كافحة الشيخوخة. ويناقش المنتدى العالمي لمكافحة الشيخوخة بحث سبل تمديد حياة الانسان بصورة جذرية، وجمع باحثين في فروع متنوعة من هندسة الانسجة والذكاء الاصطناعي والقانون.
وقال الباحثون في اوراق عملهم المطروحة في المنتدى إنّ غالبية الناس لا يدركون السرعة التي يتقدم بها علم الطب في مضمار مكافحة الشيخوخة. و أن التقدّم الطبّي التقليدي يكفل بأن يعيش الطفل الذي يولد اليوم عمرًا يناهز 120 الى 150 سنة معربين عن اعتقادهم إمكانيّة أن يعيش هذا الطفل عمرًا أطول فيما إذا حققنا الاختراقات الصحيحة في السنوات الخمس والعشرين المقبلة.
ويسعى المنتدى الى اعتماد خطة عمل دولية للشيخوخة، ، للاستجابة للفرص ومواجهة التحديات في مجال شيخوخة السكان في القرن الحادي والعشرين ودعم بناء مجتمع لجميع الأعمار والالتزام باتخاذ إجراءات على جميع الصعد، بما فيها الصعيدان الوطني والدولي، في ثلاثة اتجاهات ذات أولوية هي: كبار السن والتنمية، وتعزيز الصحة والرفاه في السن المتقدمة، وضمان بيئة تمكينية وداعمة.
وقال د. محمد عبدالمنان خان استشاري طب وجراحة التجميل وزميل الكلية الملكية الكندية للجراحين في ورقة العمل التي قدمها في منتدى موناكو العالمي الى ان البرنامج السعودي لمكافحة الشيخوخة يتضمن انشاء مراكز ووحدات وعيادات متخصصة ونموذجية في طب مكافحة الشيخوخة في المملكة العربية السعودية باعتبارها النمط الجديد والمميز للرعاية الصحية الوقائية في الألفية الجديدة. وعزا د. خان اهمية وجود هذا النوع من المراكز الطبية لمكافحة الشيوخة كون ان السعوديين يشعرون بالشيخوخة في سن مبكرة، والكثير منهم تتوقف لديه الرغبة في الحياة في سن الستين، ويبدأ في عدّ أيامه المتبقية وترقب موته في أي لحظة، وهو ما يجعلنا نسأل أنفسنا: لِمَ نحن مختلفون عن الآخرين؟ ولماذا شيخوختنا تسبق شيخوختهم بسنوات؟ وعز د. خان ذلك الى ان المعاناة في المجتمع السعودي هي وجود ضعف واضح في الرعاية الصحية الأولية التي ينتج عنها تفشي الكثير من الأمراض المزمنة، بل إننا «وبلا فخر» نعد أكثر شعوب العالم إصابة بمرضي السكري والضغط؛ وهما من أكثر الأمراض مساهمة في الإصابة بالشيخوخة المبكرة. ولفت د. خان الى ان وحدة طب مكافحة الشيخوخة تستند إلى الاكتشاف المبكر للأمراض والوقاية منها وعلاجها. وإطالة مدة حياتهم الصحية من خلال استخدام التقنيات الطبية الحيوية المتقدمة التي تركز على الاكتشاف المبكر للأمراض ذات الصلة بالشيخوخة والوقاية منها وعلاجها، بما في ذلك الأمراض التنكسية للشيخوخة.
وبين أن أكثر فئة يهددها مرض الزهايمر في السعودية هم من تجاوزوا 80 عاما وتبلغ نسبتهم 14 في المئة من مجموع المسنين في السعودية، مرجعا الأسباب إلى عدة عوامل منها ارتفاع متوسط عمر الفرد، وقلة ممارسة الرياضة والإكثار من تناول الأغذية الدهنية والنشوية، وهو نمط الحياة السائد بين كثير من الأسر السعودية.
واكد ان عدم مكافحة الشيخوخة سيعمل على زيادة هائلة في عدد المصابين بأشكال الخرف، مثل داء ألزهايمر، مبينا ان هناك 44 مليون شخص في العالم مصابون بهذا الداء ومن المتوقع أن يتضاعف العدد أكثر من ثلاث مرات ليصل إلى 135 مليون شخص بحلول 2050.
وافاد ان التكلفة العالمية للرعاية الصحية لمرضى عته الشيخوخة تزيد على 600 مليار دولار أو نحو واحد في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وإن هذه التكلفة آخذة في الارتفاع.
ولفت الاستشاري الدكتور محمد خان الى ان البرنامج السعودي لمكافحة الشيخوخة الذي وضعه لمكافحة ما يسمى بوباء الشيخوخة وضع بشراكة فرنسية مع عيادات la clinique de paris العالمية ومركز العيادات المتخصصة للجراحة التجميلية ويشتمل على إجراء فحوص مفصلة للدم حيث يتم إرسال بعض عينات الدم إلى باريس لإجراء تحليل كامل من اجل الوقاية من الأمراض، وتحديد القصور في الأعضاء، والفحوص الوقائية للأعضاء، وفحص مستويات المعادن، ومضادات التأكسد، ومستويات الهرمونات وضغط الدم، ويلي كل ذلك وصفة طبية وفقا لحالة المريض. وشدد على ان هذا البرنامج في طب مكافحة الشيخوخة هو برنامج وقائي حقيقي لتقصي الشيخوخة، ويشتمل على المعالجة التعويضية بالهرمونات والتي تناسب كل مريض من المرضى. يبدأ التنكس الخطير في سن الخمسين تقريبا، وهو ما يطلق عليه الانقلاب الكبير أو وقت التغير..
وتحدث خان عن اهم الاعراض للشيخوخة عند الاناث والذكور مبينا ان الاعراض ترافقها وعائية حركية و نبض متسارع وهبات ساخنة وبرودة وخفقان وصداع وتعرق ونفسية متوترة قابلة للاثارة وارق واكتئاب وصور سلبية عن الذات ونزعات غير اجتماعية ورغبة في الصراخ الى جانب نزعة للانتحار واحساس بالوخز وعدم القدرة على التركيز وضعف وتعب وتشنج عضلي والام في المفاصل وفقدان للشهية وغثيان وتقيؤ والم في المعدة وامساك وفقدان الوزن وقوة تدفق البول والتهاب في المثانة وتناقص في الرغبة الجنسية وصعوبة الانتصاب ونزعات غير اجتماعية ورغبة في الصراخ الى جانب نزعة للانتحار واحساس بالوخز وعدم القدرة على التركيز وضعف وتعب وتشنج عضلي والام في المفاصل وفقدان للشهية وغثيان وتقيؤ والم في المعدة. وشدد على اهمية ممارسة السلوكيات الصحية السليمة المؤثّرة في حياة الانسان ويشمل ذلك أنواع المأكولات التي نتناولها ومدى قيامنا بنشاط بدني ومدى تعرّضنا للمخاطر الصحية، مثل التدخين أو تعاطي الكحول على نحو ضار أو التعرّض للمواد السامّة. وشدد الدكتور محمد خان على ان نسبة سكان العالم الذين تتجاوز أعمارهم 60 عاماً، في سوف ترتفع بنسبة 22 في المائة عام 2050م ليصل الى 2 مليار نسمة في الوقت الذي يبلغ عددهم الان 605 ملايين نسمة ومن ضمن هذا العالم الدول العربية والخليجية بما فيهم المملكة العربية السعودية. وقال ان مراكز طب مكافحة الشيخوخة تعد خط الدفاع المتقدم في كثير من الدول المتقدمة، وتلعب دوراً مهماً في الكشف المبكر عن الكثير من الأمراض المعدية والوقاية منها والإسهام في خفض نسبة المصابين بالأمراض المزمنة ونشوء جيل أغلبيته لا يعانون «شيخوخة» مبكرة، وهو نتيجة غياب «العدالة الصحية». واختتم د. خان حديثه على ان طب مكافحة الشيخوخة سيعمل على استعادة الحيوية والنشاط وعدم التعب بسهولة وتحسين المزاج، والشعور بالسعادة والرضا وتحسين نوعية النوم وتحسين نوعية الشعر والبشرة وتقليل الدهون في الجسم وتحسين قوة العظام والعضلات وتصحيح هشاشة العظام و تحسين القدرة الجنسية وتحسين المناعة وتنشيط الدورة الدموية وتحسين وظيفة القلب والرئة وتحسين الوظيفة الهضمية وتحسين عملية استقلاب الدهون.
ويعتقد بعض الباحثين المشاركين في منتدى موناكو العالمي لمكافحة الشيخوخة أنه بالإمكان استدراج جسم الانسان الى حياة اطول باستبدال الأجزاء المستهلكة نتيجة الاندثار وتحديث كيمياء الجسم الحياتية كلما تحدث مشاكل. ويرى هؤلاء العلماء ان مثل هذه الاجراءات ستصبح شائعة بعد عقدين أو ثلاثة عقود من الآن.
وقالوا ان العلماء لا يبحثون عن وصفة سحرية واحدة لعلاج الشيخوخة بل يكافحون بدلاً من ذلك امراض الشيخوخة مثل الزهايمر والسرطان وامراض القلب والدورة الدموية. وهم يعتقدون ان النجاح في معالجة مثل هذه الأمراض يعني تأجيل الموت وطرح البروفيسور توم كيركوود من جامعة نيوكاسل البريطانية نظرية تقول اننا نموت لأن الجينات المشفرة للقيام بأعمال الصيانة مثل ترميم المادة الوراثية أو الحمض النووي والانزيمات المضادة للتأكسد، تفقد حيويتها بوتيرة مطّردة. ويعود هذا إلى أن الحياة انما هي توازن بين قوتين متزاحمتين هما الحاجة الى التكاثر والحفاظ على الجسم فترة كافية لأداء هذه المهمة. بعبارة أبسط، ان اجسامنا تحافظ على نفسها فترة كافية لإنجاب اطفال فقط.
المفارقة
فإذا تمكنا من الارتقاء بعمليات صيانة الجسم ـ أو تصليح اي تلف اصطناعيًا بتبديل أعضاء الجسم ـ سيكون بمقدورنا ان نعيش حياة أطول بكثير. في غضون ذلك، يعتقد البروفيسور كريس ميسون المختص بطب الحياة في كلية كنغ في لندن، بأنه في غضون عقود قليلة ربما سيكون بمقدور العلماء تعليم الجسم على انتاج اعضائه بنفسه. وهو يشير الى مشروع يعمل عليه احد مراكز الابحاث العالمية منذ اربعين عامًا لايجاد طرق تساعد على اعادة انتاج الأطراف التي يفقدونها.
ويقول البروفيسور ميسون ان البشر قادرون على تجديد بعض اعضاء الجسم بصورة طبيعية مثل الكبد واللسان. ومن حيث المبدأ فإننا «ينبغي ان نكون قادرين على اعادة انتاج أعضاء أخرى ايضًا مثل الأذرع والسيقان». في غمرة كل هذا التفاؤل يدعو علماء آخرون الى التأني. ويؤكد ريتشارد فاراغر رئيس الجمعية البريطانية لابحاث الشيخوخة أن هناك طرقا عديدة لتحسين الصحة العامة باجراءات بسيطة مثل تصليح كسور الورك بطرق أشد فاعلية.
ويأتي منتدى موناكو العالمي لمكافحة الشيخوخة في ظل الاعتراف ان العالم يشهد تحولا ديموغرافيا غير مسبوق وأنه بحلول عام 2050 سيزداد عدد الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 60 سنة من 600 مليون شخص إلى نحو بليوني شخص، وبأنه يتوقع أن تتضاعف نسبة الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 60 سنة من 10 في المئة إلى 21 في المئة. وستكون هذه الزيادة الأكبر والأسرع في البلدان النامية حيث يتوقع أن يتضاعف عدد كبار السن أربع مرات خلال فترة ال 50 سنة المقبلة. ويشكل التحول الديموغرافي تحديا لجميع مجتمعاتنا لخلق مزيد من الفرص الذي اعلنته الألفية بشأن وجود بيئتين دولية ووطنية تعززان قيام مجتمع لجميع الأعمار. والعمل بالتوصيات الواردة في خطة العمل الدولية للشيخوخة، التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة والمتضمنة توجيهات في مجالات الاستقلالية والمشاركة في تعزيز التعاون الدولي أمر أساسي لاستكمال الجهود الوطنية الرامية إلى تنفيذ خطة العمل الدولية للشيخوخة.
وان العالم المعاصر يملك قدرات صحية وتكنولوجية لم يسبق لها مثيل كما أنه يتيح فرصا خارقة للعادة من أجل: تمكين الرجل والمرأة من بلوغ سن متقدمة في صحة جيدة وتحقيق أكمل درجات الرفاه؛ والسعي إلى تحقيق الإدماج والإشراك الكاملين لكبار السن وتمكين كبار السن من المساهمة بفعالية أكبر في مجتمعاته المحلية وتحسين خدمات الرعاية والدعم باستمرار لكبار السن كلما كانوا محتاجين إليها.
ولهذا السبب، جاء منتدى موناكو للاقرار بأهمية إدراج الشيخوخة في الخطط الإنمائية، وكذا في استراتيجيات القضاء على الفقر وفي الجهود الرامية إلى تحقيق مشاركة جميع البلدان النامية في الاقتصاد العالمي ويتسم قطاع الصحة بأهمية أساسية لحالة المسنين . وتركز ردود الحكومات على قضايا مختلفة، بما في ذلك دعم الأدوية والإعفاء من رسوم الاستخدام ونظم التأمين الصحي وتقديم خدمات خاصة، بما في ذلك إنشاء أقسام خاصة بطب الشيخوخة، والاهتمام الذي يركز على بعض الأمراض المزمنة وتدريب الأفراد وإجراء البحو ث واتخاذ سياسات لمعالجة مسائل الصحة العقلية، وخاصة مرض الخرف، وعلى وجه التحديد مرض الزهايمر (فقد الذاكرة).
ويسعى المنتدى الى تعديل بعض السياسات الصحية الوطنية لمعالجة تزايد معدل الإصابة بأمراض مزمنة التي كثيرا ما تصيب كبار السن. وقد اتخذ عدد قليل من البلدان خطوات لكفالة حق كل شخص يزيد سنه عن 65 عاما في إجراء فحوص طبية مجانية له بصورة منتظمة، بما في ذلك تشخيص وعلاج الأمراض المزمنة وُقدمت تقارير عن توفير خدمات منزلية وخدمات متجولة في مراكز حضرية وريفية . كما أنشأ عدد قليل من الحكومات صناديق صحية وطنية، ووزع بطاقات صحية للمطالبة بتكاليف مخّفضة للأدوية، في حين قامت حكومات أخرى بوضع آليات لكفالة الحصول على الموافقة المناسبة من المرضى المسنين على تقديم خدمات لهم وعلاجهم. وأعرب الباحثون عن الكثير من مشاعر القلق في هذا الشأن حيث تؤكد المنظمات غير الحكومية أنه ما زال يجري تجاهل كبار السن وإيلاء أولوية منخفضة لهم في السياسات والبرامج الصحية ورصد الموارد لهم. وفي الوقت الراهن، ما زالت المناقشات بشأن الرعاية الصحية في البلدان منخفضة الدخل ومتوسطة الدخل تركز بشدة على صحة الأم والطفل، ولهذا السبب، تغيب عن المناقشات مسائل صحية طوال دورة الحياة، بما في ذلك المسائل المتعلقة بكبار السن . وهناك أيضا اهتمام محدود بالأمراض غير اُلمعدية، رغم أن الشيخوخة تشكّل أحد العناصر الرئيسة وراء زيادة هذه الأمراض وأن الإصابةا تحدث بصورة رئيسية في سن متقدمة . وبالإضافة إلى ذلك، لا تزال تكلفة الحصول على الرعاية الصحية والأدوية باهظة بالنسبة لكثير من النساء المسنات والرجال المسنين الأكثرميشا. وشدد الباحثون ان التحديات التي تواجهها الدول الأعضاء، خاصة البلدان ذات الدخل المنخفض وذات الدخل المتوسط، تشمل عدم وجود سياسات صحية شاملة، بما في ذلك الوقاية وإعادة التأهيل ورعاية المرضى الميئوس من شفائهم؛ ولا يوجد سوى عدد قليل من الخطط أو الاستراتيجيات الوطنية المعنية بالشيخوخة الصحية والفاعلة تضمن المأوى والأغذية الأساسية والمرافق الصحية والمياه الصالحة للشرب والأدوية الأساسية؛ والافتقار إلى الأُطر القانونية لرصد انتهاكات حقوق الإنسان في مرافق الرعاية طويلة الأجل؛ وعدم اتخاذ تدابير محددة لتجنب الألم وتوفير الرعاية التسكينية التي تتيح للمرضى الميئوس من شفائهم الموت بكرامة. ويتجه كبار السن إلى اللجوء إلى مراكز الرعاية الصحية بعد بلوغ المرض مراحل متقدمة. وكثيرا ما ينجم هذا عن عدم توفر إمكانية حصولهم على الرعاية الصحية، بما في ذلك بُعد المسافة وتكلفة السفر إلى المِرفق، خاصة في المناطق الريفية.
ودعا الباحثون الى إصلاح قطاعي الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية، ومنها الرعاية طويلة الأجل التي تتسم برامجها بالرعاية المنزلية والدعم المنزلي بأهمية جوهرية لكبار السن.