الشتاء في المناطق المعتدلة المناخ، وتتسبّب تلك الأوبئة السنوية في جميع أنحاء العالم، في حدوث نحو 3-5 ملايين من الحالات المرضية الشديدة ونحو 250,000 إلى 500,000 حالة وفاة، لا سيما في الفئات ذات عوامل الخطورة المرتفعة (الأطفال أقل من عمر 5 سنوات أو المسنين أو المصابين بأمراض مزمنة).
هناك ثلاثة أنماط رئيسية من فيروس الإنفلونزا الموسمية (A, B, C)، حيث تتفرع فيروسات الإنفلونزا من النمط A إلى عدة أنماط فرعية حسب نوع البروتين السطحي للفيروس والذي قد يتغير نتيجة عمليات جينية أو بيئية مختلفة، ومن أهمهما النمطان الفرعيان: (A (H3N2 و ( A (H1N1 اللذان تم رصدهما من قبل منظمة الصحة العالمية كأكثر الأنماط انتشارا بين البشر.
أما حالات الإنفلونزا من النمط ( C ) فهي أقل حدوثًا مقارنة بالنمطين الآخرين، وعليه فإن لقاحات الإنفلونزا الموسمية الحالية لا تشمل إلا الفيروسات من النمطين (A, B) .
الأعراض والعلاج
علامات وأعراض الإصابة بالإنفلونزا:
ارتفاع حرارة الجسم بشكل مفاجئ (حمى)، قد لا تظهر الحمى عند جميع المصابين.
الإصابة بسعال (عادة ما يكون جافًا).
التهاب (احتقان) الحلق وسيلان الأنف أو انسداده.
صداع شديد.
آلام في الجسم والعضلات والمفاصل.
الشعور بالتعب والإعياء.
القيء أو الإسهال عند بعض الأشخاص، وخصوصًا الأطفال.
ويُشفى معظم المرضى من الحمى والأعراض الأخرى في غضون أسبوع واحد دون الحاجة إلى عناية طبية. ولكن يمكن للإنفلونزا أن تتسبب في حدوث حالات مرضية شديدة أو أن تؤدي إلى الوفاة إذا ما حدثت بين الفئات ذات عوامل الخطورة المرتفعة.
العلاج في حال التعرض للإنفلونزا:
الأدوية المضادة للفيروسات متوفرة، وهي فعّالة في الوقاية من المرض وكذلك علاجه. وهناك صنفان من تلك الأدوية:
1) الأدامانتين (الأمانتادين والريمانتادين)،
2) ومثبطات نورامينيديز الإنفلونزا (الأوسيلتاميفير والزاناميفير).
وقد يحدث تطور لبعض فيروسات الإنفلونزا بحيث تكون مقاومة للأدوية المضادة لها، مما يحد من مدى فعالية الأدوية المضادة للفيروسات. وتقوم منظمة الصحة العالمية برصد حساسية فيروسات الإنفلونزا المنتشرة تجاه الأدوية المضادة لها.
الوقاية والتطعيم
انتشار العدوى:
تنتشر الإنفلونزا الموسمية بسهولة وذلك عن طريق استنشاق حبيبات الرذاذ الحامل للعدوى والمتطاير في الهواء من الشخص المصاب عند السعال أو العطس، كما يمكن للفيروس الانتشار عن طريق لمس الأسطح الملوثة بفيروس الإنفلونزا ومن ثم لمس العينين أو الأنف أو الفم.
وتراوح الفترة الزمنية لانتقال العدوى بين يوم واحد قبل ظهور الأعراض إلى 5-7 أيام بعدها. كما يمكن أن تستمر هذه الفترة لمدة زمنية أطول عند الأطفال والأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة.
وللوقاية من العدوى ينبغي اتباع آداب السعال والعطس (تغطية الأنف والفم عند السعال أو العطس) والمداومة على غسل اليدين بانتظام.
الوقاية من المرض:
إن الطريقة الأفضل والوحيدة للوقاية من الإنفلونزا و مضاعفاتها الخطيرة هي بالحصول على لقاح الإنفلونزا كل عام.
وقد تم إتاحة اللقاحات المأمونة والناجعة واستخدامها منذ ما يزيد على60 عامًا. ويمكن للقاح الإنفلونزا وقاية البالغين الأصحاء من حدوث المرض بنسبة نجاح تصل إلى 90%. كما يمكنه الإسهام في الحد من حدوث حالات مرضية شديدة أو مضاعفات بين المسنين بنسبة 60% تقريبًا. والحد من حدوث الوفاة بسبب المرض أو مضاعفاته بنسبة 80%.
هناك نوعان من لقاح الإنفلونزا:
1) لقاح الإنفلونزا عن طريق الحقن: وهو عبارة عن لقاح يحتوي على فيروس مُعطل (Inactivated vaccine)، يُعطى عن طريق الحقن للأشخاص من عمر 6 أشهر وأكثر بما في ذلك الأشخاص البالغين الأصحاء والنساء الحوامل ومن يعانون أمراضًا مزمنة.
2) لقاح الإنفلونزا بالأنف عن طريق الرذاذ ( Nasal-spray flu vaccine) ويحتوي هذا اللقاح على فيروس حي مُضعّف لا يتسبب في مرض الإنفلونزا. ويعطى من سن 2-49 سنة ولا يعطى للنساء الحوامل والأطفال دون السنتين وكبار السن فوق 65 سنة.
بعد أخذ اللقاح يقوم الجهاز المناعي بإنتاج الأجسام المضادة للفيروس والتي قد تستغرق أسبوعين، يكتسب بعدها الجسم المناعة الواقية من العدوى بفيروس الإنفلونزا الموسمية ولكنه لا يتسبب في الوقاية من العدوى بالميكروبات الأخرى التي تسبب أعراضًا مشابهة .
يقي لقاح الإنفلونزا الموسمية من فيروسات الإنفلونزا التي أثبتت البحوث بأنها الأكثر شيوعًا.
وهناك نوعان من اللقاح أحدهما لنصف الكرة الشمالي وآخر لنصف الكرة الجنوبي وذلك حسب نوع فيروسات الإنفلونزا السارية في نصفي الكرة الأرضية.
ويبلغ نجاح التطعيم ضد الإنفلونزا أعلى مستوياته عندما تتوافق الفيروسات السارية بشكل جيد مع فيروسات اللقاح. والمُلاحظ أن فيروسات الإنفلونزا تتغير بانتظام، وعليه تقوم منظمة الصحة العالمية برصد فيروسات الإنفلونزا التي تسري بين البشر في نصفي الكرة الأرضية، ومن ثم توصي كل عام باستخدام تركيبة لقاحية معينة تستهدف السلالات الأكثر تمثيلًا لما يسري من فيروسات. يوجد حاليا لقاح ثلاثي يحتوي على نوعين من النمط ᴀ و نوع من النمط B، وهناك أيضا لقاح رباعي جديد يشتمل على (نوعين من النمط A ونوعين من النمط B).
أعراض التطعيم الجانبية:
يعتبر تطعيم الإنفلونزا آمنًا، ولكن من الممكن أن تصاحبه بعض الأعراض الموضعية المؤقتة التي لا تزيد مدتها على 48 ساعة على أكثر تقدير، كـ:
احمرار أو تورم بسيط في موضع الحقن.
ارتفاع طفيف في درجة الحرارة.
آلام طفيفة في الجسم.
احتقان في الحلق.
موانع أخذ اللقاح:
هناك بعض الأشخاص الذين لا يُعطى لهم اللقاح إلا بعد استشارة الطبيب، وهؤلاء هم:
من لديهم حساسية شديدة من البيض.
من كان لديه حساسية شديدة للقاح الإنفلونزا في وقت سابق.
من ظهرت لديهم متلازمة غيلان باري (Guillain Barre Syndrome) في وقت سابق بعد أخذ اللقاح.
الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 6 أشهر (لم تتم الموافقة على إعطاء اللقاح لهذه الفئة).
الأشخاص اللذين لديهم ارتفاع شديد أو متوسط في درجة الحرارة ولكن يمكنهم أخذ اللقاح بعد أن تستقر لديهم درجة الحرارة.
الفئات الأكثر عرضة
الفئات الأكثر عرضة لمضاعفات الإنفلونزا:
يمكن أن تصيب الإنفلونزا جميع الفئات العمرية وقد تؤثر فيهم بشدة، غير أن هناك فئات أكثر عرضة لمضاعفات العدوى وهؤلاء ينصح بإعطائهم لقاح الإنفلونزا الموسمية سنويًّا، وهذه الفئات هي:
- المصابون بحالات مرضية مزمنة: (أمراض الرئة المزمنة، أمراض القلب المزمنة، مرض السكري، أمراض الكلى المزمنة، أمراض الكبد المزمنة، ضعف الجهاز المناعي الوراثي والمكتسب).
- الأطفال من 6 أشهر إلى 18 سنة الذين يتناولون علاج الأسبرين الأسبرين لفترة طويلة.
- السمنة المفرطة.
- المسنون الأكثر من 50 سنة.
- الأطفال أقل من 5 سنوات وخاصة من تقل أعمارهم عن السنتين.
- النساء الحوامل.
- من يودون الذهاب للحج والعمرة.
- الفئات الأخرى، مثل العاملين الصحيين أو الذين يعتنون بأطفال تقل أعمارهم عن 5 سنوات وخاصة من يعتنون بأطفال أقل من عمر 6 أشهر(حيث تكون مضاعفات الإنفلونزا لديهم أكثر حدة ولا يمكن أن يأخذوا اللقاح لصغر سنهم).