تاريخ النشر 24 أكتوبر 2016     بواسطة الدكتور عباس حسن المكرمي     المشاهدات 201

ورم القواتم

ورمُ القواتم phaeochromocytoma ورمٌ نادرٌ يُصيبُ الغدَّةَ الكظرية adrenal gland الموجودة فوقَ الكلية. لا يكون هذا الورمُ سرطانيَّاً عادةً (حميد benign)، إلاَّ أنَّ حوالي 10% من الحالات تكون سرطانية. يمكن أن يُصابَ الأشخاصُ من مختلف الأعمار بورم القواتم، بمن فيهم الرضَّعُ والأطفال. وظيفة الغد
ة الكظريَّة
تُتنج الغدَّةُ الكظريَّة مجموعةً من الهرمونات التي تمارس دوراً أساسيَّاً في عمل الجسم بشكلٍ طبيعي.
تحدث معظمُ حالات ورم القواتم في مركز إحدى غدتي الكظر أو في كلتيهما، وذلك في الجزء المسمَّى لبُّ الكظر adrenal medulla.
تُنتجُ خلايا لبُّ الكظر هرموناتِ "المواجهة أو الفرار  fight or flight"، وهي الأدرينالين adrenaline والنورأدرينالين noradrenaline، حيث تُحرِّرها في مجرى الدم عندَ الضرورة. وتضبط هذه الهرمونات معدَّل ضربات القلب والاستقلاب metabolism وضغط الدم.
قد تؤدِّي الإصابةُ بورم القواتم إلى تحريض لبِّ الكظر على إنتاج الكثير من هذه الهرمونات، ممَّا يؤدِّي إلى حدوث مشاكل مثل خفقان القلب وارتفاع ضغط الدم غالباً.
العلامات والأعراض
تميل أعراضُ ورم القواتم إلى أن تكونَ غيرَ متوقَّعة، فهي تحدث على شكل هجماتٍ مفاجئة تتراوح مدَّتها بين بضع دقائق وحتى الساعة غالباً.
قد تصبح هذه الهجماتُ أكثرَ تكراراً، وتزداد مدَّتها وشدَّتها مع نموِّ الورم.
لكنَّ الأعراضَ لا تظهر عندَ جميع الأشخاص المصابين بها، حيث توجد ثلاثةُ أعراض نموذجية لهذه الحالة، وهي:
·             الصداع الشديد.
·             التعرُّق.
·             خفقان قلب.
وتشتمل الأعراضُ المحتملة الأخرى للحالة على ما يلي:
الشعور بالتهيُّج أو التوتر أو القلق.
شحوب الجلد.
نقص الوزن.
الشعور بالتعب والنعاس.
حركات ارتعاشيَّة أو رجفانيَّة لا يمكن السيطرة عليها (رُعاش).
الشعور بالمرض.
ضيق النَّفَس.
شعور باحمرار أو تبيُّغ الوجه (رغم أنَّ الجلد قد يبدو رماديَّاً خلال هذه الهجمات).
شعور بالدوخة أو بالإغماء عندَ النهوض (نقص ضغط الدم الانتصابي أو الوضعي postural or orthostatic hypotension).
ألم صدري أو ألم بطني.
لكن لا تظهر أيَّةُ أعراض عندَ بعض الأشخاص المصابين بورم القواتم، ولا يمكن تشخيصُ حالتهم أو يمكن أن تُكتَشفَ مصادفةً في أثناء إجراء اختبارات لحالةٍ أخرى.
بينما قد تظهر أعراضٌ عندَ بعض الأشخاص قبل سنواتٍ من تشخيص الإصابة.
أسباب ورم القواتم
تحدث معظمُ حالات ورم القواتم من دون سببٍ واضح ومن دون وجود قصة عائليَّة للحالة، وخصوصاً الحالات التي تُصيبُ البالغين.
لكنَّ حوالى 25-33% من الحالات تحدثُ كجزءٍ من اضطرابٍ جينيٍّ وراثيٍّ، مثل:
متلازمة الأورام الغديَّة الصمِّاوية المتعدِّدة multiple endocrine neoplasia (MEN).
متلازمة فون هيبل-ليندو von Hippel-Lindau (VHL) syndrome.
النوع الأول من الوُرام الليفي العصبي neurofibromatiosis type 1 (NF1).
تؤدِّي هذه الحالاتُ إلى ظهور العديد من الأورام في أنحاء الجسم؛ فمثلاً، يكون لدى الأشخاص المصابين بمتلازمة الأورام الغديَّة الصماوية المتعددة أورامٌ في الغدَّة الدرقيَّة أو في الغدَّد جارة الدرقيَّة (الدُّريقيَّة) غالباً (وهي غدد صغيرة بجوار الغدة الدرقية تُنظِّم مستويات الكالسيوم).
يمكن أن تنتقلَ هذه الحالاتُ إلى الأطفال من آبائهم، حيث يُعرَف هذا الانتقالُ باسم الوراثة الصبغيَّة السائدة autosomal dominant pattern، ممَّا يعني أنَّه يكفي أن يكونَ أحدُ الأبوين حاملاً للجين المسؤول عن إحدى هذه الحالات حتى يكون هناك خطرٌ لانتقال تلك الحالة إلى أطفالهم.
كما توجد أسبابٌ وراثية نادرة أخرى للإصابة بورم القواتم؛ فإذا شُخِّصت الإصابة بهذه الحالة، فقد يطلب الطبيبُ إجراءَ فحوص وراثية لبعض هذه الحالات.
تشخيص ورم القواتم
ما دام أنَّه لا يمكن التنبُّؤُ بالأعراض، فقد يكون من الصعب حدوثُ الهجمات عندَ مراجعة الطبيب. ولذلك، ينبغي أن يحاولَ الشخصُ وصفَ ما يُعاني منه من أعراضٍ بأدقِّ التفاصيل. وقد يكون تسجيلُ الشخص لما يشكو منه من أعراض في مفكَّرته مساعداً على تشخيص الحالة.
قد يرغب الطبيبُ في استبعاد الأسباب المحتملة الأخرى لحدوث الأعراض، مثل الأدوية أو هجمات الهلع panic attacks. ويُشار إلى أنَّه من النادر حدوثُ ورم القواتم بالمقارنة مع الأسباب الأخرى لظهور أعراضٍ مشابهة.
قد يطلب الطبيبُ إجراءَ اختباراتٍ بوليَّة لقياس مستويات نورميتادرينالين normetadrenaline وميتادرينالين metadrenaline (وهما من نواتج تخرُّب الأدرينالين والنورأدرينالين)، أو قد يُحوِّل الشخصَ إلى اختصاصي لإجراء اختبارات للدم أو للبول.
إذا كانت مستوياتُ الهرمونات شديدةَ الارتفاع عن الحدِّ الطبيعي، فقد يُحوَّل الشخصَ إلى طبيبٍ اختصاصي يمكن أن يطلب صورةَ بالتصوير المقطعي المحوسب computerised tomography (CT) scan أو بالرنين المغناطيسي  magnetic resonance imaging (MRI) scan للغدة الكظرية، أو قد يطلب إجراءَ اختباراتٍ أخرى.
وإذا كشفت نتائجُ الفحص وجودَ ورمٍ في الغدة الكظرية، فمن المحتمل تحويل الحالة إلى طبيب الجراحة لاستئصالها. ومن الضروري عدمُ إجراء هذه الجراحة مباشرةً، لأنَّه ينبغي استعمالُ بعض الأدوية لعدة أسابيع لتحضير الجسم لهذه العملية.
علاج ورم القواتم
يخضع معظمُ الأشخاص المصابين بورم القواتم لإجراء عملية جراحية لاستئصال الغدة الكظرية.
ينبغي استعمالُ أدوية تسمَّى حاصرات ألفا alpha blockers لعدَّة أسابيع قبلَ إجراء العملية، لمنع تأثير الهرمونات الزائدة في الجسم، والمحافظة على استقرار النبض وضغط الدم استعداداً لإجراء الجراحة.
كما قد تُستَعملُ أدويةٌ أخرى تُسمَّى حاصرات بيتا beta blockers إذا اعتقد الطبيبُ أنَّ استعمالها ضروريٌّ.
تُجرى العمليةُ تحت التخدير العام، ويمكن إجراؤها بإحدى طريقتين:
الجراحة التنظيرية laparoscopic ('keyhole') surgery: يقوم الطبيبُ بشقِّ عددٍ من الجروح الصغيرة التي يُمرِّر من خلالها الأدوات لاستئصال الورم؛ وهذا النوع من الجراحة هو الأكثر شيوعاً لمعالجة ورم القواتم.
الجراحة المفتوحة open surgery:يُشقُّ جرحٌ واحدٌ أكبر في الجلد يُستأصل الورمُ من خلاله.
يُجرى هذا الشقُّ في البطن عادةً.
يقوم الطبيبُ بمناقشة الشخص حولَ نوع العملية الجراحية الأفضل لحالته، ويشرح تفاصيلَ العملية الجراحية، بما فيها المخاطر المحتملة، وسوف يُجيبُ عن أيَّة أسئلة يطرحها المريض.
وإذا كان ورمُ القواتم من النوع السرطاني، فقد تكون هناك ضرورةٌ لاستعمال المعالجة الكيميائية أو المعالجة الإشعاعية، بالإضافة إلى العملية الجراحية أيضاً.
إذا لم يكن بالإمكان استئصال الورم، فسوف يكون من الضروري استعمال أدويةٍ لتدبير الحالة، حيث تُستَعملُ توليفةٌ من الأدوية لضبط تأثيرات الهرمونات الزائدة عادةً.
مآل ورم القواتم
قد يؤدِّي عدمُ معالجة ورم القواتم إلى حدوث مشاكل خطيرة، والتأثير بشكلٍ كبير في نوعية حياة الشخص؛ فتأثيراتُ ذلك في القلب وضغط الدم قد تؤدي إلى حدوث مضاعفات، يمكن أن يكونَ بعضها مُهدِّداً للحياة، مثل اضطراب نظم القلب arrhythmia والنوبات القلبية heart attacks والسكتات الدماغية strokes وفشل الأعضاء.
لكن، يمكن استئصالُ معظم الأورام بنجاح من خلال الجراحة، ممَّا يعني أنَّ معظمَ الأعراض سوف تختفي عادةً.
قد تعود الإصابةُ بورم القواتم مرةَّ أخرى بعدَ استئصاله، لذلك من الضروري الالتزامُ بحضور مواعيد المتابعة المنتظمة بعدَ الجراحة. كما يجب زيارة الطبيب مباشرةً عندَ عودة الأعراض.


أخبار مرتبطة