تاريخ النشر 5 مايو 2015     بواسطة الدكتور خالد عبدالرحمن خداوردي     المشاهدات 201

الحملُ خارج الرحم - الحمل المنتبِذ

الرحمُ هو عضوٌ تناسلي مهمٌ خاص بالأنثى. إنَّه المكانُ الذي ينمو فيه الطفل عندما تكون المرأةُ حاملاً. أمَّا إذا كان لدى المرأة حملٌ خارج الرحم، عندئذٍ تنمو البويضة الملقَّحة في مكانٍ غير اعتيادي، وهو خارج الرحم، ويكون هذا المكان هو قناة فالوب أو البوق الرحمي عادةً؛ كما تكون نتيجةُ ذلك هي الإجهاض
 أيضاً. يشكِّل الحملُ خارج الرحم حالةً طبِّية طارئة في حال حدوث تمزُّق. وتتضمَّن علامات الحمل خارج الرحم ما يلي: •	ألم في البطن. •	شعور بالدوخة أو إغماء. • ألم في الكتف. •	نزف في المهبل. ينبغي على الحامل أن تحصلَ على رعاية طبِّية فورية في حال وجود هذه العلامات. ويلجأ الأطبَّاءُ إلى الأدوية أو الجراحة لإزالة الأنسجة خارج الرحم حتَّى لا تُلحِق ضرراً بأعضاء المرأة. وتمضي الكثيراتُ من النساء اللواتي لديهن حملٌ خارجَ الرحم بالحصول على حملٍ صحِّي في وقتٍ لاحقٍ من حياتهن. 
مقدِّمة
الحملُ خارج الرحم هو حملٌ غير اعتيادي، يبدأ خارج الرحم، ويشكِّل حوالي 1 بالمائة من جميع حالات الحمل. تكون حالاتُ الحمل خارج الرحم غيرَ ناجحة، بحيث لا تنمو البويضةُ الملقَّحة لتصبح طفلاً. ويشكِّل الحملُ خارجَ الرحم حالةً طبِّيةً خطرةً يمكن أن تؤدِّي إلى مضاعفات، وحتَّى إلى الموت، ما لم يتم الكشفُ عنها ومعالجتها. يمكن الحصولُ على حملٍ صحِّي في المستقبل بعدَ حدوث الحمل خارج الرحم إذا أمكنَ الكشفُ عن هذا الأخير، ومعالجته في وقتٍ مبكِّر. يقوم هذا البرنامجُ التثقيفي بشرح مفهوم الحمل خارج الرحم. فيناقش أسبابَه وعوارضه وعوامل الخطر. كما يشمل البرنامجُ كيفيةَ تشخيص الحمل خارج الرحم وكيفيَّة معالجته. 
التشريح
يستعرض هذا القسم تشريحَ الأعضاء التناسلية للمرأة كي يتمكَّن المرءُ من فهم بعض المفاهيم المتعلِّقة بالحمل خارج الرحم. تقع الأعضاءُ التناسلية للمرأة في الحوض، أي بين المثانة والمستقيم. تشمل الأعضاءُ التناسلية للمرأة ما يلي:
المبيضين.
قناة فالوب (البوق الرحمي).
الرحم.
عنق الرحم.
المهبل.
هناك وظيفتان للمبيضين. الأولى هي إنتاج الهرمونات المتخصِّصة، مثل هرمون الإستروجين وهرمون البروجستيرون. تكمن الأهمِّيةُ الشديدة لهذه الهرمونات في تنظيم الوظيفة الثانية للمبيض، وهي: الإباضة أو إطلاق البويضات اللازمة للتناسل. كما تقوم هذه الهرموناتُ بتحضير البطانة الداخلية للرحم لإكمال الحمل. تشبه الرحم شكلَ الكمثرى، ويبلغ قياسُها حوالي 3 بوصات في الطول. حين يجري إطلاقُ البويضة، تنزل إلى الرحم عبر قناة فالوب. إذا لم تُلقَّح البويضة، يجري تصريفها والبطانة الداخلية للرحم إلى خارج الجسم في أثناء فترة الحيض. أمَّا إذا حصل الحمل، فيبقى الجنين داخل الرحم حتَّى الولادة. ويمكن للرحم أن تكبُرَ في الحجم كثيرٍاً لاستيعاب حجم الجنين المتنامي. 
الحملُ خارج الرحم (الحملُ المنتبذ)
الحملُ خارج الرحم هو الحملُ الذي يبدأ خارج الرحم. وهو حملٌ غير اعتيادي، حيث لا يمكن أن تنمو البويضةُ الملقَّحة لتصبح جنيناً معافى. يحدث الحملُ خارج الرحم في معظم الحالات عندما تعلق البويضةُ الملقَّحة على إحدى قناتي فالوب. ولكن في حالاتٍ نادرةٍ، يمكن أن يحدث حملٌ خارج الرحم في المبيض أو فوق قناة فالوب أو في عنق الرحم عند الفوهة السفلية للرحم. في حالاتٍ نادرةٍ جداً، قد يحدث الحملُ خارج الرحم في البطن. ونستعرض في هذا البرنامج النوعَ الأكثر شيوعاً للحمل خارج الرحم، وهو الحملُ خارج الرحم الأنبوبي، والذي يحدث في إحدى قناتي فالوب. في حالاتٍ نادرةٍ، يمكن أن تحلَّ مشكلةُ الحمل خارج الرحم نفسَها بنفسِها. وفي حالاتٍ أخرى، تستمرُّ البويضةُ الملقَّحة بالنموِّ في قناة فالوب. يمكن أن يتسبَّب نموُّ الخلايا المتزايدة في قناة فالوب بانفجار هذا الأخير. وهذه حالةٌ طارئة قد تؤدِّي إلى نزف داخلي حاد. يمكن أن يكونَ انفجارُ قناة فالوب أمراً مميتاً، ولكنَّ العنايةَ الطبِّية الفورية كفيلة بتأمين معالجة ناجحة لقناة فالوب المنفجرة أو المتمزِّقة. تتمتَّع الحاملُ بفرصٍ أفضل للحصول على حملٍ صحِّي في المستقبل كلَّما بكَّرت بمعاجلة الحمل خارج الرحم. وتمضي الكثيراتُ من النساء اللواتي أُصبن بحمل خارج الرحم بالحصول على حملٍ صحِّي في وقتٍ لاحقٍ من حياتهن. 
الأسباب
يحدث الحملُ خارج الرحم في غالب الأحيان بسبب حالةٍ تقوم بإبطاء أو منع حركة البويضة الملقَّحة في أثناء انتقالها من المبيض إلى الرحم عبر قناة فالوب (البوق الرحمي). يمكن للندبات أن تسدَّ إحدى قناتي فالوب، ممَّا قد يوقف حركةَ البويضة الملقَّحة. وتحصل الندباتُ نتيجة عدوى سابقة في قناة فالوب. كما أنَّها قد تحصل بسبب جراحة سابقة في البطن أو بسبب حمل سابق خارج الرحم. يمكن للتغيُّرات الهرمونية أن تبطىءَ من حركة البويضة. كما يمكن للتدخين أن يؤثِّر في حركة البويضة الملقَّحة. 
الأعراض
من الضروري الكشفُ عن الحمل خارج الرحم في وقتٍ مبكِّر، الأمر الذي ينقذ حياةَ الأم، ويجعل بالإمكان الحصول على حملٍ صحِّي في المستقبل. يبدأ الحملُ خارجَ الرحم مثل الحمل الطبيعي. فلا يوجد أيَّةُ علامات خاصَّةٍ تدلُّ عليه في الأسابيع الأولى. يبدأ الحملُ خارج الرحم مثل أيِّ حملٍ آخر مع غياب الدورة الشهرية والغثيان والشعور بالتعب وانتفاخ الثَّديين. وتكون نتيجةُ اختبار الحمل إيجابية. بعدَ مرور أسابيعٍ قليلةٍ على الدورة الشهرية الأخيرة للحامل، يمكن أن تلاحظَ الأمُّ الحامل نزفاً مهبلياً خفيفاً أو ألماً في البطن أو آلام التشنُّج (آلام تشبه آلام الطمث) في جهةٍ واحدةٍ من الحوض. وينبغي على الحامل تحديد موعد لرؤية الطبيب في حال ملاحظة هذه العلامات، التي بدورها قد تكون علامات لمشاكل أخرى أيضاً. من الممكن أن يؤدِّي الحملُ خارج الرحم إلى انفجار إحدى قناتي فالوب، الأمر الذي يُعدُّ حالةً طبِّية طارئة تهدِّد حياتها. تشمل علاماتُ انفجار قناة فالوب ما يلي:
ألم حاد وطاعن في الحوض أو في البطن.
نزف مهبلي حادّ.
ألم في الكتف.
شعور قوي بالضغط في أسفل البطن والمستقيم، وشعور بالحاجة إلى التغوُّط دون التمكُّن من فعل ذلك.
شعور بالوهن أو الدوخة أو الإغماء.
ينبغي طلبُ العناية الطبية على الفور في حال وجود أعراض انفجار قناة فالوب. 
عواملُ الخطورة
يعرف العلماء والأطبَّاء عواملَ خطورة معيَّنة يمكن أن ترفعَ من احتمالات حصول حمل خارج الرحم. وتُعرف هذه العواملُ باسم "عوامل الخطورة". قد لا توجد أيَّةُ عوامل خطورة عندَ الكثير من النساء اللواتي يُصبن بالحمل خارج الرحم. كما أنَّه قد توجد عوامل خطورة عندَ نساءٍ لا يعانين أبداً من حمل خارج الرحم. تعاني غالبيةُ النساء اللواتي يحصل لديهن حملٌ خارج الرحم من التهاباتٍ أو عدوى في الأعضاء التناسلية. وتؤدِّي الندباتُ أو مشاكل قناة فالوب، والتي تبقى بعدَ التخلُّص من الالتهابات ومن العدوى، إلى زيادة خطر إصابة المرأة بالحمل خارج الرحم. ومن بعض الأمثلة على ذلك؛ الداءُ الالتهابي الحوضي والأمراض الأخرى المنقولة جنسياً. تزيد حالاتُ الحمل خارج الرحم السابقة من خطر الإصابة بحمل خارج الرحم آخر في المستقبل، والسببُ في ذلك هو أنَّه يمكن لهذه الحالات السابقة أن تسبِّب وجودَ ندبات في قناة فالوب. كما أنَّه قد تزيد حالاتُ الحمل في سنٍّ متأخِّرةٍ من خطر الإصابة بحمل خارج الرحم، وذلك بسبب التغيُّرات الهرمونية. يرتفع خطرُ الإصابة بحمل خارج الرحم إذا كانت المرأة مدخِّنة. من الممكن أن يزيدَ وجودُ مشاكل في الخصوبة من خطر حصول حمل خارج الرحم. وقد تُستخدم الأدويةُ التي تؤدِّي إلى الإباضة في بعض الأحيان في معالجة مشاكل الخصوبة، حيث ترفع هذه الأدوية من خطر حدوث حمل خارج الرحم. كما ترفع المشاكلُ البنيوية في قناة فالوب من خطر حصول حمل خارج الرحم. وتشمل بعضُ الأمثلة على المشاكل البنيوية وجودَ قناة فالوب غريبة الشكل أو وجود قناة فالوب متضرِّرة. من الممكن أن ترفعَ بعضُ وسائل منع الحمل من خطر حصول حمل خارج الرحم، مثل الجهاز الذي يُوضع داخل الرحم، ويسمَّى باللولب، أو وسيلة منع حمل دائمة وتسمَّى بربط القناتين. ومع أنَّه يندر حدوثُ حمل عند استخدام وسائل منع الحمل هذه، ولكنَّ حدوثَه يبقى ممكناً. من الممكن أن يزيدَ انتباذُ بطانة الرحم أو البطانة الرحمية المهاجرة من خطر حصول حمل خارج الرحم. وانتباذُ بطانة الرحم هو وجودُ النسيج المبطِّن للرحم خارجَ الرحم،. ويمكن أن يسبِّبَ هذا الأمرُ وجود ندبات. 
التشخيص
يقوم الطبيبُ أو الجهة التي تقدِّم الرعاية بمراجعة تاريخ المرأة الطبِّي وأعراضها. كما يجري قياسُ ضغط الدم والنبض للتأكُّد من عدم انخفاضهما كثيراً، فقد يشير ضغطُ الدم المنخفض إلى وجود نزف داخلي. يُجرى فحصُ الحوض عادةً للتحقُّق من وجود كتلةٍ في قناة فالوب أو في المبيض. ولكن لا يكفي فحصُ الحوض لتشخيص حالة الحمل خارج الرحم. يمكن أن يتحقَّقَ الطبيبُ من وجود سوائل غير طبيعية وراء المهبل. وللقيام بذلك، يجري رفعُ عنق الرحم قليلاً ليتمكَّن الطبيب من إدخال إبرة تخرق جدارَ المهبل لتصل إلى المساحة خلفه، فتأخذ الإبرةُ عيِّنةً من السائل للاختبار. يمكن الكشفُ عن الحمل خارج الرحم عبرَ التصوير بالأمواج فوق الصوتية (الإيكو) التي تستخدم موجاتٍ صوتيةً لتكوين صورة عن حالة الأحشاء. ويُجرى التصويرُ بالأمواج فوق الصوتية عبر المهبل عادةً لرؤية الأعضاء التناسلية الداخلية بشكلٍ أفضل. كما يجري استخدامُ عصا أو مسبار تُدخَل إلى المهبل في هذا النوع من التصوير بالأمواج فوق الصوتية. قد لا يمكن للتصوير بالأمواج فوق الصوتية تأكيد وجود حمل خارج الرحم فوراً في حال ظهور أعراض الحمل في وقتٍ مبكِّرٍ من الحمل، فيقوم التصويرُ بالأمواج فوق الصوتية عادةً بالكشف عن الحمل خارج الرحم أو استبعاد وجوده في الأسبوع الرابع أو الخامس من الحمل. إذا كان الوقتُ مبكِّراً لإجراء تصوير بالأمواج فوق الصوتية، يمكن معرفة ما إذا كانت المرأةُ حاملاً أم لا عبر إجراء فحوصات الدم. ويمكن أن يراقبَ الطبيبُ حالةَ المرأة عن طريق فحوصات الدم حتى التمكن من استخدام التصوير بالأمواج فوق الصوتية. كذلك يمكن أن تكشفَ فحوصاتُ الدم عن وجود نزف داخلي أو عدوى. كما يمكن تقييمُ مستوى الهرمونات التي من المحتمل أن تتأثَّر بالحمل. 
المعالجة
يتطلَّب علاجُ الحمل خارج الرحم إزالةَ الخلايا المتنامية لهذا الحمل، حيث يجب إزالة هذه الخلايا لإنقاذ حياة الأم، ولجعل الحمل المستقبلي ممكناً. يستخدم الأطبَّاءُ العلاج بالأدوية إذا جرى اكتشافُ الحمل خارج الرحم في وقتٍ مبكِّرٍ، وإذا لم يكن قد تسبَّب بانفجار قناة فالوب، حيث تقوم هذه الأدوية بإيقاف نموِّ الخلايا المتنامية وبالقضاء على الخلايا الموجودة. إذا لم تنجح الأدويةُ، وفي حال إكتشاف الحمل خارج الرحم في وقتٍ مبكِّر، يمكن القيامُ بجراحة عبر إجراء شقوق صغيرة. وتُعرَف هذه الجراحةُ باسم جراحة المنظار، حيث يُجرى شقٌّ صغير في قناة فالوب، ثم يُدخَل منظارٌ رفيع ومُضاء يُستخدم لإزالة الخلايا. يمكن أن تستدعي الحاجةُ إجراءَ شقٍّ أكبر إذا كان الحملُ قد أدَّى إلى انفجار القناة، أو إذا كان هناك قلق من فقدان كمِّية كبيرة من الدم. كما قد تستدعي الحاجةُ إزالةَ جزء من القناة أو كلها، بحيث يبقى حدوثُ الحمل في المستقبل ممكناُ عبر الجزء الآخر من قناة فالوب. يتطلَّب كلٌّ من إتناول الأدوية والجراحة متابعةً مع الجهة التي تقدِّم الرعاية. ومن المهم اتِّباع تعليمات هذه الجهة من أجل تحسين فرص الحصول على حمل صحِّي في المستقبل. 
الخلاصة
يبدأ الحملُ خارج الرحم في مكانٍ خارج الرحم. وتحصل معظم حالات الحمل خارج الرحم في إحدى قناتي فالوب. وفي حالاتٍ نادرةٍ، يمكن أن يحصلَ الحمل خارج الرحم في المبيض أو في البطن أو في عنق الرحم. الحملُ خارج الرحم هو حملٌ غير اعتيادي أو غير طبيعي وغير ناجحٍ، حيث لا يستطيع الجنينُ أن ينمو خارج الرحم. تشمل علاماتُ الحمل خارج الرحم نزفاً مهبلياً خفيفاً وآلاماً تَشنُّجية (آلام تشبه آلام الطمث) في جهةٍ واحدةٍ من الحوض، وألماً في أسفل البطن. وينبغي اللجوءُ إلى الجهة التي تقدِّم الرعاية في حال ظهور هذه الأعراض، وذلك لمعرفة أسبابها. إذا لم تتمَّ المعالجةُ في وقتٍ مبكِّرٍ، يمكن أن تنمو البويضةُ الملقَّحة داخل قناة فالوب وتؤدِّي إلى انفجار القناة، الأمر الذي يمكن أن يكونَ مميتاً. تشمل بعضُ العلامات الدالَّة على انفجار قناة لفالوب ما يلي: ألم حاد في البطن، وألم في الكتف، ونزف مهبلي حاد. ينبغي طلبُ العناية الطبية الطارئة في حال وجود هذه العلامات. تشمل خياراتُ العلاج للحمل خارج الرحم العلاجَ بالأدوية لإزالة الخلايا المتنامية. وإذا لم ينجح العلاجُ بالأدوية، يمكن أن ينصح الطبيبُ بإجراء جراحة، الأمر الذي قد يشمل إزالةَ قناة لفالوب. ويمكن الحصولُ على حمل طبيعي في المستقبل عبر الجزء الآخر من قناة فالوب. يمكن بفضل التقدُّم في مجال التكنولوجيا الطبِّية اكتشافُ ومعالجة حالات الحمل خارج الرحم في وقتٍ مبكِّر، كما يمكن زيادةُ إمكانية الحصول على حمل مستقبلي طبيعي وصحِّي. 


أخبار مرتبطة