تاريخ النشر 28 ابريل 2016     بواسطة البروفيسور فيصل عبد اللطيف الناصر     المشاهدات 201

الإدمان

كثرت حديثاً عادة خطرة تهدد المجتمعات، وتنخر في كيانها، فتفقدها توازنها حتى تؤدي إلى انهيار بنيانها المتراص، الذي يعتبر الإنسان أحد الركائز المهمة فيها. وما هذه العادة إلا داء الإدمان على المخدرات. إن خطورة الإدمان لا تقف عند تلك الحدود، بل تتعدى إلى مضاعفات صحية متعلقة بالمدمن ومشكلات اجتماعية
 ونفسية واقتصادية كبيرة مؤثرة على جميع أفراد المجتمع. فلقد بيّنت الإحصاءات في أمريكا أن المخدرات تكلّف نحو 600 مليار دولار سنوياً ناتجة عن فقدان الإنتاجية والكلفة الطبية. وأن 75% من العنف الأسري الحاصل هو بسبب الإدمان على الكحول، و25% من جميع الوفيات ناتجة عن الكحول والسجائر.
إن المواد المستخدمة والمؤدية للإدمان عديدة، فهي تتراوح بين المخدر البسيط والمخدرات الأكثر تأثيراً وإدماناً، فتشمل: المسكرات كالكحول، حيث تصل نسبة الإدمان عليها عالمياً إلى معدلات مرتفعة جداً (أكثر من 17% في روسيا، و1.2% في البحرين). كما أن هناك مخدرات أخرى كتلك التي تستنشق مثل الكوكايين والمركبات البترولية والغراء، والتي تحقن كالهيرويين والمورفين، والتي تدخن كالحشيش، أو التي تبلع كالحبوب المهلوسة. كما يوجد العديد من المواد التي بها خطورة مماثلة وتدخل ضمن دائرة الاعتياد ومنها القات (الذي يعتبر منشطاً عند البعض) والتبغ، فجميعها تشكل مجموعة من العقاقير الخطرة جداً المسببة لاعتياد واعتماد الجسم عليها بعد أخذ عدد بسيط من الجرعات فقط، وكما للمخدرات خاصية سيئة جداً، ألا وهي اعتياد الجسم واعتماد وظائفه الحيوية على المخدر، فعندما تقل نسبة المخدر في الجسم يصاب المعتاد بعوارض عديدة وشديدة قد تودي بحياته، فنجده متلهفاً لأخذ جرعات إضافية منه لإزالة ذلك العرض.
ولا تقف مضاعفات الإدمان عند ما هو مذكور، فهنالك مساوئ عديدة أخرى منها: المشكلات الاقتصادية، حيث تستقطع المخدرات جزءاً كبيراً من دخل الفرد بسبب الاعتياد وكذلك لغلاء أسعارها. ذكرت الإحصاءات أن نسبة كبيرة من الطلبة الأميركان يصرفون على الكحول أكثر من صرفهم على الكتب والطعام والترفيه.
كما أن المشكلات الأسرية الناتجة عن إدمان الأب أو الأم تتسبب في هدم كيان العائلة لارتفاع نسب العنف الأسري وزيادة معدلات الطلاق وكثرة الاضطرابات النفسية لدى الأطفال.
إضافة إلى أن معدلات الجريمة بشتى أنواعها، سواء كانت سرقة أو اعتداءً أو حتى القتل، تزداد لدى المدمنين وكذلك أطفالهم، إضافة إلى ارتفاع معدلات الحوادث.
ولا يمكن في هذا السرد، السهو عن المشكلات الصحية التي تتسبب بها عادة الإدمان، فلها تأثير مباشر على معظم أعضاء الجسم، أهمها القلب والدماغ والرئتين وجهاز المناعة، فتكثر احتمالات الإصابة ببعض أنواع من الأمراض منها: التهاب الكبد الوبائي، مرض نقص المناعة (الأيدز)، الأمراض الجلدية، الالتهاب الرئوي، الأمراض الجنسية والتناسلية، وبعض الأمراض الأخرى التي من المحتمل أن تنتقل إلى المدمنين كالتيتنوس (الكزاز) والملاريا، إضافة إلى الأمراض البكتيرية الأخرى.
أما المضاعفات العصبية والنفسية فهي عديدة، حيث إن معظم أنواع المخدرات تتسبب في ضمور خلايا الجهاز العصبي، ما قد يؤدي إلى أمراض عصبية ونفسية كالجنون والاكتئاب.
ختاماً، فإن الإدمان هو نوع من أنواع الحرب الشعواء الموجهة من مافيا المخدرات إلى شعوب العالم جمعاء، وخصوصاً الدول النامية. وبالتالي فإن علينا محاربة هذه الآفة الخطيرة والدخيلة على مجتمعاتنا بكل ما أوتينا من قوة، وأن يكون سلاحنا الفعال لمقاومة ذلك الداء هو الالتزام بالقيم الإسلامية الحنيفة وتربية أطفالنا على خلق الإسلام ومُثُله، حيث لا يجتمع اثنان ألا وهما الإيمان والإدمان.


أخبار مرتبطة