تاريخ النشر 12 ابريل 2014     بواسطة الدكتور صالح علي الدماس     المشاهدات 201

كثرة النوم قد تسبب الوفاة المبكره

في القرن الخامس عشر كان لويفي الثاني حاكم مقاطعة سافوي (في فرنسا) يؤمن بأن النوم يطيل خاص لعشاق النوم . ولأنه كان يطمح في تجاوز سن المائة قرر النوم لمدة 20ساعة في اليوم. وكان يأخذ من العقاقير والأعشاب ما يضمن له هذا الغرض. وهكذا لم يكن يستيقظ إلا مرتين في اليوم وتناول فيها الطعام ويذهب للحمام
 ويدير شؤون المقاطعة.. إلا أن هذا النظام الغريب سرعان ما أساء لصحته فمات أثناء النوم ولم يبلغ الخمسين بعد!! 
واليوم هناك تفسير مقبول لما حدث لهذا الأحمق.. ففي الأسبوع الماضي أعلنت جامعة كاليفورنيا نتائج دراسة غريبة تربط بين معدل العمر وعدد ساعات النوم، فمن المعروف أن الإنسان البالغ لا يحتاج للنوم لأكثر من ثماني ساعات (ويمكن أن يتأقلم بسهولة مع ست ساعات في اليوم). وقد عمد البروفيسور دانيال كريبيك إلى المقارنة بين معدل العمر وساعات النوم فاكتشف أن كثرة النوم قد تسبب الوفاة المبكرة.. فقد درس فريق البحث عادات النوم لدى مليون مواطن (طوال ست سنوات) فاكتشف أن الفئة التي تنام لمدة ثماني ساعات مرشحة للموت بنسبة 12% أكثر من الفئة التي تنام لسبع ساعات. ليس هذا فحسب، بل وجد أن الفئة التي تنام لخمس ساعات عاشت لعمر أطول وتمتعت بصحة أفضل ممن ينام لسبع أو ثماني ساعات.. أما اختصار مدة النوم إلى أربع ساعات فقط فاتضح أنه "يقصر العمر" بنسبة مساوية لمن ينام لأكثر من ثماني ساعات!!
ومن المعتقد هنا أن كثرة النوم تضعف عضلة القلب وتسبب خمولاً في وظائف الأعضاء. وفي حين يمكن للقدرات الذهنية أن تتجدد خلال ست ساعات فقط، تصبح الزيادة "مضيعة للعمر" وتثبيطاً لمهام الجسم!!
ومن المؤسف أن الدراسة لم تهتم بالنتائج السلبية للنوم لأكثر من ثماني ساعات في اليوم، فمعظمنا يعرف أشخاصاً إذا ناموا في الحادية عشرة لا يستيقظون إلا في الثانية عشرة (من اليوم التالي). وأنا شخصياً أعرف شخصاً تعود السهر ليومين متتاليين ثم ينام اليوم الثالث بأكمله!!
وفي حين اختار هؤلاء النوم طواعية لفترة طويلة هناك من يعاني من دوافع مرضية قاهرة، فمن المعروف أن هناك أمراضاً وحالات نفسية تسبب النوم لفترات قياسية. فقبل فترة مثلاً قرأت عن مواطن سعودي قضى معظم حياته نائماً. فقد كان ينام من 16إلى 20ساعة في اليوم وكان ينعس فجأة في أي مكان. ويقول الدكتور صالح الدماس (من مستشفى الملك فيصل التخصصي) أن المريض يعاني من حالة نادرة "تسمى النوم القهري" نتيجة التهاب فيروسي يصيب الجهاز العصبي ويسبب خدراً مفاجئاً في العضلات.. وهناك أيضاً "مرض النوم الافريقي" الذي تنقله ذبابة الـ "تسي تسي" وتسببه طفيليات تسمى المثقبيات. وهو مرض يهاجم الجهاز العصبي المركزي وتنقله الذبابة من المواشي للإنسان. وتبدأ الحالة بالحمى والقشعريرة ثم بالكسل والنوم حتى تنتهي بالغيبوبة والموت!!
.. على أي حال الدراسة السابقة تأتي تأكيداً لما اعتقدته دائماً من أن النوم "مضيعة للعمر"، فثماني ساعات في اليوم تعني أننا ننام لعشرين عاماً (حين نصل لسن الستين). واثنتا عشرة ساعة تعني أننا ننام لثلاثين عاماً. أما ست عشرة ساعة فتعني خسارة أربعين عاماً من أعمارنا.. وحين تخبرنا جامعة كاليفورنيا أن كثرة النوم تقصر العمر فإنها تضيف مصداقية علمية لنصيحة عمر الخيام:
فما أطال النوم عمراً
ولا قصر بالأعمار طول السهر?


أخبار مرتبطة