حاد أو التغذية غير الصحية.
وقد أجريت عدد من الأبحاث على تأثير الصيام على النوم والتركيز، وذلك باستخدام ما يُعرف بـ"الصوم التجريبي"، والذي قد يمتد لساعات أطول من الصيام الإسلامي ويُسمح فيه للصائم بشرب الماء، وأظهرت جميع الأبحاث أن "الصوم التجريبي" يزيد الانتباه والتركيز، ولا يسبب الخمول والنوم.
وفيما يخص الصوم كفريضة إسلامية، أفاد بحث سابق أجراه فريق من "المركز الجامعي لطب وأبحاث النوم" بجامعة الملك سعود، بالمملكة العربية السعودية، ونشر في مجلة "Appetite 2010"، بأن الصيام الإسلامي في حد ذاته لا يغير الساعة البيولوجية، المسؤولة عن ضبط إيقاع اليوم ما بين اليقظة والراحة، أو يسبب اضطرابات النوم، ولكن الأمر يرتبط بعوامل أخرى قد تسبب ذلك، مثل تغير نمط الحياة.
وفي بحث آخر أجري على مجموعة من المتطوعين الأصحاء ونُشر في مجلة "Sleep and Biological Rhythms"، تم قياس هرمون "الميلاتونين"، الذي يعكس نظام الساعة البيولوجية في الجسم، خلال شهر رمضان، بعد التحكم في نوعية وأوقات الأكل وكمية الضوء التي يتعرض لها المتطوعون خلال الليل، ولم يجد الباحثون أي اختلاف في النظام المعتاد (الإيقاع) اليومي لإفراز هرمون النوم (الميلاتونين) خلال الشهر الكريم مقارنة بشهر شعبان (كنموذج لشهور السنة الأخرى)، كما أن دراسات وقياسات النوم الموضوعية في المختبر لم تظهر أي تغير في جودة النوم خلال شهر رمضان، بحسب الأستاذ الدكتور أحمد سالم باهمام، أستاذ واستشاري أمراض الصدر واضطرابات النوم، مدير مركز طب وأبحاث النوم بجامعة الملك سعود.
ويرجع اختلال الساعة البيولوجية بالأساس في رمضان إلى التغير المفاجئ في عادات النوم عند كثير من الناس، فينقلب الليل نهارًا والنهار ليلًا وهو ما يتناقض مع فطرة الإنسان، إذ ينام الكثيرون في أوقات متقطعة وغير مناسبة من الليل أو النهار، كتعويض عن النقص في ساعات النوم الليلية الضرورية لراحة الجسم.
وخلال رمضان أيضًا، تنشط المحال التجارية حتى ساعة متأخرة من الليل، وتستمر برامج القنوات الفضائية طوال اليوم، وتكثر التجمعات بين الأقارب والأصدقاء، مما يؤخر وقت الخلود للنوم ليلاً، ويتسبب بالتبعية في الإحساس بالخمول والنعاس وسوء الحالة المزاجية خلال النهار.
وقد ترجع اضطرابات النوم أيضًا للعادات الغذائية الخاطئة، مثل الإفراط في تناول المأكولات الدسمة أو الغنية بالسكريات، أو شرب الكثير من المنبهات المحتوية على الكافيين، مثل الشاي والقهوة في الفترة ما بين الإفطار والسحور.
ويسبب هذا التغيير المفاجئ اضطرابات الساعة البيولوجية، كمتلازمة تأخر النوم، أو المعاناة من نمط النوم العكسي، أو اضطراب إفراز هرمون "الميلاتونين"، الذي يقل معدله مع التعرض المفرط والمطوّل للضوء، وقد تستمر الاضطرابات إلى ما بعد رمضان.
ولا تعني الدعوة إلى ضبط وتيرة النوم في رمضان التقصير في تأدية العبادات الدينية، بل المطلوب هو تنظيم الوقت والحفاظ على راحة الجسم والأخذ بأسباب النوم السليم، حتى يمكن تأدية العبادات بنشاط، ويمكن تجنب اضطرابات النوم من خلال عدة نقاط:
- الانتظام في نمط الحياة اليومي وعدم التغير المفاجئ في مواعيد النوم والاستيقاظ خلال الشهر الكريم، فنوم النهار لا يغني عن نوم الليل.
- الاهتمام بالحصول على ساعات نوم كافية بالليل، مع أخذ غفوة قصيرة (قيلولة) أثناء النهار من أجل استعادة النشاط والاستعانة على قيام الليل، على أن تتراوح مدتها ما بين 15 إلى 40 دقيقة، ولا تزيد عن ذلك حتى لا تسبب الخمول.
- تنظيم مواعيد الطعام، مع التعجيل بالفطر وتأخير السحور، وتجنب الإفراط في تناول الطعام والوجبات الدسمة، حيث إن ذلك يمكن أن يؤدي إلى اضطراب النوم، وزيادة ارتداد الحمض إلى المريء، مما يؤثر على جودة النوم.
- الامتناع عن تناول المشروبات المنبهة، التي تحتوي على "الكافيين"، على مائدة السحور، حتى لا تتسبب الأرق.
- النيكوتين هو أحد أنواع المنبهات، فتدخين السيجارة يؤدي إلى نوم متقطع.
- تجنب التعرض للأضواء الشديدة، مثل شاشات التليفزيون أو الحواسيب أو الهواتف الذكية في فترة السحور، وبمجرد خفض الضوء نقوم بتحفيز الجسم على خفض درجة حرارته، وبالتالي تنشيط هرمون الميلاتونين، ويُفضّل التعرض للضوء المباشر فور الاستيقاظ صباحًا كوسيلة لضبط وتيرة النوم واكتساب النشاط سريعًا.
- تجنب النظر المتكرر إلى ساعة المنبه؛ لأن ذلك قد يزيد التوتر ومن ثم الأرق، وتجنب استخدام الساعات التي تضيء بالليل.
- الأطفال تحديدًا بحاجة إلى ساعات نوم كافية، من أجل اكتمال نموهم البدني والعقلي