يطرة عليها. لقد ظهر مع هذه الجائحة الكثير من العبارات والمصطلحات التي بتنا نسمعها وتعودنا عليها مثل: «خليك في البيت»، «التباعد المجتمعي»، «السلام بالعين والنظر»، «لا تصافح»!
- تسطيح منحنى الإصابات
لماذا يحبس الشخص نفسه بالبيت؟ وإلى متى؟ وكيف يتم التباعد المجتمعي؟ ولماذا لا نتصافح؟ وكيف يتم السلام بالنظر؟ تجيب على هذه التساؤلات الدكتورة إلهام طلعت قطان أستاذة الفيروسات الممرضة والجزيئية المساعدة بجامعة طيبة، وتوضح أن من الصعب على الكثيرين منا فقدان الحميمية والأحضان في علاقاتنا الأسرية والمجتمعية خاصة أننا شعوب تربينا على السلوك الجسدي للتعبير عن مشاعرنا وفي التواصل فيما بيننا. لكن الانتقال إلى العالم الجديد بات يقودنا إلى تعميق الفكر والحرص أكثر على ذوينا وأحبتنا وأهلينا، فكلنا مسؤولون عن ردود أفعالنا في الالتزام والحرص في فهم المعنى والبعد الحقيقي لوبائية وانتشار هذا المرض.
* ما هو «تسطيح المنحنى»؟ وعلينا معرفة كيفية السيطرة على الوباء وذلك بدفعه نحو الانحسار، وليس بالانتشار؛ وذلك بـ«تسطيح منحناه curve flattening» بما يساعدنا على تجاوزه والتخلص منه. وتقول الدكتورة إلهام قطان إن تسطيح المنحنى أو تسوية المنحنى هو مصطلح جديد بالنسبة للبعض من الناس حيث إنه أخذ في الظهور مع هذا المرض في الكثير من الأوساط والمجالات العلمية. وقبل أن نشرح هذا المنحنى، سيكون من الأفضل أن نفهم كيف أنه ينطبق على انتشار هذا الڤيروس، COVID - 19 - وذلك بين السكان والمجتمعات. فإذا قمنا برسم عدد الإصابات على الرسم البياني في الشكل المرفق رقم (1) فسنجد أنه لن يرتفع في خط قطري مستقيم عند تركه بدون ضوابط (بدون تدخل) أي إذا لم نفعل ما يكفي لمنع حدوث إصابات جديدة وهي (الإجراءات الاحترازية الوقائية) وبالتالي فإن معدل الحالات الجديدة سوف يزداد بشكل كبير ومستمر وبالذات مع التواصل والاتصال المجتمعي كل يوم وكل ساعة.
وعندما نستخدم عبارة «المنحنى» فإنها، علمياً، تكون على الأغلب للإشارة إلى الزيادة التصاعدية للعدوى كما هو مُشار إليه في شكل (1) وهذه الزيادة التصاعدية ستكون في التزايد المستمر كأسوأ ما يمكن إذا لم تقم الدول بوضع آلية لمنع هذا التزايد ومنع الإصابات الجديدة أو بالأحرى «الانتشار» وذلك بالتدخل بتطبيق الإجراءات الاحترازية الوقائية؛ وحينئذ فإن «تسطيح المنحنى» يُشير إلى إبقاء عدد الحالات الجديدة على مسار أقل وأكثر قابلية للتنبؤ به.
* متوالية كورونا... كيف تزداد أعداد المصابين؟ إن الاختلافات الطفيفة في معدل انتقال الإصابة بالفيروس يمكن أن تؤدي لاختلافات كبيرة في مجمل أعداد الإصابة بفيروس كورونا. فإذا كان معدل الإصابة ما بين 1.3 شخص إلى 3.5 شخص أي أن الشخص الواحد يمكنه أن ينقل المرض إلى (1.3. 3.5) أشخاص آخرين على التوالي. فإذا أصيب (4) أشخاص بفيروس كورونا وكان معدل الإصابة هو (1.5) شخص فسوف ينقلون المرض إلى (6) آخرين، وهؤلاء الستة سوف ينقلون المرض إلى (9) أشخاص. أما إذا كان معدل الإصابة (3.5) فهنا سينقل الـ(4) أشخاص المرض إلى (14) شخصا وهؤلاء بدورهم ينقلون المرض إلى 49 آخرين وهكذا.
- منظومة الرعاية الصحية
تجيب الدكتورة إلهام قطان: إنه سؤال مهم جدا، وإن البعض من المتذمرين ستكون إجابتهم ببساطة شديدة كالتالي: إذا كان المرض سيصل إلينا في النهاية، فلماذا لا نحصل عليه من الآن وننتهي منه!
أما عند الغالبية العظمى، فإن الإجابة على هذا السؤال ستختلف وسيتعلق الأمر عندها والتساؤلات بأنظمة ومنظومة الرعاية الصحية، وهل سيكون لديها القدرة للتعامل مع عدد معين من المرضى فقط! أم أن القدرة لديها هي على عكس ذلك؟
إن القدرة على استيعاب الكثير من المرضى، والتشكل على فرضية الازدياد في السعة والانتشار، يعني أنه سيتم حتماً التوجه نحو الإبعاد، أو النقص في الإمداد كما هو الحال فيما شاهدناه في إيطاليا وإسبانيا وبعض الدول الأخرى فتكدست الحالات لديهم إضافة إلى أن العديد منهم بما في ذلك كبار السن تعرضوا وبشدة لخطر العواقب الصحية التي نتجت عنها الوفيات.
إن علاج الحالات الشديدة هو أمر يفعله الأطباء في جميع أنحاء العالم، وبالطبع فهذا واجبهم ولكن حين لا يوجد عدد كبير جداً من المستشفيات، ولا يوجد العدد الكافي من الأسرة في تلك المستشفيات لمراقبة المرضى ناهيك عن تذبذب خطوط الإمداد مع زيادة احتمالية العدوى للفرق الطبية، عندها يكون فيه منحنى التسوية مهماً جداً.
حتى الدول التي لم تتمكن من إيقاف تفشي هذا الوباء وهذه الجائحة، نتيجة لعدة عوامل منها البحث عن العلاج أو البحث عن اللقاح والذي سيستغرق حتما وقتا ليس بالهين، فإن إبطاء معدل إصابة الأشخاص في مجتمعاتها والعمل على إنقاص العدد إلى الحد الأدنى هو الحل الذي سعت إليه نظم الرعاية الصحية للمجتمعات في سبيل ردع هذا الڤيروس وفي سن الإجراءات الوقائية للحظر والتباعد المجتمعي مع إعطاء أولوية التعامل مع المرضى المصابين أولاً وبشكل فردي ثم توفير الرعاية للجميع ثانياً. ولتوضح أكثر، تضيف الدكتورة إلهام قطان أننا في سيناريو هذه الجائحة، مجملاً، لا يمكننا السيطرة على وتيرة تفشي الڤيروس بصوره قطعية وبالتالي سيعاني الكثير والكثير من الناس من عواقب صحية أكثر خطورة ستؤدي حتماً إلى المزيد من الوفيات.
وهنا يظهر سؤال آخر: ما الذي سيحدث إذا أبطأنا معدل حدوث هذه العدوى وهذا الانتشار؟ تجيب الدكتورة إلهام قطان بأن المتوقع هو زيادة أعداد الأشخاص الذين سوف يحصلون على المساعدة التي يحتاجونها. وحتى إذا أدت السيناريوهات إلى إصابة نفس العدد من الأشخاص، فإن معدل الإصابة البطيء سينقذ المزيد من الأرواح ويجعل المرضى أصحاء بشكل أسرع.
وما الذي يمكن فعله للمساعدة في تسوية المنحنى؟ أشادت الدكتورة قطان بالإجراءات التي اتفقت عليها الدول وكانت المملكة إحداها، بل إنها تعتبر المملكة العربية السعودية أكثر الدول حرصاً على التوجه الصارم في تنفيذ الإجراءات الاحترازية بما يخدم مصلحة المواطن والمقيم بالمملكة في المقام الأول ثم الإنسانية جمعاء. ويتضح ذلك جليا من الآتي: وجهت الوزرات وعلى رأسها وزارة الصحة بالتشدد في تطبيق الإجراءات الاحترازية الوقائية، والتوجيه بحظر المناطق والعزل المنزلي والابتعاد الاجتماعي والمنع من التعرض للازدحام الكبير، التوجيه بالعمل من المنزل إذا كان ذلك متاحاً، والبقاء بشكل عام في الداخل مع التعقيم ومبادرات الضوابط الوقائية. وهذه التوجهات العلمية المشددة لهي من الأهمية بمكان في خطة العمل على انحسار الفيروس وتقهقر انتشاره.
- التعامل مع الحالات
* إذا أصيب شخص بالعدوى، فإن الخيارين المتاحين عند التبليغ هما الحجر الصحي أو دخول المستشفى.
* إذا كانت الحالة من الفئة العمرية الشابة والوضع الصحي العام لها جيد وتتمتع بمناعة عالية، فالخيار المحتمل هنا يكون بعزلها في المنزل وهو أجدى لها بعد التبليغ، وهذا لا يعني أنه يمكنها التحرك بحرية، فهذا لا ينبغي البتة منعاً لانتشار العدوى، لذلك عليها بالبقاء في الداخل حتى شفائها تماماً وظهور نتائج سلبية للڤيروس.
* ومن المفيد عمل تحليل الأجسام المضادة، أيضاً، للحالات المخالطة والحالات التي شُفيت لضمان عدم عودة العدوى.
إن اتخاذ التدابير الوقائية بما في ذلك خطوات ومراحل الحظر والتشديد على العزل المنزلي والتي أعلنت عنها منظمات الصحة لجميع الدول ووزارة الصحة السعودية بشكل خاص تضمن عدم انتشار العدوى إلى المزيد من الأشخاص وعليه سيكون من المفيد للجميع اتباع ذلك والحرص عليه لحين الإذن بالوقت الذي يكون فيه استئناف روتين الحياة لنا جميعا أكثر أمناً وبشكل أكثر طبيعية. ولا ضير من أن نبقى داخل بيوتنا لعدة أسابيع أخرى فهي في الأول والأخير لمصلحتنا وحمايتنا وأهلينا أجمع.
ووفقا للمتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة الدكتور محمد العبد العالي، عن المدة المتوقعة لاختفاء فيروس كورونا المستجد (كوفيد - 19) من المملكة: فلقد جرت العادة في مثل هذه الفيروسات في العالم أن نتحدَّث عن شهور عدة لاحتوائها، لكن الاحترازات التي يتم تطبيقها تتفاوت فترتها الزمنية بتفاوت تأثيرها على المنحنى، إضافة إلى المستجدات التي تقع. وكلما كنا متقيدين بالتعليمات والسلوكيات الصحية سنسير على منحنى معروف ومدروس، وسنكون على أفضل المنحنيات، وهذا منوط بالتزامنا.
وفي الختام، نذكّر الجميع بالتوصيات المهمة للوقاية من الفيروس؛ السلوكيات الصحية خاصة غسل اليدين بشكل مستمر، والتباعد الاجتماعي، ونعني به أن يكون دائماً بيننا وبين بعضنا مسافات، والبقاء في المنزل لأكبر قدر ممكن، والبعد عن أي وجود خارج المنزل إلا للضرورة القصوى، وعدم الاستماع لأي شائعات، وأن يتم الحصول على المعلومات حول جائحة «كورونا» والاستفسارات والمشورة من خلال القنوات الرسمية، عبر مركز الاتصالات التابعة لوزارة الصحة «937» على مدار الساعة أو عبر تطبيق «موعد» للقيام بالتقييم الذاتي.