخر؟
ـ لهذا الأمر، أعود وأؤكد بأننا لا نريد أن نرى عمليات تصحيح جنس للكبار، فالطفل المصحح لا يمر بتلك المرحلة لأن تصحيح جنسه يتم منذ ولادته، ولكن ذلك يحتم على الأهالي عدم إخبار أي شخص مهما كانت درجة قرابته منهم بمشكلة طفلهم حتى وإن تم تصحيح جنسه في وقت مبكر كي لا يعلم الطفل بالحقيقة عندما يكبر.
* هل من الممكن أن تؤدي مرحلة الصدمة النفسية الناتجة عن تصحيح الجنس إلى الانتحار؟
ـ عمليات تصحيح الجنس لا تؤدي إلى ذلك، خصوصا أن الخاضعين لها يعيشون حياتهم بشكل طبيعي، وإنما عمليات تغيير الجنس هي ما تصل بالمتحولين جنسيا إلى درجة الانتحار نتيجة عدم تقبّل المجتمع لهم وكونهم لا يستطيعون العيش بشكل طبيعي باعتبارهم لا ينجبون إذا ما تزوجوا.
* كيف يمكن للأهالي اكتشاف حالة أطفالهم إذا ما كانوا مصابين بإشكالية اختلاط الجنس في حال عدم تشخيصهم من قبل المستشفى التي ولدوا بها، وهل هناك بوادر معينة لهذه الإشكالية؟
ـ معظم الأطفال يكونون مفحوصين عند الولادة من الرأس إلى القدم، لذلك يجب الامتناع عن الولادات المنزلية كونها تؤدي إلى عدم اكتشاف مثل تلك الحالات، عدا عن ضياع اكتشاف الكثير من العيوب الخلقية التي تتم معالجتها في سن متأخرة، غير أنه في حال وجود أي شك من قبل الأهالي لا بد من مراجعة الطبيب دون إثارة الموضوع بين بقية أفراد الأسرة.
كما أحب أن أشير إلى أن قضية اختلاط تحديد الجنس لا تعتبر مشكلة كبيرة أو منتشرة، إذ إننا على مدى 27 عاما ما زال عدد عمليات الجنس يقدّر بنحو 405 عمليات، أي بمعدل 10 إلى 15 عملية في السنة، وبالتالي لا يوجد أي تخوّف من هذه الإشكالية، إلا أن أحاديث المجتمع عن مشكلة تصحيح الجنس من شأنه أن يبعث القلق في نفوس الناس، وهو ما أحاول تغييره لدى المرضى القادمين إلينا من خلال طمأنتهم وإقناعهم بأن الأمر بسيط وغير منتشر.
* ماذا عن عمليات تغيير الجنس؟
ـ غير جائزة شرعا، وغير مجدية، وهي عمليات خطيرة وهناك أشخاص قاموا بها خارج السعودية وعادوا بشهادات تصحيح جنس وهي في الأصل تغيير في الجنس، الأمر الذي يؤدي إلى خلق فئة ثالثة من المجتمع إذا ما تم التهاون في الموضوع.
و يمكن تعريف عمليات تغيير الجنس بالتغير من الوضع السليم إلى الخاطئ على عكس عمليات تصحيح الجنس، عدا عما يترتب عليها من أمور كثيرة شرعية واجتماعية، باعتبارها نوعا من الخداع، فالشخص المتحول إلى ذكر ويتزوج بعد ذلك يصبح زواجه مثليا، فضلا عن ارتباط ذلك بالميراث وغيره، وقد يكون الذكر الوحيد في الأسرة ويتحول إلى أنثى لينتقل الميراث فيما بعد إلى العصب من أبناء العمومة وغيرها.
ومن المهم جدا مراعاة جميع تلك الأمور، خصوصا أن المسألة ليست رغبة شخصية، والذين يرغبون في تغيير الجنس يعتبرون مرضى يتم عزلهم ولكن لا نوافقهم في تنفيذ رغباتهم، حيث يمكن معالجتهم بطرق أخرى دون موافقتهم في عمل إجراء خاطئ لهم وللمجتمع، ولم يسبق مطلقا أن أجريت عمليات لتغيير الجنس لدينا.
* ثمة انحرافات سلوكية قد تظهر على الذكور أو الإناث والمتضمنة تصرفاتهم بشكل مغاير لطبيعتهم، فهل من الممكن أن تؤدي تلك الانحرافات إلى أمراض عضوية تحتم عليهم فيما بعد الخضوع إلى عمليات تصحيح للجنس؟
ـ الانحرافات السلوكية ليس لها علاقة بتصحيح الجنس، حيث إنها تعتبر انحرافات جنسية تسفر عن تصرفات خاطئة، أو حتى انحرافات عامة تجعل الشخص يتصرف بشكل مغاير لطبيعته، ولا يمكن أن تتطور إلى درجة الأمراض العضوية، إذ إن هناك أشخاصا يرون أنهم لا يستطيعون التعايش مع جنسهم، ويعتقدون أن أرواحهم محبوسة في أجساد غير أجسادهم.
وليس كل خلل نفسي تتم موافقة الشخص عليه في ظل وجود مرضى مصابين بمرض (فقدان الشخصية أو النوع)، والذين من المفترض عزلهم ولكن لا نطاوعهم في الوقوع في الخطأ، ولا سيما أن نحو 60 في المائة من الذين يخضعون لعمليات تغيير الجنس يقدمون على الانتحار كونهم لا يستطيعون التعايش مع المجتمع بعد التغيير.
وأساس مثل هذه الحالات يكمن في فقدان الهوية الجنسية، غير أن السلوكيات قد تكون موجودة، وهناك من لا تكون لديهم إشكالية أو رغبة في تغيير جنسهم، وإنما يعانون من انحراف شهواني بحيث يجعلهم يستمتعون بارتداء ملابس الجنس الآخر والتصرف بتصرفاتهم.
* هل هناك نسبة معيّنة في المجتمع للحالات التي لديها رغبة في إجراء عمليات تغيير الجنس من منطلق عدم رضاهم عن جنسهم الحقيقي؟
ـ نسبة الحدوث تختلف من مجتمع لآخر، ولكن قد يكون هناك شخص في كل 30 ألف من السكان يشعر برغبة في تغيير جنسه، ونحن لا نريد أن يحدث ذلك لدينا كي لا يتكون مجتمع لا تتحمله بيئتنا.
والجدير بالذكر أن ما يقارب 50 في المائة من المتغيرين جنسيا يموتون قبل أن يبلغوا سن الثلاثين، إما عن طريق الانتحار أو المخدرات أو الإصابة بمرض الإيدز، فضلا عن السلوكيات العدوانية التي تتولد لديهم على خلفية نبذ المجتمع لهم وعدم قدرتهم على الإنجاب في حال الزواج، والأطباء الذين يقومون بإجراء عمليات تغيير الجنس يغشّون المريض والمجتمع أيضا.
* هل صادفتك حالات طلبت منك إجراء عمليات لتغيير الجنس وكانت سببا في تعاطفك معها، وكيف كان التصرف حيالها؟
ـ مرت حالات كثيرة، إلا أنني رفضت إجراء مثل تلك العمليات، خاصة أنني لا أريد أن أتحمل إثمهم أو أحملهم الإثم، فتغيير الجنس محرم بأمر شرعي واضح.
* ومن هم الأكثر طلبا لعمليات تغيير الجنس، الذكور أم الإناث؟
منهم ذكور ومنهم إناث، وتقريبا متساوون.
* ما هي الدوافع التي من أجلها قد يطلب الشخص تغيير جنسه؟
ـ لا توجد دوافع معينة بقدر ما تكون الحالة مصابة بمرض نفسي، حيث إن عمليات تصحيح الجنس تجرى لحالات اختلاط تحديد الجنس، بينما تغيير الجنس ناتج عن «فقدان الهوية الجنسية»، وقد ألفت كتابا يوضح مشكلة اختلاط تحديد الجنس، ويعرض دراسة لمشكلة تحديد الجنس وضوابط الممارسة الطبية، والاختلاط في تحديد الجنس، وحالات تغييره.
ولتغيير الجنس أسماء كثيرة، منها فقدان الهوية الجنسية، وكراهية الجنس، والجنس النفسي، والاضطرابات في تحديد الجنس النفسي من منطلق الشعور وليس من ناحية البنية الجسدية، بغض النظر عن الجنس الذي هو عليه، إضافة إلى قلق أو ضيق تحديد الجنس.
وهؤلاء الأشخاص انتقلوا إلى جنس آخر عبر علامة روحية، فالشخص يرى أنه ضحية اللعنة انحبس في جسم غير جسمه، ويطلب التغيير للجنس الآخر، وهذا ما يتم إعطاؤه في المجتمعات الغربية فرصة لمدة عامين وإن لم يقتنع يتم تغييره.