تاريخ النشر 17 مارس 2015     بواسطة الدكتور محمد الحامد     المشاهدات 201

الشباب في العطلات بين الترفيه العشوائي والإدمان!

تمثل مشكلة الإدمان عائقاً كبيراً أمام تقدم كثير من الشعوب واستنزاف مواردها وثرواتها، هذا بالإضافة لتدمير ذخيرتها البشرية من الشباب الذين من المفترض أن يحملوا رايات تقدم هذه الشعوب والأمم. والمجتمع السعودي ليس ببعيد عن تلك المشكلة كبقية دول العالم أجمع، وخصوصاً هذه الأيام التي توافق إجازات الرب
يع في المملكة.
وتطفو مشكلة الإدمان والمخدرات هذه الأيام مع الفراغ الذي يعانيه الشباب في هذه العطلة، خصوصاً مع عدم وجود أماكن مناسبة للترفيه غير مكلفة، وهو الأمر الذي يطرح نفسه بقوة في مواسم الإجازات، فوجود أماكن للترفيه أمر بالغ الأهمية لتفريغ طاقات الشباب، ليكون ملجأ لهم بدلاً من الانحراف إلى جانب الأدوار التوعوية سواء للأسرة أو المسجد.
ويكشف المواطن عبدالله سعد السلمي إن لديه خمسة ذكور متفاوتين في عدة مراحل بين المتوسط والثانوي، قائلاً لافرق بين الإجازة والفترة الدراسية فأسرتي تقضيها في المنزل وزيارة الأقارب ،وذلك لظروف العمل، فأنا أعمل في القطاع العسكري وإجازتي لم يحن وقتها بعد، لذا لايوجد مجال للسفر والتنقل في المنتزهات الترفيهية.
وأضاف السلمي إن راتبه لا يسمح أن يوفر إيجار منزله وأن يشترك أبناءه في النوادي عامةً، وليس لديهم سوى قضائها في الحارة بين أقرانهم ومن ثم يكملون وقت الترفيه عن طريق التلفاز والبلاك بيري والبلاستيشن ولا أعتقد أن هناك وسائل ترفيه غير ذلك .
وفي ذات السياق أوضح الشاب مراد العوفي طالب في السنة الثانية ثانوي إن الإجازات تمر وكأنها لمح البصر، حيث تكثر فيها المناسبات والتجمعات ولا وقت للترفيه في فترة المساء أما في النهار فنقضيها في التنقل بين ردهات الطرقات والملاعب العشوائية التي نجتمع فيها سوياً أنا وأصدقائي في الحي، وليس بغريب أن لا يكون لدينا نحن الشباب مكان للترفيه غيره حيث يمنع دخولنا المولات وبعض متنزهات الترفيه، وليس لدينا المال الكافي لقضاء الإجازة في بعض الأماكن الترفيهية المكلفة.
أما الشاب عبدالعزيز العتيبي طالب الصف الثالث متوسط فيقول: إن المتعة الحقيقية لقضاء أي عطلة هي الاستمتاع في لعب الرياضة المحببة لدي وهي كرة القدم في الملاعب العشوائية في الحي، ولا وقت لدينا للخروج للمتنزهات أو السفر وقد نكون تعودنا على شغل وقت الفراغ في كل موسم عن طريق الخروج للحواري واللعب فيها وإقامة المسابقات بيننا التي تشعرنا بالمتعة.
وعن وجود شباب قد يستغلون خروج الشباب والمراهقين خاصة، قال: إن هناك شباباً لا يمتون للأخلاق بصلة وأنا شاب تربيت على القيم وعدم الرضوخ لمثل هذه العقليات.
من جهتها طالبت الأخصائية الاجتماعية وفاء الشمري بصقل مواهب الشباب والفتيات وإكسابهم ثقافة وطنية ومهارات وخبرات حياتية في شتى الميادين بما يعود عليهم بالفائدة المرجوة في حياتهم العلمية والعملية، فضلاً عن إخراج مواهبهم وقدراتهم الإبداعية إلى حيز الوجود، وكذلك أهمية شغل وقت فراغهم في الإجازات وتعزيز الولاء والانتماء الوطني للشباب والفتيات، وحمايتهم من الاختراقات الفكرية الضالة، وحمايتهم من المخدرات والإدمان عامةً .
وكشف الدكتور محمد الحامد استشاري نفسي واستشاري لحالات الإدمان إن هناك نسبة عالية مقارنة بالأعوام السابقة من الفئة العمرية التي تبدأ من سن 15 إلى سن 18سنة  ترددت إلى العيادة النفسية، واتضح أنهم مدمنون وتم تحويلهم إلى الجهات المختصة للعلاج.
وأضاف الحامد إن أكثر أنواع التعاطي انتشاراً بين المدمنين هو الحشيش، والحبوب المنشطة، والمورفين المنشط ومن أكثر الفترات التي يتم الترويج فيها فترة الامتحانات والعطلات.
 وأرجع ارتفاع نسبة المدمنين مقارنة بالأعوام الماضية إلى عدة عوامل، أولها العامل الاقتصادي للمملكة كدولة نفطية مربحة للتجار المروجين، وهذا يظهر ونلحظه من الكميات الهائلة التي يتم ضبطها، بالإضافة لأسباب خارجية وداخلية أتت نتيجة أخطاء شائعة تربوية.
وأضاف الحامد إن الأسرة تلعب دوراً كبيراً في تهيئة المراهق للإدمان، وذلك في حالة التفكك الأسري وانشغال الوالدين ومحدودية الأسرة مقارنة بالأسر  في الماضي المكونة من الوالدين والجد والجدة أو من له صلة، وكان الأبناء يجدون أكثر من موجّه داخل الأسرة إضافة إلى الوالدين.
وأكد إن الوالدين لهما دور واضح في صقل شخصية المراهق واكتمال شخصيته فإن كانا صالحين صلح الأبناء، وإن كانا فاسدين نشأ الأبناء فاسدين إضافة إلى الناحية المادية المتوفرة مما يجعل المراهق أو المراهقة بيئة خصبة للمروجين، إضافة إلى قلة الوعي والفراغ الذي يولد انحرافات وإحباطات نفسية، فقد يجد الشخص نفسه قوياً غير قادر على فعل أشياء كثيرة، ولا يجد عملاً لذا يلجأ للعبث الأخلاقي والسلوكي ومن ذلك بالطبع الإدمان والتعاطي.
واختتم الحامد كلامه مكملاً أسباب تلك الانحرافات، التي ذكر من ضمنها الإعلام وتأثيره السلبي إضافة إلى البيئة المحيطة التي يعيش فيها الشباب مع قلة الوعي والمراقبة، وكذلك الصحبة الفاسدة فإذا فسدت فسد الإنسان، فهناك رفقاء سوء يعرضون الحشيش على بعضهم البعض وبعض أنواع المخدرات والمواد المنشطة حيث تبدأ في التجربة ومن ثم الإدمان، وكلما توفر مع الطالب مبلغ وافر بات أكثر سهولة في إيقاعه في وحل الإدمان.
بذلك قد نكون عرضنا لتلك المشكلة الخطيرة، ولكن تبقى في النهاية جبال من الأدوار الصعبة التي ينتظرها المواطن من مؤسسات الدولة للعمل على محاربة تلك المشكلة الخطيرة بمزيد من الإجراءات السريعة لاحتواء تلك المشكلة وآثارها.
ولا يقتصر الحل على محاصرة الإدمان وتجفيف منابعه فقط، بل يمتد ذلك إلى محاولة إيجاد الحلول لمحاربة ومعالجة الأسباب التي تؤدي إلى ذلك سواء بالتوعية، أو إيجاد وإنشاء أماكن مناسبة للترفيه غير المكلف وغيرها من الأمور التي من شأنها إبعاد أبنائنا عن ذلك الخطر المدمر.  


أخبار مرتبطة