تاريخ النشر 16 سبتمبر 2015     بواسطة الدكتور خالد ماجد الهاجري     المشاهدات 201

جراحة الدَرَق

تجرى جراحة الدرق عادة لإزالة العقد مفرطة النشاط التي لا تستجيب للمعالجة الدوائية أو المعالجة باليود. قد يقوم الطبيب باستئصال الغدة بكاملها أو إزالة القسم المُصاب فقط. والغُدَّة الدَرَقِيّة هي غُدة على شكل فراشة تقع في مقدمة العنق تحت الحنجرة تماماً. إن الوظيفة الرئيسية للغدة الدرقية هي إنتاج ال
هرمون الدرقي الذي ينظم مقدار الطاقة التي يحرقها الجسم في العملية التي تدعى الاستقلاب. إن الغُدة النُخَامِيَّة، وهي غدة صغيرة تقع في قاعدة الجمجمة تحت الدماغ، هي التي تنظم مستويات الهرمون الدرقي في الدم. عندما لا تنتج الغُدة الدَرَقية ما يكفي من الهرمونات، يحدث لدى الشخص ما نُسميه قُصُور الغدة الدرقية الذي يؤدي إلى بطء الاستقلاب. وهذا ما يمكن أن يؤدي إلى الشعور بالتعب وزيادة الوزن والاكتئاب وغير ذلك من الأعراض. يمكن معالجة معظم حالات قصور الغدة الدرقية من خلال تعويض نقص الهرمون الدرقي بأدوية توخذ عن طريق الفم. عندما تنتج الغدة الدرقية كميات زائدة من الهرمون يعاني المريض من فرط الدرقية الذي يجعل المريض سريع التهيج شديد العصبية. وهو يؤدي إلى ازدياد معدل نبض القلب، وقد يصبح النبض غير منتظم؛ ويمكن أن يزداد ضغط الدم. وقد يفقد المريض بعض الوزن أيضاً. إذا لم تتحسن حالة مرضى فرط الدرقية مع الوقت فمن الممكن إعطاؤهم اليود المشع لإتلاف النسيج الدرقي ذي النشاط المفرط. قد يحتاج المريض بعد الجراحة إلى معالجة تعويضية بالهرمونات. يقوم الطبيب بفحص مستوى الهرمونات في الدم ويعدل جرعة الهرمونات التي يتناولها المريض حتى يصل إلى المستوى الصحيح. 
مقدمة
إن الغُدَّة الدَرَقِيّة غدةٌ هامة تساعد في تنظيم عمل الجسم. 
تُصاب الغُدَّة الدَرَقِيّة بأمراض مختلفة. وهذه الأمراض شائعة، وهي تصيب الكثير من الناس. ومعظم هذه الامراض سهلة العلاج. 
يشرح هذا البرنامج التعليمي أكثر أمراض الغُدَّة الدَرَقِيّة شيوعاً. كما يتناول طرق المعالجة بما فيها الأدوية والجراحة. 
تشريح الغدة الدرقية ووظيفتها
الغُدَّة الدَرَقِيّة غُدة على شكل فراشة تقع في مقدمة العنق تحت تفاحة آدم والحنجرة تماماً. 
إن الغدة تلتف جزئياً حول القصبة الهوائية الرئيسية، أي الرُغامى. 
يقع أنبوب الإطعام، أو المَريء، خلف الرغامى. 
على مقربة شديدة من الغدة الدرقية توجد غُدد أخرى غيرها تعرف باسم الغُدد جارات الدَرَق. 
ويمر عصبان هامان عبر الغدة الدرقية في طريقهما إلى الحنجرة والحبال الصوتية. وهما يُعرفان باسم "العَصَبان الحَنْجَريّان الراجعان". 
إن الوظيفة الرئيسية للغدة الدرقية هي إنتاج الهرمون الدرقي الذي ينظم مقدار الطاقة التي يحرقها الجسم في العملية التي تدعى الاستقلاب. 
إن الغدة الدرقية تستخدم اليود الموجود في الطعام من أجل إنتاج الهرمون الدرقي. 
هناك غدة صغيرة تقع في قاعدة الجمجمة تحت الدماغ، وتُعرف باسم الغُدة النُخَامِيَّة. وهي تتحكم بمستويات الهرمون الدرقي في الدم. وتفرز الغُدة النُخَامِيَّة هرموناً يعرف باسم الهرمون المُنَبّه للدرق، فهو يُحَرِّض الغدة الدرقية على إفراز الهرمون الدرقي. 
أما الغدد جارات الدرق أو الدُّرَيْقات فهي تنتج هرمون جارات الدرق الذي يساعد الجسم على ضبط المستوى الطبيعي للكالسيوم في الدم. 
قصور الغدة الدرقية
عندما لا تنتج الغُدة الدَرَقية ما يكفي من الهرمونات، يحدث لدى الشخص ما نُسميه قُصُور الغدة الدرقية. 
إن نقص هرمونات الدرق يؤدي إلى بطء الاستقلاب. وهذا ما يمكن أن يؤدي إلى الشعور بالتعب وبطء التفكير، بل حتى الاكتئاب. 
يمكن أن يزداد وزن مرضى قصور الغدة الدرقية بسهولة لأن أجسامهم لا تستخدم الكثير من الكالوري أو السعرات الحرارية. 
يمكن أن يشعر مرضى قصور الغدة الدرقية بالبرد لأن أجسادهم تجد صعوبة في الحفاظ على الحرارة الطبيعية. 
ويمكن أن يؤدي قصور الغدة الدرقية أيضاً إلى الإمساك وإلى غزارة النزف أثناء الحيض. 
يمكن أن يُصاب الشعر والجلد والأظافر بالجفاف والتَقَصُّف لدى مرضى قصور الغدة الدرقية. 
يمكن أن ينجم قصور الغدة الدرقية عن نقص اليود، وهذا لأن نقص اليود يؤدي إلى تضخم الغدة في محاولة منها لإنتاج المزيد من الهرمون الدرقي. 
وهناك مرض يدعى داء هاشيموتو يمكن أن يسبب قُصور الغدة الدَّرَقِيَّة. في هذا المرض يتعامل الجهاز المناعي للجسم مع نسيج الغدة الدرقية على أنه نسيج غريب ويهاجمه، وهذا ما يمكن أن يدمر أنسجة الغدة الدرقية ويؤدي إلى قصور وظيفتها. 
ويمكن أن تؤدي الأورام التي تصيب الغدة النخامية إلى إتلاف منطقة من الغدة النخامية تتولى إفراز الهرمون المنبه للدرق. وفي غياب الهرمون المنبه للدرق لا تقوم الغدة الدرقية بإنتاج الهرمون الدرقي، فيصاب المريض بقصور الغدة الدرقية. 
فرط نشاط الغدة الدرقية
عندما تنتج الغدة الدرقية كميات زائدة من الهرمون يعاني المريض من فرط نشاط الغدة الدرقية. إن كلمة فرط تعني الزيادة عن الحد الطبيعي. 
إن فرط نشاط الغدة الدرقية يجعل المريض سريع التهيج و شديد العصبية. وهو يؤدي إلى ازدياد معدل نبض القلب، وقد يصبح النبض غير منتظم؛ ويمكن أن يزداد ضغط الدم أيضاً. وقد يفقد المريض بعض الوزن رغم زيادة كمية الطعام التي يتناولها. 
يمكن أن يشعر مرضى فرط نشاط الدرقية بالتعب نتيجة العصبية الزائدة وفرط النشاط. ويمكن أن يشعروا أيضاً بالحر ولو كان الوسط المحيط بهم بارداً. 
ومن الأعراض الأخرى لفرط نشاط الدرقية ، قصر دورات الحيض أو قلة النزف فيها، وتكرار التغوط، وتساقط الشعر. 
هناك داء يدعى داء غريفز يسبب عادة فرط نشاط الدرقية . في هذه الحالة يعمل الجهاز المناعي على زيادة نشاط الغدة الدرقية مما يؤدي إلى فرط نشاط الدرقية . ويمكن أن يظهر عند المريض أيضاً بعض الجحوظ في العينين. 
في بعض الأحيان تتحول عقدة صغيرة داخل الغدة الدرقية إلى عقدة مفرطة النشاط من غير سبب ظاهر. وهذا ما قد يسبب فرط نشاط الدرقية أحياناً. 
العُقَيْدات (العقد الصغيرة)
يمكن أن تنشأ في الغدة الدرقية كتل صغيرة مثل الأورام أو الكِيْسَات أو السرطانات. هذه الكتل تدعى عُقيدات. 
يمكن أن يرى المريض هذه العقيدات أو أن يحس بها قبل مراجعة الطبيب. 
إن معظم عُقيدات الغدة الدرقية غير سرطانية، أي أنها سليمة. وهي لا تؤثر عادةً على مستوى الهرمونات التي تنتجها الغدة الدرقية. 
تشخيص أمراض الغدة الدرقية
يتم تشخيص أمراض الغدة الدرقية من خلال دراسة وضع المريض والسؤال عن وجود أمراض الغدة الدرقية عند بقية أفراد أسرته، فبعض أمراض الغدة الدرقية ينتقل بالوراثة. 
إن الفحص السريري مهم من أجل فحص الغدة الدرقية نفسها، إضافة إلى فحص معدل نبض القلب وضغط الدم. 
إن الاختبارات التي تجرى على الدم تساعد على تحديد مستوى الهرمون الدرقي والهرمون المنبه للدرق في الدم. وإذا رأى الطبيب أن الغدة النخامية هي أصل المشكلة فمن الممكن أن يطلب إجراء اختبارات هرمونية أخرى. 
يمكن إجراء اختبارات خاصة باستخدام اليود المشع الآمن من أجل اكتشاف قصور أو فرط نشاط الغدة الدرقية. إن العقد الصغيرة ذات النشاط المفرط تعرف باسم "العقد الحارة" لأنها تحتجز اليود المشع وتظهر على شكل مناطق مضيئة لامعة على الشاشة. أما العقد الصغيرة التي لا تحتجز اليود المشع فيطلق عليها اسم "العقد الباردة". 
وهناك اختبار آخر يستخدم الأمواج فوق الصوتية من أجل فحص الغدة الدرقية. وهو مفيد لتحديد الموقع الدقيق للعقد الصغيرة وحجم كل منها. ويسمح هذا الاختبار بتحديد ما إذا كانت العقدة صلبة أو تحوي سائلاً في وسطها. 
يُمكن أيضاً أخذ خَزعة لمعرفة ما إذا كانت العقدة سرطانية. يتم ذلك باستخدام إبرة صغيرة تستخرج جزءاً من نسيج الغدة الدرقية لإرساله إلى المختبر من أجل إجراء مزيد من الاختبارات. 
سبل علاج أمراض الغدة الدرقية
يمكن معالجة معظم أمراض الغدة الدرقية من خلال تعويض نقص الهرمون الدرقي بأدوية توخذ عن طريق الفم. 
أحياناً، يمكن أن تتحسن حالة مرضى فرط نشاط الغدة الدرقية من غير معالجة، وذلك عندما يشفى الالتهاب الذي سبب فرط النشاط في الغدة. وخلال فترة فرط النشاط يمكن إعطاء المرضى أدوية من أجل إبطاء معدل نبضات القلب. 
إذا لم تتحسن حالة مرضى فرط نشاط الدرقية مع الوقت فمن الممكن إعطاؤهم اليود المشع لإتلاف النسيج الدرقي ذي النشاط المفرط. لكن هذا العلاج يمكن أن يؤدي إلى إتلاف الغدة الدرقية كلها فيصاب المريض بقصور نشاط الغدة الدرقية الذي يمكن أن يعالج عن طريق التعويض الدوائي للهرمون الدرقي. 
في العادة يستحسن إجراء عملية جراحية من أجل إزالة العقد المفرطة النشاط التي يتعذر علاجها باستخدام اليود المشع. 
جراحة الغدة الدرقية
تجرى جراحة الغدة الدرقية تحت التخدير العام. 
يتم الوصول إلى الغدة الدرقية من خلال إجراء شق مقوس في أسفل الرقبة. 
بعد ذلك يجري استئصال الغدة الدرقية أو جزء منها. 
وبعد ذلك يجري إغلاق الجرح. 
يبقى المريض في المستشفى يوماً أو يومين بعد الجراحة من أجل مراقبة حالته ثم يخرج إلى بيته. 
مخاطر ومضاعفات جراحة الغدة الدرقية
إن جراحة الغدة الدرقية آمنة للغاية. ولكن هناك عدة مخاطر ومضاعفات محتملة رغم انها نادرة الحدوث . 
ينبغي على المريض معرفة هذه المخاطر تحسباً لحدوثها لأن معرفتها تسمح له بمساعدة الطبيب على اكتشافها في وقت مبكر. 
هناك مخاطر ومضاعفات ناجمة عن التخدير العام وأخرى ناجمة عن جراحة الغدة الدرقية ذاتها. 
المخاطر والمضاعفات الناجمة عن التخدير العام هي الغثيان والتقيؤ واحتباس البول وجرح الشفتين وكسر الأسنان وألم الحلق والصداع. ومن المخاطر الأكثر أهمية للتخدير العام النوبات القلبية والسكتات وذات الرئة. ويناقش طبيب التخدير مريضه عن هذه المخاطر ويسأله إذا كان يتحسس من أدوية معينة. 
يمكن أن يصاب المريض بخثرات في الساقين بسبب انعدام الحركة أثناء العملية وبعدها. وتظهر هذه الخثرات عادة بعد أيام قليلة من العملية. وهي تسبب تورماً وألماً في الساقين. 
يمكن أن تتحرر الخثرة من الساق فتنتقل إلى الرئتين حيث تسبب صعوبة في التنفس وألماً في الصدر. وقد تسبب الموت. من المهم جداً أن يخبر المريض طبيبه إذا شعر بأي عرض من هذه الأعراض. ويمكن أحياناً أن تحدث صعوبة التنفس دون سابق إنذار. ويمكن التقليل من خطر حدوث الخثرات في الطرفين السفليين بأن يتحرك المريض في أسرع وقت ممكن بعد العملية. 
تكون مضاعفات التخدير العام أكثر احتمالاً عند المرضى الذين أصيبوا بمشاكل صحية سابقة مثل النوبات القلبية أو المشاكل الرئوية. ويحدث طبيب التخدير مريضه عن هذه المخاطر بقدر أكبر من التفصيل. 
ثمة مخاطر يمكن أن تحدث في أي نوع من الجراحة، ولكنها مخاطر نادرة. ومن هذه المخاطر الإصابة بعدوى التي قد تحتاج إلى المعالجة بالمضادات الحيوية. 
ومنها أيضاً النزف الذي قد يستدعي نقل الدم. 
ومنها الندبة على الجلد، لأنها قد تكون مزعجة أو قبيحة الشكل. 
ثمة مخاطر ومضاعفات أخرى تتعلق بهذه الجراحة تحديداً. وهي أيضاً نادرة للغاية، ولكن من المهم معرفتها. 
يمكن أن تتم إصابة العصبين الراجعين من الحنجرة اللذين يساعدان على المباعدة بين الحبال الصوتية في الحنجرة. وهذا ما يمكن أن يسبب بُحّة صوت مؤقتة أو دائمة. في حالات نادرة، يمكن أن يستدعي الأمر إجراء عملية خَزْع الرُّغَامى، حيث يتم إدخال أنبوب خاص في الرغامى حتى يستطيع المريض التنفس. 
من الطبيعي أن يصاب المريض ببحة في صوته بعد العملية مباشرة، لكن يجب أن لا يستمر هذا الوضع أكثر من أسبوع أو أسبوعين. 
يمكن أن تصاب بالأذى الغدد جارات الدرق، الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض مستوى الكالسيوم في الدم أو إلى "قصور جارات الدرق". ويمكن معالجة هذه الحالة بسهولة عن طريق تعويض الكالسيوم. أما إذا لم يتم علاج انخفاض مستوى الكالسيوم في الدم فإنه يمكن أن يسبب الوفاة. 
قد تظهر أعراض نقص الكالسيوم في الدم بعد يوم أو يومين من إجراء العملية الجراحية. وهذا ما يمكن أن يسبب تهيجاً واختلاجات عضلية غير إرادية. ينبغي على المريض إخبار طبيبه فوراً إذا شعر بأي عَرَض من هذه الأعراض. 
من الطبيعي أن يضطرب عمل الغدد جارات الدرق لفترة وجيزة من الزمن بعد الجراحة. 
من المخاطر الأخرى النادرة تماماً إصابة أعضاء أخرى في الرقبة مثل الرغامى والمري والأوعية الدموية التي تنقل الدم من وإلى الدماغ. 
بعد جراحة الغدة الدرقية
يغلب أن يُشفى المريض ويعود إلى حياته الطبيعية في غضون أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع. وهذا يتوقف على حالته. ويخبر الطبيب مريضه بمتى يمكنك العودة إلى العمل. 
وينبغي على المريض أن يتجنب القيام بجهد كبير وأن يتجنب إصابة الجرح بالبلل مدة أسبوع أو عشرة أيام بعد العملية الجراحية. 
وينبغي على المريض أن يتصل بطبيبه إذا تورم الجرح أو نزف أو ظهرت عليك علامات العدوى، كالحمى مثلاً. 
وينبغي على المريض أن أيضاً أن يراجع الطبيب إذا استمر الألم في بلعومه أكثر من ثلاثة أسابيع. 
بعد أسبوع واحد يقوم الطبيب بالكشف على الجرح وإزالة الغرزات منه. 
وقد يحتاج المريض بعد الجراحة إلى معالجة تعويضية بالهرمونات. ويقوم الطبيب بفحص مستوى الهرمونات في دم المريض ويعدل جرعة الهرمونات التي يتناولها حتى يصل إلى المستوى الصحيح. 
خلاصة
إن أمراض الغدة الدرقية واسعة الانتشار، لكن علاج معظمها سهل. 
على المريض تناول الأدوية الموصوفة له كجزء من العلاج بشكل دقيق طبقاً لتعليمات الطبيب. 
إن جراحة الغدة الدرقية آمنة للغاية. ويمكن أن يعود المريض إلى حياته الطبيعة في غضون أسابيع قليلة. هناك بعض المضاعفات الممكنة، لكن معرفة المريض لهذه المضاعفات تسمح له باكتشافها في وقت مبكر إذا حدثت. 


أخبار مرتبطة