دين والقانون لطرح رؤيتهم في الضوابط الشرعية والقانونية لمثل هذه العمليات. وفي لقاء لـ (البيان) بالفريق الطبي الذي اجرى العملية سلطت الدكتورة وفاء محمد خليل فقيه استشاري امراض النساء والولادة والاستاذ المساعد بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة الضوء على اول عملية زرع رحم في البشر لسيدة بلغت من العمر 26 سنة فقدت رحمها بعد نزف داخلي حاد قبل ست سنوات حيث تم نقل الرحم من سيدة عمرها 46 سنة, واضافت ان الزراعة هنا تختلف عما يحدث في الولايات المتحدة الأمريكية حيث يتم هناك استئجار الرحم وجزء من هذه الحالات تمت لسيدات تتراوح أعمارهن ما بين 50 ـ 60 سنة ويتم أخذ البويضات من سيدات شابات وكانت نتيجة حملهن طبيعية مشيرة الى ان رحم السيدة يحافظ على وظيفته حتى بعد انقطاع الدورة الشهرية وذلك في حال تهيئته بالهرمونات للحمل وهذه تعد ميزة في زراعة الرحم لاستغلال عضو غير وظيفي. وأكدت ان الدراسات اثبتت بالفعل هذه الجزئية ولكن كانت المشكلة في فكرة استئجار الرحم المعارضة من قبل مجمع الفقه الاسلامي وتحريمها بالاضافة الى مصاحبتها لبعض المشاكل التي حدثت بأمريكا حيث ان الام المستأجرة كانت ترفض في بعض الاحيان تسليم الطفل لاحساسها ان طفلها عاش بأحشائها. - وأوضحت ان تجربتهم تختلف تماما فهي ليست استئجارا ولكن نقل كامل للرحم مما يعطي للأم صفة ملكية الرحم والامومة للطفل. وردا على كون الرحم تم استئصاله بعض مضي 99 يوما تقول الدكتورة وفاء الحالة تم تحضيرها تقنيا ومناعيا وكذلك تمت الموافقة من قبل اللجنة الاخلاقية قبل الاقدام عليها في ابريل الماضي حيث تم تثبيت الرحم بوضع مناسب في قبة المهبل ثم اجريت المفاغرات الوعائية اللازمة بين الشرايين والاوردة التي زيدت اطوالها بقطع مكلوسة من الوريد الصافق بالاضافة الى تحضير دم ملائم للمريضة خال من مختلف الفيروسات. كما اعطيت لها الصادات الجرثومية والفيروسية ومثبطات المناعة قبل واثناء العملية. واشارت الى انه تمت مراقبة الحالة المناعية للمفاويات واستعمال الامواج فوق الصوتية (الدوبلر) والرنين المغناطيسي وكانت كلها سليمة وفعالة, موضحة ان حياة الرحم المزروع وثقت لتسعة وتسعين يوما واستجاب خلالها غشاء باطن الرحم للهرمونات وطمثت المريضة مرتين ثم حدث انسداد ميكانيكي في الاوعية كان لزاما علينا استئصال الرحم المنقول للمريضة. وحول توقيت العمليتين الاستئصال من المتبرعة والزرع للمتلقية قالت ان الاعضاء لكونها تتأذى بعد ازالتها فكان من الضروري ان يكون توقيت العمليتين وحقن الرحم بسائل فيزيولوجي بارد كاليوروكولين وذلك لمدة لا تزيد على اربع ساعات قبل اكمال زراعته. وذكرت ان المجمع الفقهي الاسلامي كان قد ناقش فكرة زراعة الرحم ووافق عام 1990 على جواز نقل الأعضاء التناسلية غير ذات العلاقة بالوراثة. واوضحت ان من الصعب عندما نتحدث عن النجاح الوصول لنسبة 100% من المحاولة الأولى وذلك اسوة بزراعة القلب والكبد فأول زراعة قلب للدكتور كريستيان برنارد عاشت لمدة 18 يوما فقط ولكن مع تكرار المحاولات يعيش اناس اليوم منذ 20 عاما بقلب مزروع وهذا ما نأمله لزراعة الرحم الى جانب ان اول 7 حالات لزراعة الكبد انتهت بالوفاة ولكن في الوقت الحالي تصل نسب النجاح الى 95% مشيرة الى ان زراعة الرحم تعد زراعة لعضو غير مهم للحياة مثل زراعة القلب والكبد أي ان هناك سيدات من الممكن ان يعشن دون رحم وتعد زراعة الرحم كزراعة اليد مثلا والتي اجريت في ليون بفرنسا. وأكدت انه وقبل اجراء العملية كان هناك عدة احتمالات لعدم نجاحها وتم اخطار المريضة مسبقا خاصة وانها كانت على علم انها المرةالاولى على مستوى العالم التي تجرى فيها مثل هذه العملية ولا يمكن ضمان النتائج. وقالت تم التعامل مع الحالة بصورة علمية وتم استئصال الرحم بعد ذلك, مشيرة الى ان اي عضو يتم زراعته وهو قابل للرفض من قبل الجسم ويتم استئصاله في هذه الحالة خاصة عندما يتأكد للفريق الطبي انه لم يعد يؤدي الغرض المطلوب. وبسؤالها انه رغم حدوث الطمث مرتين الا انه لم يحدث حمل فقالت كان ذلك مخططا له حيث يفضل في زراعة الاعضاء ايا كان قلب او كبد او كلى او الرحم الا يتم الحمل حتى يستقر العضو المزروع. واكدت ان الاستفادة من التجربة الاولى ستكلل المرات المقبلة بالنجاح وتزيد من فرص نجاحها مشيرة الى ان يظل هناك اختلاف في تركيبة الانسان عن الحيوان في تركيب الجسم البشري. وحول تكاليف العملية ذكرت ان زراعة الاعضاء بشكل عام بما فيها زراعة الرحم بالمملكة اقل بكثير من دول اخرى حيث تجرى عمليات الزرع بالمستشفيات الحكومية وتظل التكلفة للادوية والتمريض مشيرة الى انها لا تتعدى الـ 50 الف ريال سعودي تقريبا. واكدت ان النتائج السريرية حتى اليوم تعد جيدة وواعدة ولدينا يقين ان في اعادتها ستكون نسبة نجاح موفقة. وردا على ان كان هناك سيدات تقدمن لاجراء زراعة رحم بعد العملية الاولى رغم انه استئصل بعد 99 يوما من اجرائها تقول لدينا من الراغبات من خارج المملكة اكثر من 200 حالة ويعلمن انها تجربة لاول مرة مشيرة الى ان منهن من جاءت ولديها قريبة مستعدة للتبرع وليست هناك اية مشاكل للمتبرعة. واكدت الدكتورة وفاء فقيه ان هذه العملية لم تر النور الا بالدعم اللا محدود من المسئولين بالمملكة وكانت توجيهاتهم يرافقه فريق من وفد اعلامي لتغطية الحدث في زيارتنا للامارات. كما وجهت الشكر لحكومة دبي ودائرة الصحة والخدمات الطبية بدبي على استضافتها لهذا الحدث. ومن جهته ذكر الدكتور انس بن محمد المرزوقي استشاري نساء وولادة استاذ مساعد امراض النساء والولادة بكلية طب جامعة الملك عبدالعزيز بجدة في ورقة العمل المقدمة بالندوة اليوم ان هذا النوع من الجراحة يشبه الى حد كبير الجراحة الجذرية لاستئصال الرحم من الناحية التشريحية ولكن يختلف عنه بأنه يجب المحافظة على الأوعية الدموية والشكل التشريحي لنهاية العملية مشيرا الى ان هذا يتطلب المعرفة الوافية والدقيقة لتفاصيل جراحة الحوض النسائية واستعمال الادوات الغير جارحة خلال العملية. واشار الى ان توقيت استئصال الرحم يجب ان يتم بالتنسيق مع جراح الاوعية الدموية الذي يقوم بدوره بمعالجة الرحم بعد استئصاله بالعقاقير اللازمة الى ان يتم زراعته لدى السيدة المستقبلة للرحم. كما سيتناول الدكتور حسان يحيى رفة رئيس مركز الملك فهد للقلب رئيس برنامج المناعة لزراعة القلب والرئة والرحم في ندوة اليوم امكانية استعمال تقنيات حديثة للتعرف على أي رفض للعضو المزروع في مراحله الاولى وهي مراقبة الخلايا الليمفاوية في الدم وكذلك فحص الرحم بالموجات فوق الصوتية وبنظام (الدوبلر) بالاضافة الى فحص الدم لبعض المشتقات البروتينية التي يزداد معدلها في الدم والبول في حالة حدوث أي رفض. كما يناقش امكانية استعمال عينات من عنق الرحم لفحصها مجهريا مما يدل على حدوث رفض أو عدمه مع عرض استعمال عقاقير تثبيط المناعة وطرق استعمالها ومضاعفاتها الحادة أو المزمنة وأية مضاعفات ممكنة للجنين. كذلك مناقشة ما قد يؤدي الى الاستعمال المزمن من حدوث التهابات في الاعضاء المختلفة في الجسم أو حدوث أورام ليمفاوية. وذكر الدكتور حسين حمزة جباد استشاري جراحة القلب والصدر والأوعية الدموية بورقة العمل المقدمة اليوم ان الفحوصات التي اجريت على المريض للتأكد من سلامة عمل التوصيلات الدموية والتي تمت اثناء زراعة الرحم قد اثبتت بوضوح انه يتمتع بتروية دموية جيدة وان يستجيب استجابة طيبة للعلاج الهرموني كما ان الموجات فوق الصوتية تؤكد عدم وجود اية زيادة في قياسات المقاومة في الاوعية الدموية كما ان المريضة قد مرت بدورة شهرية طبيعية مرتين. وأوضح انه لا يوجد في المراجع العلمية ما يؤكد عملية زراعة الرحم في الانسان من قبل. - وقال الدكتور مأمون شقفة العميد السريري بكلية دبي الطبية ان العلماء قد افتوا في مسائل الاخصاب المساعد بقبول كل طريقة تساعد الزوجين على الانجاب في حالات العقم بشرط ان يتم ذلك اثناء قيام زواجهما الشرعي دون ادخال طرف ثالث بينهما ودون اختلاط في الانساب, ووافقوا بنقل الاعضاء من حي الى حي ومن ميت الى حي على ان لا يؤدي ذلك الى اي ضرر على المعطى ولم يستسغ الفقهاء نقل الاعضاء التي تتم بها العلاقة الزوجية مشترطين لكل ذلك الموافقات والضوابط. واشار الى ان الرحم ليس له اية علاقة فيما نعلم بالحقيبة الجنينية والوراثة وليس العضو الذي تتم فيه العلاقة الجنسية وعلى هذا فهو كالكبد والبنكرياس يقع تحت حكم الجواز لتحقيق مصلحة مهمة وان تكون غير حيوية كما في زرع القلب ولكنها مصلحة ترتبط بها واحدة او اكثر من الضرورات الخمس. وحول رأي الدين في أول زراعة رحم في العالم التقت (البيان) بالدكتور احمد الكبيسي حيث أكد ان زراعة الرحم لا تختلف في الحكم عن زراعة الكلى فكل منهما ممسك لحياة تكاد ان تزول او تنشأ حياة ما كان لها ان تنشأ الا بهذا. مشيرا الى ان ما دام الحصول على الرحم يتم بالطرق المشروعة كالحصول على الكلى فان زراعة الرحم جائزة بل ان فيها جانبا تعبديا اذا نظرنا اليها من زاوية محددة وهي ان رحم المرأة التي تقدمت في السن بعد ان انجبت اولادها ولم تعد صالحة للانجاب مع ان رحمها لا يزال على طاقته الاولى وقدرته السابقة في الاحتضان. واشار الى ان عملية زرع الرحم بهذه الزاوية تكون عبادة من اعظم العبادات فاذا كان الاسلام يأمر من عنده ماء بأن يتصدق منه على من لا ماء له بعد ان يكون قد اخذ كفايته منه ومن له ثياب تزيد على حاجته عليه ان يتصدق بها على من لا ثياب له ومن له ظهر فليتصدق به على من لا ظهر له بعد ان يكون قد زاد على حاجته. وقال فمن باب اولى واعظم وارقى ان تجود من لها رحم بحيث تمنح فرصة للاخريات بالانجاب.