تاريخ النشر 13 يوليو 2015     بواسطة الدكتور محمد احمد العطاس     المشاهدات 201

المواد الكيميائية البلاستيكية في الحشوات السنية

توصَّلت دراسةٌ حديثة إلى أنَّ الأطفال الذين تعالج نخورُ أسنانهم بحشوات تحتوي على المادة البلاستيكية المُثيرة للجدل بيسفينول أ Bisphenol A ، قد تحدث لديهم اضطراباتٌ سلوكيَّة محدودة على المدى البعيد. قام الباحثون بتحرِّي 534 طفلاً جرت معالجةُ نخرين سنِّيين لديهم على الأقل، وقاموا بتفحُّص مهاراتهم
 الاجتماعية قبلَ تطبيق الحشوة وبعدَ تطبيقها بخمس سنوات.كانت الحشواتُ مصنوعة إمَّا من الخليطة الفضية المُسمّاة بالمُلغَم، والتي يجري استبعادُها تدريجياً من الاستخدام السريري بسبب احتوائها على الزئبق، أو من مادَّة الكومبوزيت البلاستيكية (النوع الشائع من الحشوات التجميلية الضوئية) والتي تعتمد بعضُ أنواعها في تركيبها على مادَّة البيسغام bisGMA المصنوعة من البيسفينول أ.أظهرت الدراسةُ أنَّ الأطفالَ الذين جرى تطبيقُ عدد أكبر من حشوات الكومبوزيت (التي يدخل البيسفينول أ في تركيبها) قد واجهوا عدداً أكبر من المشاكل النفسيَّة خلال السنوات الخمس التي تلت تطبيق تلك الحشوات، وذلك بالمقارنة مع الأطفال الذين جرى تطبيقُ عدد أقل من الحشوات لديهم. ولم تَظهَر تلك التبدُّلات مع الأنواع الأخرى من الحشوات السنِّية.تقول مُعدَّة الدراسة الدكتورة نانسي ماسيرجيان، اختصاصيَّة الأمراض الوبائية في معهد أبحاث نيو إنغلاند: "حقاً لقد كان ذلك أمراً مفاجئاً لنا؛ فقد لوحظت الآثار السلبية لدى استخدام حشوات الكومبوزيت وليس حشوات المُلغم".وتضيف الدكتورة ماسيرجيان: "لقد كانت الفوارقُ في محصَّلة نقاط السلوك الاجتماعي ضئيلةً جداً، ومن الممكن ألاَّ تُلاحظ في كلِّ طفل؛ إلاَّ أنَّه وعند النظر إلى الموضوع من زاوية أكبر، كأن نأخذ باعتبارنا العددَ الكبير من الأطفال على مستوى المجتمع، فقد نلاحظ ذلك الفرق".وبالرغم من أنَّ الفرضيةَ القائلة بوجود تأثير سلبي للبيسفينول أ في صحَّة الإنسان هي محطُّ جدلٍ بين العلماء، إلاَّ أنَّ بحثاً جرى مؤخَّراً كان قد توصَّل إلى وجود علاقة بين التعرُّض إلى البيسفينول أ وفرط نشاط الأطفال وسلوكهم العدواني.يقول الدكتور بورتن إلدشتاين، طبيب أسنان الأطفال والأستاذ بجامعة كولومبيا في نيويورك: "تُثير هذه الدراسةُ الكثيرَ من المخاوف بشأن مادَّة الكومبوزيت، التي استُعيض بها عن المُلغَم كحشوة للنخور السنِّية منذ التسعينات من القرن الماضي، وتدفعنا إلى إعادة النظر في الملغم وأهمِّيته كمادة حاشية للأسنان. ولكن، لا يوجد هناك الآن ما يستدعي القلقَ بشأن الآثار الصحِّية للملغم أو التيجان المصنوعة من الفولاذ غير القابل للصدأ (الستانليس ستيل)، والتي يجري تركيبها على الأسنان المنخورة".حشدت الدراسة 543 طفلاً تتراوح أعمارُهم بين السادسة والعاشرة، وقد أُجريت معالجة الأسنان الخلفية لكلِّ طفلٍ منهم بحشوتين على الأقل، وكانت تلك الحشوات مصنوعةً من الملغم أو الكومبوزيت المعتمد على البيسفينول أ أو مادَّة اليوريتان. كانت تلك البيانات جزءاً من دراسة جرت في نيو إنغلاند وجرى تصميمها بهدف دراسة الآثار بعيدة المدى لحشوات الملغم على محصلة الاختبارات النفسية ووظيفة الكلى.أظهرت تلك الدراسة أنَّ الأطفال الذين عولجوا بعدد أكبر من الحشوات المصنوعة من مادة البيسفينول أ حصلوا على نقاط أقل في الاختبارات النفسية بعدَ أربع أو خمس سنوات من تطبيق الحشوة، حيث أجاب الأطفالُ أو ذووهم في تلك الاختبارات عن أسئلةٍ حول أيَّة مشاكل واجهها الأطفال في عقد صداقاتٍ جديدة، أو أي شعورٍ بالقلق أو الاكتئاب.وجد الباحثون أنَّ 16٪ من ثلث الأطفال الذي تحتوي أفواههم على العدد الأكبر من الحشوات المصنوعة من البيسفينول أ، كانوا يواجهون احتمالاً أكبر للإصابة بمشاكل سلوكية، وذلك بالاعتماد على وصف الأطفال لأنفسهم، أو وصف أبائهم لهم، في حين انخفضت تلك النسبة إلى 6٪ فقط في الثلثين الباقيين من مجموعة الأطفال الذين عولجت أسنانُهم باستخدام حشوات مصنوعة من البيسفينول أ.وبالمقابل، لم تلاحظ أيَّةُ فوارق من حيث المشاكل النفسية لدى مقارنة الأطفال الذين عولجت أسنانُهم بعدد أقل أو أكبر من حشوات الملغم، أو الكومبوزيت المعتمد على اليوريتان.تقول الدكتورة ماري هايس، اختصاصية طب أسنان الأطفال، والناطقة باسم جمعية طب الأسنان الأمريكية: "تدفعنا هذه الدراسة لإجراء المزيد من البحوث".تقول مُعدة الدراسة الدكتورة ماسيرجيان: "لسنا متأكِّدين حقاً فيما إذا كانت مادَّة البيسفينول المتحرِّرة من الراتنج هي المسؤولة عن تلك التأثيرات السلبية أو هي مادة أخرى ". يقول الدكتور إلدشتاين من جامعة كولومبيا: "يمكن أن يتعرَّض الأطفالُ للمواد الكيميائية في الحشوات السنِّية، إمَّا أثناء تطبيقها من قبل طبيب الأسنان، أو لاحقاً من خلال الحشوة نفسها على المدى الطويل، حيث إنَّ الحشوةَ تتعرَّض للاهتراء بمرور الزمن وتحرِّر موادَّ كيميائية يبتلعها الطفل". ولذلك، "إذا كنت بصدد معالجة أحد أسنانك بحشوة، فمن الأفضل أن تطلب حشوةً لا تحتوي على البيسفينول أ، ولكن الموضوع لا ينتهي هنا". ويضيف قائلاً: "يمكن للأباء أن يقلِّلوا من خطر تعرُّض أطفالهم للمواد الكيميائية عن طريق التأكُّد من قيام الطبيب باتباع الخطوات العلمية الدقيقة في أثناء تطبيقه للحشوة، كسحب جميع المخلَّفات التي قد يتركها تطبيق الحشوة حول السن ... تشير هذه الدراسةُ بوضوح إلى أنَّ زيادة عدد الحشوات السنية يترافق مع مزيد من الآثار الضارَّة على صحَّة الطفل".كما يقول أيضاً: "مثلما تشير هذه الدراسةُ بوضوح إلى خطأ قيام طبيب الأسنان بإزالة حشوات الملغم لدى المريض واستبدالها بحشوات الكومبوزيت، وهو الإجراءُ الذي كثيراً ما يقوم به بعضُ أطبَّاء الأسنان حالياً؛ فطالما أنَّ الحشوة جيِّدة ولا تعاني من مشاكل، فلا داعي لإزالتها".بقي أن نشيرَ إلى أنَّ الدراسة الحالية وجدت ارتباطاً بين المواد الكيميائية المستخدمة في صناعة حشوات الأسنان والاضطرابات السلوكية عند الأطفال، ولكنَّها لم تثبت ذلك من خلال علاقة بين السبب والنتيجة


أخبار مرتبطة