ذا المنطلق فإن الوعي المجتمعي هو حجر الأساس في مواجهة كورونا واحتواء انتشاره؛ لأنه مهما كانت الجهود الوقائية والخطوات الاحترازية، فإنها تظل بلا جدوى دون الالتزام الكامل بها من قبل أفراد المجتمع، فالمجتمعات التي استهانت بتنفيذ التعليمات والإرشادات ما تزال تعاني حتى الآن، مؤكدين في الوقت نفسه على أهمية وعي المجتمع والتزامه الكامل بكافة الإجراءات الاحترازية والوقائية، فمسؤولية الفرد أصبحت في هذه المرحلة أهم من المراحل السابقة باعتبار أن الفيروس ما زال موجوداً ولم يختفِ أو يضعف، وبالتالي فإن وجود أي خلل أو ثغرات يعيد الجهود إلى الخلف، لذا لا بد أن يدرك كل فرد في المجتمع دوره في تطويق فيروس كورونا.
من جهتها قالت محاسن حسن شعيب اخصائي اول علم الاجتماع: يمكننا القول إنَّ الوعي الاجتماعي هو الفهم والإدراك الواعي لكون الفرد جزءًا من المجتمع الواحد المتماسك والمترابط مع الآخرين، وهذا يعني أيضاً أن يؤثر الفرد بالآخرين، ويتأثر فيهم، وعندما يصل كلُّ فرد في المجتمع إلى إدراك هذا المعنى الواسع وفهمه بالشكل الصحيح، يصبح أفراد المجتمع أكثرَ تماسكاً، والقيام بأدوارهم بشكل إيجابي في مجتمعاتهم، ومواجهة أي مشكلة تواجههم بما فيها الوباء.
ويعتبر الوعي الاجتماعي مقياسا لتطوُّر المجتمعات، لأنَّه عن طريقه نستطيع إصدار أحكام واتخاذ قرارات صائبة على المستوى الفردي والمجتمعي، وهذه القرارات والإجراءات تكون ناتجة من الشعور بالمسؤولية.
ويرتكز الوعي الاجتماعي على مدى الوعي الفردي للأشخاص، وتأتي أهمية الوعي الفردي في أنَّه يُكوّن أول خطوة لحركة المجتمع في طريق التقدم والحضارة ولابد من الاشاره ان الوعي الاجتماعي تصوير وانعكاس للوجود الاجتماعي ـ أي العلاقات الاجتماعية والحياة الاجتماعية بجميع مظاهرها ـ فهو أيضاً حصاد لمجمل تفاعلات الوعي الطبقي. كما أن الوعي الطبقي نفسه انعكاس وتصوير لوجود الطبقة، ولحصاد تفاعلات وعي أعضائها.
فالوعي الاجتماعي، إذن هو منظومة عامة من الأفكار والنظريات للطبقات حول مجمل العلاقات الاجتماعية القائمة، ويمثل فهماً كلياً لها. وهذا الفهم الكلي يُعد الشكل الأرقى والأعلى.
ويستند الوعي الفردي إلى أن الإنسان في الجوهر كائن مدرك لتصرفاته المتعددة (بتعدد أبعاد الحياة اليومية وزواياها، أي جميع أنواع النشاط الإنساني المادي والروحي). ويرتبط الوعي الفردي بالوجود المحدد للفرد في جماعة وطبقة ومجتمعا معينا، وبكل أساليب وفرص إشباع حاجاته الروحية والمادية.
إن هذا الوعي الفردي ظاهرة اجتماعية ذات محتوى اجتماعي يتضمن الوجود الشخصي للفرد والطبقة التي ينتمي إليها، والوسط الروحي والمادي المؤثر في الوجود الفردي. ولهذا لا يستخلص الوعي الفردي من الظروف الفردية الشخصية فقط، بل من وجود الفرد في طبقته وجماعته ومجتمعه.
وقد شهدنا في مواجهة جائحة كوفيد 19 مدنا واحياءً ملتزمة بالاجراءات بصفة كبيرة واخرى كانت اجراءات الالتزام لديهم متوسطة او بسيطة، وشاهدنا افراداً مؤثرين ايجابيا في مجتمعهم وينقلون امانة العلم ورسالة الوطن بكل حرص، واخرين مشككين ورافضين.
وكل ذلك يعود للعوامل التي ذكرتها سابقا والتي تتلخص في ان مستوى الوعي الفردي يصنع الوعي المجتمعي.
واخيرا فإن هذا المجتمع السعودي الشاب قادر بمستوى وعيه على تقبل التغيير ومواكبة الاجراءات ومساندة القطاع الحكومي في تنفيذ خطط التوعية واخذ المعلومات من مصادرها وعدم الانقياد نحو الشائعات لأن ثقته في النظام الصحي عالية بحكم ما مضى ولا يمكن ان نتخطى العقبات الا بوعي مجتمعي وفردي قادر على فهم وتحليل تاريخ ما مضى واستقبال ما سوف يأتي والاستفادة من تجارب الدول الاخرى وتجربة بلادنا الحبيبة في ظل حكام همهم الاول صحة المواطن والمقيم.
ضبط السلوكيات
وقالت الاخصائية الاجتماعية لطيفة العماري ان الاسرة تعتبر أهم المؤسسات التربوية التي يمر بها افراد المجتمع فهي وحدة تشكيل هوية الفرد وضبط سلوكياته منذ الطفولة وتلعب دوراً مهما في التوازن والاستقرار لديه فلا بد أن تحتوي اسهاماتها على بعض الركائز الاساسية في وقتنا الحاضر لتفعيل ونشر الوعي الصحي لتقليل خطورة فيروس كورونا المستجد وخلق بيئة توعوية ودرع واقي من الاختراق لأي فيروسات مستحدثة بعد ذلك عبر العصور والازمنة ومن اهم اسهاماتها مايلي:
لابد من اتباع طرق مختلفة لتعليم متقن وجاذب وفعال بينهم لممارسة سلوك سوي وخلق بيئة ممتعه لنشر اي ثقافة جديدة بينهم والاخذ بها وتطبيقها.
تنمية وبناء بيئة توعوية وموجهة لجميع أفراد الأسرة من قبل الوالدين والبدء في نشر الثقافة الصحية بشكل مكثف بينهم حول فيروس كورونا المستجد سواءً معرفياً او وجدانياً او سلوكياً.
واستطردت بقولها: يأتي دور الجامعات والمدارس حيث يكون توجيهيا بحتا بمختلف مراحلها التعليمية فلابد من مشاركتها الفعالة مع كل جائحة واتباع منهج او تدريس طرق الوقاية من الامراض المستحدثة عبر العصور ونشر الثقافة الصحية لجميع التخصصات ولا تقتصر فقط على التخصصات الطبية لكي يتم نشر الوعي وتفعيله لجميع افراد المجتمع.
من جهته دعا أمين عام اتحاد المستشفيات العربية وأستاذ طب الأسرة والمجتمع البروفيسور توفيق بن أحمد خوجة، أفراد المجتمع بأن يكونوا في مستوى المسؤولية ويدركوا أن وباء كورونا ما زال خطيراً، وأنه لا يزال موجوداً ويشكل تحديّاً كبيراً رغم التوصل إلى التطعيمات، مبيناً أن الأمر ما زال مرتهناً على الوعي المجتمعي ومسألة وقت حتى تصبح هناك مناعة مجتمعية بعد تلقي الجميع اللقاح الوقائي.
ولفت إلى أن التزام الفرد بالإجراءات الاحترازية والاشتراطات الصحية واجب عليه لحماية نفسه وحماية المحيطين به في بيت الأسرة وبيئة العمل وفي المجتمع ككل، وخصوصاً أننا نعيش أياماً روحانية بحلول الشهر الفضيل.
وأكد البروفيسور خوجة أن الدولة -أعزها الله- بذلت الكثير، ووزارة الصحة تبذل جهوداً كبيرة إذ وضعت إجراءات وحددت الدور المطلوب من المواطن والمقيم، وبالتالي يجب على المواطن والمقيم القيام بواجبهما ليتكامل دورهما مع دور الدولة لما فيه مصلحتهما.
ارتداء الكمامة
وفي سياق متصل دعا استشاري الطب النفسي الدكتور محمد الحامد، أفراد المجتمع بالتفاعل تجاوباً مع قرار إعادة الإلزام بارتداء الكمامة وتطبيق إجراءات التباعد في جميع الأماكن “المغلقة والمفتوحة” والأنشطة والفعاليات، وعدم التساهل بالتدابير الاحترازية التي اتخذتها الدولة لمواجهة فيروس كورونا المستجد ومتحوره “أوميكرون”.
وقال الدكتور الحامد: إن قرار الإلزام بارتداء الكمامة وتطبيق إجراءات التباعد في جميع الأماكن “المغلقة والمفتوحة” والأنشطة والفعاليات يجب أن يعامل من قبل أفراد المجتمع بروح الانتماء والمواطنة في سبيل أن تكتمل كل الجهود المنصبة لتطويق ومحاصرة فيروس كوفيد- 19؛ إذ إن الجهود التي بذلتها السعودية لمواجهة الجائحة على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي لا ينكرها إلا جاحد، فما زال دور المواطن والمقيم كبيراً إلى الآن للتعامل مع هذا الحدث الاستثنائي، وخصوصاً أن تحديات المرض ما زالت إلى الآن قائمة؛ مما يضاعف من المسؤولية الملقاة على عاتق كل فرد في المجتمع.
وأكد الحامد أن تفهم المجتمع بتحديات المرحلة كان له أبلغ الأثر في التخفيف من الآثار المترتبة على هذه الجائحة؛ فالتزامه بكل توجيهات الدولة تجسيد على وعيه ودوره في التصدي لهذا الوباء العالمي الذي لم تتوقف آثاره على دولة محددة، بل شمل جغرافية العالم وفي كل المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والنفسية، ولكن بتعاونه وتفهمه لتحديات المرحلة أسهم في انعكاسات نتائج إيجابية ولله الحمد، فكل ما هو المرجو المزيد من التعاون والتقيد بالوعي والمسؤولية الاجتماعية.
ركيزة الحياة
فيما قال الأخصائي النفسي منصور آل مزهر المدير السابق لمستشفى الصحة النفسية بابها أن المجتمع هو الركيزة للحياة العامة وعليه اولاً اتباع التعليمات التى تصدر من الجهات المختصة مثل وزارة الداخلية والصحة والتعليم والبلديات، فإذا نفذت بوعي وادراك سوف نتجنب هذه الجائحة والحد منها كما كنا في السابق حيث كانت السعودية مضرب مثل في اخذ الإجراءات الاحترازية ووسائل التواصل الاجتماعي مهم جداً استخدامها في الوعي وتناقل الرسائل الإرشادية والتوعوية ولكن ليس لبث الرعب في المجتمع حتى نأخذ الحذر وتبقى الحياة اليومية مستمرة.
إذاعة مدرسية
يحيى مشافي المرشد الطلابي بالمدارس النموذجية بأبها. قال ادارة المدرسة والمعلمون وحتى اولياء الأمور للجميع دور في توجيه الأبناء والبنات نحن نستفيد من الإذاعة المدرسية ومن وسائط التواصل الاجتماعي والملصقات حتى نجعل من الطالب مرشدا لأسرته ونحن ولله الحمد حققنا نجاحا كبيرا خاصة بعد الدراسة الحضورية وحتى عندما كنا عن بعد لم نتوقف في التواصل مع الأسرة.
نجاح التوعية
ويقول الأخصائي الاجتماعي في جمعية مساعدة المرضى بعسير تركي السرحاني. المجتمع اذا ادرك دوره بأنه رجل الخط الأول فقد نجحت الجهات المختصة في تنفيذ برامجها التوعوية فمثلاً التطعيمات عندما يتفاعل المجتمع ويدرك أن التطعيمات في سلامة الفرد والمجتمع وأنه يحمي نفسه والآخرين فالاب والام قدوة والمعلم والمعلمة في التعليم العام والحامعي مؤثرين بالوعي الناضج وتحربة حكومتنا الرشيدة فائقة الوصف في اخذ الأحترازات اللازمة وتفاعل الدور المجتمعي فإذا صرنا بنفس الاتحاه خففنا بحول الله من هذه الجائحة.
فيما أكد الدكتور مفلح آل زابن متحدث جامعة الملك خالد فقال: لم تتوقف الجامعة من بداية الجائحة حتى حينه في بث برامج التوعيه داخل وخارج الجامعة ومحاضرات حضورية وعن بعد وداخل الكليات والعمادات والفروع والاستفادة من المختصين في الطب البشرى والنفسي والأجتماعي في محاضرات او رسائل. وانشأت قروبات لهذا الغرض وكانت الجامعة مشاركة في غرفة العمليات التى انشئت سابقا في إمارة عسير واستعداداتنا قائمة ومستمرة.