تاريخ النشر 15 ابريل 2021     بواسطة الدكتور غانم حميد الحربي     المشاهدات 1

علم الوبائيات

هو دراسة توزيع الامراض أو الاحداث المتعلقة بالصحة في مجموعة بشرية محددة ودراسة العوامل المحددة لهذه الامراض أو الاحداث. والوبائيات حقل من حقول الطب يدرس مختلف العوامل التي تؤثر في ظهور الأمراض، وتواترها، وطريقة انتشارها وتوزعها، وتطور سيرها، سواء أكان أساسها الفرد أم الوسط الذي يعيش فيه؛ كما
 يدرس الوسائل الضرورية للوقاية من هذه الأمراض. ولا يقتصر استعمال هذا المصطلح على الأمراض البشرية وحدها بل أصبح يستعمل أيضاً في دراسة العلاقات بين الحوادث البيولوجية وعوامل مختلفة أخرى، كأسلوب الحياة أو الوسط المحيط، والوسط الاجتماعي، والخصائص الفردية التي تؤثر في تواتر الأمراض وتوزعها وتطورها. كما يطبق أيضاً في عالمي الحيوان والنبات، فيقال الوبائيات البيطرية veterinary epi.. أو أمراض الحيوانات الوبائية epizootic، كما يقال في النباتات الوبائيات النباتية botanical epi.

وتعرَّف منظمة الصحة العالمية الوبائيات بأنها شعبة من العلوم الطبية تهتم بدراسة عوامل الوسط والعوامل الفردية وغيرها من العوامل المؤثرة على نحو ما في الصحة البشرية.

التسمية
وكلمة وبائيات ذات أصل يوناني تتألف من كلمتين: epidemos أي ما ينتشر في البلد أو الشعب، وlogos وتعني نظرية أو خطاباً.

لقد اقتصر الأخذ بمصطلح وباء epidemia في أوائل القرن العشرين على الأمراض الخمجية المُعدية؛ الأمر الذي يبين حقيقة تاريخية لما اجتاح العالم من أمراض كالجدري والهيضة (الكوليرا) والطاعون وغيرها.

أما في العصر الحاضر فإن ما يصيب أكبرَ عدد من الأفراد في زمن واحد لا يقتصر على الأمراض الخمجية بل يتعداها في أحيان كثيرة إلى أمراض تنشأ من العوز كالرخد rachitis الذي ينجم عن اضطراب استقلاب الفسفور والكلسيوم نتيجة عوز الفيتامين D، والكواشيوركور Kwashiorkor وسببه عوز البروتين الحيواني، أو تنجم عن الانسمام intoxication كالتسمم بالرصاص الذي يظهر بين عمال مناجم الرصاص، أو عن أسباب غيرها كانتشار الأورام بين السكان الذين يعيشون قرب مدافن النفايات المُشعّة، حتى راحت بعض المعجمات الطبية تعرّف الوبائيات بأنها ذاك الفرع من العلوم الطبية الذي يدرس العوامل البيئية ecologic والفردية وغيرها التي تسبب أمراضاً. لكن هذا التعريف ليس كافياً اليوم.

الاستدلال السببي
لا تظهر الأوبئة مصادفة؛ إذ إنها ترتبط بظروف بيئية تتصف بخلل طرأ عليها في وقت ما، وحدث بين العامل الممرض والمضيف (الثوي) بوجود وسيلة انتقال ملائمة.

فالعوامل الضرورية لظهور وباء واسـتمراره هي:
1ـ وجود سبب مُمرِض بقدر كاف.
2ـ توافر أفراد يتصفون باستعدادهم للإصابة وتعّرضهم لهذا العامل أو السبب.
3. إتاحة طريقة ملائمة لانتقال العامل (أو السبب) المُمرِض إلى الأفراد القابلين للإصابة. وهناك طريقان أساسيان لانتقال العامل المسبب، أولهما انتقال المرض من إنسان إلى آخر بالطريق المباشـر كانتقال السل بالطريق الهوائي، وثانيهما انتقاله بوسـاطة ناقل كالأيدي أو الأدوات الملوثة أو الحشرات.
4ـ الانتقال عن طريق مسـتودع مشـترك كتناول أطعمة ملوثة من مصدر واحد أو أطعمة تنقصها مواد معينة.
تستدعي مراقبة الوباء والسـيطرة عليه دراسةَ العواملِ التي ترتبط بالمضيف وبالمحيط. وهذه المعارف ضرورية لإيقاف الوباء. وتتم إما بالقضاء على مسـتودعاته، وإما بإنقاص قابلية تقبّل المضيف له بإعطائه المادة الناقصة منه (دواء واقياً أو مقاوماً)، أو بالحد من طُرق الانتقال باتباع الوسـائل الصحية.

الوبائيات والأمراض الخمجية
يدعو تطور مفهوم كلمة «وباء» إلى التوقف عند ما يكتنف هذه الكلمة من فقدان الدقة أحياناً. فحينما تستعمل هذه الكلمة في مجال الانتحار وإدمان المخدرات، وغيرهما، هناك هامش كبير للفرضيات كالقول بعوامل مؤهبة متعددة كالعوامل الوراثية والاجتماعية وما إلى ذلك. ولهذا اقترح بعض الباحثين الاقتصار في استعمال كلمة «وباء» على الآفات الُمعْدية؛ وهي بهذا تعني زيادة الحوادث المرضية وتضاعفها بالعدوى بين البشر فحسب وتشمل الأمراض المنتقلة transmissible كلها.

أما فيما يتصل بالأمراض التي تنتقل بوساطة ناقل ما، أي ما يتيح انتقال العامل الممرض من المصاب إلى آخر سويّ معافى فإن الطرق البيئية تسمح بتنسيق العوامل الحية وغير الحية للوسط وتقوم بدور في تثبيت البؤر الطبيعية. إن الوبائيات البيئية ذات شُعَبٍ عديدة تسمح بمعرفة نقاط الضعف في سلسلة وبائية ما وبالتالي وضع برنامج وقائي مفيد.


أخبار مرتبطة