تاريخ النشر 7 يوليو 2015     بواسطة الدكتور عبدالله القرني     المشاهدات 201

اختزاع الكبد بِطَريق الجلد

إن اختزاع الكبد بِطريق الجلد إجراء يُستعمل كثيراً لتشخيص أمراض الكبد المختلفة ومراقبة تطور المعالجة. يقوم الطبيب بإدخال إبرة عبر شق صغير في البطن، ويأخذ عينة من النسيج الكبدي لدراستها. تساعد خزعة الكبد في تشخيص كثير من مشاكل الكبد كالتهاب الكبد، أو التليّف الكبدي "التشمّع"، أو مرض وِلسون، أو ال
تِهابُ الأَقنِيَةِ الصَّفراوِيَّةِ المُصَلِّب، أو خراجات الكبد المُقيّحة. ويُجرى اختزاع الكبد بِطريق الجلد تحت التخدير الموضعي. و يمكن الاستعانة بالتصوير المقطعي المحوسب أو التصوير بالموجات فوق الصوتية "الإيكو" في توجيه الإبرة إلى منطقة محددة في الكبد. قد يشعر المريض بضغط أو ألم خفيف أثناء هذه العملية. إن حدوث بعض الألم في مكان الجرح أمر متوقع. كذلك قد يعاني المريض من ألم خفيف في الكتف الأيمن. ينتج هذا الألم عن تخريش عضلة الحجاب الحاجز وهو ينتشر عادة إلى الكتف الأيمن. قد يوصي الطبيب باستعمال السيتامول لتخفيف الألم. على المريض ألا يستعمل الأسبرين أو البروفن طوال الأسبوع الأول بعد الجراحة، لأن هذه الأدوية تعيق تجلط الدم، وهو أمر ضروري جداً للشفاء. 
مقدمة
تعدُّ أمراضُ الكبد هي من الحالات المنتشرة، فهي تصيب الملايين من البشر في الولايات المتَّحدة على سبيل المثال. 
قد يوصي الطبيبُ بإجراء اختزاع الكبد بِطريق الجلد لمعرفة المزيد حول كبد المريض. واختزاعُ الكبد بِطريق الجلد إجراءٌ يُستعمل كثيراً لتشخيص أمراض الكبد المختلفة ومراقبة تقدُّم المعالجة. 
يعود القرارُ في إجراء هذا الفحص أو عدم إجرائه إلى المريض في نهاية المطاف. 
يقدِّم هذا البرنامج التثقيفي شرحاً عن اختزاع الكبد بِطَريق الجلد، لماذا يُجرى، وما هي مخاطرُه ومضاعفاته المحتملة. كما يقدِّم أيضاً فكرةً عن أمراض الكبد والاختبارات البديلة للاختزاع. 
تشريح الكبد
تقع الكبدُ، وهي عضو كبير جداً، في الجزء العلوي الأيمن من البطن، تحت الرئتين تماماً. 
وهي عضوٌ بالغ الأهمِّية، تقوم بالكثير من الوظائف الهامَّة في الجسم. 
تقوم الكبدُ بتحويل الطعام الذي نتناوله إلى مصادر للطاقة، بصورة يستطيع الجسمُ استعمالَها. 
كما تمارسُ دوراً هاماً في تنظيف مجرى الدم من السُّموم والذيفانات. 
وتساعد الجسمَ على تفكيك الكحول الذي قد يشربه الإنسان. 
تساهم الكبدُ مساهمةً عظيمة في عمليَّة الهضم، فهي تنتج الصفراء، وهي سائلٌ أصفر اللون يُفرَز في الأمعاء، ويساعدنا في عملية الهضم. 
أمراض الكبد
هناك كثيرٌ من الأمراض والحالات التي تصيب الكبد. وتستطيع خزعةُ الكبد أن تساعدَ على تشخيص كثير من هذه المشاكل. 
التهابُ الكبد حالةٌ تسبِّب تورُّمَ الكبد واضطرابه؛ وهو ينجم عن الإصابة بالفيروسات غالباً. وهناك عدَّةُ أنواع من التهابات الكبد، وأهمُّها التهاب الكبد أ والتهاب الكبد ب والتهاب الكبد سي. وينجم كلُّ واحد منها عن العدوى بفيروس مختلف. 
يمكن أن يسبِّب الإسرافُ في تناول الكحول تندُّبَ الكبد وإتلافه، وهي حالةٌ تُسمَّى تشمُّع الكبد. وقد يحدث تندُّب أو تشمُّع الكبد نتيجة أسباب أخرى لا علاقةَ لها بتناول الكحول. 
أمَّا داءُ ويلسون فهو اضطرابٌ جيني ينجم عن زيادة في امتصاص النحاس وتراكمه في أنسجة الجسم، حيث يؤدِّي تراكمُ كمِّيات كبيرة من النحاس في أنسجة الجسم إلى تخريبها. قد يؤدِّي الضررُ الذي يسبِّبه النحاس لأنسجة الكبد إلى اعتلاله، بل وإلى فشله أيضاً. 
وهناك اضطرابٌ آخر يصيب الكبدَ، وهو الْتِهابُ الأَقْنِيَةِ الصَّفْراوِيَّةِ المُصَلِّب، حيث تتورَّم الأقنيةُ الصفراوية في الكبد، ويختلُّ عملها، وهذا ما قد يسبِّب تضيُّقَها وتصلُّبها. وسببُ هذا الاضطراب غير معروف، ولكنَّ المرضى الذين يعانون من داء كرون والتهاب القولون التقرُّحي يميلون إلى الإصابة بالتهاب الأقنية الصفراوية المُصًلِّب أكثر من غيرهم.‎ 
هناك حالةٌ تُسمَّى خراج الكبد المقيِّح، وهي تحدث عندما تمتلئ منطقةٌ ما من الكبد بالقيح، وتنجم عن العدوى بالجراثيم في بعض الأحيان، كما أنَّها قد تنجم أيضاً عن تعرُّض الكبد للإصابات. 
الفحوص البديلة
يمكن تشخيصُ الكثير من مشاكل الكبد عن طريق الاختبارات الدموية التي تتحرَّى عن المواد الكيميائية التي ينتجها الكبد. 
كما يمكن فحصُ الكبد باستعمال الأمواج فوق الصوتيَّة والتصوير المقطعي المُحَوسَب والرنين المغناطيسي. 
تدعو الحاجةُ، في بعض الحالات، إلى أخذ خَزعة من الكبد للحصول على تشخيص أفضل للمشكلة، ومعرفة كيف تجري المعالجةُ النوعيَّة. والخزعةُ هي قطعة صغيرة من النسيج تُؤخذ من الكبد، ويقوم اختصاصيُّ الباثولوجيا أو التشريح المرضي بفحصها. وهناك أنواع عديدة من الخزعات. 
قد يطلب الطبيبُ أخذَ خزعة بواسطة تنظير البطن، حيث يُدخل من خلال شقٍّ صغير في البطن أنبوباً مُجَوِّفاً خاصاً يرسل صورَ فيديو إلى شاشة عرض، وتقوم أداةٌ خاصَّة تُدخَل عبر الأنبوب بجمع عيِّنات من الكبد ليتمَّ فحصُها. 
كما قد يطلبُ الطبيب خزعةً عن طريق الوريد، حيث يقوم بإدخال أنبوبٌ أجوف يُدعى قِثطار من خلال وريد في الرقبة، ويوجِّهه إلى الكبد. وتُرسَل إبرةُ الاختزاع من خلال الأنبوب، وتقوم بجمع عيِّنات من الكبد لدراستها. 
كما أنَّ الطبيبَ قد يطلب خزعةً عن طريق الجراحة المفتوحة، حيث يقوم الجرَّاحُ بفتح البطن، ويأخذ قطعة كبيرة أو صغيرة من الكبد باستعمال الإبرة أو سكِّين الجراحة. ونادراً ما يستخدم الأطبَّاءُ هذه الطريقة، وهم يستخدمونها فقط في حال إجراء عمليَّة جراحية على البطن في المنطقة نفسها لغرض آخر. 
يقدِّم هذا البرنامجُ شرحاً حول اختزاع الكبد بِطَريق الجلد، حيث يقوم الطبيبُ بإدخال إبرة عبر شقٍّ صغير في البطن، ويأخذ عيِّنةً من النسيج الكبدي لدراستها. 
التحضير لاختزاع الكبد
قد يطلب الطبيبُ إجراءَ فحص للدم قبلَ أن يحدِّد موعداً للعملية، وذلك كي يتأكَّدَ من أنَّ الدم يتخثَّر بشكل طبيعي. 
يجب التأكُّدُ من إخطار الطبيب حول أيَّة أدوية يتناولها المريض، وخاصَّة تلك التي تؤثِّر في تخثُّر الدم، كالمميِّعات (مضادَّات التخثُّر) مثلاً. ويجب على المريض التوقُّف عن تناول الأسبرين والبروفين ومضادَّات التخثر قبل العملية بأسبوع. 
ينبغي التوقُّفُ عن تناول الطعام والشراب قبل الاختزاع بثماني ساعات. كما يجب التنسيقُ مع الطبيب حول موعد وصول المريض إلى المستشفى. 
يجب على المريض سؤال الطبيب ما إذا كانَ عليه الاستمرار أو التوقُّف عن تناول أدويته المعتادة. كما أنَّ عليه التأكُّد من سؤال الطبيب عن أيَّة تعليمات عليه اتِّباعها. 
عملية اختزاع الكبد
يُعدُّ اختزاعُ الكبد إجراءً بسيطاً، ولكنَّه لا يزال يُجرى في المستشفى حتَّى الآن. 
يطلب الطبيبُ من المريض عادة أن يستلقي على ظهره، ويضع يدَه اليمنى فوق رأسه. 
تُجرى العمليةُ تحت التخدير الموضعي عادة. وهذا يعني أنَّ المريضَ يبقى مستيقظاً خلال العملية. ولكنَّ المنطقةَ التي سيعمل الطبيبُ عليها، تكون مخَدَّرَة في أثناء ذلك. 
قد يقوم الطبيبُ برسم الحدود الخارجية للكبد على جلد المريض، قبل حقن المنطقة بالمخدِّر الموضعي. 
يُجري الطبيبُ في البداية شقاً صغيراً قُربَ الحافَّة الضلعية اليمنى للمريض. 
ثمَّ يُدخل إبرةً خاصَّة إلى كبد المريض، لأخذ عيِّنة من نسيج كبده. 
قد يلجأ الطبيبُ إلى الاستعانة بالتصوير المقطعي المحوسب أو التصوير بالأمواج فوق الصوتية للكبد لإرشاده في توجيه الإبرة إلى بقعة معيَّنة من كبد المريض، وهو ما يُسمَّى اختزاع الكبد الموجَّه بالتصوير. 
الرئتان والمرارة قريبتان جداً من الكبد. لذلك، على المريض أن يبقى ثابتاً تماماً لئلا يؤذي الطبيبُ الرئةَ أو المرارة. 
وقد يطلب الطبيبُ من المريض أن يحبسَ نفَسه لمدَّة ثلاث أو خمس ثوان عندما يضع الإبرةُ في الكبد. وربَّما يشعر المريضُ بضغط أو ألم خفيف. وتستغرق العمليَّةُ بمُجملها حوالي عشرين دقيقة. 
تتمُّ تغطيةُ الجرح بضمادة بعد انتهاء العملية، ويكون على المريض أن يستلقي على جانبه الأيمن ويضغط على الضمادة لمدَّة ساعة أو ساعتين. وتقوم الممرِّضة في أثناء ذلك بمراقبة علاماته الحيويَّة ومستوى الألم لديه. 
مخاطر اختزاع الكبد
يعدُّ اختزاعُ الكبد بِطريق الجلد إجراءً آمناً جداً؛ والمخاطرُ والمضاعفات بعيدة الاحتمال، ولكنَّها تبقى ممكنة. ولكن، قد تساعد المعرفةُ الجيِّدة بها على تشخيصها مبكِّراً فيما إذا حدثت. 
هناك مخاطرُ تتعلَّق بالتخدير الموضعي، وأخرى تتعلَّق بالجراحة، ومخاطر ترتبط بعملية الاختزاع نفسها. 
يكون التحسُّسُ تجاه المادَّة المستعملة بالتخدير هو أحد المخاطر المرتبطة بالتخدير الموضعي، وهي نادرةٌ على كلِّ حال. 
على المريض إخبار الطبيب حول أيَّة مشاكل تحسُّسية يعاني منها، خاصَّة تجاه الأدوية المخدِّرة كالليدوكايين والنوفوكايين. 
هذه الأشياء نادرةُ الحدوث، ولكنَّها قد تؤدِّي إلى الموت. 
أمَّا المشاكلُ المرتبطة بالجراحة فمنها النزفُ والعدوى وتشكُّل الندبات. 
يكون النزفُ نادراً جداً، ولكنَّه إذا حدث فقد تدعو الحاجةُ إلى نقل الدم للمريض، وربَّما اللجوء إلى عمل جراحي. 
كما أنَّ العدوى نادرةٌ أيضاً، ولكن قد يكون على المريض تناول المضادَّات الحيوية في حال حدوثها، وربَّما يحتاج إلى إجراء عمل جراحي آخر. 
قد تكون الندباتُ الجلدية مؤلمة، وربَّما تبدو قبيحة بالنسبة للمريضات. 
ترتبط المخاطرُ الأخرى بعمليَّة الاختزاع على وجه الخصوص، ومنها إلحاقُ الأذى بالكبد والمرارة والأمعاء والأوعية الدموية، وقد يحتاج المريضُ إلى عملية جراحية أخرى إذا ما حدث شيءٌ من هذا القبيل، وقد تكون هذه المخاطر قاتلة في حالاتٍ نادرة جداً. 
ماذا بعد اختزاع الكبد؟
على المريض أن يصطحبَ معه أحداً ما كي يساعده في العودة من المستشفى إلى البيت. 
قد يكون على المريض الخلودُ للراحة في الفراش بعد وصوله إلى البيت مباشرة، وألاَّ يغادرَ الفراش خلال الساعات الثمانية إلى الاثنتي عشرة التالية (إلاَّ للذهاب إلى الحمَّام)، وذلك وفقاً لتعليمات الطبيب. 
وعليه تجنُّب القيام بأعمال جسدية متعبة خلال الأسبوع التالي للعملية، وذلك ريثما يشفى الجرح ويتعافى الكبد. 
يكون حدوثُ بعض الألم في مكان الجرح أمراً متوقَّعاً. كذلك، قد يعاني المريضُ من ألم خفيف في الكتف الأيمن. وينجم هذا الألمُ عن تهيُّج عضلة الحجاب الحاجز، وهو ينتشر إلى الكتف الأيمن عادة، ولكن ينبغي أن يختفي في غضون بضع ساعات أو أيَّام. 
قد يوصي الطبيبُ باستعمال السيتامول أي التايلنول لتخفيف الألم. ولكن، على المريض ألاَّ يستعملَ الأسبرين أو البروفين طوالَ الأسبوع الأوَّل بعد الجراحة، لأنَّ هذه الأدوية تعيق تجلُّطَ الدم، وهو أمرٌ ضروري جداً للشفاء. 
يجب الاتِّصالُ بالطبيب إذا حصل أيٌّ ممَّا يلي:
حمَّى أو قشعريرة.
ألم شديد.
وهن وإنهاك، أو شعور المريض بأنَّه على وشك الإغماء.
النزّ من الجرح.
أيَّة أعراض أخرى لم تكن موجودةً من قبل.
لابدَّ من التذكُّر بأنَّ السؤال مهما بدا ساذجاً أفضل من نسيان أمر خطير. 
الخلاصة
يعدُّ اختزاعُ الكبد بِطريق الجلد إجراءً آمناً جداً ومفيداً؛ فهو يساعد الطبيبَ على تشخيص مشاكل الكبد ومراقبة تقدُّم أنواع معيَّنة من المعالجة. 
كما أنَّ اختزاعَ الكبد بِطريق الجلد، مثله مثل كلِّ الأعمال الجراحية، يحمل بعضَ المخاطر. ومع أنَّ مضاعفات هذه العملية مستبعدة، ولكنَّها ممكنة الحدوث. 
قد تساعد المعرفةُ المسبقة بهذه المخاطر والمضاعفات كُلاًّ من المريض والطبيب على اكتشافها فورَ حدوثها. 


أخبار مرتبطة