ى علاج مشكلة نفسية.
يُعتبر الطبيب النفسي اختصاصي الصحة العقلية الوحيد الذي يمكنه تشخيص الحالات المرضية ووصف الأدوية. ويوضح الدكتور إيمانويل لوب -وهو طبيب نفسي مختص في علم الأدوية في مستشفى أورساي- "نحن نهتم بالاضطرابات العصبية التي تؤدي إلى الاضطرابات السلوكية".
من جانبه، يؤكد ستيفان روسينيك أستاذ علم النفس في جامعة ليل، أن "الطبيب النفسي يرى الأمراض العقلية نتيجة لاختلالات هرمونية أو اضطرابات في التبادل الأيوني في الدماغ".
تطور العلاج النفسي
حتى عام 2010، كان من السهل فتح عيادة للعلاج النفسي، لكن الأمور تغيرت بعد ذلك وتم تأطير هذا الاختصاص. ففي فرنسا على سبيل المثال، هناك سجل لدى وكالات الصحة الإقليمية يضم أسماء المختصين المصرح لهم بالعمل بشكل قانوني.
ومن الضروري للحصول على الترخيص، تلقي تدريب نظري في علم النفس السريري لمدة 400 ساعة، وتدريب عملي لمدة 5 أشهر على الأقل. ويقتصر هذا الاختصاص على حاملي الدكتوراه في الطب ودرجة الماجستير في علم النفس، وبناء على ذلك، ليس جميع الأطباء النفسيين وعلماء النفس معالجين نفسيين.
وبحسب روسينيك، فإن "العلاج النفسي هو من فروع علم النفس، وهو علم السلوك. وبغض النظر عن السبب الفسيولوجي للخلل الوظيفي، تتمثل مهمة المعالج النفسي في جعل المرضى يتبنون سلوكيات طبيعية دون تناول الأدوية". وعند هذا المستوى تتعقد الأمور، لأن هناك عشرات الاختصاصات الفرعية للعلاج النفسي، والمدعومة علميا، وأشهرها التحليل النفسي.
وجهة نظر علمية
يقول لوب إن التحليل النفسي يستند إلى النظريات فقط، دون الخضوع لتقييمات علمية، وهو ما يؤكده روسينيك قائلا "لا يمكن تقييم التحليل النفسي بطريقة علمية، حيث إنه يقوم بالأساس على فرضية وجود اللاوعي".
من جانبه، يقول الطبيب النفسي جان بابتيست أليكسانيان إنه "يمكن لأي شخص أن يقدّم نفسه باعتباره محللا نفسيا، تماما كما يمكن للمرء أن يعلن أنه زعيم أو أنه يعتنق دينا أو ثقافة معينة. وفي التحليل النفسي، هناك أمور تبدو غير مناسبة من وجهة نظري، وأجدها خطيرة أحيانا، ومع ذلك فإنها تحمل فائدة لبعض الناس. وما عرفناه من العلم هو أن رعاية الناس واحتواءهم عاطفيا يؤثر عليهم إيجابيا".
ويرى أليكسانيان أن العلاجات السلوكية المعرفية تقوم على أساس عدد قليل من الأدلة العلمية، في حين يقول لوب إن "الدراسات أظهرت أن العلاج المعرفي السلوكي أثبت فعاليته في تحسين اضطرابات الرهاب والقلق".
وبحسب الجمعية الفرنسية للعلاج السلوكي والمعرفي، فإن الفكرة تتمثل في مساعدة المريض على تحديد العوامل التي تسبب معاناته وتحديد أشكال التفكير المتحيز والمعتقدات والسلوكيات التي ينبغي أن يعالجها. ويضيف روسينيك "نحن نقدم للمرضى جملة من التمارين حتى تتحقق الفائدة في أسرع وقت ممكن، والهدف من ذلك هو أن يعالج المريض نفسه بنفسه".
إلى من يجب أن تذهب؟
على أساس هذه المعطيات، إلى من يجب أن تذهب لمعالجة المشكلة النفسية التي تعاني منها، إلى الطبيب النفسي أو المعالج النفسي؟
بحسب الكاتبة، فإن السؤال الذي ينبغي على الإنسان أن يطرحه على نفسه قبل الذهاب لأي منهما، هو: هل تؤثر الأعراض التي تبدو عليه على نوعية حياته، بما في ذلك جودة النوم والمزاج ومدى احترام الذات؟ وهل تحول هذه الاضطرابات دون إنجاز ما يريد فعله؟
في هذا الصدد، يقول أليكسانيان "إذا كان الأمر كذلك، فإن الوضع يستدعي استشارة طبيب العائلة في البداية، ثم استشارة طبيب نفسي أو عالم نفس في مرحلة لاحقة".
ويقول لوب إن "تقنيات إزالة التحسس وإعادة المعالجة عن طريق حركة العين، فضلا عن ممارسة تمارين التأمل والعلاج المعرفي السلوكي، غالبا ما تهدف لعلاج الحالات المرضية التي تتراوح بين الخفيفة والمعتدلة، في حين أن الطب النفسي يهتم بالاضطرابات الشديدة. وتعتبر هذه التقنيات عبارة عن مكملات للرعاية النفسية".
ويضيف لوب "العلاج السلوكي المعرفي علاج تكميلي مفيد، لكنني أشعر بالقلق إزاء الاكتفاء بالعلاجات النفسية للمرضى الذين يعانون من حالات حادة، وهذا خطأ مهني. يحتاج مَن يعاني من نوبة اكتئاب إلى تناول مضادات الاكتئاب، وهي علاجات معروفة لا تسبب الإدمان، بالإضافة إلى تلقي العلاج النفسي".
ويرى الدكتور لوب أن التحليل النفسي يمكن أن يفيد الذين لا يعانون من الاكتئاب بشكل دائم، ويحتاجون فقط إلى تدخل طفيف. ويتبنى الدكتور أليكسانيان الموقف ذاته، حيث لا ينصح المصابين بالاكتئاب واضطرابات القلق بالخضوع لجلسات تحليل نفسي.