ا أو يتم الدفاع عنها بأنها جزء من العادات والتقاليد والتراث الديني، ويتم الاستشهاد بتفاسير «معينة» تخدم تبرير العنف الأسري مع الزوجات والأطفال وآخرين من أفراد الأسرة وظاهرة التنمر عامة وربط ذلك كله بأنه «أمر ديني» و«دفاع عن العرض والشرف والأخلاق العربية الأصيلة». وطبعا كل ذلك يندرج تحت بند الافتراء، لأن في ذلك تعارضا صريحا مع السنة الفعلية للرسول صلى الله عليه وسلم، وهو الذي لم يكن إلا حنونا ورقيقا ولطيفا، ولم يعتد باللفظ ولا باليد على أحد. وعلى الصعيد المحلي يعود الفضل الكبير لمناهضة التنمر والتصدي لظاهرة العنف الأسري إلى الدكتورة الشجاعة مها المنيف، وهي طبيبة، ولديها دكتواره في الطب والجراحة، وهي أيضا الرئيس التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني، ولها اهتمامات ومشاركات وكتابات ومحاضرات هائلة عن العنف الأسري والعنف ضد الأطفال أيضا. وهي أيضا عضو في الشبكة العربية لحماية الطفل من الإيذاء، وفي لجنة ضحايا العنف الأسري. الدكتورة مها المنيف مثال حي وواقعي على قدرة المرأة السعودية في صناعة التغيير وفن الممكن في ظروف غير ممكنة. عملت بجرأة وإخلاص وتركيز على هدف واحد وهو رفع وعي المجتمع أمام وضع كارثي وظاهرة عنف تفشت. فالعنف مع التشدد والضرب وثقافة الكراهية تؤدي جميعها إلى تطرف وإرهاب. ونجحت الدكتورة مها برفع درجة الوعي، ووفرت شبكة حماية وأمان كدور إيواء ورقم تواصل ومستشارين مختصين، ساهم كل ذلك في إيجاد حلول لمشاكل كان من الممكن أن تتحول إلى مآس.
ثقافة كان فيها مواد يتم ترديد جمل فيها مثل «ضرب زيد أحمد» يكون فيها من الطبيعي خروج مظاهر تنمر ثقافي واجتماعي واقتصادي وديني، كل ذلك كان يصب في مشروع الدكتورة مها المنيف وهو الذي جعلها تفوز عام 2014 بجائزة أشجع امرأة في العالم عن جدارة، وقدم لها الجائزة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما. لم يغب هذا الهدف عن مها المنيف أبدا حتى عندما تنمرت لها الحياة قاومت ببسالة واستمرت. من خلال هذه السطور اقترح على جائزة الملك فيصل أن تمنح جائزتها لخدمة الإسلام للدكتورة مها المنيف لأنها تقدم نموذجا حقيقيا في محاربة الجهل والعدوان من أرض الحرمين، وهذه رسالة للعالم بأسره عن السعودية الجديدة التي تتغير. ولا أجد أقدر منها من تولي وزارة الصحة أو الشؤون الاجتماعية واللتين بهما تحديات عظيمة تجعل من قيادية كالدكتورة مها المنيف الأقدر على مواجهة ذلك. فخور بانتمائي لوطن فيه الدكتورة مها المنيف.