خُدَّج، أو عند ظهور تشوهات خِلقية، قد تكون مصحوبة بالتهابات متكررة، في مجرى التنفس منذ الطفولة المبكرة. قد يتم تشخيص مرض مرتبط بوجود كيسات في الرئتين، والتي قد تشخص عند إجراء اختبار فوق - سمعي قبل الولادة، أو بالتصوير الشُّعاعي فور الولادة. إن من العلامات الدَّالَّة أيضًا، وجود ضعف في العضلات والأمراض المتعلقة بالتوتر العضلي المخفض (Low muscle tone)، بالإضافة إلى مشكلات في العظام المُكَوِّنة للصدر، والتي قد تؤدي إلى صعوبات في تهوئة الرئتين، ومن ثم إلى حدوث التهابات متكررة.
يبدأ البحث بطريقة دقيقة عن التهابات الرئة، بالإضافة إلى تدقيق التاريخ الطبي للطفل، ويتم طرح الأسئلة الأساسية التالية:
هل تشير نتائج تصوير الصدر إلى علامات؟ هل تكون حالات الالتهاب مصحوبة بارتفاع لحرارة الجسم، بالإضافة إلى نتائج تحاليل الدم التي تميز حالات التهاب الرئة؟ ما هو العلاج الذي ساعده في شفاء الالتهاب (في السابق)؟ هل الرَّشَّاحات (Filtrate) ثابتة في الرئتين أم أنها متكررة؟ وإذا كانت ثابتة هل تظهر في المكان ذاته أم تظهر في أماكن مختلفة في الرئتين؟
يعد الرَّبْو (Asthma) أوسع أمراض التهاب الرئة انتشارًا، ويشبه كثيرًا التهاب الرئة المتكرر: إن الربو مرض التهابي مزمن يصيب مجرى التنفس، تؤدي الإصابة بالربو إلى السعال المتواصل، وحدوث التهابات متكررة، وعادةً ما تكون نتائج تصوير الصدر غير حاسمة. إذا كان لدى الطفل تاريخ مَرَضِيٌّ يثير الشكوك بالإصابة بالربو، يتم عندها إجراء اختبارات وفحوص تتضمن اختبار الحساسية (الأُرجية)، وظائف الرئتين واختبارات التحدي.
إذا تكرر الالتهاب في نفس الجزء (الفَصّ) في الرئة، قد تكون هناك حاجة للتحقّق إن كان الطفل قد استنشق جسمًا غريبًا إلى مجرى التنفس (كالمكسرات والحبوب شديدة الصلابة)، أو لربما تكون هناك مشكلة في مبنى ذلك الجزء من الرئة منذ الولادة.
الالتهاب الرئوي الجرثومي الحاد لدى الاطفال
قد تحدث، في أحيانِ قليلة، حالات انسداد مكتسب في مجرى التنفس، والتي ربما تكون قد نشأت إثر عملية ظهور مرض السِّلِّ في القصبة، أو بسبب ورم (هذه حالة نادرة جدًّا). توجد هنالك حالات نادرة أخرى مولودة، تتسبب في حدوث التهاب الرئة في نفس المكان؛ من هذه الحالات وجود عيوب خِلقية مثل الحلقة الوعائية (Vascular ring)، تنشأ إثر تعرض القصبة الهوائية لضغط من الأوعية الدموية، وعادةً ما تتطلب هذه الحالة التدخل الجراحي لإصلاح الضرر.
قد يكون التهاب الرئة الموضعي المتكرر انعكاسًا لتوسع القُصَيْبات (Bronchiectasis)، غالبًا ما يكون توسع الشعب الهوائية، بسبب تلوث سابق. تكون هذه الحالة مصحوبة بسُعال متواصل وخروج بلغم، غالبًا في ساعات الصباح.
إذا تكرر الالتهاب بفُصوص (مناطق) مختلفة من الرئة، فهذا يمكننا من استبعاد الإصابة بأمراض تصيب أجهزة الجسم، كتليُّف الكيسات (Cystic fibrosis)، اضطراب في إفراغ الرئة، بسبب خلل في حركة الأهداب الخاصة بمجرى التنفس (Ciliary dyskinesia)؛ وكذلك استبعاد إمكانية وجود اضطرابات في جهاز المناعة. قد تظهر في هذه الحالة، التهابات متكررة في أماكن مختلفة من الجسم، مثلاً في الجلد أو في الجيوب الأنفية.
كما وقد يظهر الالتهاب الرئوي المتكرر عند الأطفال الذين أصيبوا بأمراض خبيثة، أو الذين تمت زراعة نخاع عظمي لهم، ويرجع ذلك إلى ضعف جهاز المناعة لديهم، إثر تعرضهم لهذه الأمراض أو الإجراءت العلاجية. قد تظهر لدى هؤلاء الأطفال التهابات الرئة المتكررة، الناجمة عن حدوث تلوث، وقد تظهر لديهم التهابات الرئة، ناجمة عن الإصابة بالتهابات مزمنة دون حدوث تلوّث.
تشخيص الالتهاب الرئوي عند الاطفال
تشخيص الطبي الالتهاب الرئوي المتكرر عند الأطفال: يتوجب أن تبدأ عملية التشخيص باستفسار طبي دقيق للأحداث. فمثلاً، إذا تعرض الطفل لحادث ابتلاع بذور أو المكسرات، أو إذا مر الطفل بحادث اختناق. يتم كذلك الاستفسار والتدقيق إذا كان هنالك احتمال، بأن يكون الطفل مصابًا بالربو، والتدقيق في التاريخ الطبي للعائلة (كوجود أمراض الربو في العائلة أو تليّف الكيسات). كذلك تتم المراجعة والتدقيق في نتائج تصوير الصدر، لتحديد ما إذا كانت هنالك أي علامات لوجود رَشَحات التهاب ملحوظة، وفي حال كانت هناك مثل هذه الرَّشَحات، فما طبيعتها؟ هل هي متمركزة في مكان واحد أم منتشرة؟
أما المرحلة التالية من التشخيص، فبعد جمع المعلومات، يقوم المختص بإجراء تنظير للرئة (Bronchoscopy) بواسطة منظار لين: يتم اختبار مجرى التنفس بواسطة جهاز تنظير ضوئي، الذي يمكّن رؤية مجرى النفس بشكل مباشر. يتم تخدير الطفل قبل إجراء التنظير، لذا يكون الإجراء خاليًا من الآلام وتكون نسبة الخطورة قليلة. يُمَكِّن تنظير الرئة من تحديد انسدادات في مجرى النفس، تكون قد سببتها أجسام غريبة أو لعاب، ضغط خارجي على مجرى التنفس أو وجود أورام. يمكن عند الفحص، إجراء غسيل، لتحديد نوع البكتيريا أو الفيروس المسبب للالتهاب، وكذلك بالإمكان تمييز مُسَبِّب المرض من نوع الخلايا الموجودة في الغسول.
قد يشمل الاستفسار كذلك، الفحص المقطعي المحوسب للصدر (CT) والذي يساعد في تمييز وجود تشوهات خِلقية في الرئتين، أو يساعد في تحديد المكان الدقيق لتوسع القَصَبات (Bronchiectasis). يعتبر فحص مسح الرئتين (Lung scan) من الوسائل الإضافية التي تساعد في تحديد مرحلة تَرَوِّي الدم في الرئتين (Perfusion) ومرحلة تهوئة الرئتين (Ventilation)، وبذلك يساهم هذا المسح في تشخيص اضطرابات عمل الرئتين، التي قد تحدث في أجزاء مختلفة من الرئتين.
قد تشمل عملية الاستقصاء، حول الأسباب المؤدية لحدوث التهابات الرئة المتكررة، عدة أنواع من فحوص الدم، وذلك لتمييز الاضطرابات التي تحدث في الجهاز المناعي، لتشخيص أمراض محددة وتتبع وجود طَفَرات جينية في الأمراض التي تم التعرف فيها على الجينات المتسببة (مثل مرض التليُّف الكيسي - CF)، بالإضافة إلى فحوصات كاختبار التَّعرُّق، للكشف عن الإصابة بالتليُّف الكيسي (CF)، أو بواسطة أخذ خزعة من الأهداب الموجودة في مجاري التنفس، للكشف عما إذا كان هناك خلل في مبنى الأهداب.