يزداد إن كانت مُستويات هذا الدواء مُرتفِعةً أو مُنخفِضةً بشكلٍ كبير ومُتكرِّر عند المرضى.
قال الباحِثون إنَّ هذا الأمر بدا صحيحاً ليس فقط بالنسبة إلى مرضى الرَّجفان الأذينيّ، بل عند جميع المرضى الذين يستخدِمون دواء وارفارين لأسبابٍ أخرى.
قالَ المُشرف على فريق الباحِثين الدكتور جارد بونش، اختصاصيّ القلب لدى مركز إنترماونتن الطبِّي في موراي/أوتاه: "تكشِفُ نتائِج الدِّراسة عن احتمالين يُسبِّبان القلق، أوَّلهما أنَّ مرضى الرَّجفان الأذينيّ قد يُواجِهونَ زِيادةً في خطر الخرف بشكلٍ مُستقلّ عن استخدام دواء وارفارين، وثانيهما أنَّ دواء وارفارين قد يُسهِمُ أيضاً في الخرَف إذا كان بجرعات غير مثاليَّة".
"لا تُبرهِنُ النتائِج على أنَّ المسؤوليَّة تقع على الرَّجفان الأُذينيّ أو دواء وارفارين، ولكن هناك سبب يجعلنا نعتقِدُ أنَّ كليهما يُمكن أن يُسهِمُ في الإصابةِ بالخرَف، ويعُود جزءٌ من هذا إلى التأثيرات في مجرى الدَّم نحو الدِّماغ".
يُعدُّ الرَّجفان الأُذينيّ من اضطرابات النُّظم arrhythmia الشائعة، وهو يُصيبُ حوالي 3 ملايين بالِغٍ أمريكيّ، حيث تبدأ الحُجيرات العلويَّة في القلب بالرَّجفان بدلاً من الانقِباض بشكلٍ فعَّالٍ؛ ولكن لا تُشكِّلُ هذه الحالة تهديداً مُباشراً لحياة الإنسان، بل يُمكن أن تُسبِّبَ تشكُّل جلطات الدَّم في القلب، وإذا تمكنَّت هذه الجلطات من دخول أي شريانٍ يُزوِّد الدِّماغَ بالدَّم، يُمكنها حينها أن تُحرِّضَ الإصابة بالسَّكتة الدماغية.
وبسبب ذلك، يعمد مرضى الرجفان الأذيني إلى تناول الأدوية للحدّ من خطر الإصابة بالجلطات الدموية. ومن هذه الأدوية الأسبرين أو غيره من مضادات التخثر، مثل الوارفارين (يشتهر من أسمائه التجارية دواء كومادين Coumadin)
يقول بونش: "ينبغي تناول الوارفارين بحذر، وينبغي على المرضى دائماً إجراء اختبارات للتأكد من أن مستويات الوارفارين لديهم لا تتعدى الحدود العلاجية المطلوبة، بحيث تكون كافية للوقاية من الجلطات الدموية دون أن تتسبب بحدوث نزوف داخلية. وينبغي تعديل جرعات الورافارين باستمرار تحت إشراف الطبيب".
وبحسب بونش، فمن المحتمل أن يكون المرضى الذين تتذبذب مستويات الوافارين لديهم صعوداً وهبوطاً، أكثر عُرضةً للإصابة بجلطات دموية صغيرة أو بنُزوف نقطية محدودة، وهي ما قد تؤثر سلباً في الدماغ.
استخلص الباحثون نتائَجهم بعد تحليل سجلات أكثر من عشرة آلاف مريض كانوا يستخدمون الوارفارين للوقاية من الإصابة بالجلطات الدموية، أو لأسبابٍ أخرى.
وعلى مدى ست إلى ثماني سنوات، أُصيب ما نسبته 6 في المائة من مرضى الرجفان الأذيني بالخرف (بما في ذلك حالات داء ألزهايمر)، في حين أصيب به أقل من نسبة 2 في المائة من المرضى الآخرين الذين يتناولون الورافارين وغير مصابين بالرجفان الأذيني.
على الرغم من أن مرضى الرجفان الأذيني كانوا أكبر سناً وأقل صحةً، إلا أن النتائج لم تتغير كثيراً بعد تحييد هذا العامل، وبقي خطر الإصابة بالخرف عندهم يفوق بمقدار أكثر من الضعفين سواهم من المرضى.
ويبدو أيضاً بأن جودة المعالجة بالوارفارين تؤثر أيضاً، بغض النظر عن إصابة المريض بالرجفان الأذيني أو لا.
فقد تبين بأن المرضى الذين كانت مستويات الوارفارين لديهم خارج الحدود العلاجية المثالية لأكثر من 75 في المائة من الوقت، ازداد لديهم خطر الإصابة بالخرف بمقدار أربعة أضعاف بالمقارنة مع المرضى الذين بقيت مستويات الوارفارين لديهم ضمن الحدود العلاجية المثالية لأكثر من 75 في المائة من الوقت.
يقول الدكتور جوردون توماسيلي، رئيس قسم جراحة القلب بمستشفى جون هوبكنز بجامعة بالتيمور، والرئيس الأسبق للرابطة الأمريكية للقلب: "هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى تبدل مستويات الوارفارين عند المرضى وخروجها عن الحدود الطبيعية، وبالتالي فمن الصعب إلقاء التهمة دائماً على سوء التدبير العلاجي بالورافارين. ومع ذلك، فيمكن القول بأن كل من الإصابة بالرجفان الأذيني وتبدل مستويات الوارفارين يساهمان في الإصابة بالخرف. أعتقد أنه من الضروري إجراء دراسة على الأجيال الجديدة من مضادات التخثر الدموية ونقارنها مع نتائج الدراسات على الوارفارين، وذلك لمعرفة الدور الدوائي للإصابة بالخرف".
يقول بونش: "والآن، إذا كان المريض يتناول الوارفارين بانتظام وضمن الخطة العلاجية المرسومة من الطبيب، فلا داعي للقلق أبداً. وقد يتطلب الأمر في بعض الحالات مراقبة مستويات الوارفارين في الدم وتحسين التدبير العلاجي، بُغية الحفاظ على الوارفارين ضمن المستويات العلاجية اللازمة. وإلا فقد يكون من الضروري تبديل العلاج بالوارفارين واستخدام علاج آخر، إذ تتوفر العديد من الأدوية الحديثة التي تتبدل مستوياتها في الدم كما هو حال الوارفارين".
وبحسب توماسيللي، فينبغي على المرضى الذين يتناولون الوارفارين أن يقوموا بدورهم أيضاً. إذ إن بعض الأطعمة تتدخل في استقلاب الدواء، وبالتالي ينبغي عليهم استشارة الطبيب قبل إجراء تعديلات جوهرية على أنظمتهم الغذائية. ومن جهة أخرى ينبغي على المرضى اتباع شروط الحياة الصحية بقدر الإمكان، فمن شأن ذلك أن يُساعد على الحد من خطر الإصابة بالخرف".