تاريخ النشر 26 يوليو 2014     بواسطة الاستشاري يحيى محمد ال زهير     المشاهدات 201

مدخل حول طب الطيران

أولاً- تعريف : طب الطيران هو أحد فروع الطب الذي يدرس ظروف العمل المهنية للعاملين الاختصاصيين في الطيران وذلك بهدف إعداد التوصيات الطبية الموجهة للحفاظ على صحتهم والرفع من قدرتهم على العمل بالإضافة إلى تأمين السلامة للطيران, طب الطيران يحمل اتجاهاً وقائياً واضحاً ومميزاً. إن الإحصائيات العالمي

طب الفضاء

ة تقول أنه حوالي 50% من كوارث الطيران متعلق بشخصية وذات الطيار ولذلك فان طب الطيران يعطي الاهتمام الواسع لدراسة أسباب  كوارث الطيران المتعلقة بالوضع الصحي والاستعداد المهني والأخطاء المرتكبة لطاقم الطائرة أثناء الطيران. 
ثانياً – لمحة تاريخية:
طب الطيران نشأ مع ظهور الطيران في أوائل القرن العشرون وبطبيعة الحال فان عدم اكتمال الطائرات في ذلك الوقت بالإضافة إلى عدم وجود رقابة طبية للعاملين في الطيران , أدى إلى حدوث كثير من كوارث الطيران. 
في عام 1910 بدأ طب الطيران يأخذ منحاه كأحد فروع الطب المستقلة وكان ذلك في فرنسا – ألمانيا – إنكلترا- إيطاليا – أمريكا , أما في روسيا فكان بعد الحرب الأهلية العظمى وقيام الثورة. 
في ذلك الوقت كان الشيء الأساسي الذي تم التركيز عليه من قبل أطباء الطيران هو كيفية انتقاء المرشحين لدراسة الطيران من الوجهة الطبية.
ومن أجل تنظيم وتوحيد جهود أطباء الطيران في أنحاء العالم تم إنشاء الاكا ديمية العالمية لطب الطيران والفضاء والتي تمركزت بشكل دائم في باريس والتي تقام فيها المؤتمرات العلمية الأوربية والعالمية في طب الطيران والفضاء. 
ثالثاُ- أهداف طب الطيران:  ان أهم أهداف طب الطيران هي مايلي : 
1-إعداد المتطلبات أو الشروط الصحية (الطبية) والهندسة النفسية لتكنيك الطيران , ووسائل التجهيزات الفردية الخاصة بالإنقاذ . 
تحديد الشروط الصحية والفيزيائية للمرشحين للدراسة في معاهد الطيران , وتكنيك الطيران . 
البحث والتطوير الدائم للمناهج الطبية والنفسية . 
إعداد الطرق والوسائل التي ترفع استقرار وثبات الانسان من تأثيرات العوامل السيئة للطيران وأيضاً إعداد التوصيات الطبية لرفع فعالية عمل الطيران وتأمين السلامة له عن طريق الدراسة المنطقية والتحضير والتدريب من قبل طاقم الطيران . 
وضع الأسس العلمية لأنظمة العمل , الراحة , التغذية , الحمل الأمثل الطبيعي للطيران وجعلها مؤشرات لتقييم الحالة الصحية والوظيفية لطاقم الطيران. 
 إعداد المنهج التنظيمي للمسائل الهامة فيما يخص التأمين الصحي للطيران . 
2-الدراسة الطبية لأسباب وشروط حوادث الطيران المتعلقة بشخصية الطيار , واعداد المناهج الخاصة بالتحقيق الطبي .
3- إعداد التدابير الطبية فيما يخص تقديم المساعدة ( الاسعافية) للطاقم والمسافرين على الطائرات والمعانون من الكوارث أثناء الهبوط الاضطراري إضافة الى تقديم المساعدات الطبية أثناء الطيران وفي ظروف الإخلاء الجوي للمرضى والمصابين. 
4- وضع الأسس والقواعد التنظيمية للخدمات الطبية في الطيران , والصحة الوقائية والسلامة للطيران المستقبلي, والخدمات الصحية للعاملين والمسافرين في المطارات . ومن أجل تحقيق هذه الاهداف فان طب الطيران بالاضافة الى البحوث المنهجية السريرية والفيزيولوجية والوقائية والنفسية وغيرها المستعملة في الظروف العادية يعمل الى إعداد وتطبيق بحوث منهجية وطرق خاصة متعلقة بتأثيرات عوامل محددة في ظروف الطيران على العضوية,           ( دراسات في حجرة الضغط , أجهزة الطرد المركزي , المقعد المقذوف غرف مناخية خاصة , طائرات مخبرية أو تدريبيه وغيرها). 
رابعاً- أقسام طب الطيران :
يقسم طب الطيران الى أربعة أقسام هامة ورئيسية وهي :
1-  فيزيولوجيا الطيران
2-  صحة (وقاية) الطيران
3- علم النفس للطيران
4- لجان الاختبار الطبية لطاقم الطيران
بالإضافة الى ذلك فان في طب الطيران أمور أخرى هامة جداً أخذت الحيز التخصصي لها وهي : 
فيزيولوجيا الارتفاع 
فيزيولوجيا السرعة
صحة المقصورات وأماكن العمل 
صحة التغذية والألبسة والتجهيزات
 التسممات  الخاصة بالطيران
 علم النفس في الانتقاء 
علم النفس في تدريس الطيران
طب العيون للطيران
 طب الأنف والإذن والحنجرة للطيران
 التحليل الطبي لأسباب كوارث الطيران
ونظراً للتطور الدائم لتكنيك الطيران والتوسع في مهماته , شهد طب الطيران اتجاهات علمية أخرى مع ميول للتخصصية , فظهر اتجاه حول : 
إعداد المسائل( الهندسية – النفسية ) ومنهجية التحضير والتمارين الأرضية لطاقم الطائرة .
التعميق في دراسة الخواص الشخصية بهدف بيان وتحديد مدى اللياقة المهنية .
إعداد الظروف المثلى لطاقم الطائرة في مقصورة الطيران وفي جسم الطائرة من أجل الإنقاذ السريع والجيد للمصابين أثناء كوارث الطيران . 
خامساً – فيزيولوجيا الطيران : 
تدرس تأثير العوامل المختلفة في الطيران على الوظائف الفيزيولوجية للعضوية وتظهر حدود تأقلم العضوية لهذه العوامل , فيزيولوجياً الطيران تعير انتباهاً أكثر في دراسة  العوامل التالية  المؤثرة على العضوية : 
أ- الارتفاع
ب- هبوط الضغط
ج- الأنواع المختلفة للتسارعات 
د- الضجيج
هـ - الاهتزاز
وهي تعمل على إعداد الطرق والوسائل الكفيلة بإزالة تأثير تلك العوامل أو تحقيقها على الإنسان .
الارتفاع : التأثير السيئ لعامل الارتفاع على العضوية يفسر بهبوط الضغط الجوي العام والضغط الاكسجيني القسمي في هواء الشهيق ( المستنشق ) 
 الوقاية من التغيرات التي تطراًعلى العضوية وعلى صحة طاقم الطائرة والمسافرين يمكن أن تبدأ على ارتفاع 2-3 كم حيث من الضروري زيادة كمية الأكسجين في هواء الشهيق المستنشق .
ان الطريقة المثلى للتأمين على سلامة الطيران في الارتفاعات يعتبر استعمال القمرة المحكمة السد .
هبوط الضغط: إن عدم إحكام سد المقصورة يؤدي إلى التأثير المزعج على العضوية بواسطة هبوط الضغط , وهذا الهبوط المفاجىء واللحظي يؤدي إلى إزالة الضغط بشكل صاعق ونقص أكسجة حاد.
 إن مصير إزالة الضغط يتعلق بسرعة وحجم هبوط الضغط وأيضاً بكمية الأوكسجين المؤمنة .
أثناء الإ قلاع السريع إلى الأعلى تتبخر الغازات وتنحل في الدم والخلايا حيث تؤدي على ارتفاع 7 كم أو أكثر إلى مرض إزالة الضغط الجوي( هبوط الضغط الجوي ) وعلى ارتفاع 19 كم من الممكن غليان سائل الخلايا وظهور خلايا نفاخية تحت الجلد وعلى أماكن غير محمية من الجسم . 
ومن أجل حماية الطيارين من نقص الأكسج- التسارعات : إن التسارعات تعتبر من أحد العوامل الخاصة في الطيران , ان تحمل ومقاومة التسارعات في الطيران يتعلق بعناصره الأربعة وهي : 
1- مقدار  التسارع
2- مدة التسارع
3- طرز تغير التسارع 
4- الزاوية بين اتجاه قوى العطالة وبين المحور الكبير للجسم .
بتأثير التسارعات يحدث انزياح في النسيج والأعضاء ( تشوه قابل للرجوع) والذي يؤدي الى سيل واسع من التنبهات العصبية الواردة التي تؤثر على الحالة الوظيفية للجهاز العصبي المركزي بشكل سيئ وخاصة في أمور التوازن والوعي . 
جين الحاد وإزالة الضغط الصاعق تستعمل ألبسة خاصة معوضة للارتفاع ( ثوب رجل الفضاء ) . 
الزيادة الكبيرة في التسارع أيضا تؤدي الى تغيرات متعددة تشكلية في العضوية , ومن أجل زيادة التحمل في التسارعات المؤثرة على اتجاه الرأس والقدمين , تستعمل ألبسة مضادة لزيادة الحمل تشكل ضغطاً على منطقة الجذع والأطراف السفلية والتي تؤدي الى ابقاء دفع الدم في الجزء السفلي للجسم وبالتالي الى زيادة حجم الدورة الدموية في الجزء العلوي من الجسم وبالتالي الى زيادة وتحسين دفع الدم الى الدماغ . 
ان أهم التأثيرات الضارة في التسارع باتجاه الصدر هي صعوبة حركة الظهر ( جموده) وأيضاً صعوبة وجمود التنفس الناجم عن التأثير الميكانيكي على القفص الصدري والتغيرات في الدورة الدموية الصغرى , وفي هذه الحالة يستعمل الاكسجين المضغوط من أجل الوقاية وتحسين التنفس . 
ان أكثر التسارعات مقداراً والمؤثرة على العضوية تحدث بالهبوط الاضطراري والتي في هذه الحالة يجب استعمال مقاعد خاصة مجهزة من أجل تثبيت الجسم والرأس .
د- الضجيج :
 يحدث نتيجة عمل المحركات ان أكثر الاوقات التي يتعرض لها طاقم الطائرة الى الضجيج هي أثناء التحضير للإقلاع أو أثناء تجربة المحرك ان تأثير الضجيج لا يقتصر فقط على السمع وإنما يؤثر أيضاً بشكل سلبي على العضوية كاملة , وللوقاية من تأثيرات الضجيج  تستعمل أجهزة عامة وفردية .
- عزل مقصورة الطائرة عن الصوت 
- ألبسة واقية من الضجيج
- واقيات السمع ....الخ
ه – الاهتزاز : يعتبر من العوامل الدائمة والصعبة الإلغاء , في الطيران , ان شدة تأثير الاهتزاز على العضوية يتعلق بتردد التذبذبات ومدة التأثير إن طيف التردد الاهتزازي في الطائرات والحوامات عريض جداً (من 1 الى عدة ألاف هيرتز) ولكن أغلب الترددات هي من (30- 250 هيرتز) 
الترددات الاهتزازية المنخفضة تحدث أثناء الطيران على ارتفاعات منخفضة , وهي تؤثر على الأجهزة المختلفة بشكل صدى أو رنين       ( 4-6 هيرتز الأعضاء الداخلية ) – (12-18 هيرتز منطقة الحوض ) - (20 -30 هيرتز الرأس ) – (60 -70 هيرتز قاعدة العينين ).
وعند أعضاء طاقم الطائرة وخاصة المروحية يمكن أن نشاهد تغيرات في العمود الفقري أصابع اليدين والقدمين ويمكن أن يحدث وهن عام نتيجة تأثير الاهتزاز . 
وللوقاية من الاهتزاز لطاقم الطائرة والمسافرين , يجب أن تغطى الأرض والجدران بأقمشة أو مواد ماصة للاهتزاز .

سادساً- صحة ( وقاية ) الطيران :
تدرس تأثير العوامل الخارجية على العضوية .
تضع المعايير الصحية للعمل والراحة بالنسبة للعاملين في الطيران أو على الأرض.
تقوم بإعداد التوصيات التي تخص الطائرة والأجهزة المستعملة لدى عمال الخدمات على الأرض 
تراقب العمليات الوقائية التي تؤمن الظروف المطلوبة للعمل وتحفظ صحة طاقم الطيران . 
تقوم بإعداد التوصيات الصحية لمقصورات الطيران وخاصة الكبيرة منها المتعددة الأماكن للمسافرين . 
تضع المعايير الغذائية للعاملين في جميع أنواع الطيران . 
تقوم بإعداد التوصيات الصحية للألبسة الخاصة بطاقم الطيران والفنيين مع مراعاة ظروف المناخ .
تضع الحلول المناسبة لمشاكل الصحة المهنية للعاملين في المطارات والمختصين الذين يقومون بجميع الأعمال التقنية على الأرض , والوقاية من الأمراض المهنية , فعلم التسمم بالطيران يدرس تأثير السوائل والمواد السمية على العاملين مع الأخذ بعين الاعتبار عوامل الطيران ويقوم بإعداد نظام موجه للوقاية من التسمم بتلك المواد. 
سابعاً- علم النفس للطيران:
يدرس الخصائص النفسية لعمل الطيران , وتكوين وتطور الذات للطيار من الناحية المهنية النفسية بالاعتماد على أسس وما توصل إليه علم النفس الهندسي , يقوم الاختصاصيون في طب الطيران بالمساهمة في إعداد معضلة ( الإنسان – التكنيك) هادفين بذلك إلى رفع مستوى عطاء العمل لطاقم الطيران .
 إن الحاجة الماسة لدقة العمل في خضم من المعلومات بالإضافة إلى الخوف من الأخطاء المؤثرة يؤديان إلى التوتر النفسي والتعب السريع ويظهران مدى الحاجة للمطالبة بأعلى درجات الصحة والحالة النفسية للطيارين. 
ثامناً- الاختبارات الطبية للطيران :
تعد من الأقسام الهامة في طب الطيران وذلك لأنها تقوم بتأمين سلامة الطيران , وهي تترجم على أرض الواقع باللجان الطبية التي تعطي الصورة الواضحة للحالة الصحية لطاقم الطائرة , حيث تسجل المعلومات الطبية عن حالة الطاقم وهل يمكن السماح له بالطيران أم لا وهناك أيضاً لجان تقوم بانتقاء مدى صلاحية ولياقة المتقدمين للعمل كطيارين أو للدراسة .
إن أكثر الأعمال أهمية بالنسبة لطبيب الطيران هو الفحص الطبي قبل  الطيران وبعده للطاقم والتحليل الطبي أثناء حشد الطيران مع الأخذ بعين الاعتبار صعوبة مهمة الطيران. 
تاسعاً- الخاتمة :
في منتصف الخمسينات إنشاء علم وتكنيك الصواريخ والفضاء وضع أمام طب الطيران مهمات عمليه بتأمين الحياة والسلامة لطيران الإنسان في الغلاف الجوي الفضائي , ونتج عن ذلك مشكلات بيولوجية وطبية جديدة , ومن أجل الوصول إلى حل هذه المشكلات , ظهر بالإضافة إلى طب الطيران نوع جديد من فروع الطب وهو طب الفضاء .
 إن مستوى التطور لطب الطيران , الناحية النظرية والعملية لتحضير أطباء الطيران, يساهم بشكل ناجح في حل المشاكل التي تواجه التأمين الطبي في الطيران العسكري والمدني . 


أخبار مرتبطة