تاريخ النشر 29 أكتوبر 2017     بواسطة الدكتور رافد العمري     المشاهدات 201

الإسهالُ والتقيُّؤ (التهابُ المعدة والأمعاء)

التهابُ المعدة والأمعاء gastroenteritis هو حالةٌ شائعة جداً، تؤدِّي إلى إصابة المريض بالإسهال والإقياء، وغالباً ما تنجم عن الإصابة بعدوى جرثومية أو فيروسية. تُصيب هذه الحالةُ الأشخاصَ من جميع الأعمار، إلاَّ أنَّها أكثر شيوعاً لدى الأطفال الصغار. تنجم معظمُ الحالات عند الأطفال عن فيروس يُسمّى
روتافايروس rotavirus أو فيروس الروتا، في حين أنَّ مُعظمَ حالات البالغين تنجم عن الإصابة بفيروس يُدعى نُوروفايروس norovirus أو عن التسمُّم الغذائي الجرثومي.
يمكن لالتهاب المعدة والأمعاء أن يُسبِّبَ وعكةً صحِّية شديدة للمريض، إلاَّ أنَّ الحالةَ غالباً ما تتحسَّن من تلقاء ذاتها في غضون أسبوع، دون أن يتطلَّبَ ذلك أكثرَ من الرعاية المنزلية.
أعراضُ التهاب المعدة والأمعاء
تشتمل الأعراضُ الرئيسية لالتهاب المعدة والأمعاء على ما يلي:
إسهال غزير مفاجئ.
الشعور بالتوعُّك.
الإقياء، والذي قد يكون بشكل قذفي projectile.
حمَّى بسيطة.
كما قد يعاني بعضُ المرضى من أعراض أخرى، مثل نقص الشهية والانزعاج المعدي وألم الأطراف والصداع.
غالباً ما تظهر الأعراضُ بعدَ يوم التقاط العدوى، وتدوم لأقلّ من أسبوع، إلاَّ أنَّها قد تستمرّ لأكثر من ذلك في بعض الأحيان.
ما الذي ينبغي القيامُ به عندَ الاشتباه بالإصابة بالتهاب المعدة والأمعاء
إذا عانى المريضُ من إسهال مفاجئ وإقياء، فإنَّ أفضلَ ما يمكنه القيام به هو المكوث في المنزل إلى أن يشعرَ بتحسُّن حالته. ولا يتوفَّر علاجٌ نوعي واحد يمكن استخدامُه، ولذلك فمن الأفضل تركُ الحالة لتتعافى من تلقاء ذاتها. كما قد لا يكون من الضروري زيارةُ الطبيب ما لم تتفاقم الأعراضُ أو لم تتحسَّن.
يمكن للمريض اتِّباع النصائح التالية للتخفيف من شدَّة الأعراض:
تناول كمِّيات كبيرة من السوائل لتجنُّب الإصابة بالتجفاف. لابدَّ من التعويض عن كمِّيات السوائل الضائعة بسبب الإسهال. ويُعدُّ الماءُ النقي هو الخيار الأفضل، ولا مانعَ من تناول العصائر أو الحساء (للبالغين).
تناول الباراسيتامول للتخفيف من شدَّة الحمَّى أو الصداع المرافق.
أخذ قسط وافر من الراحة.
تناول أطعمة بسيطة، مثل الحساء أو الأرز أو المعكرونة والخبز (إذا لم يشعر المريضُ بفقدان الشهية).
في حال ظهرت على المريض أعراضُ التجفاف rehydration، مثل جفاف الفم أو تحوُّل البول إلى اللون الداكن، فيمكن تناولُ سوائل مخصَّصة لمكافحة التجفاف، والتي يمكن شراؤها من الصيدلية دون الحاجة لوصفة طبية، وتتوفَّر بشكل مسحوق قابل للانحلال في الماء.
تناول مضادَّات القيء (مثل ميتوكلوبراميد metoclopramide) أو مضادَّات الإسهال (مثل لوبيراميد loperamide) عندَ الحاجة لذلك - وتتوفَّر بعضُ هذه الأدوية للصرف في الصيدليات دون الحاجة لوصفة طبِّية، ولكن ينبغي قراءةُ النشرة المرفقة معها جيِّداً، والأفضل استشارة الصيدلاني أو الطبيب حولها.
يمكن للعدوى بالتهاب المعدة والأمعاء أن تنتقلَ بسهولة كبيرة بين الأشخاص، وهذا ما يستدعي التزامَ المريض بقواعد الصحَّة العامَّة، كغسل اليدين جيِّداً بالماء والصابون بين كلٍّ حين وآخر، وذلك طوال فترة إجازته المرضية وحتَّى 48 ساعة بعدَ زوال الأعراض بشكل نهائي؛ فمن شأن ذلك أن يُقلِّلَ من انتشار العدوى بهذا المرض.
متى يمكن للمريض طلب المشورة الطبية؟
ليس من الضروري طلبُ زيارة الطبيب فيما لو تأكَّد المريضُ من أنَّ حالتَه هي التهاب معدة وأمعاء، لأنَّها ستزول من تلقاء نفسها.
ينبغي طلبُ المشورة الطبِّية في الحالات التالية:
الشكوى من أعراض تجفاف شديد، وتشتمل الأعراض على: الدوخة المستمرَّة، قلَّة البول أو عدم التبوُّل بشكل كامل، أو فقدان الوعي.
الإسهال المدمّى.
التقيُّؤ المستمرّ وعدم القدرة على الاحتفاظ بالسوائل ضمن البطن.
الحمَّى (ارتفاع درجة الحرارة لما فوق 38 درجة مئوية).
عدم تحسُّن الأعراض بعدَ بضعة أيَّام.
العودة منذ أسابيع قليلة من بلاد نامية تفتقر إلى الشروط الصحِّية الكافية.
إصابة المريض بحالات أخرى خطيرة، مثل الفشل الكلوي أو داء الأمعاء المتهيِّجة inflammatory bowel disease  أو ضعف الجهاز المناعي، بالإضافة إلى الإصابة بالإسهال والإقياء.
قد يقترح الطبيبُ أخذَ عيِّنة من البراز، وإرسالها للتحليل المخبري لتحرّي سبب هذه الأعراض، وقد يصف بعضَ المضادَّات الحيوية إذا تبيّن بنتيجة التحاليل أنَّ السببَ هو العدوى الجرثومية.
العناية بالطفل المصاب بالتهاب المعدة والأمعاء
يمكن للأهل أن يتولَّوا مهمَّةَ العناية بالطفل المصاب بالتهاب المعدة والأمعاء في المنزل، دون الحاجة إلى اصطحابه إلى المستشفى. وكما هي الحالُ مع البالغين، فلا يوجد علاجٌ نوعي لالتهاب المعدة والأمعاء؛ وغالباً ما تتحسَّن الحالةُ من تلقاء نفسها بعدَ مرور بضعة أيَّام.
كما أنَّ الحالةَ لا تتطلَّب زيارةَ الطبيب ما لم تتفاقم الأعراضُ، أو لم تتحسَّن، أو يكن الطفلُ مصاباً بحالات أخرى خطيرة.
يمكن اتِّباعُ النصائح التالية لتخفيف أعراض التهاب المعدة والأمعاء لدى الأطفال:
تشجيع الطفل على تناول كمِّيات وافرة من السوائل؛ إذ إنَّ الطفلَ المصاب بالتهاب المعدة والأمعاء يكون بحاجةٍ لتعويض السوائل التي يفقدها عندَ التقيُّؤ والتبرُّز. ويُعدُّ الماءُ الخيارَ الأفضل، كما يجب تجنُّبُ المياه الغازية  أو عصائر الفواكه، لأنَّها قد تفاقم حالةَ الإسهال. وينبغي الاستمرارُ في تغذية الأطفال الرُّضع كالمعتاد، سواءٌ بواسطة حليب الأم أو غيره من أنواع الحليب.
التأكُّد من حصول الطفل على قسط وافر من الراحة.
السماح للطفل بتناول الطعام إذا شعر بالجوع، ويمكن تجريبُ بعض أصناف الطعام البسيطة مثل الحساء والأرز والمعكرونة والخبز.
إعطاء الطفل الباراسيتامول إذا كان يشكو من حمَّى مزعجة أو آلام عامة.
استخدام سوائل الإماهة rehydration drinks التي يمكن الحصولُ عليها من الصيدليات دون الحاجة لوصفة طبِّية. ولكن، يجب تجنُّبُ إعطاء الطفل أدوية مضادَّة للإسهال أو الإقياء، ما لم يوصِ الطبيبُ أو الصيدلاني بذلك.
ينبغي التأكُّدُ من غسل يدي الطفل بانتظام بالماء والصابون، في أثناء مرضه وغيابه عن المدرسة، وحتى 48 ساعة عقبَ زوال الأعراض بشكل نهائي.
طلب المساعدة الطبِّية للطفل المصاب
غالباً ما لا تتطلَّب إصابةُ الطفل بالتهاب المعدة والأمعاء زيارةَ الطبيب، لأنَّ الحالةَ تتحسَّن من تلقاء نفسها، بالإضافة إلى أنَّ خروجَ الطفل من المنزل قد يُعرّض الآخرين لخطر العدوى.
من جهةٍ أخرى، ينبغي الاتِّصالُ بالطبيب في الحالات التالية:
إذا اشتكى الطفلُ من أعراض التجفاف، مثل نقص كمِّية البول ونَزَق الطباع وشحوب بشرته وبرودة اليدين والقدمين.
التبرّز المدمّى أو التقيُّؤ المصطبغ باللون الأخضر.
التقيُّؤ المستمرّ وعدم القدرة على الاحتفاظ بالسوائل في البطن.
الإسهال المستمرّ لأكثر من أسبوع.
التقيُّؤ المستمر لثلاثة أيَّام أو أكثر.
وجود علامات الإصابة بحالة أكثر خطورة، مثل الحمَّى (ارتفاع درجة الحرارة لأكثر من 38 مئوية)، ضيق التنفس، تسرُّع الأنفاس، تيبس الرقبة، الطفح الجلدي الذي لا يزول بالضغط عليه، أو التورُّم في منطقة اليافوخ في رأس الطفل (المنطقة الليِّنة في رأس الطفل).
إصابة الطفل بحالة طبِّية خطيرة، مثل متلازمة الأمعاء المتهيِّجة أو ضعف الجهاز المناعي، بالإضافة إلى إصابته بالإسهال والإقياء.
قد يقترح الطبيبُ إرسالَ عيِّنة من براز الطفل إلى المختبر لإجراء بعض التحاليل عليها، والتأكُّد من سبب الأعراض. وفي حال أظهرت نتائجُ التحاليل وجودَ عدوى جرثومية، فسوف يصف الطبيبُ مضادَّاً حيوياً للطفل.
كيفية انتشار العدوى بالتهاب المعدة والأمعاء
يمكن للجراثيم المُسبِّبة لالتهاب المعدة والأمعاء أن تنتشرَ بسهولةٍ كبيرة من شخص لآخر، وذلك عن طريق تناثر ذرات من الإقياء أو البراز لتصلَ إلى فم الشخص السليم، وقد يمكن ذلك من خلال:
المخالطة الوثيقة للشخص المصاب، ممَّا يسمح بانتقال رذاذ من فم أو أنف المصاب إلى أنف أو فم الشخص السليم.
لمس الأجسام والأسطح الملوَّثة.
تناول الأطعمة الملوثة – وقد يحدث ذلك إذا لمس الشخصُ المصاب طعاماً ما دون غسل يديه، وجاء أحدٌ وتناوله بعدَه، أو عند تناول طعام موضوع على سطح ملوَّث بالعوامل الممرضة، أو تناول طعام غير مطهوّ بشكل صحيحٍ وكافٍ.
تبلغ قابليةُ الشخص لنقل العدوى ذروتها عندَ ظهور الأعراض لديه وحتى 48 ساعة بعدَ زوال كافة الأعراض، كما يمكن للعدوى أن تنتقلَ بنسب أقل قبل وبعد ذلك.
الوقاية من الإصابة بالتهاب المعدة والأمعاء
ليس من الممكن دائماً تجنُّبُ الإصابة بالتهاب المعدة والأمعاء، إلا أنَّه يمكن التخفيف من انتشارها باتباع النصائح التالية:
أخذ إجازة مرضية من المدرسة أو العمل بدءاً من ظهور الأعراض وحتَّى 48 ساعة من زوالها، وتجنّب زيارة أو استقبال أحد في هذه الفترة، وخاصَّة المرضى في المستشفيات.
التأكُّد من غسل اليدين بشكل جيِّد بالماء والصابون عدَّة مرَّات في اليوم، وخاصةً بعد استخدام المرحاض وقبلَ تحضير الطعام. ينبغي عدمُ الاعتماد على المطهِّرات اليدوية والكحول، لأنَّها لا تكون فعَّالة دائماً.
تعقيم الأسطح أو الأجسام التي يُحتمل أن تكون ملوَّثة، وذلك باستخدام سوائل التنظيف المنزلية.
غسل الملابس أو أغطية الأسرة الملوَّثة بشكل منفصل عن باقي الغسيل، واستخدام المياه الحارّة في ذلك.
عدم مشاركة المريض بأية ملابس أو مناشف أو أدوات طعام.
التخلُّص من البراز أو القيء الموجود في المرحاض بسرعة، وتنظيف المرحاض ومحيطه باستمرار.
اتِّباع إرشادات السلامة والصحَّة في تحضير وتخزين الأطعمة، وعدم استخدامها بعدَ انتهاء فترة الصلاحية المدوَّنة عليها.
أخذ المزيد من الحيطة والحذر عندَ السفر إلى مناطق نامية من العالم لا تتوفَّر فيها الشروطُ الصحِّية الكافية؛ فعلى سبيل المثال، قد يحتاج المسافرُ إلى غلي ماء الحنفية قبل شربها.
إعطاء الأطفال اللقاح المضادّ لفيروس الرُّوتا مع بلوغهم عمرَ شهرين أو ثلاثة أشهر، فمن شأن ذلك أن يُقلِّلَ من خطر إصابتهم بالتهاب المعدة والأمعاء.


أخبار مرتبطة