مما يؤدي الى مقاومتها ورفضها ومن ثم إسقاطها بدلا من التكيف معها لإنجاح الحمل. وفي هذه الحالات تصل إلى مسامع مرضى العقم مقولات مختلفة، تحتاج إلى تفسير وإيضاح، منها:
إنها مشيئة الخالق.
كنتِ منحوسة هذه المرّة، حاولي مرة ثانيةً. كان الطّفل شاذا أو متشوها. الجسم يعرف متى يحتاج الى رفض الطفل. سنحاول باستخدام هرمونات بجرعات أكبر. إذا أسقطت كثيرًا سنجرّب التلقيح الصناعي. كانت البيوض أو الحيوانات المنوية ضعيفة جدًّا.
سنجرّب المرة القادمة بالأسبرين والهيبارين
فشل الحمل تحدث إلى «الشرق الأوسط» الأستاذ الدكتور عماد عبد القادر كوشك، أستاذ مشارك بكلية الطب ـ جامعة الملك عبد العزيز والمشرف الطبي لمعمل (مختبر) المناعة والحاصل على البورد الأميركي والزمالة الملكية الكندية، أول استشاري سعودي لأمراض الباطنية والحساسية والربو والمناعة، عضو الجمعية الأميركية والأوروبية لمناعة الإنجاب والخصوبة، حول هذا الموضوع الشائق والشائك في حياة الأزواج الذين يعانون من مثل هذه المشكلة. وأفاد أن ما بين 10 ـ 20% من الحوامل يعانين من فشل الحمل أو العقم، وذلك عن طريق فقدان الحمل (الإجهاض) المتكرر او عدم تكون الجنين أصلا. وقد أصبح ذلك يشكل ظاهرة عالمية، وتشير العديد من الأبحاث الحديثة إلى دور جهاز مناعة الأم الحامل في نجاح الحمل واكتمال نمو الجنين وتطوره. إن كلّ محاولة للحمل للأجنة التي يتم رفضها تجعل المشكلة أسوأ، وكأن يتصرف الرّحم مثل عرين الأسود، فكلّ محاولة حمل ستبوء بالفشل. ويحدث هذا الرفض حتى عن طريق الحمل الصناعي بأجنّة سليمة تمت بإخصاب خارج الرحم في أنابيب الاختبار (طفل الأنابيب). وتشير الإحصاءات الحديثة لمثل هذه الحالات الى أنه قد تكون هناك خيارات إضافيّة. ويمكن الكشف عن معظم أنواع اضطرابات جهاز المناعة في أكثر من 40% من حالات فقدان الحمل المتكرر.
ما هي الحالة النموذجيّة للعقم المناعي؟ أوضح الأستاذ الدكتور عماد كوشك أن متوسط أعمار مرضى العقم المناعي يتراوح بين 36 و40 سنة. وغالبا يكون قد حصلت لهن عدة محاولات حمل فاشلة أو سقوط متكرر (معدل 4 مرات)، إما بعد حدوث حمل طبيعي أو بالتلقيح الصناعي. وكثيرًا ما تكون هؤلاء النساء قد فقدن الأمل، وذلك بسبب اقترابهن من نهاية العمر الإنجابي وبسبب التأثيرات النفسية السلبية ومرورهن بتجارب استغلال مادية. ويمكن مساعدة هؤلاء الأزواج باكتشاف خطأ ما في جهاز المناعة باستخدام الوسائل المخبرية الحديثة في معامل المناعة السريرية.
* اضطرابات مناعية ما هي أنواع الاضطرابات المناعية؟ يمكن تصنيف المشاكل المناعية التي قد تسبّب فقدان الحمل والعقم بناء على وجود نوعين رئيسيين من التغيرات المناعية لدى الأم:
أولا: مناعة ذاتية: وهي مهاجمة جهاز مناعة الأم لأجزاء الجنين من الأم، من خلال:
ـ أجسام مضادّة ضد جزيئات الفوسفات الدهنية (Phospholipids) الموجودة على سطح الخلايا، والتي تعمل كالصّمغ لغرس الجنين في الرحم وتكوّن المشيمة. ـ أجسام مضادّة ضد الحمض النووي (DNA) الموجود في داخل خلايا الجنين. ـ أجسام مضادة ضد الغدة الدرقية. ـ أجسام مضادة ضد الهرمونات الأنثوية.
ـ زيادة خلايا «بي» المناعية (B cell CD19+5+) التي قد تنتج الأجسام المضادة.
ثانيا: مناعة ضد الآخر: وهي تهاجم جهاز مناعة الأم لأجزاء الجنين التي من الأب، من خلال:
ـ تشابه أو تماثل في بعض الجينات الوراثية عند الزّوجين (وبالذات DQ alpha)، حيث يتسبّب هذا في نقص الأجسام المضادة المانعة لسقوط الحمل لدى الزوجة ويفشل الحمل.
ـ أجسام مضادّة ضد الحيوانات المنوية للزوج. ـ زيادة الخلايا القاتلة الطبيعيّة التي تهاجم خلايا الجنين وتدمرها 16+(NKC CD56.
ـ إفراز مواد سامة للجنين من خلايا الأم المناعية. إن علم أمراض المناعة يمكن أن يساعد كثيرا على تحديد أحد أصناف الهجوم المناعية المسببة لفقدان الجنين. وتوجد هنالك تحاليل مخبرية حديثة ومتطورة لجهاز المناعة يمكن أن توفر كثيرا من المال وتزيل كثيرا من اختبارات الدّم غير الضروريهة في تشخيص المشكلة المناعية. وإذا تم الكشف وتحديد الأسباب المناعية، فإنه بعد ذلك يمكن إعطاء العلاج المناسب.
* العلاج يتم علاج العقم المناعي بإعطاء مجموعة من العقاقير، مجتمعة أو فردية، ومنها: ـ عقاقير مثبطة أو خافضة للمناعة (بريدنيزون).
ـ عقاقير مضادة للالتهابات (مثل الأسبرين).
ـ عقاقير ضد تخثر الدم.
ـ العلاج بالأجسام المضادة (الغلوبيولين المناعي).
ـ استخدام وسائل الحمل الصناعية الحديثة. وعلى الرغم من أن حجم المعلومات عن معرفة أسباب العقم والإجهاض كبير، فإن الأسباب الحقيقية لكثير من اضطرابات جهاز المناعة لا زالت غير معروفة. والسؤال هل سيكون للغذاء ووسائل الحياة العصرية دور مهم في ذلك! سيظل هذا رهن البحوث العلمية.