أشخاص المصابين بهذا المرض، نظام علاجي جديد عن طريق الفم تم استحداثه مؤخراً، وهو مفيد على وجه الخصوص لأولئك المرضى الذين لا يستعيدون عافيتهم او يعاودهم المرض بعد العملية الجراحية. تجدر الاشارة الى ان ارتفاع ضغط الدم الشرياني الرئوي هو واحد من خمسة أنواع مختلفة من مرض فرط ضغط الدم الرئوي، وهو مرض تقدمي ومهدد للحياة وينجم عن زيادة ضغط الدم في الشرايين الرئوية بشكل ملحوظ فتبدأ الأوعية الدموية الدقيقة داخل الرئتين بالانقباض والضيق الذي غالباً ما يترافق مع قلب الأيمن او يؤدي الى الوفاة. وينتج عن ارتفاع ضغط الدم الشرياني الرئوي تغيرات مورفولوجية في شرايين الرئتين، مما يتسبب في تضيق الأوعية الدموية في الرئتين، ويجعل من الصعب على القلب ضخ الدم اليهما. ويعدّ مرض ارتفاع ضغط الدم الشرياني الرئوي من الأمراض النادرة ويصيب ما يقدر بـ15 ــ 52 شخصاً من أصل مليون شخص على الصعيد العالمي، وهو أكثر انتشاراً بين النساء منه بين الرجال. وفي معظم الحالات فان هذا المرض هو مجهول الأسباب الا ان العامل الوراثي قد يلعب في بعض الأحيان دوراً في ذلك.
وعلى الرغم من توافر العديد من الخيارات العلاجية الدوائية لمرضى ارتفاع ضغط الدم الشرياني الرئوي على مدى أكثر من عقد من الزمن، فالمعلومات لا تزال محدودة بالنسبة لمساره، ومن هنا تأتي الحاجة الى استنباط خيارات علاجية بديلة فعالة. وحالياً يبقى معدل وفيات المرضى الذين يعانون من هذا المرض مرتفعاً حيث لا يزال بنسبة 15 بالمئة في السنة الأولى و 32 بالمئة بعد انقضاء ثلاث سنوات على التشخيص.
أما مرض ارتفاع ضغط الدم الرئوي الانصمامي الخُثاري المزمن فهو مرض وخيم ومهدد للحياة ونوع من أنواع فرط ضغط الدم الرئوي حيث تؤدي جلطات دموية في الشرايين الرئوية تدريجياً الى زيادة ضغط الدم في الشرايين الرئوية (انصمام رئوي)، مما يترتب عليه زيادة الحمل الحجمي على البطين الأيمن. ويعتبر ارتفاع ضغط الدم الرئوي الانصمامي الخُثاري المزمن من الأمراض النادرة ويمكن مقارنته من حيث عدد الاصابات في العالم بمرض ارتفاع ضغط الدم الشرياني الرئوي، اذ يقدر عدد حالات الإصابة به بنحو 8 ــ 40 شخصاً في المليون على الصعيد العالمي. وقد يتطور هذا المرض بعد حلقات سابقة من الانسداد الرئوي، وان السبب الكامن وراء هذا المرض لا يزال غير مفهوم ومجهولاً حتى الآن، بيد ان العلاج الوحيد المحتمل يكمن في استئصال الخثرة وبطانة الشريان الرئوي، وهو اجراء جراحي يتم من خلاله ازالة ونزع خثرة دموية جراحياً من البطانة الشريانية للشريان الرئوي، إلا ان عدداً كبيراً من المرضى الذين يعانون من هذا المرض لا يمكن معالجتهم من خلال العمليات الجراحية، ويبقى هذا المرض لدى البعض منهم في الظهور او يعاودهم بعد عملية استئصال الخثرة وبطانة الشريان الرئوي، وبالتالي فان هؤلاء المرضى بحاجة الى أنظمة علاجية دوائية معتمدة للتعامل مع هذا الداء.
فماذا يقول الأطباء عن عوارض المرض وتشخيصه والعلاجات المتوافرة؟
عن تشخيص المرض يقول الدكتور جورج دبر رئيس قسم الطب الرئوي والعناية المركزة في مستشفى <اوتيل ديو دو فرانس>، وهو أستاذ مساعد في كلية الطب في جامعة القديس يوسف:
– هذا هو العلاج الذي تشتد الحاجة اليه لدى المرضى الذين لا تتوافر لهم خيارات علاجية مؤكدة في الحالات التي لا يمكن معالجتها بالتدخل الجراحي، والتي لا يتغلب فيها المصابون على المرض او يعاودهم بعد الجراحة. وغالباً ما يكون مرض فرط ضغط الدم الرئوي مدمراً ومصحوباً بعوارض منهكة للقوى حيث يبدأ المريض بالمعاناة والشكوى من ضيق في التنفس والدوخة والاغماء، ومن هنا يضحي العلاج الذي يحقق تحسناً سريرياً جدياً ويخول المرضى المشاركة في أنشطة يومية يعتبرها الكثيرون منا أمراً مفروغاً منه، خطوة كبيرة الى الامام كثيراً ما تشتد الحاجة اليها.
وتجدر الاشارة هنا الى انه أظهرت نتائج التجارب السريرية الرئيسية لارتفاع ضغط الدم الرئوي الانصمامي الخُثاري المزمن والاحصائيات القائمة ان علاج <ريوسيغوات> الذي وضعته <باير> وبدأت الولايات المتحدة وأوروبا في استخدامه منذ ثلاث سنوات، هو الدواء الأول والوحيد الذي برهن عن تحسن كبير لدى مرضى ارتفاع ضغط الدم الرئوي الناتج عن الانصمام الخُثاري المزمن والذين لا يمكن معالجتهم من خلال التدخل الجراحي، أو لدى مرضى ارتفاع ضغط الدم الرئوي الانصمامي الخُثاري المزمن الذي يستمر في الوجود او يعود للظهور بعد اجراء العملية الجراحية. ويتم وصف <ريوسيغوات> أيضاً لعلاج المرضى الذين يعانون من مرض ارتفاع ضغط الدم الشرياني الرئوي حيث لا يزال تحديد مسار المرض مجهولاً بعض الشيء، على الرغم من توافر العديد من العلاجات المعتمدة. وقد أظهرت تجربة محورية أخرى هي <باتنت ــ 1> ان <ريوسيغوات> أثبت فعالية سريرية كبيرة ومبكرة، ويتم تناوله وحده دون سواه او الى جانب علاجات مرض ارتفاع ضغط الدم الشرياني الرئوي الأخرى.
وبحسب الاحصائيات فقد أظهر العلاج تحسناً كبيراً ومستمراً لدى المريض عبر مجموعة واسعة من نقاط النهاية في التجارب السريرية، اذ انه نجح في مضاعفة مستوى النشاط البدني، وأسهم في تأخير تطور المرض، وأدى الى تحسن في وظائف القلب والرئة، وحدّ من العوارض المرتبطة بها مثل الضيق في التنفس فنتج عنه تحسن ملحوظ في نوعية حياة المريض.
كما وتُستخدم أيضاً العمليات الجراحية كعلاج وحيد معتمد في بعض الحالات التي تشمل مرض ارتفاع ضغط الدم الرئوي الانصمامي الخُثاري المزمن حيث يتم استئصال الخثرة وبطانة الشريان الرئوي الناجمة عن المرض، ورغم ذلك فان ما يصل الى 40 بالمئة من المصابين بمرض ارتفاع ضغط الدم الرئوي الانصمامي الخُثاري المزمن لا يمكن معالجتهم من خلال التدخل الجراحي، و35 بالمئة منهم لا يشفون تماماً او يعاودهم المرض بعد العملية الجراحية.
الدكتور-وجدي-ابي-صالح -1
وبالسؤال عن الفئة الأكثر إصابة بارتفاع ضغط الدم الشرياني الرئوي يقول الدكتور وجدي ابي صالح الاختصاصي في الأمراض الصدرية:
– أولاً ان ارتفاع ضغط الدم الرئوي هو مرض جدي يؤدي الى الوفاة بنسبة عالية اذا لم تتم معالجته، ولسوء الحظ يصيب فئة من الناس وهي فئة الشباب، وطبعاً يصيب فئات أخرى ولكن فئة الشباب بنسبة كبيرة وخصوصاً النساء اذ انهن يصبن بهذا المرض أكثر من الرجال. والأدوية التي كانت تستخدم في السنين الماضية منحت أملاً كبيراً لتحسين قدرة المرضى على السير وللقيام بالتمارين الرياضية بشكل عام، وحتى الآن نرى بداية تبشر بأن هذه الأدوية تطيل حياة المرضى وتجعلهم قادرين على مواصلة حياتهم اليومية بشكل عادي. وبالنسبة للشفاء فإن نسبة الشفاء لا تزال جيدة حتى اليوم.
ــ وهل تزداد نسبة الإصابة بهذا المرض على الصعيد العالمي؟
– ان نسبة الاصابة بهذا المرض ليست مرتفعة على الصعيد العالمي، ولكن هذا المرض يؤثر بشكل كبير لانه يصيب فئة عمرية من الناس الا وهي الفئة الشابة التي لا تزال في عز العمل والعطاء. وقبل اعتماد الأدوية لم يكن أمامنا الا خيار واحد الا وهو ان نقوم بعملية زرع القلب والرئة والتي هي بالطبع من العمليات الكبيرة والصعبة.
ــ وبرأيك هل حملات التوعية كافية لتأمين العلاج للمرضى؟
– التوعية أساسية بأي مرض كان وليس فقط بما يتعلق بارتفاع ضغط الشريان الرئوي، وتجدر الإشارة الى ان البعض يظن انه في حال أصيب أحدهم بارتفاع ضغط الرئة فيمكنه ان يأخذ دواء ارتفاع الضغط مع العلم ان هذا المريض يتجاوب بشكل مختلف كلياً مع أدوية تخفيض الضغط. أما لجهة تأمين العلاج، فيجب ان يكون هناك دعم من الجهات الضامنة لان كلفة علاج هذا المرض عالية جداً، واليوم نرى بعض الجهات الضامنة مثل الضمان الاجتماعي ووزارة الصحة قد بدأت بتغطية تكاليف العلاج المرتفعة جداً فحتى الذي يملك امكانيات مادية جيدة يجدها مرتفعة، ولكن كون هذا المرض غير منتشر فبرأيي هناك امكانية للدولة والجهات الضامنة الرسمية ان تساعد بتغطية العلاج لكي يتمكن المرضى من الحصول عليه ومن تحسين حياتهم بشكل جذري.
الدكتور مجدي ادريس وتشابه العوارض
ونسأل الدكتور مجدي محمد ادريس رئيس المجموعة السعودية لمرض ارتفاع ضغط الشريان الرئوي، وهو استشاري أمراض الصدر ورئيس قسم الأمراض الصدرية في مستشفى القوات المسلحة في الرياض عن العارض الذي يدفع المريض لزيارة الطبيب فيقول:
– العارض الخطير هو الاغماء فمثلاً اذا كان الشخص يقوم بعمل ما وتعرض للإغماء وذلك بشكل متكرر وليس لمرة واحدة او مرتين، فبالتالي يكون قد وصل الى مرحلة متقدمة من المرض. وأغلب المرضى يحدث معهم ضيق في التنفس، ولهذا نعلم أطباء الروماتيزم والقلب انه عندما يشعر المريض بضيق في التنفس دون معرفة السبب ان يفكروا بمرض ارتفاع ضغط الشريان الرئوي.
ــ ماذا عن تشابه عوارض ارتفاع ضغط الدم الرئوي مع عوارض أخرى؟
– هذا صحيح، ان عوارض المرض في البداية هي عوارض شبيهة مع أمراض أخرى مثل مرض الانسداد الرئوي المزمن او الربو. وهناك اعتقاد أن مرض ارتفاع ضغط الدم الرئوي غير معروف للأطباء بشكل عام او اتضح لدى الأطباء انه مرض نادر لا يصيب الا واحداً على مليون شخص، وبأنه ليس هناك علاج لهذا المرض أو ان الأطباء غير مهتمين كثيراً، وهذا كله غير صحيح لان المرض يصيب حوالى 50 بالمليون وليس واحداً بالمليون ولكنه غير منتشر، الا ان المهم هو ان يتم تشخيص المرض في مراحله الأولية وهذا أمر مهم لان نتيجة العلاج تصبح أفضل كثيراً اذا تم باكراً، وقد أصبح العلاج متوافراً. وأعتقد انه كما في حالة أمراض اورام السرطان يعمل فريق عمل سوياً للوصول الى نتائج أفضل، كذلك يجب ان يكون هناك فريق عمل لهذا المرض بالذات لأنه ربما المرض الوحيد الذي يجمع أطباء القلب والصدر معاً.
ــ اي فئة الأكثر تعرضاً للاصابة بهذا المرض؟
– عالمياً تُصاب النساء بنسبة أكبر وغالباً لهذا المرض علاقة بالهرمونات الانثوية. وهناك عامل وراثي، وعادة عندما يكون المرض وراثياً يكون المرض شديداً.
ــ ومتى يستوجب اجراء العملية الجراحية؟
– يستوجب اجراء العملية الجراحية في ثلاث حالات من المرض، طبعاً هناك العملية الكبيرة وهي عملية زرع الرئة التي نقوم بها بالحالات المتقدمة جداً حيث لم تنجح العلاجات الأخرى، أما في الحالات الأقل خطورة فنقوم بفتحة بين الاذين الايمن والايسر للقلب لكي لا يذهب الدم كله الى الرئة ويضغط عليها اذ نقوم بتحويلة تساعد قليلاً وتخفف العوارض، فيما العملية الثالثة نقوم بها اذا كان الشخص مصاباً بارتفاع ضغط الشريان الرئوي وقد أصيب بجلطة فنقوم بالعملية لانقاذه من الجلطة.
ــ وهل ستقوم الجمعية بالأبحاث على مستوى العالم العربي ككل؟
– لقد بدأنا في دول الخليج ونأمل ان نقوم بهذه الأبحاث ولكننا ننتظر ان تبدي الدول اهتماماً بهذا المرض وبالبحث ككل اذ يجب ان يكون هناك اهتمام من قبل الأطباء، ويسعدنا ان نرى اهتماماً بهذا المرض في لبنان، وهناك بعض الاهتمام من قبل مصر والجزائر ونأمل ان تهتم كل الدول العربية بهذا النوع من الأبحاث، فحتى لو لم يكن هناك علاج انما من المهم ان يكون هناك تشخيص لهذا المرض.