تاريخ النشر 23 مايو 2016     بواسطة الدكتورة علياء علي ابوطالب     المشاهدات 201

زرعُ نِقي العظام

نقيُ العَظم هو النسيجُ الإسفَنجي الموجود داخل عِظام الجسم كُلها، كعظم الحوض أو عظم الفَخِذ مثلاً. وهو يحتوي على خلايا غير ناضجة تُدعى باسم الخلايا الجذعية. وهذه الخلايا الجذعية يُمكن أن تتطوَّر إلى خلايا الدم الحمراء التي تنقل الأكسجين إلى مختلف أنحاء الجسم، وإلى خلايا الدم البيضاء التي تكافح ا
لعدوى، وإلى الصُّفَيحات التي تُساعد على تجلُّط الدم. وإذا وُجدت مشكلة في نقي العظم، فقد يكون الزرع مفيداً في إعطاء المريض نقيَّ عظمِ جديداً سليماً. ومن الممكن أن يحتاجَ المرءُ إلى الزرع بسبب بعض الأمراض، كأمراض نقي العظم أو بعض أنواع السرطان كالورَم اللمفي أو ابيضاض الدم على سبيل المثال. كما يمكن أن يحتاجَ المريض إلى زرع خلايا الدم الجذعية إذا صار نقي العظم يُنتِج خلايا مَعيبة. وفي بعض الأحيان، يتبرع بعضُ مرضى السرطان بنقي العظم قبل معالجتهم، وذلك حتى يجري زرُعه لديهم في وقت لاحق. لكن أغلب حالات الزرع تجري من خلال زرع نقي عظم جديد من شخص متبرِّع آخر يمكن أن يكونَ من الأقارب المباشِرين، أو شخصاً من غير الأقارب.
مقدمة
نِقيُ العظم هو النسيج الأسفنجي الموجود داخل عظام الجسم كلها، كعظم الحوض أو عظم الفخذ. ويشبه نقيُ العظم مصنعاً ينتج أنواعاً مختلفة من خلايا الدم. وهناك أمراضٌ كثيرة يمكن أن تصيبَ نقي العظم. في حالة وجود مشكلة في نقي العظم، فإن الزرع يمكن أن يمنح المريض نقي العظم الجديد السليم. وإذا نصح الطبيبُ بإجراء عملية زرع نقي العظم، فإنَّ المريضَ هو الذي يتخذ القرار النهائي بإجراء هذه العملية. تشرح هذه المعلوماتُ الصحية زرعَ نقي العظم. وهي تتناول أسبابَ الحاجة إلى هذه العملية، والمعالجات البديلة، وكيفية إجراء عملية زرع نقي العظم. كما تتحدَّث عمَّا يمكن توقُّعُه بعد العملية.
الدم ونقي العظم
يتألَّف الدمُ من خلايا دموية عائِمة في البلازما، أو المَصل. والبلازما مكوَّنة من الماء بشكل رئيسي. كما أنها تحتوي على بعض المواد الكيميائية. ومن هذه المواد الكيميائية البروتيناتُ والهرمونات والمعادن والفيتامينات. هناك ثلاثةُ أنواع أساسية من خلايا الدم:
الصُّفَيحات.
خلايا الدم الحمراء.
خلايا الدم البيضاء.
الصفيحاتُ هي قطعٌ صغيرة من الخلايا التي تساعد على تجلُّط الدم عندما يُصاب المرء بجرح. يسيطر التجلُّطُ على النزف، ويمنع فقدان كمِّية كبيرة من الدم. تُدعى خلايا الدم الحمراء باسم الكُريات الحمراء أيضاً. وهي تشكِّل نحو نصف كمية الدم، كما أنَّها تمنح الدم لونه الأحمر. إن خلايا الدم الحمراء مليئة بمادة الهيموغلوبين التي تنقل الأكسجين من الرئتين إلى نُسُج الجسم. تُدعى الخلايا الدم البيضاء باسم الكُرَيات البيضاء أيضاً. وهذه الخلايا تساعد الجسمَ على مكافحة العدوى والأمراض. وهناك أنواع كثيرة من خلايا الدم البيضاء. وكلُّ نوع منها يكافح أنواعاً مختلفة من الجراثيم. تتشكَّل خلايا الدم في اللب الطري الإسفنجي في العظام، وهو ما يُدعى باسم نِقي العظم. وتُدعى الخلايا الجديدة غير المتخلِّقة باسم الخلايا الجذعية. تظل بعضُ هذه الخلايا في نقي العظم حتى تتخلَّق. لكنَّ البعضَ الآخر منها ينتقل إلى أنحاء مختلفة من الجسم. من الممكن أن تتخلَّقَ الخلايا الجذعية إلى ثلاثة أنواع مختلفة من الخلايا الدموية. وهي تصنع نسخاً عن أنفسها مع مرور الزمن. وفي النهاية، تُصبح هذه الخلايا الجذعية المنسوخة خلايا دموية ناضجة.
أسباب زرع نقي العظم
من الممكن أن تؤدِّي أمراض نقي العظم إلى ما يلي:
تخريب نقي العظم.
منع نقي العظم من صُنع كمية كافية من الخلايا الدموية.
من الممكن أن يجري اللجوءُ إلى زرع نقي العظم من أجل معالجة أمراض نقي العظم. هناك بعض أنواع السرطان التي يمكن أن تُصيب نقي العظم. ومن الأمثلة على هذه السرطانات:
ابيضاض الدم.
الورم اللمفي.
الورم النقيي المتعدِّد.
متلازمة خَلل تَنَسُّج النقي.
من الممكن أن تؤدِّي بعضُ معالجات السرطان إلى تخريب الخلايا الجذعية في نقي العظم أيضاً. لكنَّ المرضى الذين يخضعون لجرعات عالية من المعالجات الإشعاعية أو الكيميائية يمكن أن يخضعوا للمعالجة بزرع نقي العظم بعدَ معالجتهم من السرطان. من الممكن أن تكونَ هناك حاجة إلى زرع نقي العظم لمعالجة بعض أمراض الدم الشديدة أيضاً. ومن هذه الأمراض:
فقر الدم اللاتنسُّجي.
فقر الدم المنجلي.
البيلة الهيموغلوبينية الليلية الانتيابية.
الثلاسيميا.
تجعل هذه الأمراضُ الجسمَ غيرَ قادر على إنتاج كمِّية كافية من خلايا الدم الحمراء، أو تجعله يصنع خلايا دم حمراء لا تعمل على نحو سليم. هنالك بعضُ الأمراض التي تمنع الجسم من صُنع بعض أنواع خلايا الدم البيضاء. ومن الممكن أن توفِّر عملية زرع نقي العظم الخلايا الجذعية اللازمة للحلول محلَّ الخلايا الناقصة.
المعالجات البديلة
من الممكن أن تكونَ هناك معالجات أخرى متوفِّرة، وذلك بحسب المرض الذي يصيب نقي العظم. من الممكن أن تجري معالجة السرطانات التي تصيب نقي العظم من خلال:
الجراحة.
المعالجة الكيميائية.
المعالجة الإشعاعية.
المعالجة المناعية.
المعالجة التلقيحية.
من الممكن أن تشتملَ المعالجات البديلة لأمراض الدم الشديدة على نقل الدم إلى المريض. ونقلُ الدم هو إجراءٌ يُعطَي الدم إلى المريض عن طريق قثطار وريدي يُوضَع في أحد أوردة جسمه.
هناك أدويةٌ كثيرة مختلفة يُمكن استخدامها لمعالجة اضطرابات الدم الشديدة. وقد تقوم هذه الأدويةُ بما يلي:
الوقاية من العدوى ومعالجتها.
تخفيف الألم.
تحريض نقي العظم على صنع مزيد من الخلايا الدموية.
كًبت، أو كبح، الجهاز المناعي.
تتطلَّب معظمُ أمراض نقي العظم الزرعَ الناجح لنقي العظم حتى تَشفى.
قبل العملية
من أجل تقليل الآثار الجانبية بعد عملية زرع نقي العظم، فإن الطبيب يستخدم خلايا جذعية تكون موافقًة للخلايا الجذعية لدى المريض إلى أقصى حدٍّ ممكن. الخلايا الجذعية الموافقة لخلايا المريض يمكن أن تُقلِّلَ من خطر قيام القسم الباقي من جهاز المناعة لدى المريض بمهاجمة الخلايا الجديدة. كما أنَّ ذلك يقلِّل من خطر قيام خلايا نقي العظم المزروعة بمهاجمة جسم المريض أيضاً. و يسمى ذلك بداء الطعم حيال الثوي. من الممكن العثورُ على خلايا مناسبة للمريض لدى أحد أفراد أسرته. أما إذا لم يتحقَّق ذلك، فمن الممكن أن يتوفَّر مانحون متطوِّعون لديهم خلايا قريبة جداً من خلايا المريض. يكون المريضُ في حاجة إلى فحوص واختبارات طبية إضافية قبل عملية زرع نقي العظم. ويحرص الطبيبُ على التأكُّد من أنَّ صحَّةَ المريض تسمح له بالخضوع لهذه العملية، إضافة إلى التأكُّد من أنه يُدرك المخاطر المحتملة. يجب أن يذهبَ المريضُ إلى المركز الطبِّي قبل بضعة أيام من عملية زرع نقي العظم. وعندَ ذلك، يضع الجرَّاحُ أنبوباً في وريد كبير من أوردة الصدر. ويُدعى هذا الأنبوب باسم "الخط المركزي". يُستخدم الخط المركزي من أجل إعطاء المريض السوائل والأدوية ومُنتجات الدم، وكذلك للحصول على عَيِّنات من دم المريض. وهو يسمح بسهولة الوصول إلى مجرى الدم في الوريد. يظلُّ هذا الأنبوب في مكانه ستة أشهر على الأقل بعدَ عملية زرع نقي العظم. حتى يُصبح جسمُ المريض مستعداً لعملية زرع نقي العظم، فإنَّ الطبيبَ يُعطيه جُرعات مرتفعة من المعالجة الكيميائية، وربما المعالجة الإشعاعية أيضاً. تقوم هذه المعالجةُ بتخريب الخلايا الجذعية التي لا تعمل على نحو جيِّد في نقي عظم المريض.
زرع نقي العظم
يكون المريضُ واعياً أو مستيقظاً خلال عملية زرع نقي العظم. ومن الممكن أن يُعطى دواءً يجعله هادِئاً ومُستَرخياً. تستغرق العمليةُ ساعة أو أكثر من ساعة، على الأقل. ويتعلَّق هذا الزمن بحجم جسم المريض وبسنه أيضاً. ولا يكون الزرعُ مؤلماً عادةً. إنَّ زرعَ نقي العظم يُشبه نَقل الدم. وخلال هذه العملية، يجري نقلُ الخلايا الجذعية الجديدة إلى المريض من خلال "الخط المركزي". بعد أن تُصبِحَ الخلايا الجذعية في جسد المريض، فإنها ترتحِل إلى نقي العَظم. وهناك تبدأ إنتاجَ خلايا الدم الحمراء الجديدة، وخلايا الدم البيضاء، والصفيحات. وقد يبدأ ظُهورُ علامات إنتاج الخلايا الدموية الجديدة بعدَ فترة تتراوح من أسبوعين إلى أربعة أسابيع من عملية الزرع.
المخاطر والمضاعفات
يكون الجهازُ المَناعي لدى المريض ضعيفاً بعد عملية زرع نقي العظم. وهذا يعني أنَّ العدوى يمكن أن تصيبه بسهولة. لكنَّ هذا الخطر يتناقص كلَّما تعافى المريض. يستطيع المريضُ القيامَ بخطوات لوقاية نفسه من العدوى. ومن هذه الخطوات:
الابتعاد عن الأماكن العامة أو المُزدحمة والأشخاص المرضى.
تجنُّب الأطعمة التي قد تحتوي على بكتيريا ضارة، كالفاكهة والخُضروات النيئة.
الاستحمام اليومي.
كما يستطيع المريضُ وقاية نفسه من العدوى أيضاً عن طريق:
تفريش الأسنان بعناية، ورعاية اللثتين جيداً.
تنظيف مكان دخول الخط المركزي إلى الجسم.
الإكثار من غسل اليدين.
من الممكن أن يصابَ المريض بمرض يُسَمى "داء الطُّعم حيال الثوي" (GVHD) إذا قامت بعضُ الخلايا الجذعية الجديدة بمهاجمة الجسم المُضيف، أي جسم المريض. لكنَّ احتمالَ الإصابة بهذا الداء يتناقص كلَّما كانت الخلايا الجذعية الجديدة متوافقة أكثر أو متماثلة للخلايا الجذعية لدى المريض. تكون علاماتُ داء الطعم حِيال الثوي وأعراضه على النحو التالي:
طَفَح جلدي يبدأ في راحتي اليدين وأخمص القدمين. ومن الممكن أن يظهر في أجزاء أخرى من الجسم أيضاً.
اليرقان، وهو اصفرار الجلد وبياض العينين.
الغثيان، والتقيُّؤ والإسهال.
يكون فشلُ عملية الزرع أكثرَ شيوعاً لدى الأشخاص الذين يتلقون خلايا جذعية جديدة غير قريبة من خلاياهم الجذعية بالقدر الكافي. كما قد يحدث أيضاً إذا رفض جسم المريض الخلايا الجذعية الجديدة. ويمكن أن يحدث الفشل أيضاً إذا:
لم يجرِ نقلُ كمِّية كافية من الخلايا الجذعية الجديدة.
تعرُّض نقي العظم لدى المريض إلى الإصابة بعد عملية الزرع.
من الممكن أن يخضعَ بعضُ المرضى لعملية زرع نقي العظم من أجل معالجة بعض أنواع السرطان. ومن الممكن أن يكونَ هؤلاء المرضى معرضين لخطر عودة السرطان من جديد.
بعدَ العملية
يظلُّ المريضُ في المستشفى عدة أسابيع، أو عدة أشهر أحياناً، بعد عملية زرع نقي العظم. وتستمر إقامةُ المريض في المستشفى حتى يصبح الطبيب متأكِّداً من أن تخريج المريض من المستشفى قد صار آمناً. يقوم الطبيبُ بفحص دم المريض في أوقات متعددة بعد عملية الزرع. والهدف من هذا الفحص، هو معرفة ما إذا كان نمو الخلايا الدموية الجديدة قد بدأ. كما يجري فحصُ التعداد الدموي لدى المريض كل يوم لمراقبة تقدُّم حالته. ومن الممكن إعطاء المريض المصل الدموي أو كُريات الدم الحمراء والصفيحات إذا كان التعدادُ الدموي مُنخفضاً. يراقب الطبيبُ ما يلي أيضاً:
الآثار الجانبية الناتجة عن المعالجة الكيميائية والإشعاعية.
أعراض العدوى.
العلامات التي قد تشير إلى أنَّ عمليةَ الزرع غير ناجحة.
بعدَ مغادرة المريض المستشفى، فإنه يكون في حاجة إلى مراجعة الطبيب على نحو منتظم. وعليه أن يستمرَّ في مراقبة تقدم حالته الصحية دائماً. يستغرق الشفاءُ بعد عملية زرع نقي العظم مدة تتراوح من ستة أشهر إلى سنة كاملة. وقد يحتاج الأمرُ إلى وقت أطول لدى المرضى الذين يتعرَّضون إلى المضاعفات.

الخلاصة
نقيُ العظم هو النسيج الأسفنجي الموجود داخل عظام الجسم كلها، كعظم الحوض أو عظم الفخذ. ويُنتج نقي العظم أنواعاً مختلفة من خلايا الدم. وهناك أمراضٌ كثيرة يمكن أن تصيبَ نقي العظم. تتطلَّب معظمُ أمراض نقي العظم الزرعَ الناجح لنقي العظم حتى تَشفى. عمليةُ زرع نقي العظم تشبه عملية نقل الدم. وخلال العملية، يتلقى المريض الخلايا الجذعية الجديدة المأخوذة من أحد المانحين، وذلك عن طريق الخط المركزي. وبعد أن تصبحَ الخلايا الجذعية الجديدة داخل جسم المريض، فإنَّها ترتحل إلى نقي العظم. وهناك تبدأ عملية صنع خلايا دم حمراء وخلايا بيضاء وصُفيحات جديدة. يظل المريضُ في المستشفى عدةَ أسابيع، أو حتى عدة أشهر، بعد عملية زرع نقي العظم. ويختلف الشفاءُ من مريض لآخر. ويتعلَّق الأمر بما إذا كان المريضُ قد أصيب بداء الطُّعم حيال الثوي ومدى إصابته به.. كما أنَّ المضاعفات غير المتوقعة يُمكن أن تحدث أيضاً. تستمر إقامةُ المريض في المستشفى إلى أن يُصبح الطبيب واثقاً من نجاح الزرع. ويكتمل شفاءُ المريض بعد فترة تتراوح من ستة أشهر إلى سنة كاملة. لكن الفترة قد تطول أكثر من ذلك أحياناً، وقد يكون الشفاء عملية تستمرُّ طوالَ حياة المريض.


أخبار مرتبطة