تاريخ النشر 29 اغسطس 2016     بواسطة الدكتور علي حسن العسيري     المشاهدات 201

العضلات

تشكِّل العضلاتُ نسبةً كبيرةً من وزن الجسم، وهي تساعد على الحركة والكلام وتناول الطعام. وهناك ثلاثةُ أنواع من العضلات: ● عضلات الجهاز الهيكلي الإراديَّة. ● العضلات الملساء اللاإرادية (التي تقوم ببعض الوظائف، مثل هضم الطعام وتركيز الرؤية من خلال ضبط بؤرة العين). ● عضلات القلب اللاإرادية (العضلة ا
لقلبية). وتتنوَّع العضلات الهيكلية، البالغ عددها ستَّمائة وخمس عضلات، من حيث الشكلُ والقوَّة. وتعدُّ العضلاتُ التي تُحيط بالعمود الفقري هي الأقوى. يفيد التمرينُ المنتظم في الإبقاء على عضلاتنا في حالة حسنة؛ ولكن تنجم إصاباتُ العضلات والأوتار التي تربط العضلات بالعظام عن فرط الجهد أو الشدِّ المفاجئ أو الالتواء المفاجئ عادةً ، غير أنَّ للعضلات القدرة على ترميم نفسها حين تُصاب. يحصل الوَثي العضلي حين تتأذَّى الألياف العضلية، وينجم ذلك في العادة عن تكرار حركة من الحركات بصورةٍ متواصلة. أمَّا التمزُّقُ العضلي فيحصل عندما يتمزَّق عددٌ كبير من ألياف العضلة، الأمر الذي يسبِّب ألماً شديداً وتورُّماً. والكثيرُ من الأمراض التي تؤثِّر في العضلات، مثل التهاب سنجابيَّة النُّخاع (شَلل الأطفال)، هي أمراض في الأعصاب المتَّصلة بالعضلات. ويمكن أن تؤدِّي هذه الأمراضُ إلى ضعف العضلة وضمورها، أو إلى نَفَضان عضلي. وقد تكون أمراض العضلات وراثية، أو ناجمة عن عدوى أو أن كتأثير جانبي للأدوية. وتشتمل هذه الأمراضُ على الحَثَل العضلي والاعتلال العضلي والتهاب العضل والذئبة ونقص الفيتامينات. 
مقدِّمة
تعدُّ العضلاتُ عناصرَ بالغة الأهمِّية في الجسم البشري. ويقارب وزنُ كتلة العضلات في الجسم نصفَ وزن الإنسان. إذا أردنا أن نتفادى إصابةَ العضلات، وأن نميِّز أعراض الأمراض العضلية، فمن الضروري أن نفهم كيف تعمل العضلات، وكيف يمكن أن تتأذَّى أو تُصاب. يشتمل هذا البرنامجُ التثقيفي الخاص بالعضلات على معرفة أنواع العضلات، وكيف تعمل، والإصابات والأمراض المختلفة التي يمكن أن تصيبها. 
العضلات
هناك ثلاثةُ أنواع من العضلات في الجسم:
عضلات الجهاز الهيكلي الإراديَّة.
العضلات المَلساء اللاإراديَّة.
العضلات القلبية اللاإراديَّة.
يساعد هذا البرنامجُ على معرفة العضلات الهيكلية الإرادية؛ فالعضلات اللاإرادية تقوم بوظائف غير واعية، كدفع الطعام على طول الجهاز الهضمي، وتركيز الرؤية، وضبط اتِّساع الشرايين. كما أنَّ العضلات القلبية هي عضلات لاإرادية أيضاً، لكن لها بنية ووظيفة خاصَّتان؛ ولا توجد إلاَّ في القلب. يُمكن لجميع العضلات:
أن تُثار بواسطة عَصَب أو مُنَبِّه.
أن تتقلَّص عندَ تنبيهها.
أن ترتخي بعد التقلُّص.
العضلات الهيكليَّة
يبلغ عددُ العضلات الهيكلية في الجسم نحو ستمائة وخمس عضلات؛ وهي تشكِّل ما يقارب نصف وزن الجسم. تعمل العضلاتُ على نحو متوافق مع كلٍّ من الجهاز الهيكلي والجهاز العصبي. يمتدُّ العضلُ الهيكلي من عظم إلى آخر عادة، عابراً بذلك مفصلاً من المفاصل. وترتبط العضلاتُ بالعظام بواسطة أوتار. والأوتارُ هي أنسجة خاصَّة مكوَّنة من ألياف ضامَّة. كما أنَّ الأربطةَ تصل بين العظام أيضاً. وتتكوَّن هذه الأربطةُ من نسيج ضامٍّ قوي. يرسل الدماغُ رسائل تعبر الحبل الشوكي والأعصاب الشوكيَّة، وتصل في النهاية إلى العضلات لتأمرها بالحركة. تتقلَّص العضلةُ حين تصل إليها النبضةُ الكهربائية من العصب. يُوجَد في كلِّ عضلة آلافُ الألياف المتخصِّصة، والتي تبدأ بالانزلاق فوق بعضها بعضاً عندَ تحفيزها، ممَّا يؤدِّي إلى التقلُّص. عندما تتقلَّص العضلةُ، فإنَّها تقوم بتحريك العظمين المرتبطين بها. ولكن، ترتبط الكثير من العضلات بأكثر من عظمين اثنين. تترتَّب العضلات على نحوٍ يجعل لها تأثيراً متعاكساً؛ فعلى سبيل المثال، تعاكس حركةُ العضلة ثلاثية الرؤوس حركة العضلة ثُنائية الرؤوس. وبهذه الطريقة، تتيح لنا العضلةُ ثنائية الرؤوس أن نقبضَ المرفق، في حين تتيح لنا ثُلاثية الرؤوس أن نبسطه. 
التشريح
تتنوَّع العضلاتُ الهيكلية من حيث شكلُها وقوَّتُها. وتعدُّ العضلاتُ التي تحيط بالعمود الفقري هي الأقوى، وهي التي تشكِّل قوام الجسم. تساعد عضلاتُ الكتف على تحريك الذراعين؛ وعلى سبيل المثال، تساعدنا العضلةُ الداليَّة على تحريك الذراع بعيداً عن الجسم. تتيح عضلاتُ الساعد الأمامية لنا قبضَ الأصابع وثنيها. أمَّا عضلات الساعد الخلفية فتتيح لنا أن نفعلَ العكس: حيث تسمح لنا أن نفتح يدنا ونبسط أصابعنا. تتيح العضلةُ رباعية الرؤوس، وهي تلك العضلة الكبيرة على الوجه الأمامي للفخذ، لنا أن نبسط الركبة. أمَّا العضلةُ المأبضية على الوجه الخلفي للفخذ فتتيح لنا أن نقبض أو نثني الركبة. تسمح العضلاتُ في مقدِّم الساق لنا بأن نثني الكاحل إلى الأعلى، في حين تتيح لنا عضلةُ ربلة الساق أن نثني الكاحل إلى الأسفل. إن تضافرَ عمل العضلات الهيكلية هو الذي يمكِّننا من المشي والجري والكتابة واللعب. تتيح لنا عضلاتُ الوجه أن نفتح أعيننا وأفواهنا ونغلقهما؛ وهي تسمح لنا أن نرسمَ التعابير على وجوهنا أيضاً، كأن نبتسم أو نعبس. تتيح لنا عضلات اللسان والوجنة أن نمضغ ونأكل. في حين تتيح لنا عضلاتُ الحلق أن نبلع ونتنفَّس. والعضلاتُ الأخرى هي عضلاتٌ بالغة الأهمية، لكنَّنا لا ننتبه إليها معظم الوقت. ومن بينها عضلاتُ العنق والظهر والصدر والبطن. وهي تساعد في الحفاظ على اتِّخاذ وضعية مناسبة والحفاظ عليها، وفي تحريك العمود الفقري، كما أنَّها تحمي الأعضاء الموجودة في الصدر والبطن. يساعدنا التمرين المنتظم على بقاء عضلاتنا في حالة جيِّدة. 
إصابات العضلات
تعدُّ إصاباتُ العضلات أكثر شيوعاً من أمراضها. وحين تتأذَّى العضلة، فإنَّها تستطيع ترميم ذاتها. تكون إصاباتُ العضلات والأوتار نتيجةً لفرط الجهد أو نتيجة لشدٍّ أو التواء مفاجئين عادةً. يحصل الوثيُ العضلي عندما تتأذَّى ألياف العضلة. كما أنَّ حدوث بعض النزف داخل العضلة يسبِّب الألم والتورُّم. ويترافق الوَثي مع الألم والتكدُّم الواضحين أيضاً. يمكن للوثي العضلي أن ينجم عن تكرار متواصل لحركة معيَّنة، خاصَّة إذا كانت تُؤدَّى بشكلٍ خاطئ. يُعالَج الوثيُ عادة بوقف حركة العضلة لأمد قصير، وبالعلاج الفيزيائي والأدوية المضادَّة للالتهاب. يحصل التمزُّقُ العضلي حين يتمزَّق عدد كبير من ألياف العضلة. ويسبِّب التمزُّق العضلي ألماً شديداً وتورُّماً. وقد يؤدِّي النزف الشديد إلى تشكُّل جلطة دموية. ومن الممكن أن تكون الجراحة ضرورية لترميم التمزُّق العضلي. يمكن أن يحدث التهابُ الوتر عندما يؤدِّي التمطيطُ أو الحركة المتكرِّرة إلى تورُّم الوتر. وقد تؤدِّي بعضُ الأنشطة، مثل الركض والركل، إلى التهاب أوتار القدم؛ ويمكن أن يسبِّب ذلك ألماً وتورُّماً وأن يحدَّ من الحركة. حين يتمزَّق الوتر، تكون الإصابةُ شديدة جداً إلى درجة أنَّها تفصله عن العظم. ويمكن لرفع الأوزان الثقيلة أن يؤدِّي إلى تمزُّق الأوتار. تكون معالجةُ تمزُّقات الأوتار البسيطة بوقف الحركة واللجوء إلى العلاج الفيزيائي. أمَّا تمزُّقات الأوتار الخطيرة فقد تحتاج إلى الجراحة في بعض الأحيان. 
أمراضُ العضلات
إنَّ الكثير من الأمراض التي تؤثِّر في العضلات هي في الحقيقة أمراض في الأعصاب المرتبطة بتلك العضلات. وتكون النتيجةُ هي ضعف العضلة وضُمورها، أو ما يُدعى ضُمور العضلات. يُمكن أن تبدأ العضلة بالانتفاض عندما تضعف؛ وهذا الانتفاض العضلي يُدعى التحزُّم أو التقلُّص الحُزمي. وفيما يَلي بعض الأمراض التي تؤثِّر في العضلات من خلال تأثيرها في أعصابها:
إصابات الحبل الشوكي (النُّخاع).
انضغاط الأعصاب في العنق والظهر.
التهاب سنجابية النُّخاع (شَلَل الأطفال).
مرض شاركو ـ ماري ـ تووث.
مرض لو جيريغ.
تنجم معظمُ حالات التشنُّج العضلي عن خلل عصبي؛ فعند حصول المعص أو التشنُّج، تتقلَّص العضلةُ من تلقاء ذاتها بسبب إشارات عصبية غير سويَّة. ويمكن للتشنُّج العضلي أن يكونَ مؤلماً جداً. وقد يحدث بعد التمرين أو في الليل خاصَّة. ويمكن أن يتراجعَ ألم التشنُّج بتمطيط العضلة أو بسطها إلى الحدِّ الأقصى. تشتمل الأمراضُ التي تصيب العضلات مباشرة، وليس أعصابها، على:
الحَثل العضلي.
اعتلال العضلات.
التهاب العضل.
يمكن للأمراض العضلية أن تكونَ وراثية أو ناجمة عن عدوى، ويمكن أن تكون آثاراً جانبية لأدوية يتناولها المريض لمعالجة حالات أخرى. وتصبح العضلاتُ المصابة ضعيفة عادةً، ومؤلمة في بعض الأحيان. هناك أمراضٌ أخرى تُصيب الجسم وتؤثِّر في العضلات، مثل الذئبة ومشكلات الغدة الدرَقية ونقص الفيتامينات. 
التشخيص
لتشخيص الأمراض العضلية، لابدَّ من معرفة القصَّة المرضية والعائلية بصورة مفصَّلة. كما أنَّ الفحص الفيزيائي هام جداً في تقييم مدى الضعف، فضلاً عن أهمِّيته في استقصاء الضُّمور والتقلُّصات الحزميَّة. كما قد نحتاج إلى إجراء تحليل للدم والبول أيضاً لتشخيص المرض العضلي. قد يكون من الضَّروري أيضاً إجراءُ تصوير بالرنين المغناطيسي للحبل الشوكي المصاب، أو منطقة الدماغ المصابة، فضلاً عن العضلات المصابة. قد يتمُّ إجراء اختبارات أخرى، مثل تخطيط كهربائيَّة العضلات وسرعة النقل العصبي لتحديد ما إذا كان المرضُ في العضلات نفسها أم ناجماً عن مشكلة عصبية. قد نحتاج إلى أخذ جزء صغير من العضلة ودراسته دراسة تشريحية مرضية تحت المجهر. وهذا ما يُدعى بالخَزعةِ العضلية. وتُؤخَذ العيِّنات من العضلات بواسطة إبرة أو بالمشرط. 
المعالجة
يُعالج وثيُ العضلات والأوتار عادة بوقف الحركة والعلاج الفيزيائي. وتُعالج تمزُّقات العضلات والأوتار بالطريقة ذاتها، مع أنَّنا قد نحتاج إلى الجراحة لترميم التمزُّق. تختلف معالجةُ الأمراض العضلية باختلاف سبب المرض؛ فإذا ما كان المرض ناجماً عن نقص الفيتامين، فقد يؤدِّي إعطاء هذا الفيتامين إلى تصحيح المشكلة. ويمكن للضعف الناجم عن مستويات هرمونية منخفضة أن يُعالَج عن طريق التَّعويض الهرموني. لا يكون لبعض أنواع الحثل العضلي معالجات ناجحة. كما أنَّ معالجة الأمراض العضلية الخطيرة في معظمها تتطلَّب علاجاً فيزيائياً لتقوية العضلات. قد نحتاج، في بعض الأحيان، إلى معالجة مهنيَّة عند استمرار الضعف العضلي. وقد يكون على المريض أن يتعلَّم بعض الأساليب الجديدة كي يقوم بأنشطته اليومية. 
الخلاصة
تشكِّل العضلاتُ نسبة كبيرة من وزن الجسم، وهي تساعدنا على المشي والركض والكلام وتناول الطعام. يعدُّ الحفاظُ على العضلات قوية وفي صحَّة جيِّدة أمراً هاماً في نمط العيش السليم. تكون معرفةُ التمارين الآمنة وتجنُّبُ الحركات المتكرِّرة التي قد تُسبِّب الوَثي أمراً أساسياً لكي يحافظ الإنسان على صحَّته. 


أخبار مرتبطة