بل أن يتحكم فيك». وإلى جانب المتحدثين السعوديين، شارك في المؤتمر عدد من المتحدثين العالميين البارزين، مثل بروف بيتيجين أستاذ أمراض القلب من تركيا، والبروفسور كيه - تسيوسفيس، الحاصل على جائزة مركز التميز بالجمعية الأوروبية لارتفاع ضغط الدم (ESH)، والبروفسور روبيرتو فيراري، رئيس قسم القلب بجامعة «فيرارا» بإيطاليا، والأستاذ الدكتور عبد الله شهاب، رئيس جمعية القلب الإماراتية، والبروفسور الأميركي سنجد (مكتشف متلازمة سنجد).
وتأتي أهمية هذا المؤتمر من كونه يناقش أحد الأمراض التي تتعلق بمخاطر تضرر القلب والأوعية الدموية، وهو «فرط ضغط الدم» الذي يعتبر من أكثر مسببات أمراض القلب والسكتات الدماغية التي يمكن الوقاية منها. وإذا ترك فرط الضغط دون السيطرة عليه فيمكن أن يؤدي إلى الإصابة بنوبة قلبية، وتضخم القلب، وقصور القلب في خاتمة المطاف. وقد تظهر نتوءات (كييسات دموية) في الأوعية الدموية، ونقاط ضعيفة تزيد احتمالات انسدادها وانفجارها. ويمكن أن يتسبب ضغط الدم داخل الأوعية الدموية في تسرب الدم إلى الدماغ فتحدث السكتة الدماغية. كما أن فرط ضغط الدم يمكن أن يؤدي إلى الفشل الكُلوي والعمى وضعف الإدراك.
* مرض عالمي
وفقا لإحصائيات الجمعية العالمية لضغط الدم (International Society of Hypertension)، توجد أعلى معدلات انتشار هذا المرض في أفريقيا (46 في المائة من البالغين)، في حين توجد أقل معدلات انتشاره في الأميركتين (35 في المائة من البالغين). وبصفة عامة، تقل معدلات انتشار ضغط الدم في البلدان المرتفعة الدخل (35 في المائة من البالغين) عنها في الفئات المنخفضة والمتوسطة الدخل (40 في المائة من البالغين) بفضل السياسات العامة المتعددة القطاعات الناجحة، وإتاحة الرعاية الصحية على نحو أفضل.
وتشير إحصائيات وزارة الصحة السعودية إلى أن انتشار ارتفاع ضغط الدم يزداد مع التقدم في السن؛ حيث يبلغ 3.2 في المائة بين أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة، و51.2 في المائة بين الذين تتراوح أعمارهم بين 55 و64 سنة، و70 في المائة بين من بلغت أعمارهم 65 سنة وأكثر. وقد تمت ملاحظة ارتفاع حالات ما قبل الإصابة بارتفاع ضغط الدم؛ حيث وصلت إلى 46.5 في المائة بين الذكور و34.3 في المائة بين الإناث.
الأسباب وعوامل الخطورة
تحدثت إلى «صحتك» عضو اللجنة المنظمة للمؤتمر، الدكتورة إيمان أشقر، استشارية أمراض القلب، وعضو الجمعية السعودية لضغط الدم، وأوضحت في البداية أن ضغط الدم هو المقاومة التي يقوم بها القلب لضخ الدم في الشرايين، ويكون الضغط الطبيعي 120 – 80، والحد الأقصى 139 - 85 ملِّيمتر زئبق. ويتم تحديد ضغط الدم من خلال كمية الدم التي يضخها القلب نتيجة تضيق الشرايين الصغيرة، ويتبعها الأكبر فالأكبر، وعندما يجد القلب تلك المقاومة فيرتفع ضغط الدم الشرياني. وقد يكون الضغط مرتفعاً لوقت طويل قبل ظهور الأعراض التي تتمثل في حدوث صداع، أو رعاف، أو ضيق في التنفس عند بذل مجهود؛ وقد لا تكون هناك أعراض (القاتل الصامت).
وأضافت الدكتورة إيمان أشقر، أن ارتفاع ضغط الدم قد يصيب صغار السن نتيجة وجود اختلافات خلقية منذ الولادة، مثل تضيق الشريان الأورطي، ويصيب الكبار نتيجة انقطاع النفس الانسدادي النومي، وبالذات مع البدانة، وضعف الغدة الدرقية، والتهاب الكلى المزمن، وأورام الغدة الكظرية، واستخدام بعض الأدوية، مثل حبوب منع الحمل، وعلاجات البرد، ومزيلات الاحتقان، ومسكنات الألم، والمنبهات، والمخدرات مثل الكوكايين والأمفيتامين والكحوليات.
وحذرت من عوامل الخطورة التي يمكن التحكم فيها، ومنها: السمنة، والتدخين، وانعدام النشاط البدني، وزيادة الملح في الطعام، والكحول والمنبهات، والانفعال والضغط النفسي، وإهمال علاج الأمراض المزمنة، مثل داء السكري وزيادة الكولسترول وأمراض الكلى. وأشارت إلى أن هناك بعض العوامل التي يمكن أن تسبب ارتفاع ضغط الدم ولكن لا يمكن التحكم فيها، مثل العمر (حيث تزيد فرصة الإصابة كلما تقدم العمر)، والتاريخ المرضي للعائلة (حيث يعد ارتفاع ضغط الدم من الأمراض الوراثية، ويزداد احتمال الإصابة في حال إصابة أحد الوالدين أو الإخوان بالمرض).
كما تحدث إلى «صحتك» عضو اللجنة المنظمة للمؤتمر، الدكتور غالب عبد المحسن الفرج، استشاري طب الأسرة، وعضو مجلس الإدارة في الجمعية السعودية لرعاية ضغط الدم، موضحاً أن مرض ارتفاع ضغط الدم، يعتبر من أمراض العصر المزمنة، وهو من زمرة أمراض القلب والأوعية الدموية، ويظل يرافق الشخص المصاب لبقية حياته.
وتشير بعض الدراسات المحلية إلى إصابة ربع البالغين من سكان المملكة بمرض ارتفاع ضغط الدم، وبذلك فهو يشكل عبئاً متزايداً على صحة المجتمع، كما يرتبط علاجه جذرياً بتحسين نمط وأساليب الحياة، مثل الرياضة والغذاء والتوتر.
وأضاف الدكتور الفرج أن عدم علاج المرض بشكل جيد وكامل ومستمر، يؤدي إلى مآلات وخيمة على أجهزة الجسم المستهدفة، وبالأخص الكلى وشرايين القلب والدماغ والأطراف والعيون.
أنواع ارتفاع الضغط
- النوع الأول، وهو السائد، ويسمى ضغط الدم الأولي، وليس له سبب واحد معين؛ بل هو نتاج عوامل جينية وراثية وعوامل بيئية. وغالباً ما يصيب الأشخاص في منتصف العمر وما فوق، وهو الشائع والغالب، وهو ما نحن بصدده في هذا الحديث.
- أما النوع الثاني، فهو ثانوي ينتج عن أمراض أخرى، مثل أمراض الغدد، وتضيق شريان الكلية، وتناول بعض الأدوية بشكل مزمن، وهو أقل شيوعاً. ويترافق مرض ارتفاع ضغط الدم غالباً مع أمراض أخرى تعتبر رديفة ومصاحبة له، وبالأخص مرض السكري، والسمنة، واختلال دهون الدم والكولسترول. كما تزيد احتمالية حدوثه أو ضراوته مع وجود عوامل أخرى، مثل إصابة الأبوين بالمرض نفسه، وأن يكونا من المدخنين، وينتهجون في حياتهم عادات سلبية، مثل التغذية غير المتوازنة وقلة الحركة.
ومن مضاعفاته الخطيرة، كما أوضح الدكتور غالب الفرج، تأثيراته على شرايين القلب والدماغ والكلى والعين والأطراف، كما يؤدي إلى فشل الكلى وجلطات القلب وجلطات شرايين الدماغ وشرايين الأطراف، كما تتدهور وظيفة العين، وترتفع نسبة الوفاة.
* العلاج
وفقا للبروتوكولات الحديثة لعلاج ارتفاع ضغط الدم، والمتفق عليها من الجمعيات العلمية العالمية، مثل الجمعية البريطانية والأوروبية والكندية لضغط الدم، وجمعية طب الأسرة الأميركية، وبالتأكيد الجمعية السعودية لعلاج ضغط الدم، يشير الدكتور غالب الفرج بأنه يجب عمل الآتي:
- أولاً، يجب تصنيف درجة ارتفاع ضغط الدم من أجل علاج فعال ومفيد. فيتم تصنيف درجة الارتفاع إلى: ارتفاع من المستوى الأول، والذي يكون فيه ضغط الدم 140 – 90 ملِّيمتر زئبق وما فوق، وارتفاع من المستوى الثاني 160 – 100 وما فوق، وارتفاع من المستوى الثالث 180 – 110 وما فوق.
- ثانياً، يجب التقصي عن درجة عوامل الخطورة المصاحبة للمرض، وتحديد نوع المضاعفات التي سببها المرض، ويعد ذلك لزاماً عند اختيار نوع العلاج.
- ثالثاً، يجب التأكيد على أن علاج مرض ارتفاع ضغط الدم يسير في اتجاهين متلازمين في الوقت ذاته، وهما العلاج بالأدوية من ناحية، ومن ناحية أخرى تعديل نمط الحياة، مثل الغذاء المتوازن والرياضة البدنية ومكافحة التوتر والضغوط، ولا يغني نوع واتجاه واحد عن الآخر.
- رابعاً، لم تثبت علمياً قدرة أي من طرق العلاج بالطب الطبيعي والعشبي والبديل والتكميلي، على إحداث خفض معتبر في ضغط الدم، وبالتالي لا يعول عليها كعلاج نوعي ورئيسي، وبالكاد قد يكون لها دور ثانوي.
- خامساً، يعتبر أمراً خطيراً التوقف عن العلاج أو تغيير جرعات الدواء دون مشورة طبية، لما له من عواقب خطيرة، كما يلزم في هذا السياق الالتزام بالمتابعة الدورية المنتظمة مع الطبيب المعالج، لضبط جرعات العلاج، وعمل الفحوصات والتحليلات الدورية، والتقصي عن حدوث المضاعفات، ولا يعتبر أي علاج منهجي للمرض متكاملاً دون متابعة دائمة ومنتظمة مع الطاقم الطبي.
* الوقاية من ارتفاع ضغط الدم
> تناول طعاماً صحياً غنياً بالفواكه الطازجة والخضراوات والحبوب الكاملة والبروتينات.
> قلل من الطعام الغني بالدهون المشبعة.
> قلل من تناول ملح الطعام؛ بحيث لا يتجاوز 5 غرامات يومياً، أي ملعقة شاي صغيرة.
> المحافظة على وزن صحي، فزيادة الوزن قد تؤدي إلى ارتفاع الضغط.
> تجنب التدخين لأنه مضر بالأوعية الدموية، ويسبب تصلب الشرايين.
> مارس الرياضة بقدر 150 دقيقة في الأسبوع، فالنشاط البدني قد يساعد في خفض ضغط الدم المرتفع.
> تابع قياس ضغط الدم بانتظام، فهو أمر مهم؛ لأن ارتفاع ضغط الدم لا يكون له في الغالب أي أعراض.
> الوقاية من الحالات الطبية الأخرى، مثل السكري، ومعالجته مبكراً؛ إذ إن 60 في المائة من الناس المصابين بالسكري يعانون من ارتفاع ضغط الدم، ويمكن تخفيض خطر السكري بتناول نظام غذائي صحي، والمحافظة على وزن صحي، وممارسة الرياضة.