من معرفة ما يجب القيام به حيال هذه المواقف، أو قد يدفعنا لما هو أسوأ، وهو التسرع والتصرف بشكل خاطئ.
دفعت هذه الحقائق أطباء من مستشفى الأطفال الجامعي "نينيو خيسوس" في مدريد، أحد أعرق المراكز المتخصصة في أمراض الأطفال بإسبانيا، إلى إعداد "دليل إرشادات عملي للإسعافات الأولية للآباء".
وقال طبيب الأطفال خوان كاسادو، المشارك في إعداد دليل الإرشادات مع الطبيبة راكيل خيمينيز، في مقابلة مع (إفي) إن فكرة هذا العمل "نشأت بهدف تأهيل الآباء والمربين والمعلمين وجميع من يحتكون بالأطفال، نظرا لأننا رصدنا نقصا في المعرفة حول ما يجب القيام به في أوضاع الخطر".
ويحتوي دليل الإرشادات على رسومات توضيحية ومقاطع فيديو ورسائل مصورة تشرح، خطوة بخطوة، كيفية التعامل مع بعض المواقف المقلقة بالنسبة للآباء، سواء لتكرارها أو لخطورتها.
ويمكن تحميل هذا الدليل بالمجان عبر الموقع الإلكتروني للمستشفى: www.madrid.org/hospitalninojesus.
إصابات الأطفال الأكثر شيوعا:
عند وقوع حادث أو الإصابة بمرض مفاجئ يكون من الضروري معرفة أساليب القيام بالإسعافات الأولية والحفاظ على الهدوء، والأهم التصرف بشكل سريع. ويقول كاسادو في هذا الصدد إن "معرفة ما ينبغي عمله للتعامل مع الأعراض الأولى يتوقف عليه بشكل كبير تطور حالة الطفل وقد ينقذ حياته".
1-الحمى والسعال والقيء والإسهال
تعد هذه الأسباب الأكثر شيوعا لاستشارات الأطفال في مراكز الطوارئ والعناية الأولية. ورغم أن هذه الإصابات عادة ما تقلق الآباء كثيرا، فإنها مبدئيا "أعراض تنحسر في المعتاد بشكل تلقائي"، بحسب المتخصص.
في حالة الحمى على سبيل المثال، يكون شغل الآباء الشاغل هو خفض درجة حرارة الطفل، ويبين الطبيب أن "الحمى ليست خطيرة، ومن النادر أن تصل إلى درجة التسبب في الإضرار بالمخ، ولكن يجب أن نأخذ الطفل إلى الطبيب إذا استمرت الأعراض أو تفاقمت، لا سيما لدى الصغار دون الثالثة من العمر".
2-التشنجات والإغماءات
أعراض تثير فزع الآباء كثيرا، ولكن يجب التحلي بالهدوء للتعامل معها، فالإغماءات والتشنجات الناتجة عن الحمى تكون شائعة في الأعوام الأولى من عمر الطفل، وليست دائما على درجة من الأهمية أو الخطورة، كما يوضح كاسادو.
ونطلق على ذلك "وضعا طارئا" إذا لم يتوقف التشنج بشكل تلقائي أو تخطى زمنه الدقيقتين، أو حين يحتاج الطفل إلى أكثر من دقيقة لاستعادة الوعي ويشعر بآلام في الصدر أو صعوبات في التنفس في حالة الإغماء.
3-التسمم
إذا ابتلع الطفل أو استنشق مادة سامة (أدوية أو منظفات ومبيضات على سبيل المثال)، "ما لا يجب القيام به أبدا هو محاولة دفعه للتقيؤ"، كما يحذر الطبيب. فقط علينا أن نسحب المادة إذا كانت صلبة، وفي كل الأحوال يجب الاتصال بالطوارئ أو التوجه إلى مركز للحالات الطارئة والاتصال بمركز للسموم.
4-الحروق
التعامل بسهو مع المكواة الساخنة أو الموقد أو لمس مادة مبيضة أو تعريض الطفل للشمس دون حماية يمكن أن يسبب الحروق. علينا أن نبرد المنطقة المصابة بالماء لمدة تتراوح بين 15-20 دقيقة (لا ينبغي استخدام الثلج بشكل مباشر)، ومن المهم عدم فتح التنقيطات (تجمع سائل كالبثرة في جيب تحت الطبقة العلوية للجلد) إن وجدت.
5-الرضوض والكدمات
السقوط الناجم عن اللعب والركض والقفز والمشاجرات شائع جدا لدى الأطفال ويشكل جزاء من عملية تعلمهم. ويعد الرأس والأطراف والفم والأسنان والصدر والمعدة من المناطق الأكثر تعرضا للارتطام والصدمات والإصابات التي تحدث نتيجة ذلك.
ورغم أن أغلب الأضرار عادة ما تكون طفيفة، فقد تحدث حالات أكثر خطورة. ومن ثم علينا التعامل باهتمام خاص مع الصدمات الدماغية الرضية لأنها يمكن أن تؤدي إلى إصابات مخية حادة.
ومن بين الإجراءات الوقائية التي تساعدنا على تجنب الرضوض نجد على سبيل المثال الحماية عند التعامل مع السلالم ذات الأسيجة والبوابات، وارتداء الخوذة قبل قيادة الدراجة أو ممارسة الرياضات الخطرة.
6-الاختناق.
الخطوة الأولى ستكون تشجيع الطفل على السعال. إذا كان الانسداد خطيرا، فعلينا الاتصال بالطوارئ على الفور، وحالما تصل المساعدة من الطاقم الصحي، يمكن أن نقوم ببعض المناورات للحد من الاختناق في مجرى الهواء، مثل "مناورة هيمليخ" أو الضغط على البطن، مع الأخذ في الاعتبار إذا ما كان الطفل عمره أقل من عام (لأن هذه التقنية تتغير بشكل طفيف وقتها).
وفيما يتعلق بالاختناق بالماء أو الغرق، فإن المسابح والشواطئ تمثل خطورة كبيرة بالنسبة للأطفال. وفي الواقع تحذر منظمة الصحة العالمية من أن حالات وفاة الأطفال بسبب الغرق تمثل مشكلة صحية خطيرة، نظرا لأن أكثر من 450 طفلا يغرقون يوميا، علاوة على آلاف غيرهم يصابون بإعاقات مدى الحياة في حالات الغرق التي لا تؤدي للوفاة.
وللتعامل مع هذه المواقف، لابد من معرفة كيفية القيام بمناورات إنعاش القلب والرئتين عبر التنفس الاصطناعي وضغطات الصدر (تدليك الصدر).
7-الجروح (الجروح القطعية والخدوش)
الأولوية في هذه الحالة تعطى لوقف النزيف عبر الضغط بشكل مباشر على الجروح بواسطة الشاش أو قطعة قماش نظيفة (قبل القيام بذلك نغسل الأيدي جيدا تجنبا لخطر العدوى).
إذا لم يتوقف النزيف وتشبع الشاش بالدم، نضع قطعة شاش أخرى فوق السابقة (لا نزيلها أبدا) ونواصل الضغط. إن لم يتوقف نزول الدم أو كان الجرح كبيرا أو غائرا أو تظهر عليه بوادر عدوى، فعلينا حينها التوجه للطبيب.
8-البقع والطفح الجلدي
لنتحقق من أن ذلك غير مرتبط بعدوى خطيرة أو اضطرابات أخرى عبر شد الجلد أو وضع كوب شفاف على البقع أو الطفح الجلدي. في حالة عدم اختفائها علينا التوجه على الفور إلى خدمات الطوارئ، كما ينصح كاسادو.
9-رد فعل تحسسي
يمكن أن ينتج عن أغذية أو أدوية أو لدغات الحشرات وحبوب اللقاح ومواد أخرى. إذا كان رد الفعل طفيف فسيكفي تناول أحد مضادات الهيستامين عبر الفم.
وفي حالة صدمة الحساسية أو رد الفعل التحسسي الحاد، فإننا يجب أن نطلب المساعدة بشكل عاجل. إذا كان لدينا حاقن أدرينالين ذاتي ينبغي استخدامه في هذه الحالة.
10-اللدغات (النحل، الدبابير، قناديل البحر)
بشكل عام، ينصحنا المتخصص بتنظيف الجرح بالماء والصابون ووضع ماء أو ثلج، مع تجنب استخدام علاجات منزلية أو معجون الأسنان.
في حالة قناديل البحر، علينا التخلص من آثار مجساتها بمنشفة ثم نقوم بشطف المكان المصاب بماء البحر، وليس بالماء العذب أبدا.
وعقب ذلك نراقب الطفل لنتحقق من احتمالية إصابته بأعراض رد فعل تحسسي حاد، وإن حدث ذلك، فعلينا أخذه فورا إلى مركز طبي.
أهمية الوقاية
يؤكد كاسادو أنه على الرغم من أن معظم الحوادث تقع بالمصادفة، فإن الآباء لا ينبغي أن يغفلوا عن القيام بالإجراءات الوقائية، كإلباس الأطفال الخوذة لدى قيادة الدراجات وإبعاد الأدوية والمواد السامة عنهم.
وتنصح منظمة الصحة العالمية بتعديل المفهوم الخاطئ، الذي يجعل الآباء يتعاملون مع الحوادث كأمر حتمي لا يمكن تجنبه، ليدركوا أنها أمر يمكن التأثير عليه، وعلى وجه الخصوص، يمكن الوقاية منه.