ة لكميات بسيطة للاستعمال الشخصي، أو بكميات زائدة للاتجار.
ما ذكرناه ليس سيناريو لمشهد تمثيلي انما هو واقع في السعودية. بل إن الكثيرات من المدمنات لا يعلم عنهن الإعلام شيئاً ويصعب الوصول إليهن بسبب العادات التي تحكم المجتمع وخوف العائلات من الفضيحة. لكن العمل لإنقاذ هذه الحالات مازال مستمراً وبشكل متواصل. وقبل شهر ونصف افتتح القسم النسائي لعلاج المدمنات في «مستشفى الأمل» في جدة، وهو يقدم خدماته العلاجية والتأهيلية والوقائية للاناث من مختلف الفئات العمرية. «لها» زارت القسم والتقت مدير المستشفى الدكتور أسامة آل إبراهيم والدكتورة ابتهاج فلاته للاطلاع علىدور القسم في حماية الفتاة من العودة إلى براثن الإدمان.
آل ابراهيم: لا نعاقب مريضة الإدمان
تحدث مدير مستشفى الأمل الدكتور أسامة بن أحمد آل ابراهيم عن هذا القسم قائلاً: «القسم هو أحد أقسام مستشفى الامل في جدة الذي يُعتبر من الصروح الطبية العريقة التابعة لوزارة الصحة التي أنشأتها الحكومة السعودية لمعالجة مرضى إدمان المخدرات وتأهيلهن. ويقوم المستشفى بدور وقائي وعلاجي وتأهيلي في مجال إدمان المخدرات بأنواعها المختلفة، مع العلم أن رسالة المستشفى هي تقديم افضل الخدمات لمعالجة مرضى الادمان في اطار شمولي متقدم وبواسطة فريق من أفضل المتخصصين، وباتباع اسلوب طبي نفسي اجتماعي ارشادي وديني.
وبالنسبة الى القسم النسائي فقد تم تشغيل العيادات الخارجية والطوارئ التي تستقبل الحالات على مدار الساعة وطوال أيام الاسبوع. وبالنسبة الى أجنحة التنويم فمن المتوقع بمشيئة الله العمل فيها بعد ستة أشهر من الافتتاح».
وعن آلية العمل في القسم ومشرفات القسم أشار الى أنه عند حضور الحالة للعلاج يتم استقبالها واجراء التقويم الطبي والنفسي والاجتماعي واجراء الفحوص الطبية والمخبرية اللازمة.
وفي ضوء النتائج توضع بالاضافة إلى المقاييس والاختبارات النفسية المطلوبة للحالة، ثم يتم بعد ذلك عمل الخطة العلاجية التي تشمل الجوانب الطبية والنفسية والاجتماعية والارشادية والدينية، مع الاستعانة بالاسرة في مرحلتي التقويم والعلاج حسب الحاجة. ويعمل في القسم فريق من الكوادر النسائية المتعددة التخصصات، منها الطب النفسي وعلم النفس السريري والخدمة الاجتماعية والتثقيف الصحي والارشاد الديني والتمريض وشؤون المريضات والسجلات الطبية والمختبر. ويجري العمل حالياً على استقطاب التخصصات الاخرى المطلوبة».
وأشار آل ابراهيم إلى ان المريضات يحضرن الى المستشفى بأنفسهن أو بواسطة اسرهن أو بتحويل من الجهات الحكومية الطبية أو الاجتماعية أو الامنية أو من جهات أخرى، مضيفاً: «نظرا الى حداثة تشغيل القسم النسائي من المبكر الحديث عن أرقام لعدد المراجعات.
وفي ما يتعلق بالاحصائية التي نشرتها بعض الصحف المحلية اعتقد بأن ماتم نشره من أن مستشفى الأمل كشفت عن احصائية تُشير إلى أن عدد المراجعين من مدمني المخدرات في جدة ارتفع عام ٢٠٠٤ إلى ٣٤ ألف مراجع يتلقون العلاج لم يكن صحيحاً ويفتقر إلى الدقة والمصداقية.»
وأكد أن المستشفى جهة لعلاج المريض وتأهيله وليس لها علاقة بالجوانب القانونية والأمنية، قائلاً: «لا تقع عقوبات لدينا على مريضات الإدمان ولا يتعرضن لأي إجراءات قانونية داخل المستشفى ويتم التعامل معهن كحالة مرضية ويحظين بدرجة كافية من السرية ويتمتعن بحقوق المريض أسوة ببقية المنشآت والمستشفيات التابعة لوزارة الصحة في السعودية».
فلاته: لا يُشترط للعلاج أن يكون تطوعياً ليكون فعالاً
من جهتها، أشارت الدكتورة ابتهاج فلاتة، وهي احدى المشرفات على علاج المدمنات في القسم النسائي، الى أن الفتيات قد يدمّن أي نوع من المخدرات الموجودة، ومنها المنشطات والأفيون والمنومات والحشيش والكحول وغيرها. وقالت: «مع أن الادمان يحدث أكثر في مرحلة الشباب إلا أنه يمكن أن يحدث في جميع الفئات العمرية ولدى أي من الفئات الاجتماعية، وأؤكد ان الحكومة السعودية الرشيدة أولت الاهتمام الكبير والمباشر لعلاج حالات الإدمان، كما وفرت الميزانية المناسبة لذلك، وهذه التكاليف تدخل ضمن ميزانية المستشفى السنوية».
وأضافت: «برامج العلاج التي تخضع لها المدمنة تتم على مرحلتين، أولاهما مرحلة ازالة السموم، وقد تتم من خلال العيادات الخارجية أو بالتنويم. وهي مرحلة قد تستغرق أسبوعاً إلى ثلاثة اسابيع بحسب الحالة. ويجري فيها تقويم شامل للمريضة لمعرفة الجوانب الطبية والنفسية والاجتماعية والدينية المسببة لإدمانها، وأيضاً علاج الاعراض الانسحابية او الانسمامية للمواد الادمانية.
أما المرحلة الثانية فنعني بها مرحلة تعديل السلوك والتأهيل وتستغرق أشهراً، ويتم فيها تحديد السلوكيات السلبية المسببة أو المصاحبة لإدمان المريضة وتعديلها من خلال برامج علاجية طبية نفسية واجتماعية وارشادية ودينية. وهناك البرامج التأهيلية لمساعدة المدمنة في اعادةالاندماج في المجتمع، بالاضافة الى العلاج الاسري للحالات التي تستدعي التدخل العلاجي الارشادي لأسرة المدمنة.
ويتم عادة التعاون بين المستشفى والجهات العلاجية بما يخدم مصلحة المريضة وحسب الانظمة المعمول بها».
وعما اذا كانت الفتيات يُجبرن على تلقي علاج الادمان أم يصلن برغبتهن وكامل ارادتهن إلى المستشفى قالت فلاته: «قد تأتي الفتاة بكامل رغبتها للعلاج، وقد تأتي بناء على رغبة أسرتها أو بتحويل من الجهات الطبية أو الاجتماعية أو الأمنية. وتجدر الاشارة هنا إلى أن الدراسات العالمية في مجال الادمان تشير إلى أنه لا يُشترط للعلاج أن يكون تطوعياً ليكون فعالاً، بل يمكن للاجراءات الإلزامية سواء من جهة العمل أو الاسرة أو حتى الجهات القانونية أن تؤدي إلى تحقيق الاستفادة من البرنامج العلاجي وتعافي المريضة من الادمان.
وقد يتم إلزام المريضة بالعلاج إذا كان هناك خطر مباشر على نفسها أو على الآخرين إذا لم تعالج. أما بالنسبة الى ما يتعلق بتنويم الفتيات أثناء العلاج، فسيتم ذلك بعد ستة أشهر من افتتاح القسم وتفعيل جناح التنويم بسعة ٢٠ سريراً».
وعن هروب بعض المدمنات من المستشفى، أكدت انها لم تواجه أي حالة هروب، «وأعتقد أن ارتباط الفتاة بالمخدر وانتشاره في جسدها هما السبب الذي يدفع بعضهن للهروب نتيجة التعود على تخدير الجسد بكمية معينة من السموم».
وجزمت بأن اسر المدمنات متعاونة مع المستشفى، «و لم نواجه حتى الآن أسراً رفضت استقبال المدمنات بعد العلاج، بل على العكس يتم الترحيب بهن واستيعابهن ومحاولة دمجهن في الحياة الطبيعية مجدداً. كما ان الفريق الطبي يحرص على اشراك الاسرة في العملية العلاجية منذ البداية والتعاون مع المريضة وتقديم الارشاد والدعم النفسي والاجتماعي والمعنوي لها».
يماني: الجهات الأمنية تعاقب المدمنة بعد العلاج
أوضح المحامي نايف يماني أن العقوبة التي تقع على المدمنات تتراوح بحسب الحيازة وبناء على الجرم، قائلاً: «إذا كانت الفتاة المدمنة محولة من جهة أمنية إلى مستشفى للعلاج ويقع عليها العقاب بناء على جرمها، فقد يكون ذلك بسبب حيازتها كمية تدخل في باب الاتجار والترويج. والعقوبة تقع بناء على الجرم ونوعه. أما إذا كانت الكمية لاستعمالها الشخصي فالعقوبة هنا مختلفة وتأتي بعد العلاج».
وأضاف: «إذ لم يكن لديها سوابق فالعقوبة مخففة جداً. وإن كانت الكمية التي بحوزتها بسيطة ولا تزيد عن الاستعمال الشخصي فإنها وبعد الانتهاء من العلاج توقع إقراراً أمام الجهات الأمنية المسؤولة بعدم معاودة هذا الأمر، وإن قُبض عليها مرة أخرى بعد توقيعها الإقرار تعاقب بحسب كمية المخدرات. وتختلف عقوبتها بحسب الحالة وعدد الغرامات و تقدير القاضي».