الي الدكتور حمد المانع ، ووكيل وزارة الصحة ووقاية المجتمع الإماراتي سالم الدرمكي ، ورئيس المؤتمر البروفيسور توفيق بن أحمد خوجة أمين عام اتحاد المستشفيات العربية ، والاستاذ لطفي الخليفي رئيس الشركة المنظمة للمؤتمر والشيخ مشعل القاسمي .
وقال رئيس المؤتمر البروفيسور توفيق خوجة في كلمته ، إن السياحة العلاجية تحتل مكانة متقدمة في اهتمامات الدول المتقدمة لما لها من فوائد متعددة على الاقتصاد الوطني، والتعريف بالدولة، وثقافاتها إقليميا، وعالميا ، وهي من أهم القضايا الحالية التي يضعها القادة والمخططون الصحيون في مقدمة الأولويات الاستراتيجية وهي جودة الرعاية الصحية، وسلامة المرضى، والابتكارات ، وذلك تحقيقًا للهدف الأسمى لتوفير الرعاية الصحية وهو الحفاظ على صحة المريض وعافيته جسديًا وعقليًا واجتماعيًا، وهو حق كامل للمرضى من المنظور المهني والأخلاقي.
وتابع ” خوجة ” إيماناً بدورها الرائد في تطوير وتحسين الخدمات الصحية وجودتها وتعزيز سلامة المرضى وترسيخ مفهوم جودة الرعاية الصحية وسلامة المرضى في السياحة العلاجية ، لا يخفى على لبيب فكركم أن السياحة تعتبر من أهم الصناعات التي تسعى إليها العديد من الدول، وخاصة السياحة العلاجية، التي أصبحت من القطاعات السياحية المهمة في التجارة الدولية، نظراً لدورها الاقتصادي.
وهو أمر في غاية الأهمية، خاصة فيما يتعلق
بزيادة الدخل القومي وتحسين مستوى ونوعية الموارد البشرية، وما قد يترتب على ذلك من آثار إيجابية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.
وأضاف : يلاحظ في هذا الصدد أن الوعي بأهمية هذه الصناعة لا يتوقف عند الدول المتقدمة ، بل إن العديد من الدول الآسيوية والأفريقية دخلت ساحة المنافسة في هذا المجال، مثل دبي، والمملكة العربية السعودية، وماليزيا، وتركيا، وسنغافورة، وتايلاند، وتونس الخضراء، والأردن الخ حيث تمكنت هذه الدول من تحقيق نسبة عالية من مستوى الجودة والكفاءة، والإنجاز الطبي، كما أن لديها مستشفيات وأطباء مرموقين، تستقطب ملايين المرضى من مختلف أنحاء العالم الباحثين عن العلاج، خاصة أولئك الذين يبحثون عن علاج نوعي عالي الجودة وبتكاليف أقل.
وأردف خوجة : وقد حققت العديد من هذه الدول معايير عالمية عالية ونجاحات عديدة في علاج العديد من الأمراض المعقدة وأصبحت تنافس الدول المتقدمة في علاج السرطان وإجراء العمليات المعقدة بتكلفة أقل من تكلفتها في الدول الغربية ، السياحة العلاجية قد شهد اهتماماً متزايداً في دول مجلس التعاون الخليجي والعديد من الدول العربية ودول الشرق الأوسط وأصبح رافداً أساسياً للاقتصاد الوطني، خاصة في الدول التي لا تمتلك موارد طبيعية توفر لها الأموال التي تحتاجها لتعزيز اقتصادها الوطني.
وواصل خوجة : وفي الوقت نفسه، يعتبر الاستثمار في السياحة العلاجية حاجة ملحة ، فالمطلوب مزيد من الرعاية والتنظيم وحسن الإدارة والإعلام والتسويق، كما يتطلب إنشاء مستشفيات بمواصفات معينة وتزويدها بالكفاءات الطبية المعروفة بمهنيتها وسمعتها الطيبة، بالإضافة إلى بناء المنتجعات السياحية والفعاليات الجذابة، وهو ما يتطلب عربيا التكامل في هذا المجال.
ونوه الخبير الصحي خوجة أن السياحة العلاجية تساعد على تكوين انطباع إيجابي عن السياحة، خاصة للمرضى الذين يعالجون بكفاءة عالية ومهارة متميزة وجودة كبيرة، أو الذين يتعافون من أمراضهم عندما يأتون للعلاج، وهذا بدوره يشجع على نجاح ذلك البلد في جذب السياحة العلاجية ، بل ويجعلها مناطق جذب سياحي هامة محلياً أو عالمياً، مما يؤدي إلى تطوير المناطق السياحية العلاجية وتقديم الخدمات المساندة الجيدة لها ، كما يؤدي إلى توظيف الكوادر الطبية المتخصصة وزيادة كفاءتهم ومهارتهم، وتوظيف عدد كبير من العاملين في المجال الطبي والمجالات المساعدة الأخرى.
ومضى خوجة بقوله : هنا أود أن أشير إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة أخذت كل هذه العوامل بعين الاعتبار واستطاعت أن تقطع خطوات كبيرة في هذا المجال وتحتل مكانة متميزة على خارطة السياحة العالمية وخاصة السياحة العلاجية فهي أحد أهم المعالم السياحية في العالم، ومن أهم التيارات السياحية التي تدر أموالاً طائلة على الاقتصاد الوطني ، وتعد دول مجلس التعاون الخليجي وجهة فريدة للسياحة العلاجية، وتتجسد روعة السياحة الطبية والروحية في الأماكن المقدسة ومياه البحر المنتشرة على طول سواحلها الخلابة، كما أن لكل محطة استشفائية خصائصها العلاجية الخاصة ، وأصبحت المراكز الاستشفائية التي تتيح لهم الابتعاد عن ضغوط الحياة، في دول مجلس التعاون الخليجي، وجهة سياحية علاجية للعرب والعالم أجمع، حيث توفر المراكز جميع احتياجاتهم في ظل نظام متكامل إشراف طبي على متخصصين في هذا المجال، ويكون بديلاً لهم عن الوجهات الأوروبية التي… قد يواجهون صعوبات تتعلق ببرامج العلاج وارتفاع تكاليفها.
ومن هذا المنطلق أدعو إلى أهمية وضع خطط واستراتيجيات متوسطة وطويلة المدى لإقامة السياحة العلاجية تتكامل فيها الجهود للارتقاء بعناصر هذه الصناعة من مستشفيات ومنتجعات وكوادر بشرية مؤهلة وأجهزة طبية ومعدات طبية وغيرها من الأدوات المهمة لتحقيق النجاح المنشود لهذا الموضوع.
وقال خوجة إن السياحة العلاجية لا غنى عنها في دولنا الخليجية ، وتعتبر اليوم من الدول التي يشار إليها كمركز التميز في السياحة العلاجية على المستوى العالمي والعربي، حيث عززت هذه الدول منتجها من السياحة العلاجية الاستشفائية من خلال إنشاء قطاع طبي حديث مصمم بأحدث مرافق الخدمات الأساسية الحديثة التي تتمتع بوجود كوادر كافية من التخصصات والكفاءات الطبية العلمية والعملية التي تنافس بعض ما هو موجود في الدول المتقدمة ، لكن إذا نظرنا إلى الوضع بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي فإن الأمر يتطلب تكامل كافة عناصر هذه السياحة من مستشفيات ومنتجعات وفنادق وكوادر بشرية مؤهلة بالتنسيق مع الجهات الأخرى ذات العلاقة ، ويتطلب الأمر تسويقاً قوياً لذلك في دول مجلس التعاون الخليجي، مع تفعيل مكاتب العلاقات العامة والإعلام في الوزارات.، والحرص في هذا الصدد مع نظرائهم في المؤسسات والدوائر الحكومية والخاصة على التعاون وبذل المزيد من الجهود التنسيقية في هذا الشأن من خلال السفارات والاتفاقيات الثنائية المشتركة لتحفيز حركة التدفق السياحي بشكل عام والسياحة العلاجية بشكل خاص ، بالإضافة إلى مطالبة السفارات بالعمل الجاد على تفعيل السياحة العلاجية بين الجهات المعنية في دول مجلس التعاون الخليجي، مثل الغرف التجارية ووزارات السياحة والصحة والإعلام، من خلال تنفيذ المؤتمرات والندوات والحملات الإعلانية والتسويقية التي تحترم خصوصية كل دولة ومجتمع، ومن خلال إقامة علاقات وبرامج مهنية ولقاءات بين المهنيين والمتخصصين من الفريق الطبي والإعلاميين في مجال السياحة والسياحة العلاجية ، وتهدف هذه التدابير بشكل أساسي إلى تحسين العلامة التجارية واستراتيجية التسويق لنموذج سياحي يتسم بالكفاءة والفعالية من خلال جعله مختلفًا عما هو موجود في البلدان الأخرى، وخاصة في الأسواق التقليدية.
وأكد خوجة أن من هذه التوجهات أن الاهتمام بهذا القطاع، قطاع السياحة العلاجية، ووضعه قيد التطوير وإدراجه ضمن أهداف التكامل العربي، يعد من أهم الأهداف التي ينبغي السعي إلى تحقيقها والعمل على تحقيقها، خاصة وأن القطاع الطبي العربي يعاني سوق السياحة من حالة من الركود أو الضعف وتفاوت كبير بينه وبين الأسواق الطبية ، إذ أصبح التحرك سريعاً لرسم خريطة جديدة لملف السياحة العلاجية في المنطقة العربية أمراً ضرورياً وعاجلاً، حيث يتمتع الوطن العربي بالعديد من المزايا التي تؤهله وتجعله قادراً على التطور في هذا المجال، بل والمنافسة فيه وأن يكون لديك موقف جيد ومكانة مرموقة ، إلا أن ذلك يتطلب معرفة محتوى الاستثمار في هذا القطاع الحيوي والمهم، ومعرفة فائدة تطبيق مفهوم الاستثمار في المجال الصحي، وأهمية الحد من بعض الآثار والممارسات التي يشهدها القطاع الصحي العلاجي بما فيه الأخطاء الطبية، وطول مواعيد العلاج، واكتظاظ المرضى في المستشفيات، ونقص المعدات الطبية وعدم توفرها في بعض الأحيان.
وكشف خوجة أن هناك حاجة عربية ملحة لتحقيق تقدم شامل في هذا القطاع لجذب السياح من مختلف دول العالم، وتبادل الخبرات العربية ومراكز التميز العربية، وأيضا الاستثمار في هذا القطاع من خلال إنجاز المشاريع والمرافق الصحية والطبية، ومراكز بحثية عالية الجودة، وتطوير معايير الاعتماد الطبي، وتطوير خطة استراتيجية لتكوين أطباء وفرق طبية أكفاء يتمتعون بمستوى عالٍ من المعرفة والخبرة والدراية والقدرة على المنافسة وإيجاد الحلول العلاجية التي يحتاجها المواطن العربي مما يغنيه عن السفر للعلاج في الخارج ، تحتاج الدول العربية إلى التركيز على توفير أعلى مستوى من الرعاية الصحية والطبية لتلبية الاحتياجات العلاجية لمواطنيها، حفاظاً على صحتهم والحد من الآثار الخطيرة التي قد تنجم عن الأخطاء الطبية والتركيز على تطوير المراكز البحثية المتخصصة في هذا القطاع وليكون حافزا لإنتاج جو من التنمية ، وإنجازات في المجال الطبي العربي المشترك مع المراكز أو مرافق الرعاية الصحية الإقليمية والدولية بهدف البناء والاستفادة من التجارب الناجحة لدول أخرى حول العالم.
ويواصل خوجة : واجبنا يدعونا إلى تشجيع السياحة البينية بين الدول العربية والعالم كوحدة واحدة شاملة ومتكاملة وتعزيز الاتصالات في هذا الصدد بين المسؤولين عن شؤون السياحة والسياحة العلاجية بين الدول العربية، خاصة وأن الكثير من الأشخاص من دول فالمنطقة العربية لا ترغب في الحصول على العلاج خارج الوطن العربي، حتى لو كان متوفراً. فهي تمتلك العلاج والثقافة والمناخ، لذلك ستتجه هذه الفئات إلى السوق العلاجي العربي للحصول على العلاج، وبالتالي سيحدث التكامل العربي المنشود ، خاصة وأننا نرى أن صناعة السياحة في السوق العربي واعدة ومثمرة، حتى لو زودت بالعوامل المساعدة والاهتمام بالكفاءات، فهي تحتاج إلى تطوير في مجال الكوادر والفكر الإداري الذي يعمل على إحداث التكامل بين دول الوطن العربي الكبير إلى إيجاد الأرضية المناسبة للوصول إلى التكامل من خلال إنشاء مؤسسات متكاملة. كل هذا سيكون له دور كبير في تسويق المنتج الوطني لأي دولة في المنطقة العربية ، العمل على الاستفادة من البرامج العلمية للمؤتمر لبناء القدرات في مجال جودة السياحة العلاجية والرعاية الصحية وسلامة المرضى وكذلك إنشاء مراكز التميز والقيادة في السياحة العلاجية ، ومن هنا تأتي أهمية التواصل الدولي كعلامة فاصلة بين الإنجازات المهمة السابقة والمتتالية والانطلاقة الجديدة لمرحلة قادمة مفعمة بالطموحات التي تتناسب مع التقدم المحرز بإذن الله.
ويختتم خوجة حديثه بقوله:
نحن في حاجة ماسة إلى تعزيز كافة الجهود المبذولة لتفعيل وتنفيذ روح هذا الالتزام على أعلى مستوى من القادة والمسؤولين المتخصصين والعاملين الصحيين في مختلف القطاعات المتعلقة بالسياحة العلاجية ، ويأتي ذلك كدور رائد في تحسين المرافق الصحية نحو التقدم لمطابقة المعايير الدولية النظيرة ومن ثم اعتماد أساليب جديدة لتطوير النظم الصحية في السياحة العلاجية وتفعيل دور المرافق الصحية في العافية والوقاية، العلاج وإعادة التأهيل على مختلف مستويات الخدمات الصحية اللازمة للسياحة العلاجية لضمان نجاح نوايانا.