ينها هي إصابة الغدد الدريقية (Parathyroid glands) خلال عمليات جراحية معقدة في الرقبة. كما إن هنالك أسبابا أخرى لقصور الدريقات، تشمل: خلل خلقي نادر في تطور الغدد الدريقية (عادة، مع خلل في جهاز المناعة الخلوي: متلازمة دي جورج - DiGeorge syndrome), إصابة جسدية بالغدد وضرر بسبب هجوم مناعيّ ذاتيّ (Autoimmune) يهدم مبنى الغدة. الحالة الأخيرة هي السبب الثاني من حيث الإنتشار, والأساسيّ لقصور الدّريقات الذي يظهر خلال الحياة, ولا يتعلق بسبب معرّف آخر.
قصور الدّريقات المناعيّ الذاتيّ يمكن أن يظهر كمرض عائلي - وراثي مع نزعة لإصابات مناعية بمنظومات هورمونية ولا هورمونية مختلفة. تضافر نموذجي مميز يشمل الفُطار في الأغشية المخاطية وفي الجلد وخللا في عمل الغدة الكظرية (قصور الكُظر – Hypoadrenalism). ومن الممكن أن ينشأ قصور الدريقات نتيجة لضرر ناجم عن إشعاعات علاجية للعنق (وفي أحيان قليلة جدا أيضا بعد علاج باليود المشّع - Radioactive iodine في الغدة الدرقية - Thyroid), أو بسبب نقائل (Metastases) سرطانية. ترسبات الحديد (Hemochromatosis – داء ترسب الأصبغة الدموية), النحاس (أنظر مرض Wilson ) أو النشواني (الداء النشواني – Amyloidosis) - هي عوامل قد تسبب قصور الدريقات.
قد يظهر الخلل في إنتاج الهورمون في حالات مكتسبة من نقص المغنيزيوم في الدم, تختفي تلقائيا بشكل عام. مؤخرا وُصف ظهور قصور دريقات وراثي بسبب نشاط مفرط للحاسّة (Sensor) التي تحدد للغدة درجة تركيز الكلسيوم في الوسط البرّاني للخلية (extracellular medium). هذه الصورة من قصور الدّريقات يتم اكتشافها بطريق الصدفة، بشكل عام, لا تشمل تأثيرات مصاحبة وتتميز بإفراز مكثّف للكلسيوم في البول, خصوصا عند محاولة موازنة تركيز الكلسيوم في الدم.
ومن الممكن أن ينشأ قصور الدّريقات، أيضا، بسبب اضطراب في إنتاج الهرمون الدريقيّ (Parathyroid hormone – PTH), نتيجة لخلل وراثي في الرامزة (Codon) المُشَفـِّرة (Encoder) لإنتاج الهورمون. ونتيجة لذلك, يتم إنتاج هرمون مَعيب (Defective) غير قادر على التأثير على أنسجة الهدف. في حالات أخرى, يتم إنتاج الهرمون في الغدد الدريقية سليما, وقد يكون تركيزه في الدم مرتفعا, لكن وجود خلل في أعضاء الهدف يمنعها من التعرف عليه. هذه المجموعة من الأمراض تسمى قصور الدريقية الكاذب (Pseudohypoparathyroidism). جزء من المصابين بهذه الحالة يصابون أيضا باضطرابات في نشاط منظومات هرمونية أخرى، البارزة والشائعة بينها هي مرض قصور الدريقية الكاذب نمط A1, الذي يتميز باضطرابات هرمونية للغدة الدريقية ومنظومات هرمونية أخرى, بتخلف عقلي بسيط, وبمظهر نموذجي يشمل قصر القامة, ميل إلى السمنة وقصر عظمة السِّنع (Ossa metacarpalia) الرابعة في كف اليد.
ومن الممكن أن يظهر قصر الدّريقات بأنواعه المختلفة كأعراض نموذجية لانخفاض تركيز الكلسيوم في الدم (نقص كلسيوم الدم – Hypocalcemia), الذي يشمل, بترتيب متصاعد الخطورة: إحساس نَمَل على طول الأطراف, إنقباضات غير إرادية للعضلات, وخاصة في أكف الأيدي والأقدام, وفي أوجِه: تكززات (Tetany – تقلص عضلي مستمر) تذكر الى حد كبير بالنوبة الصرعيّة (Epileptic). مع ذلك, قد لا يؤدي نقص كلسيوم الدم (Hypocalcemia) المطوّل إلى أية أعراض, وألا يظهر كنوبات. يتعلق نقص كلسيوم الدم المطوّل بظهور مبكر لسادّ في العينين (Cataract) وبترسب كلسيوم في العقد القاعدية في الدماغ (Basal ganglia). قد يؤدي قصور الدّريقات في الطفولة إلى اضطرابات في تطور الأسنان.
من نتائج الفحوصات المخبرية بشأن قصور الدّريقات تظهر المميّزات التالية: تركيز منخفض للكلسيوم في الدم وتركيز مرتفع نسبيا للفوسفور في الدم. تركيز PTH مختلف, وفقا لسبب قصور الدّريقات. في معظم الحالات, يكون تركيزه منخفضا, أو أقل من المتوقع مقارنة بتركيز الكلسيوم. في حالات نادرة من اضطرابات أعضاء الهدف, قد يكون تركيز PTH سليما أو مرتفعا.
حجر الأساس في علاج قصور الدّريقات هو مُضاف الكلسيوم (Calcium additive) ومشتقة فعالة لفيتامين D, والذي وظيفته المساعدة في امتصاص الكلسيوم في الأمعاء. قد يسبب هذا العلاج فرط الكلسيوم في البول (نتيجة لانعدام تأثير الـ PTHعلى الكليتين), الأمر الذي قد يؤدي إلى تشكّل حصى في المسالك البولية, لذلك يتم بذل جهد لتوجيه تركيز الكلسيوم نحو الحد الأدنى من المجال السليم, وإضافة علاج بمدر بول ثيازيدي (Thiazide diuretic) يسرّع امتصاص الكلسيوم من البول رجوعا إلى تيار الدم, ويمنع حدوث فرط تركيز الكلسيوم في البول. المعالجة المُرشّدة (Rational therapy) بالثيازيدات هي أمر حيوي، وخصوصا للأشخاص الذين تم تشخيص إصابتهم بفرط نشاط مستقبل الكلسيوم. في السنوات الأخيرة يتم إنتاج الـ PTH بطرق هندسة جينية, وقد تمت تجربته بنجاح كعلاج لتخلخل العظم (Osteoporosis) لدى النساء والرجال. في حالات قليلة تم فُحص تأثيره على المرضى المصابين بقصور الدّريقات وتبين أنه كان ناجعا, لكن هنالك تقييدات تتعلق بمأمونيته, في هذه المرحلة, تمنع العلاج بواسطته كبديل هورموني طويل الأمد. وبالرغم من ذلك, ليس من المستبعد أن يشكّل العلاج بالـ PTH المهندَس جينيا أساسا لعلاج قصور الدّريقات، في المستقبل.