تاريخ النشر 22 ابريل 2021     بواسطة الدكتورة خديجة محمد شاه كاشغري     المشاهدات 1

التهاب القصيبات الهوائية الحاد عند الأطفال

يعد التهاب القصيبات الهوائية الحاد (Acute Bronchiolitis) من أكثر الأمراض المعدية التي تصيب الأطفال، حيث تشكل نسبته 30-50 ٪ من حالات دخول المستشفيات في موسم المرض، وهو التهاب رئوي شائع الحدوث وغالباً ما يصيب حديثي الولادة والرضع الأصغر من ستة أشهر والأطفال دون عمر السنتين. تحدث الإصابة بالتهاب
القصيبات الهوائية في فصل الشتاء، وغالباً ما تبدأ الإصابة بأعراض تشبه أعراض الرشح، لكنها تتطور لاحقاً إلى سعال وصفير رئوي، وعادة ما تستمر هذه الأعراض لمدة أسبوع أو أسبوعين ثم تتلاشى وذلك عند إصابة الأطفال الرضع الأصحاء، أما في حالات خاصة عندما تكون الإصابة أكثر شدة فقد يحتاج الطفل إلى دخول المستشفى للعلاج.

أسباب التهاب القصيبات الهوائية
يحدث التهاب الشعب الهوائية عادة جراء عدوى فيروسية، حيث تسبب التهاباً وتهيجاً في جدران القصيبات الهوائية وتضيقها، ما يؤدي إلى تجمع المخاط واحتباسه فيها، مما يصعب دخول الهواء وخروجه عبر الرئتين عند المريض.
يعد فيروس (RSV) المسبب الرئيسي للمرض يليه (Parainfluenza Virus) و( Adenovirus ) أما باقي الحالات فتسببها الأنواع الأخرى من الفيروسات المسببة للأنفلونزا أو الرشح.
معظم الأطفال يصابون بالتهاب القصيبات بعد إصابتهم بالتهاب في الجهاز التنفسي العلوي، مثل نزلة البرد أو الانفلونزا. وفي حالات نادرة قد يكون المسبب عدوى جرثومية وهي بكتيريا الـ(Mycoplasma Pneumonia) .

الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالمرض
1 -الأطفال الذين لم يتجاوزوا من العمر ستة أشهر، ويعتبر أهم عوامل الخطورة في الإصابة بالتهاب القصيبات، وذلك لعدم وصول الرئتين وجهاز المناعة إلى مرحلة النضوج والاكتمال الوظيفي بعد.
2 – الأطفال الذين لم يعتمدوا على الرضاعة الطبيعية في تغذيتهم: وذلك لأن الرضاعة الطبيعية تسهم في تعزيز 
المناعة لدى الطفل في الوقاية من الأمراض المعدية.
3 – الولادة قبل أوانها (الخداج).
4 – وجود أمراض في الجهاز التنفسي أو أمراض القلب.
5 – تثبيط الجهاز المناعي في الجسم.
6 – الاختلاط مع عدد كبير من الأطفال الذين قد يكونوا مصابين أيضاً، خاصة في الحضانات.

أعراض المرض
عادة تكون الأعراض والعلامات أخف وطأة عند الأطفال الأكبر سناً، وذلك يعود إلى أن محور القصيبات الهوائية عند الرضع أضيق بكثير منها عند الأطفال الأكبر سناً، وبالتالي فهي أكثر قابلية للانسداد مما يؤدي إلى صعوبة أكبر في التنفس.
قد تشبه الأعراض التي تحدث في التهاب القصيبات في الأيام الأولى من الإصابة أعراض الرشح، ومنها:
 1 – السعال: أكثر الأعراض شيوعاً والذي يكون جافاً في البداية، وبعد بضعة أيام يصبح مصحوباً ببلغم، وسيلان الأنف أو انسداده.
 2 – ارتفاع درجة الحرارة.
 3 – صوت أزيز أو صفير: حيث يصبح التنفس أكثر صعوبة ويصدر صوتاً أثناء الزفير.
 4 – تسارع أو صعوبة في التنفس.
 5 – تسارع في نبضات القلب.

التشخيص
يقوم الطبيب المعالج بالاستفسار عن الأعراض التي يعاني منها المريض ثم إجراء فحص عام له، وقد يتطلب المزيد من الفحوصات والتحاليل التي تسهم في تشخيص الحالة مثل:
1 – استخدام جهاز: Pulse Oximeter لقياس نسبة الأكسجين في الدم.
2 – صورة الأشعة Chest X-ray:عندما يكون هناك شك بالتشخيص الصحيح، يطلب الطبيب صورة للصدر وذلك للبحث عن أية علامات للإصابة بذات الرئة، وأيضاً للكشف عن انتفاخ الرئة أو وجود هواء داخلها.
3 – فحص عينة من المخاط: يقوم الطبيب بأخذ عينة من المخاط للطفل وذلك باستخدام ماسحة أنفية أو بلعومية للتحري عن وجود الفيروسات التي قد تكون سبباً في التهاب القصيبات من خلال فحص البلمرة المتسلسل وفحص البحث عن الأجسام المضادة.
4 – قياس مستوى الغازات في الدم: يبين فحص الدم مستوى الأكسجين الذي قد ينخفض بسبب الإصابة.
تأتي أهمية هذه الاختبارات من ضرورة الأكسجين لاستمرار عمل الجسم والأعضاء وخاصة الدماغ، كما يسأل الطبيب عن علامات الجفاف وخاصة إذا كان الطفل يرفض الشراب أو الطعام، أو إن كان يعاني من الاستفراغ بشكل متكرر، وتتضمن علامات الجفاف غور العينين وجفاف الفم والبشرة، خمول الطفل، إضافة إلى نقصان أو انعدام البول.

الحالات التي تستدعي دخول المستشفى
1 – علامات صعوبة التنفس عند الطفل من زرقة وسرعة التنفس أو استعمال العضلات المساعدة في التنفس.
2 – الاستفراغ المتكرر أو قلة الرضاعة.
3 – الأطفال الرضع أقل من ثلاثة شهور بعلامات التهاب الشعيبات الهوائية.
4 – بُعد مكان السكن عن المستشفى.

العلاج
يقسم العلاج إلى قسمين رئيسيين مساعد ومتخصص؛ ويتضمن العلاج المساعد ما يلي:
1 – الأكسجين
2 – تزويد المريض بالسوائل عن طريق المحاليل الوريدية
3 – غسول الأنف وتنظيفه
4 – استخدام موسعات القصبات الهوائية.
ومن الجدير بالذكر أن لا فائدة من استخدام المضادات الحيوية لعلاج الإصابة بالتهاب القصيبات؛ لأن السبب غالباً ما يكون عبارة عن إصابة فيروسية، ولا يوجد استطباب لاستخدام المضادات الحيوية، إلا إذا كان الالتهاب مترافقاً مع إصابة بذات الرئة الجرثومية. ولا مكان لاستخدام مشتقات الكورتيزون إلا إذا وُجد في العائلة تاريخ مرضي للربو القصبي أو الحمى القشية.

العلاج المتخصص
يُعطى فقط للأطفال المصابين بأمراض مزمنة مثل أمراض القلب الخَلقية، الربو القصبي، التليف الكيسي، أطفال الخداج، الأطفال المولودون بوزن قليل. في مثل هذه الحالات يصف الطبيب المضادات الفيروسية المتوفرة في الأردن، مثل Ribavirin والذي يعطى عن طريق التبخيرة، على الرغم من أن هذا العلاج غالي الثمن ويتطلب أدوات خاصة وخبير خاص لإعطائه.
الوقاية
من المهم الانتباه إلى أن التهاب القصيبات الهوائية هو مرض معدي، فقد يلتقط الإنسان الإصابة بمجرد التعرض للرذاذ الذي يحمل الفيروس والذي يطلقه المريض عندما يتكلم أو يعطس أو يسعل، كما قد تحدث العدوى بالتماس المباشر مع الأدوات الشخصية للمريض مثل المناشف والألعاب والأسطح؛ وذلك عبر اليدين عندما تلامس فيما بعد العينين أو الأنف أو الفم.

قد يصاب الطفل بالتهاب القصيبات بعد أن يتلقى عدوى من أحد البالغين المصابين بالرشح، ولذلك من المفيد الانتباه إلى بعض الأمور للوقاية والحد من انتشار المرض:
1 – نظافة اليدين.
2 – ارتداء الكمامة قبل التعامل مع الطفل وملامسته لمنع انتشار العدوى.
3 – إبقاء الطفل المصاب بالتهاب القصيبات في المنزل واستبعاده من الحضانة حتى يتم الشفاء وذلك لتجنب نقل العدوى إلى الأطفال الآخرين.
4 – الحفاظ على أسطح التماس في المنزل والمطبخ والحضانة نظيفة ومعقمة.
5 – عدم مشاركة الأدوات الشخصية وخاصة كؤوس الشرب.
6 – استخدام المحاليل المعقمة لليدين أو المناديل المعقمة: وذلك تحسباً لالتقاط أي عدوى فيروسية خارج المنزل.

المطاعيم
لا يوجد مطعوم للوقاية من الإصابة بالتهاب القصيبات الهوائية، إلا أنه يوجد علاج دوائي جديد يسمى بالباليفيزوماب (Palivizumab) والذي يساعد في تقليل خطر الإصابة بالالتهابات المسببة لفيروس الـRSV عند حديثي الولادة الذين لديهم خطر كبير للإصابة بالأمراض الشديدة، إضافة إلى تقليل الحاجة إلى دخول المستشفيات وتحديد شدة المرض، وهو يعطى على شكل حقنة عضلية مرة واحدة في الشهر خلال موسم الإصابة بالمرض (من تشرين الثاني إلى آذار).
أما الحالات التي يمكن استخدام علاج Palivizumab فيها للحد من الالتهابات فيما بعد فهي:
1 – الأطفال المصابون بأمراض القلب الخَلقية.
2 – الولادة المبكرة.
3 – الأطفال المثبطون مناعياً.
4 -الأطفال المصابون بأمراض مزمنة في الجهاز التنفسي.

لا يتداخل هذا اللقاح مع اللقاحات الأخرى التي يأخذها الطفل عادة، ولكن الكلفة العالية لهذا اللقاح تحدد انتشار استخدامه ليقتصر فقط على الحالات المذكورة سابقاً، وهو علاج متوفر في الأردن. الالتزام بالنصائح المذكورة سابقاً يخفف من عدد الإصابات وعدد الدخولات، كما يخفف من تكاليف دخول المستشفيات على المؤسسات الصحية والحكومية، وننصح الأمهات بضرورة المتابعة مع الطبيب أو الصيدلاني للحصول على أفضل رعاية صحية لأطفالهن.


أخبار مرتبطة