إدمان الكحول والمواد المخدرة إذا ما قُورنت بالبيوت التي لا تعاني من هذه المشاكل.
ما هو تعنيف الأطفال؟
تعنيف الأطفال منتشر بشكل أوسع مما يمكن أن نتوقع، وهو يحدث في كل الثقافات والأعراق والطبقات الاجتماعية. تعنيف الأطفال بأنواعه (الجسدي والجنسي والعاطفي/اللفظي)، وكذلك الإهمال، قد يتسبب بأذىً دائم لدى الطفل، والوفاة في بعض الحالات.
يشمل التعنيف الجسدي الإيذاء المتعمد كالضرب، واللجوء لوسائل عنيفة أخرى كالحرق أو كسر العظام، مثلاً، أما التعنيف اللفظي، فهو يشمل، على سبيل المثال، التقليل من شعور الطفل بقيمته، أو تهديده بالعنف البدني أو الجنسي. جميع هذه الوسائل بإمكانها ترك ضرر نفسي وعاطفي دائم على الطفل.
التعنيف الجنسي للأطفال هو تعريض الطفل المتعمد لنشاطاتٍ جنسية لا يفهمها ولا يمكنه الموافقة عليها، لذلك، فإن هذا يشمل إجباره أو إقناعه بممارسة نشاطٍ جنسي ما. تشمل النشاطات الجنسية هذه بعض الممارسات مثل لمس الطفل بشكل غير لائق، إظهار الأعضاء التناسلية أمام الطفل، المداعبة الجنسية، الجنس الفموي والمهبلي والشرجي، إضافة إلى التلصص على الطفل (أثناء الاستحمام مثلاً)، أو تعريضه إلى الأفلام الإباحية، أو حتى إجباره على الزواج في عمر مبكر.
إهمال الأطفال يحدث عندما لا يوفر الأهل مستلزمات الحياة الضرورية لهم، سواءً بشكل متعمد أو كنتيجة عن التهور. ويشمل ذلك الإهمال الجسدي، كعدم توفير أو حجب الطعام أو الملبس أو المسكن أو أي ضرورات حياتية أخرى، كما يشمل الإهمال العاطفي، كحجب أي تعبيرٍ عن الحب أو الاهتمام.
نوع آخر من الإهمال يشمل الإهمال الطبي، وهو حجب العناية الطبية عن الطفل، خاصة عندما يكون بأمس الحاجة لها.
عندما يتعلق الأمر بالدين والعناية الطبية بالأطفال، فإنه قد أصبح هناك موضع خلاف في بعض الولايات الأمريكية، ذلك أن بعضها يسمح بمنع نوع معين من العناية الطبية إذا ما كان هناك مانع ديني لدى الديانة التي يتبعها أهل ذلك الطفل. (كشهود يهوه الذين يحرّمون نقل الدم أو التبرع به)، كما أن هناك طقوساً دينية واجتماعية في دول أخرى يمكن اعتبارها نوعاً من أنواع تعنيف الأطفال.
علامات التعنيف عند الأطفال
ليس من السهل دائماً معرفة إذا ما كان الطفل يتعرض للتعنيف أم لا، في معظم الأحوال، فإن الطفل المعنف يخاف من تقديم شكوى أو الإبلاغ عما يحصل له خوفاً من أن يتم لومه أو ألا يصدقه أحد، وفي بعض الأحيان، قد يرغب الطفل في حماية معنفه بسبب حبه له.
في أغلب الأوقات، فإن أهل الطفل المعنف غير قادرين على التعرف على علامات التعنيف عليه، ذلك أنهم ربما يكونون غير قادرين على مواجهة هذه الحقيقة.
إذا كان لديك شك في أن طفلاً ما قد تعرض إلى التعنيف الجنسي، فإنه من الضروري أن يتم فحصه بالسرعة القصوى من قِبل أخصائي في مجال الرعاية الصحية، ذلك أنه يكون بحاجة ماسة إلى دعم وعلاج خاصين ومكثفين، لذلك، فإنه لا يجوز تأجيل فحص الطفل من قِبل الطبيب لأي سبب كان، حيث أن الكثير من الجروح والرضوض الناتجة عن الاعتداءات الجنسية مؤقتة.
من الأفضل أن يتم فحص الطفل خلال إثنين وسبعين ساعة من حدوث الاعتداء أو اكتشافه. عند الفحص، فإنه يجب على الطبيب إجراء فحص جسدي متكامل للكشف عن أي علامات تدل على اعتداءات جنسية أو جسدية.
في بعض الأحيان، فإن هذين النوعين يكونان مترافقين معاً، وبطبيعة الحال، فإنه كلما استمر تعنيف الطفل أكثر، فإن إمكانية الشفاء لدى الطفل تقل.
يجب على الأهل ملاحظة أي تغييرات غير معتادة في جسد الطفل أو تصرفاته، وفي حال الشك في أن الطفل قد تم تعنيفه، يجب التوجه إلى السلطات المختصة لإجراء فحصٍ رسمي لهذا الطفل.
بعض العلامات التحذيرية التي يمكن ملاحظتها على الطفل المعنف تشمل ما يلي:
– علامات التعنيف البدني: أي جروحٍ، أو رضوضٍ، أو حروقٍ، أو كسورٍ خاصةً في منطقة الرأس أو البطن، وبالأخص تلك التي لا يمكن تفسيرها.
– علامات التعنيف الجنسي: سلوك ينم عن الخوف (تكرار حصول الكوابيس، علامات الاكتئاب، محاولات للهرب من المنزل)، آلامٌ في البطن، التبول اللاإرادي، التهابات المسالك البولية، آلامٌ أو نزيف في الأعضاء التناسلية، علاماتٌ لمرض متناقل جنسياً و/أو سلوك جنسيٌ غير معتادٍ أو مناسب لعمر ذلك الطفل.
– علامات التعنيف العاطفي: التغيير المفاجئ في ثقة الطفل بنفسه، آلامٌ في الرأس أو البطن بلا سببٍ طبي واضح، مخاوف غريبة وغير معتادة، أو محاولاتٌ للهرب.
– علامات الإهمال العاطفي: عدم زيادة الوزن لدى الطفل (خاصةً إذا ما كان رضيعاً)، محاولات بائسة لكسب ود الآخرين، الشراهة وسرقة الطعام
الأسباب التي قد تؤدي إلى تعنيف الأطفال
يساهم خليطٌ من العوامل الشخصية، والاجتماعية، وعلاقات الطفل مع من حوله في زيادة خطر التعرض للتعنيف، وعلى الرغم من أن الأطفال ليسوا مسؤولين عن الأذى الذي يتعرضون له، إلا أن هناك بعض الصفات التي وُجد أنها تزيد احتمالية تعرضهم للتعنيف.
الجدير بالذكر أن عوامل الخطر هذه ليست أسباباً مباشرة، وإنما عوامل مساهمة في حدوث التعنيف.
من الأمثلة على عوامل الخطر:
وجود إعاقاتٍ ذهنية أو جسدية لدى الطفل، مما قد يزيد من الأعباء على كاهل الأهل.
العائلات المعزولة اجتماعياً.
غياب فهم الأهل لاحتياجات الطفل وتطوره الجسمي والعقلي.
وجود تاريخ سابق من العنف المنزلي لدى عائلات الأهل أنفسهم.
الفقر والبطالة.
التفكك الأسري ووجود العنف ضد فرد آخر من أفراد العائلة، وخاصة الشريك (الزوج أو الزوجة).
تعاطي المواد المخدرة في العائلة.
صغر عمر الآباء أو الأمهات، خاصة بغياب أحد الأبوين.
سوء العلاقة بين الطفل وأهله.
وجود نمط سلبي من التفكير لدى الأهل من الأساس، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع الأطفال.
وجود ضغوطاتٍ نفسيةٍ شديدة، أو اضطرابات نفسية كالاكتئاب عند الأهل.
العيش في مجتمع معروف بانتشار العنف فيه.
بطبيعة الحال، فإن كل هذه العوامل لا تبرر بأي حالٍ من الأحوال اللجوء إلى تعنيف الأطفال أو إساءة معاملتهم، إلا أنها مجرد عوامل قد تم ملاحظة وجودها لدى الكثير من الأطفال المعنفين.
العلاج:
إذا ما شككت بأن طفلك، أو طفلاً ما تعرفه، قد تعرّض للتعنيف أو سوء المعاملة، فيجب عليك الاتصال فوراً بطبيب مختص في طب الأطفال، أو بأي هيئة مختصة في حماية الأطفال.
قانونياً، فإن الأطباء ملزمون بالتبليغ عن أي حالةٍ مشتبهةٍ من تعنيف الأطفال أو إهمالهم إلى السلطات المختصة، وقد يقوم الطبيب كذلك بنصحك بمراجعة معالج سلوكي، وبتزويد السلطات المختصة بالمعلومات اللازمة لإجراء تحقيق في الحادثة.
في بعض الأحيان، فإن الأطباء قد يشهدون في المحكمة للحصول على الحماية القانونية للطفل، أو للمساعدة في وضع الأشخاص المتهمين في إساءة معاملة الأطفال وراء القضبان، ومهما كانت طبيعة التعنيف، فإنه من الضروري بمكان أن يتم اتخاذ خطوات سريعةٍ للتبليغ عن ذلك التعنيف، والحصول على المساعدة، كما أن التأخر في التبليغ عن هذه الجريمة يقلل فرص الطفل في الحصول على الشفاء التام.
إذا ما تعرض الطفل للتعنيف، فإنه سيستفيد من الخدمات التي سيقدمها له شخص مختص في مجال الصحة النفسية، وقد يُنصح الأهل أنفسهم أن يسعوا للحصول على الاستشارة النفسية، ليكونوا أكثر قدرة على توفير الدعم والراحة اللازمين للطفل، أما إذا كان أحد أفراد الأسرة مسؤولاً عن التعنيف، فإن أخصائي الصحة النفسية قد يكون قادراً على علاجه نفسياً.
في بعض الأحيان، قد تكون أنت الوحيد القادر على إنقاذ طفلك أو طفل آخر من براثن التعنيف، لذلك لا يجب أن تتأخر في التبليغ عن التعنيف أو أن تنكر وجود مشكلة، لأن ذلك يزيد من الأمور سوءاً، ويقلل احتمالية شفاء الطفل.
في جميع الأحوال، فإن سلامة الطفل الجسدية والنفسية هي الأولوية الأولى، لذلك، يجب الحرص على وجود الطفل في بيئة آمنة، خالية من أي احتمالية لاستمرار العنف ضده بكل أشكاله.
في معظم الأحيان، فإن الطفل المعنف أو المهمَل يعاني من الأذى العاطفي والنفسي أكثر من الأذى الجسدي، وقد يصبح الطفل الذي تعرض للتعنيف أو سوء المعاملة مكتئباً أو يعاني من الأفكار الانتحارية، أو قد يصبح منعزلاً اجتماعياً أو عنيفاً.
إذا ما كان الطفل كبيراً (أي قريباً إلى سن المراهقة) فإنه قد يلجأ إلى استهلاك المخدرات أو الكحول، أو قد يحاول الهرب، وقد يقوم هو بنفسه بتعنيف الآخرين، كلما كان الطفل أصغر، وكلما كانت علاقته أقوى مع معنفه، فإن الأذى النفسي الناتج عن التعنيف يكون أعمق أثراً. كأشخاص بالغين، فإن الأشخاص الذين تعرضوا للتعنيف في طفولتهم قد يعانون من مشاكل جنسية وزوجية، ومن الاكتئاب المرضي أو حتى من الأفكار الانتحارية، يمكن تجنب كل هذه الآثار إذا ما حصل الشخص على تدخل مبكر والعلاج المناسب.