تاريخ النشر 6 فبراير 2021     بواسطة الدكتورة فاطمة عبداللطيف المحيش     المشاهدات 1

مراهقون يتشاجرون

عادة ما يبدأ صراع الأجيال في مرحلة المراهقة، فالمراهقة مرحلة من مراحل عمر الإنسان، تمتد من سن الثالثة عشرة حتى سن الثامنة عشرة، وقد تمتد إلى سن العشرين . هكذا ابتدأ ت الاخصائية النفسانية للاطفال والمراهقين بمستشفى الطب النفسي بالأحساء الدكتورة فاطمة عبداللطيف المحيش استهلال الحوار الذى اجرت
ه معها (اليوم) لتسلط الضوء على قضية وهاجس انساني طالما عانت منه الأسر بمختلف طبقاتها هو صراع الأجيال وكان هذا الحوار ... 

@ كيف تصفين مرحلة المراهقة واحساس المراهق مابين سن الثالثة عشرة حتى العشرين؟ 
ـ هي مرحلة تتميز بالثورة والتمرد والقلق والصراع، فالمراهق يرغب في الخروج من طفولة لم يغادرها إلاّ جزئيا، كما يتشبث برجولة لم يملك إلاّ بعض سماتها وخصائصها وقد يكون هناك شيء من الانحراف والخطأ قد يقع من الشاب، نظرا لضعف سيطرته على نفسه في كثير من الأحيان، ونظرا لعدم امتلاكه درجة كافية من الخبرة والنضج والرشد، وبسبب اختلاف وجهات النظر بين ماهو قديم وماهو حديث . 

@ هل صحيح ان المراهق يكون بفترة اقرب الى التمرد والخروج عن نطاق سيطرة الأهل؟ 
ـ في الواقع هذا صحيح ويكون هناك تمرد نحو الوالدين، وتمرد آ خر موجه نحو المسؤولين في المدرسة، وهناك الكثير من التغييرات السريعة التي تطرأ على الجوانب المختلفة لشخصية المراهق، وهذه التغيرات بسبب سرعتها توقع المتعاملين مع المراهق في شئ من الإرباك، حيث يجدون نوعا من الصعوبة في فهمه واستيعابه، فيعاملونه بقسوة، ويضعون عليه القيود التي يضعونها على الأطفال الصغار متجاهلين التغييرات الجديدة التي طرأت على شخصيته، والتي تدفعه دفعا نحو التحرر والاستقلال، وكثيرا ما رأينا مراهقين يمرون بمرحلة المراهقة دون أن يفقدوا توازنهم، او يسببوا اية مشكلات لأحد بسبب التربية الجيدة والمعاملة المبصرة التي يتلقونها . 

@ ما أهم ما يميز المراهق في مرحلة بلوغه وما الجوانب النفسية التي تطرأ عليه؟ 
ـ يمتاز المراهق في واقع الأمر برهافة الإحساس، فهو يثور في كثير من الأحيان لأتفه الأسباب، ويتعرض بعض المراهقين لحالات من اليأس والقنوط والحزن والآلأم النفسية نتيجة ارتباكه الشخصي تجاه فورة النمو التي وجد نفسه فيها، وفي هذه المرحلة تتكون بعض العواطف الشخصية المرتدة نحو الذات، مثل الاعتداد بالنفس والعناية بالملبس وطريقة الكلام حيث يبدأ المراهق يشعر بأنه لم يعد ذلك الطفل الذي ينفذ ما يؤمر به، دون ابداء الرأي وحق المناقشة، في حين أن الوالدين لا يزالان ينظران إليه على انه يجب ان يقتنع برأيهما بدون تمرد . 

@ هل يدرك الوالدان أن تصرفات المراهق طبيعية إذا كانت على ذلك النحو ؟
 ـ إن خبرة الأبوين بهذه الأمور تجعلهما يدركان أن كثيرا مما يستنكرانه من تصرفات أبنائهما المراهقين هو أمر طبيعي تفرضه طبيعة المرحلة, عند بدء مرحلة المراهقة، حيث يبدي المراهق حاجة ملحة للإنتماء إلى جماعة ولا سيما حينما يلاقي من والديه شيئا من الضغط والتوتر، وهو يلح على محيطه الإجتماعي بإصرار المواقف الضمنية على تصرفاته وعدم الإعتراض عليها ويبحث دائما عن مجموعة ضيقة ينتمي إليها، ويشير بها، حيث يرى فيها النموذج الاجتماعي الأكثر ملاءمة لسنه ووضعه ويرى أنها في آرائها وسلوكياتها، تقدم له دعما خفيا ومظاهرة قوية في موقفه تجاه سلطة والديه أو المدرسة . 

@ ما الأمر الملاحظ على السلوك الإجتماعي للمراهق ؟
 ـ وجود رغبة شديدة لديه في ان يكون له مركز معترف به بين أفراد أسرته ومجموعته وأبناء مدرسته وحيه، ومن أجل الإعتراف به فإنه يميل دائما إلى القيام بأعمال تلفت النظر إليه،فهو قد يلبس الثياب المخيطة على احدث طراز، ويراها شيئا ضروريا، وقد يسعى الى الإعتراف به عن طريق إقحام نفسه في مناقشات هي فوق مستواه، كما أنه قد يجادل في أمور قد تكون بعيدة كل البعد عن خبراته ومعارفه، وقد يجد المراهق أن أفضل طريقة لترسيخ مكانته الإجتماعية هو تقديم بعض الخدمات والإصلاحات في المنزل ويصاب بالتوتر والإحباط إذا لم يتم الترحيب بتلك الخدمات، ويفسر ذلك على انه تحطيم لعبقريته، ويلاحظ على سلوك المراهق ميله الى التحرر ورغبته في مقاومة أي سلطة تمارس عليه، فهو يحلم بان يجد نفسه في عالم خارج بيئته المنزلية، عالم ملئ بالأصدقاء والزملاء والحرية والاستقلال والتخلص من التبعية الطفلية، ويجد أمامه العائلة والمدرسة عائقين في سبيل ذلك، ولهذا فانه يتمرد ويحتج ويغضب ويهدد بالهرب من المنزل أو ايجاد عمل وترك الأسرة . 

من الأشخاص الذين يبدي لهم المراهق اعتراضه في الغالب ؟ 
غالبا ما يكون اعتراضه على تصرفات الأبوين والأقرباء والمدرسين والوضعية العامة للمجتمع، فهو يعترض على ملابس الأبوين أو أثاث المنزل أو طريقة المدرسين في الكلام والشرح، انه لقلة خبرته يتخذ من بعض المظاهر والأشياء نماذج يعجب بها، ويريد من الآخرين أن يعجبوا بها ويتمثلوها . 

ما المشكلة الحقيقية التي تواجه المربين ازاء المراهق ؟ 
إن مشكلتنا معاشر المربين أننا كثيرا ما نجد أنفسنا عاجزين عن مواكبة التغييرات السريعة التي تطرأ على شخصيات ابنائنا، فنعاملهم على انهم أطفال غير قادرين على تدبير أمورهم، كما نسئ فهمهم في بعض الأحيان، فنظن أنهم يناصبوننا العداء، أو أنهم فقدوا ولاءهم لأسرهم وباتوا يبحثون عن استقلال تام عنا . 

إذا ما الوسائل الناجعة لتخليص المراهق من آفتي التمرد والإحباط ؟ هناك وسائل عديدة نستطيع من خلالها تلبية حاجة المراهق إلى الاستقلال ونصونه بالتالي من آفتي التمرد والإحباط، ومن تلك الوسائل تخصيص مبلغ شهري لمصروفه الشخصي، منحه الحرية في اختيار ملابسه وشرائها ضمن إطار المعقول والمعروف إلى جانب تكليفه بشراء بعض حاجات المنزل، المهم أن يشعر المراهق أننا مدركون للقدرات الجديدة التي اكتسبها، وان يشعر أن ثقتنا به تتصاعد كلما دنا من مرحلة الرجولة . 

بأي كيفية يتم التعامل مع المراهق ؟ 
التوازن في المعاملة هو الكيفية الراجحة مع المراهقين وهو مطلب أساسي في أمور التربية ومن الملاحظ أن بعض الآباء يتعامل مع ابنه المراهق بمنتهى القسوة وينظر اليه على انه مصدر لشرور لاتنتهي، وانه يسبب له الحرج والعار كما أن بعضهم يتسامحون مع ابنائهم المراهقين إلى حد الإهمال فلا يعرفون شيئا عن علاقاتهم ولا أصدقائهم، مما يؤدي إلى وقوع المراهق في مشكلات مأساوية، والصواب يقع في المساحة الفاصلة بين هذه النماذج، حزم في غير شدة، وتسامح من غير غفلة، وثقة من غير إفراط


أخبار مرتبطة