على عمَل الكبد التالف. في أثناء زراعة الكَبد، يزيلُ الجراحُ الكبد المَريضة. ويستبدلها بكبدٍ سليمة. وتأتي معظمُ الأكباد المَزروعة من مُتبرّع مات. وأحياناً يتبرّعُ شخصٌ مُعافى بجزءٍ من كبده لمريضٍ مُعيّن. ويُطلق على المُتبرِّع في تلك الحالة اسم المُتبرِّع الحيّ. يجب على من أُجريت لهم زِراعة أن يأخذوا أدويةً لباقي حياتهم لمنع أجسامهم من رَفض أكبادهم الجديدة.
مُقدّمة
تُساعدُ الكبد على مكافحةِ العدوى وتطهير الدم. كما تُساعدُ على هَضم الطعام وتخزينِ الطاقة. لا يستطيعُ الإنسانُ العيشَ دون كبدٍ قائمة بوظائفها. قد يضع مُقدِّمُ الرعاية الصحيّة، في حال فشل الكَبِد، المريضَ على لائحة انتظار زِراعة الكَبِد. وتُجرى زراعات الكَبِد عندما لا تستطيعُ العلاجات الأخرى الحفاظَ على عمَل الكبد التالفة. يشرحُ هذا البرنامجُ التثقيفي موضوعَ زراعة الكبد. وهوَ يَتناولُ جراحة زراعة الكبد ومخاطرها ومضاعفاتها، وكيفَ تجري الرعاية الذاتية بعدَ الجراحة.
الكبد
الكبدُ هي أكبر عُضو في البطن، وهي تتوضّع خلف الأضلاع مُباشرةً، على الجهة اليمنى من الجِسم. وتتمركز تحت الحجاب الحاجز وفوقَ المعدة. للكبد قسمان، يُسمَّيان الفص الأيمن والفص الأيسر. تحت الكبد توجدُ المرارة. كما توجدُ أجزاء من البنكرياس والأمعاء تحتَ الكَبِد. تحافظُ الكبدُ على الصحّة عن طريق:
إزالة السموم المُؤذية من الدم.
صنعُ الإنزيمات والصفراء التي تُساعدُ على هضم الطعام.
تحويل الطعام إلى موادّ ضَرورية لحياة الجسم ونموّه.
الفشل الكبدي
للفشَل الكَبدي العديد من الأسباب. واعتماداً على مدى سوء أداء الكبد لوظيفتها، قد يُقرّرُ مُقدّمُ الرعايَة الصحيّة أنّ المريضَ يحتاجُ إلى زراعة كَبد. التهابُ الكَبد المُزمن النشيط والتشمُّع هما المرضان الأكثر شُيوعاً واللذان يحتاجُان إلى زرع الكَبد عند البالغين. عندَ الأطفال والمُراهقين الأصغر عُمراً من ثمانية عشر عاماً، يكونُ السببُ الأكثر شُيوعاً للحاجة إلى زرع الكبد هو رَتق قَناة الصفراء. وهي حالةٌ من تخلُّق غير مُكتمل لقناة الصَفراء. قد يُصابُ مَرضى الكبد بالعديد من المَشاكل التالية:
اليرقان، ومن أعراضه اصفرار الجلد أو العينين.
حكّة.
بول غامق اللون.
بُراز رمادي أو بلون الصلصال.
حَبَن، وهو تجمّع شاذّ للسوائل في البطن.
تقيُّؤ دموي.
تَخليط عقلي ونُعاس ونسيان.
يمكنُ ضبطُ المَشاكِل الخَفيفَة الحاصلة بسبب المرض الكَبدي بواسطَة الأدوية؛ فمثلاً يُمكن للمدرَّات أن تزيدَ النتاجَ البولي. قد تظهرُ العديدُ من المَشاكل الأخرى بسبب المَرض الكبدي. العدوى في البَطن، والتي تُعرَفُ أيضاً باسم التهاب الصفاق، هي مُشكلة مُهدِّدَة للحياة. وهي تحدثُ عندما تنمو البكتيريا أو الكائنات الحيَّة الأخرى في سائل الاستسقاء. يتسبّبُ المرضُ الكبديّ بالتندُّب. وهذا يجعلُ جريان الدم عبرَ الكَبِد صَعباً. ويُمكنُ لذلكَ أن يرفعَ ضغطَ الدم في واحد من الأوعية الدموية الرئيسيّة التي تُزوده بالدم. وقد تتسبّبُ هذه العمليّة بنزفٍ شَديدٍ. ويمكنُ للدم أيضاً أن يتراكمَ في الطحال، ممَّا يتسبّبُ بازدياد حجمه وبتخريب كُريات الدم. ويمكنُ للدم كذلك أن يسيرَ إلى المَعدَة والمريء. قد لا تكون الكبد المصابة قادرةً على تطهير الدم من السّموم المُؤذية. وهذا قد يُؤدّي إلى الغيبوبة والموت. قد يُصبح ضَبط هذه المَشاكل صَعباً بالأدوية، ممَّا قد يُشكّلُ تهديداً خَطيراً على الحياة. وقد يُوصي مُقدّمُ الرعاية الصحيّة بزرع الكبد.
الزراعة
المُتبرّع بالكبد هو شخصٌ يعطي كلَّ كَبده أو جُزءاً منه لمريضٍ مُنتظِر يحتاجُ إليه. المتبرِّعون عادةً هم أشخاصٌ ماتوا وكانوا يرغبون بالتبرّع بأعضائهم. في زراعة المُتبرّع الحيّ، يتبرّعُ شخصٌ حي بجزءٍ من كبده للمُتلقي. زَرعُ الكبد المِثليّ هو إجراءٌ يُجرى فيه إزالة الكبد الفاشلة من جسم المريض؛ ثمّ يُزرع كبد مُتبرع صحي في نفس المكان. وفي هذه الحالة، يكونُ المُتبرع بالكبد شخصٌ ماتَ مُؤخّراً. هذا الإجراء هو الطريقَة المُستخدَمة الأكثر شُيوعاً لزراعة الأكباد. سيقرّرُ مُقدّم الرعاية الصحيّة ما إذا كانت زِراعَة الكبد آمنةً ومُفيدةً للمريض. وقد يتضمّنُ تقييم المريض:
الفحصُ الجسديّ.
الفحوص الدموية.
الفُحوص التصويرية، بما في ذلك الأشعة السينيّة.
كما سيجري المريض مَشورات لمناقشَة كلفة الإجراء. سوفَ يُناقش فريق الرعاية الصحيّة مع المريض ما يُمكن توقّعه بعدَ زِراعة الكَبد، بما في ذلك تغييراتُ نمط الحياة والأدوية التي سَوف يأخذها. إذا قرّرَ مُقدّم الرعاية الصحيّة أنّ المريضَ مُرشّحٌ جيدٌ لإجراء زَراعة الكَبِد، فسوفَ يُوضَعُ اسمه في قائمة الانتظار. وقد يُوضَع المريض على قائمة الانتظار من أيام قليلة إلى عدّة أشهر. يتحدّدُ وقتُ بقاء المريض على قائمة الانتظار بمجموع نقاطه على نموذج المرض الكبدي في المرحلة النهائيّة. يُصنّفُ نموذج المرض الكبدي في المرحلة النهائيّة المرضى المُنتظرين للزراعة بالاعتماد على شِدة حالتهم ومدى الحاح حاجتهم للزراعة. قد لا يكون الشخصُ الذي يحتاج لزِراعة الكبد مُؤهلاً؛ فقد يستمر الاشخاصُ الذين يعانون من مَشاكل مُعاقرة الكُحول أو إدمان المخدرات في العيش بأنماط حياة غير صِحيّة تؤدِّي إلى تخرُّب أكبادهم؛ عندها سوف ينتج عن الزرع فشل لأكبادهم الجديدة. تتضمّن العواملُ الأخرى التي تجعل الشخص غير مُرشّح مُناسب لزراعة الكبد ما يلي:
سَرطانات في أجزاء أخرى من الجسم غير الكبد.
المرض القلبي والرئوي المُتقدّم.
عدوى فيروس العوز المناعي البشري.
قبلَ الخُضوع لزرع الكَبد، يجب على المرضى المُصابين بمرض كبدي أن يتجنبوا الأدوية التي قد تُلحق ضرراً إضافياً بالكبد. قد تكون الكمياتُ الكبيرة من الأسيتامينوفين (التايلينول Tylenol®) مُؤذيةً ويمكن أن تُخرّبَ الكَبد. ويمكن للأدوية المنوّمة والبنزوديازيبينات أن تتراكمَ بشكلٍ أسرع في الدم عندما لا يعملُ الكبدُ جيداً. وهي قد تجعل المريضَ يُصاب بالتخليط الذهني، وبتدهور التخليط الموجود مُسبقاً، وتتسبّب بالغيبوبة. يمكنُ أن تتسبّب الكحول بتلف الكبد بشكلٍ شَديد. يجب تجنّب الكحول وجميع الأدوية التي تحتوي على الكحول. الكحولُ يدخلُ كمكوّن في بعض شرابات السعال وفي أدوية أخرى. يجب على النساء عدم تناول مانعات الحَمل الفمويّة بسبب ازدياد خُطورة تشكّل جلطة دموية. وينبغي تجنّب الحمل عند مُتلقية الزراعة حتى سنة واحدة على الأقلّ بعد الزراعَة. يجب على مُتلقي الزرع عدم أخذ لقاحات فيروسية حيّة. ويجب على مُخالطيهم في المنزل عدم أخذها أيضاً.
الجراحة
يستأصلُ الجراحُ أثناء الجراحة الكبدَ المريضة، ويستبدله بكبد المُتبرّع. تستمرُّ الجراحة عادةً بين أربع إلى خمس ساعات. يأخذُ الشقّ في البطن شكل حرف Y مقلوب للأسفل. وتُوضَع مَنازح صغيرة بلاستيكية بصليّة الشكل قرب الشق لتصريف الدم والسوائل من مُحيط الكبد. ويُطلقُ على تلكَ المنازح اسم منازح جاكسون-برات. وقد تبقى في مكانها لعدّة أيام إلى أن يقلّ خروج المفرزات. قد يُوضَع أنبوب اسمه الأنبوب T في القناة الصَفراويّة. يسمحُ الأنبوب للصفراء بالتصريف لخارج الجسم إلى جيبة صَغيرة اسمها كيس الصَفراء. ويبقى الأنبوب في مكانه نحو 3 أشهر بعدَ الجراحة. يعدُّ إنتاج الصفراء باكراً بعد الجراحة علامةً جيّدة؛ فهذا يعني أنّ الجسم قد قبل الكَبِدَ الجديدة. في زراعة الكَبِد من مُتبرّع حيّ، يستأصلُ الجراحُ كامل كَبِد المريض ويستبدله بقسم من كَبِد من مُتبرِّع حيّ. وينمو كبد المُتبرّع والقِسم من الكبد المُعطى للمريض من جَديد لحجمه الكامل في غُضون أسابيع قليلة.
المخاطر والمضاعفات
العمليّة آمنة جداً، إلاَّ أنّ هُناك العديد من المَخاطِر والمُضاعفات غير المُرجَّحة. ويحتاجُ المريضُ إلى معرفتها تَحسُّباً لحال حدوثها. حيثُ سيكونُ المريضُ عن طريق تثقيفه قادراً على مُساعدَة مُقدّم الرعايَة الصحيّة على كَشف المُضاعفات مُبكّراً. تتضمّنُ المَخاطر والمُضاعفات تلكَ المُتعلّقة بالتخدير والمُتعلّقة بأيّ نوع جراحة. تتضمّنُ مخاطر التخدير العامّ:
الغثيان.
القيء.
احتباس البول.
شُقوق الشفتين.
تكسّر الأسنان.
التهابُ الحلق.
الصّداع.
وتشمل المخاطر الأكثر خُطورة للتخدير العام:
نوبَة قلبية.
سكتة دماغية.
الالتهاب الرئوي.
سيناقشُ طبيبُ التخدير تلك المَخاطِر مع المريض، وسوف يسأله إن كان مُصاباً بحساسيَّة تجاه أدوية مُعيّنة. قد تحدثُ مُضاعَفات بعد زرع الكبد. ويجب الاتصال بمقدم الرعاية الصحيَّة في حال الشَكوى من أيّ من المَشاكل التالية. يصرّفُ الأنبوب T الصَفراء لخارج الجسم إلى كيس الصَفراء. ويُمكنُ أن يُصاب موضع الأنبوب بالعدوى. وتتضمّنُ أعراضُ العدوى ما يلي:
سخونة قربَ موضع الأنبوب T.
احمرار الجلد حول الموضع.
نزّ منَ الموضع.
قد يخرُجُ الأنبوب T من مكانه. وقد تتمزّقُ الدُّرَز على خارج الجلد والتي تُبقي الأنبوب في مكانه. وقد يزداد طول الأنبوب خارج الجِسم. قد يحدثُ تسرُّب للصفراء لخارج القنوات. وقد يشكو المريضُ من غثيان أو ألم كبدي أو حُمّى. التضيّق الصفراويّ هو تَضيّق يُصيب القناة الصَفراويّة، ممَّا قد يتسبّب بانسدادها. وقد تتراكمُ الصفراءُ في الجسم لتتسبّبَ باصفرار الجلد. قد تحدثُ عدوى بسبب وَضع المريض على أدوية كابحة للمناعة. ومع أنّ تلكَ الأدوية تهدف للوقاية من رَفض الجسم للكَبد، إلا أنها تُقلّل كذلك من مَقدرة الجسم على مكافحة فيروسات وبكتيريا وفطريات مُعيّنة. يجب في حال الإصابة بحمّى في غُضون سنة من تلقي زراعة الكبد الاتصال بمُقدّم الرعاية الصحيّة فوراً.
بعد الجراحة
يقضي المريضُ بعد جراحة زراعة الكبد يوماً أو يومين عادةً في وِحدة العناية المُركّزة. سوفَ يبقى المريضُ في مرفق الرعاية الصحيّة لسبعة إلى تسعة أيام حتى يتعافى. سيقومُ فريق الزراعة في أثناء إقامة المريض في المُستشفى بمراقبة تعافيه. وسيزوّد الفريقُ المريضَ بالإرشادات عن التعافي التالي للجراحة والعناية وتغييرات نمط الحياة والأدوية. سيعاودُ المريض بعد عودته لبيته نشاطاته الحياتية المُعتادة بشكلٍ تدريجيّ وسيتعافى لمستوى الصحة الذي كان عنده قبلَ الجراحَة. قد تكون تلك العمليّة طويلةً وبطيئة. وقد يحتاجُ المريضُ للمُساعدَة عندَ المشي. قد يتألف النظامُ الغذائي في البداية من رقائِق ثلجيّة، ثم سوائل رائقة، ثمّ في النهاية من المأكولات الصلبة. من المهم تناول وجبات متوازنة مكونة من جميع المجموعات الغذائية. ويمكن للمريض بعدَ نحو ثلاثة إلى ستة أشهر أن يرجعَ إلى عمله إذا شعرَ بالاستعداد وإذا وافقَ مُقدّم الرعاية الصحيّة. بما أنّ الكبدَ المَزروعة لا تتطابق جينياً مع جينات المُتلقي، فقد يُحاولُ جسمهُ أن يرفضَها كمادة غريبة عنه. سيحتاجُ المريض لأخذ الأدوية الكابحة للمناعة لبقيّة حياته. تمنعُ تلكَ الأدوية الجسم من رفض الكبد الجديدة. وسيناقشُ فريق الزراعَة أدوية المريض الجديدة بالتفصيل. تُضعفُ الأدوية الكابحة للمناعة الجهاز المناعي. مما يسبب ازدياد احتمال إصابة مرضى الزراعة بحالات عدوى مُعيّنة. وللوقاية من العدوى، يجب على المريض أيضاً تناول أدوية وقائية.
الخلاصة
يمكن أن يحدثَ المرضُ الكبدي الشديد بما يكفي ليحتاجَ لزراعة الكبد بفعل العديد من الأسباب. وقد يُقرّرُ مُقدّم الرعاية الصحيّة في حال إصابة المريض بمَشاكل صحيّة مُعيّنة حاجته لزراعة الكبد. إذا قرّرَ مُقدّم الرعاية الصحيّة أنّ المريض مُرشّحٌ جيدٌ لإجراء زَراعة الكَبِد، فسوفَ يُوضَعُ اسمه في قائمة الانتظار. وقد يُوضَع المريض على قائمة الانتظار من أيام قليلة إلى عدّة أشهر. يستأصلُ الجراحُ في أثناء الجراحة الكبدَ المريضة، ويستبدله بكبد المُتبرّع. تستمرُّ الجراحة عادةً بين أربع إلى خمس ساعات. سيحتاجُ المريض لأخذ الأدوية الكابحة للمناعة بقيّةَ حياته. تمنعُ تلكَ الأدوية الجسم من رفض الكبد الجديدة. وسيناقشُ فريق الزراعَة أدويةَ المريض الجديدة بالتفصيل.