عي تدخلاً فاعلاً من المؤسسة الصحية الرسمية؛ خاصةً في مجال التشحيص واكتشاف الفيروس المبكر، كما أن هناك غياباً للإحصاءات الموثقة، مضيفاً أن مشروع «برنامج الكبد الوطني» يمثل أول خطة استراتيجية منظمة، للتعامل التخصصي مع جميع أمراض الكبد، سعياً إلى تقليص نسبة الضرر قبل وصولها إلى مراحلها المتأخرة.
وقال في حديثه ل»الرياض» بمناسبة انعقاد المؤتمر الدولي الأول للجمعية السعودية لأمراض وزراعة الكبد الثلاثاء المقبل: أن المؤتمر يأتي بالتعاون مع مستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام -أحد مراكز زراعة الكبد بالمملكة-، وتحت رعاية «د.عبدالله الربيعة» -وزير الصحة-، والغرض منه ليس فقط التواصل مع الأطباء داخل المملكة، ولكن توسيع نطاق المشاركة، حيث سيشمل ضيوفاً من دول الخليج والمنطقة العربية، إلى جانب (13) متحدثا من أمريكا وأوروبا، مبيناً أن دور الجمعيات العلمية يجب ألاّ يقتصر على تنشيط البحث العلمي، واللقاء بين أطباء التخصص وتبادل المعلومات والخبرة بينهم، بل لابد أن يشمل تطوير الممارسة الطبية للأطباء في كافة القطاعات، وفيما يلي نص الحوار.
دور الجمعيات العلمية يجب أن يشمل تطوير الممارسة الطبية في كافة القطاعات
اكتشاف مبكر
* ماهي الإشكالات التي تواجهكم لعلاج أمراض الكبد؟
- هناك إشكالات أساسية في تعاملنا مع العبء الصحي لأمراض الكبد، مما يستدعي تدخلاً فاعلاً من المؤسسة الصحية الرسمية؛ خاصةً في مجال التشحيص واكتشاف الفيروسات المبكر، ببرامج متابعة وعلاج، كذلك هناك غياب للإحصاءات الموثقة، حيث نفتقر للسجل الوطني لأمراض الكبد، في الوقت الذي تأتي فيه هذه الأمراض في مقدمة الحالات الصحية الأوسع انتشاراً في المجتمع، أنا هنا أطالب بتنسيق الجهود التي تبذلها وزارة الصحة، ووضعها في أطر أكثر تأثيراً على المدى البعيد، من أجل تحقيق الفائدة المرجوة.
*ماذا عن مشروع «برنامج الكبد الوطني» المقدم إلى الوزارة من قبل الجمعية؟
- يمثل أول خطة استراتيجية منظمة، للتعامل التخصصي مع جميع أمراض الكبد بمختلف مستوياتها وأنواعها، سعياً إلى تقليص نسبة الضرر من هذه الأمراض قبل وصولها إلى مراحلها المتأخرة، حيث تواجه عمليات الزراعة صعوبات على المستوى العالمي، لكنها تزيد لدينا، في ظل ندرة المتبرعين، مقارنةً بحجم الاحتياج وتزايد عدد مرضى «تليف الكبد».
لو انتقلنا إلى برامج التحكم بعد الكشف المبكر سيتغير الوضع لمصلحة المصابين
400 طبيب
* حدثنا عن الجمعية السعودية لأمراض وزراعة الكبد؟
- هي جمعية علمية مهنية مرخصة من الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، أنشئت قبل أكثر من ثلاثة أعوام، وهي كأي جمعية في طور التأسيس، حيث استغرقت وقتاً في التواصل مع الأطباء والمتخصصين، حتى وصل عددهم إلى ما يزيد على (400) طبيب حالياً في مختلف الفروع الطبية المتعلقة بالمرض، وبرامجها ملخصة على موقع الجمعية www.saslt.org، فهناك أنشطة شهرية كأندية الكبد في ثلاث مدن هي الرياض والدمام وجدة، حيث يجتمع أطباء كل منطقة ويناقشون المستجدات في التخصص، مع أنشطة دورية بالتعاون مع كافة المناطق والقطاعات الصحية؛ لتقديم برامج التعليم الصحي المستمر، إضافةً إلى تنشيط وتنمية الأبحاث الطبية المختلفة، كما تهتم كذلك بالتوعية العامة المتعلقة بأمراض الكبد، وأصدرت كتيبات توعوية متعددة، كما نظمت بالتعاون مع وزارة الصحة والجمعية السعودية الخيرية لمرضى الكبد، فعاليات توعوية على مستوى المملكة للمواطنين في يوم التهابات الكبد العالمي.
الزراعة تعد حلاً أخيراً للتليف والأورام إلاّ أن المشكلة في قلة المتبرعين!
ضيوف كبار
* ماذا عن المؤتمر الدولي الأول للجمعية السعودية لأمراض وزراعة الكبد، والذي سيعقد الثلاثاء المقبل؟
-المؤتمر يأتي بالتعاون مع مستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام -أحد مراكز زراعة الكبد بالمملكة-، وتحت رعاية «د.عبدالله الربيعة» -وزير الصحة-، والغرض منه ليس فقط التواصل مع الأطباء داخل المملكة، ولكن توسيع نطاق المشاركة، حيث سيشمل ضيوفاً من دول الخليج والمنطقة العربية، يصل عددهم إلى (40) متحدثا، بجانب (13) متحدثا عالميا من أمريكا وأوروبا، وعلى مدى يومين هناك (12) جلسة، حيث تقدم للمؤتمر تقريباً (35) بحثا من داخل المملكة، أقر للعرض الشفوي (10) أوراق، فيما سيظهر (25) بحثاً على شكل «بوسترز»، وستناقش المحاور الرئيسية فيروسات الكبد المزمنة ال (B) و(C)، وكذلك أورام الكبد، مع بعض الأمراض الأخرى ك»ترسب الدهون» في الكبد، و»أمراض القنوات»، و»التعرض للأدوية والأعشاب»، وسيقدم المؤتمر جلسات خاصة بموضوع زراعة الكبد ومستجداتها.
الكشف المبكر يمنع اللجوء إلى زراعة الكبد
متابعة وعلاج
* هناك برامج نفذتها وزارة الصحة فيما يتعلق بأمراض الكبد، هل حققت النجاح؟
- حقق برنامج وزارة الصحة لتطعيمات فيروس الكبد (B) لكل مواليد المملكة تقريباً منذ (23) عاماً نجاحاً كبيراً، كذلك برنامج فحص الأدوات الصحية المطبق في مستشفيات المملكة، مع برامج الفحص المبكر لفيروسات الكبد، للحوامل والمتبرعين بالدم والعاملين في القطاع الصحي، وكذلك المتقدمون للجامعات والكليات العسكرية وغيرها، حيث أسهمت تلك البرامج في الحد من انتقال فيروسات الكبد، وأضافت الوزارة مؤخراً فحوصات ما قبل الزواج، وهذه جميعها تصب في مفهوم الاكتشاف المبكر، لكنها لم تربط بالخطوة الأهم وهي برامج العلاج والمتابعة، كما أن هذه البرامج على الرغم من نجاحها، إلاّ أنها لا تكفي، على اعتبار أنه يمكن التحكم في انتقال الفيروس داخل بيئة المستشفيات، في حين يصعب أن تراقب احتكاك الناس مع بعضهم في المجتمع، ويفترض أن متابعة وعلاج كل من يثبت وجود المرض لديه هو أفضل خطة للتحكم بانتشار المرض، وهو ما نفتقده حالياً، كما أن خطط الوزارة في هذا التحكم الشامل بأمراض الكبد مازالت بحاجة إلى مزيد من وضوح المعالم، منتقداً عدم تحويل من يثبت لديه المرض عبر قنوات الفحوصات المبكر المختلفة إلى المستشفيات؛ لمتابعة التشخيص والمعالجة، في حالة اكتشاف الفيروس لديهم، أو غيرها من أمراض الكبد.
د.أحمد العمير
* ما هو دور الجمعيات العلمية في مواجهة خطورة المرض؟
- منظمة الصحة العالمية أضافت مؤخراً فيروسات الكبد المزمنة كواحدة من الأمراض الأكثر عبئاً، لما تسببه من مضاعفات ووفيات، بما يتطلب وضع خطط وبرامج تفصيلية للوقاية والتحكم والعلاج في كل دولة، من هنا يأتي دور الجمعيات العلمية، فهو يفترض ألاّ يقتصر على تنشيط البحث العلمي واللقاء بين أطباء التخصص وتبادل المعلومات والخبرة بينهم، لكن أيضاً تطوير الممارسة الطبية للأطباء في كافة القطاعات، ومن هنا ستطلق الجمعية أثناء المؤتمر ثلاثة معايير، ممارسة تشخيص وعلاج فيروسي البي والسي وأورام الكبد، وكذلك المساهمة مع واضع السياسة الصحية في وضع الخطط الاستراتيجية، إضافةً إلى تحسين الخدمة المقدمة بشكل عام، لهذا قدمت الجمعية برنامج الكبد الوطني إلى وزارة الصحة، يتمحور حول إيجاد إدارة رئيسة تحت مظلة الوزارة، ومنسقين مرتبطين بها في مناطق المملكة، يتواصلون مع المستشفيات والأطباء، مع إيجاد سجل وطني لمرضى الكبد، تحت إشراف هذا البرنامج؛ لكي لا يتوه المريض بعد تشخيصه أياً كانت الفحوصات التي أجراها، ولكي يتمكن الطبيب المعالج من تقديم خطوات التشخيص والمتابعة والعلاج بحسب المعايير المعتمدة للبرنامج، وبمتابعة مستمرة ودقيقة من إدارة ومنسقي البرنامج.
تصور أشمل
* ما هي رؤية برنامج الكبد الوطني؟
- خلال عام أو عامين من تطبيق الفكرة، سيتكون لدى وزارة الصحة تصور أدق وأشمل عن انتشار ونسبة أمراض الكبد في المملكة، بما يسمح بوضع خطط تحكم وعلاج أدق، بل وإتاحة الفرصة للفرق الطبية المختلفة تقديم إجراءات المتابعة والعلاج، واكتشاف المضاعفات بتوقيتها الأنسب والأدعى للاستجابة، حيث تُعد أورام الكبد أحد أهم مضاعفات المرض المزمنة، وأكثرها صدمة للمرضى وأهاليهم، فالمعلومات المتوفرة من السجل الوطني للأورام، توضح أن أورام الكبد تمثل الأكثر انتشاراً بين الرجال في المملكة للأعوام العشرة الأخيرة، لكنها تراجعت بعد «أورام القولون» بحسب التقارير المنشورة للسجل الوطني، مشدداً على ضرورة انتهاج طرق استباقية في التعامل مع أمراض الكبد، فلو انتقلنا إلى برامج العلاج والتحكم بعد الكشف المبكر، سيتغير الوضع إيجاباً لصالح المرضى، حيث إن نسبة استجابة فيروس ال(C) للعلاج مثلاً تصل إلى (75%)، وفي حالة فيروس (B) قد لا يتم التخلص منه بالكامل، لكن يمكن إبقاؤه تحت التحكم، وبالتالي إيقاف وصول المريض إلى مرحلة التليف والأورام والحاجة إلى الزراعة، وهنا لابد أن تخصص وزارة الصحة مسارات متوازية للتعامل مع كافة الأمراض ذات الأعباء الصحية الكبيرة على مدار العام، وأن لا يؤثر الاهتمام بمرض معين على الأمراض الأخرى.
زراعة الكبد
* حدثنا عن المشاكل التي تواجه زراعة الكبد؟
- الزراعة تعد حلاً أخيراً لمرضى تليف أو أورام الكبد في مراحلها المبكرة، إلاّ أنها تواجه مشكلة كبرى تتمثل في قلة المتبرعين مقارنة بالحالات، وهو ما يدفع الكثيرين إلى السفر إلى الخارج طلباً للعلاج، وزراعة الكبد على نوعين أحدها التبرع من الأقارب، حيث ينسق بين المريض وأسرته ومراكز الزراعة بصورة مباشرة، أما الآخر فيعتمد على التبرع من المتوفين دماغياً، وتخضع جدولة هذا النوع من العمليات للمركز السعودي لزراعة الأعضاء، صاحب الدور القانوني والإشرافي في توزيع هذا المصدر الحيوي المهم لحياة المحتاجين، والذي يتم الحصول عليه من خلال أسر المتوفين دماغياً، أو عبر الرغبات الشخصية التي يستقبلها المركز من بعض الأشخاص بموافقتهم على الإفادة من أعضائهم بعد الوفاة، حيث عمل المركز على تعزيز هذه الثقافة بين المواطنين، من خلال ارتباطها بالفتوى العلمية الشرعية التي ترغِّب في ذلك،استدلالاً لقول الله تعالى: «ومن أحياها فقد أحيا الناس جميعاً»، ولكن مع هذا عدد المتبرعين يُعد قليلاً، والمرضى المحتاجون إلى الزراعة أكثر بكثير من الأعضاء المتوفرة، هذا البون الشاسع هو الذي يدفع الناس للعلاج في الخارج، ونحن في الجمعية نرى أن تغيير هذه المعادلة لا يتوقف فقط على التوعية بالتبرع، حيث إنها لا تستطيع أن تلزم أحداً، ولكن ما يمكن الإسهام فيه هو تقليل احتمالية وصول المرضى إلى مرحلة التليف والحاجة للزراعة، عبر برامج العلاج والمتابعة الدقيقة.
معلومات عامة
* ماذا عن الإحصائيات الدقيقة لعدد المحتاجين لزراعة الكبد؟
- هي من أهم الإشكالات التي تواجهنا، إلاّ أن هناك معلومات عامة نستقيها من الزملاء في بعض مراكز الزراعة بالمملكة، في مستشفى الملك فيصل التخصصي، ومدينة الملك عبدالعزيز الطبية بالحرس الوطني، ومستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام، حيث تشير إلى ارتفاع مضطرد بأعداد المرضى المحولين لغرض الزراعة، علماً أن رصدهم يُعد مؤشراً فقط وغير شامل، ولا ننسى أن كثيراً من المرضى يصلون إلى مراحل متأخرة لا يناسبها موضوع الزراعة، بل ولا يتم تحويلهم، وبالتالي لا يدخلون ضمن هذا المؤشر، وأنا هنا أعترف أن هناك خللاً يجب معالجته، من خلال خطة استراتيجية واضحة ترسم منهجية محددة وتتابع تنفيذها، وهي خطة لابد أن تكون متعددة الجبهات، بحيث تبدأ أولاً بالخطوات الأولى في العناية الصحية التي تقدم لمرضى الكبد كبرامج الكشف المبكر، وتوثيق كل مصادر المعلومات، ثم التعامل معها ومتابعتها وليس الاكتفاء برصدها فقط، لاسيما أن أمراض الكبد تعد من الأمراض الصامتة، التي لا يكتشفها المريض إلاّ بعد وصولها إلى مراحل متأخرة، ومسؤوليتنا وضع الخطة الصحية التي تقدم الخدمة الطبية في وقتها المناسب قبل تضاعف الحالة، ونحتاج إلى تفعيل هذه الاستراتيجية من خلال فريق يجمع المعلومات عبر إطلاق السجل الوطني لمرضى الكبد، بحيث يلزم كل مركز يكتشف وجود فيروسات أو أمراض الكبد أن يبلغ عن الحالات التي لديه تمهيداً لمتابعتها، وصولاً إلى برامج العلاج والتحكم بالمضاعفات، بحسب كل مرض وما يتطلبه من تعامل طبي متخصص، وانتهاءً بتوفير معلومات أكثر دقة ومصداقية عن أعداد المرضى المحتاجين للزراعة، ومن ثم وضع خطط قابلة للقياس والمتابعة عن برامجنا لتحفيز المواطنين على التبرع، وهناك معلومات مؤكدة عالمياً تثبت أن تنفيذ هذه الاستراتيجيات تسهم في خفض سجل هذه الأمراض ومضاعفاتها.
مسؤولية وطنية
* كلمة أخيرة؟
- هذه المسؤوليات والاقتراحات، لا يمكن أن ينفرد بها مستشفى واحد أو قطاع صحي واحد، ولكنها أمانة ومسؤولية وطنية منوطة بكل العاملين في القطاعات الصحية، والجمعية على ثقة أن مشروع «برنامج الكبد الوطني»، أو غيره من البرامج المشابهة، سيحظى بالاهتمام والمتابعة الجادة من قبل المسؤولين في وزارة الصحة، وبالتعاون مع القطاعات الصحية الأخرى.