تاريخ النشر 31 مارس 2012     بواسطة الدكتورة سوزان الكافي     المشاهدات 201

الولادة الطبيعية

الاختصاصيون يؤكدون أن المجتمع لا يزال يعاني قلة الوعي بأهمية الولادة الطبيعية أثار موضوع زيادة طلب النساء الحوامل على الولادة القيصرية في الآونة الأخيرة جدلا بين المختصين والأطباء؛ فبعد أن كانت سابقا تجرى في الحالات الطارئة فقط، بات الخيار اليوم في يد المرأة الحامل، ويقتصر دور الطبيب على تقد
يم النصح وتوضيح المضاعفات والأضرارالمستقبلية، خاصة في ظل عدم وجود قانون يجعل القرار بيد الطبيب.
وأوضح الدكتور كمال أبو ركبة، مدير مستشفى الولادة بجدة اختصاصي الأطفال حديثي الولادة، لـ«الشرق الأوسط»،أن قرار الولادة عادة لا يُترك للمرأة الحامل، مبينا أن طبيب الولادة لا يمكن أن يلجأ للعملية القيصرية إلا في حال وجود أسباب تستدعي ذلك، منها أن يكون حجم الطفل كبيرا أو وضعه غير صحيح. وأضاف: «طبيب الولادة عادة يعطي فرصة للأم أثناء الولادة أن تكون طبيعية قدر الإمكان ولا يتدخل لإجراء قيصري إلا في حال وجود أسباب طبيةتمنع الولادة الطبيعية».

وأكد عدم إعطاء قرا رطريقة الولادة للأم، مرجعا السبب إلى أن القيصرية ليست بالعملية السهلة، وقال:«العملية القيصرية بحاجة لتجهيزات وفتح غرف عمليات وطبيب تخدير وأدوات، وهذه جميعها لها تكاليف؛ لذا فالطبيب لا يسعى إلى اتخاذ مثل هذا القرار إلا في حال اضطر لذلك، ولا يمكن أن يترك الخيار للمرأة حتى إن كانت تفضله». وأضاف «كثير من النساء ليس لديهن الوعي الكافي بمضاعفات العملية القيصرية، الأمر الذي يجعلهن يطلبن ذلك»،مؤكدا «حاجة المجتمع للوعي بأهمية الولادة الطبيعية من خلال الندوات والوسائل الإعلامية».

واستطرد مدير مستشفى الولادة: لا يمكن أن نأخذ باختيار الأم في حال كان تخطيط الجنين صحيحا وكان حجم الطفل ووزنه طبيعيين، وليست هناك مضاعفات، لافتا إلى أن أطباء الولادة يمرون بحالات كثيرة كهذه - أن يطلب منهم إجراء ولادة قيصرية - لكنهم لا يستجيبون لها ويقومون بإقناع الأم بالولادة الطبيعية.

في السياق نفسه، أوضحت الدكتورة سوزان الكافي، اختصاصية نساء وولادة بمستشفى الملك عبد العزيز بجدة، أن 10% من السيدات اللاتي يترددن على المستشفى يطلبن الولادة القيصرية، دون وعي منهن بمخاطر هذه العملية، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: غالبا ما تطلب النساء اللاتي يلدن لأول مرة، خاصة الصغيرات في السن، ولادة قيصرية لاعتقادهن أنها أسهل من الطبيعية ولن تشعر خلالها بألم، مبينة أن هذا القرار يتخذنه نتيجة عدم وجود وعي كافٍ لديهن بالمخاطر والمضاعفات المترتبة على الولادة القيصرية.

وأضافت: للأسف، القانون يضع الخيار بيد السيدة الحامل، فلها أن تقرر بين الولادة الطبيعية والقيصرية،ونحن، كطبيبات، من واجبنا أن نقوم بالتوعية وتقديم الاستشارة لهن، لكن القرار في الأخير لها، وتوقع على إقرار بموافقتها على إجراء العملية تحت مسؤوليتها.

ولفتت الدكتورة سناء تواتي، استشارية النساء والولادة، إلى أن هناك ثلاثة أسباب تجعل الطبيب يلجأ إلى العملية القيصرية: أن يكون وضع الجنين بالعرض أو رأسه إلى أعلى، أو أن تنخفض ضربات قلب الجنين أثناء الولادة الطبيعية فيضطر الطبيب إلى معالجة الموضوع بإجراء عملية قيصرية للأم لإنقاذ الجنين، أو في حال لم يفتح الرحم بالقدر المناسب للولادة.

وقالت لـ«الشرق الأوسط»: ما نشهده اليوم من مطالبة بعض السيدات بالولادة القيصرية نحن كأطباء نرفضه، ونقوم بنصح السيدة الحامل ونحاول إقناعها بالتراجع عن قرارها.

وأوضحت أم عبد العزيز،ممرضة في مستشفى العزيزية، تعمل منذ ما يقارب 25 عاما، لـ«الشرق الأوسط» أنه في السابق لم يكن الإقبال على العمليات القيصرية بهذا الشكل إلا في الضرورة، لكن الآن «أجد كثيرا من النساء، خاصة الصغيرات، يطلبن الولادة بعملية قيصرية على الرغم من مضاعفاتها وسلبياتها وعلى الرغم من تكلفتها المرتفعة بعض الشيء».

وحول دور الطبيب في توعية المرأة الحامل، بينت الكافي أنه للأسف المرأة الحامل لا تأتي لطلب الاستشارة والتوعية إلا بعد أن تكون قد استمعت للنصيحة من قبل صديقاتها أو المقربين منها؛ لذلك فهي تكون مقتنعة تماما بقرارها أن تلد قيصريا، ويصعب إقناعها بالتراجع عنه. وأضافت: «عملية الولادة الطبيعية اليوم أسهل بكثير من السابق.. الآن مع التسهيلات التي تقدَّم خلال الولادة الطبيعية، ومنها ما يعرف بالإبرة التي تعطى في الظهر للسيدة الحامل أثناء الولادة من قبل اختصاصي تخدير، باتت عملية الولادة الطبيعية أسهل من القيصرية وليست لها مضاعفات مستقبلية».

وحول أضرار إبرة الظهر التي تعطى أثناء الولادة الطبيعية، لفتت الكافي إلى عدم وجود أضرار خطيرة أو مضاعفات وقالت: «قد تطول عملية الولادة لمدة ساعة أو ساعتين، وقد تشعر السيدة بصداع بعد العملية بيوم، أو قد يكون هناك ألم في العضل يستمر لمدة أسبوعين إلا أنهذه الأعراض تظل بسيطة بجانب المضاعفات والآلام التي قد تأتي بعد العمليةالقيصرية»، مؤكدة أن الولادة الطبيعية تظل آمن للسيدة من القيصرية.

إلى ذلك، أكد الدكتور سامي باداود، مدير الشؤون الصحية بمحافظة جدة، أن الولادة القيصرية بصفة عامة لا تجرى إلا في الحالات الطارئة أو أن تكون مجدولة من السابق وليس بناء على رغبةالمرأة الحامل، وأضاف: هناك حالات طبية يكون الطبيب متأكدا من أن هذه الولادة ستكون قيصرية بناء على وضع الجنين أو صحة الأم.

وهنا يعطى الخيار للأم بأن تحدد موعد الولادة، لكن في الفترة التي يكون فيها الجنين مكتملا. وبيَّن أنهناك بعض الأمهات اللاتي لا يرغبن في الدخول بألم الولادة والمخاض وتلجأ للقيصري، وهنا المسؤولية تقع عليها بعد أن يكون الطبيب المختص قد قام بتوعيتها وتعريفها بالمخاطر التي قد تتعرض لها جراء التخدير الذي له مشاكل كثيرة ومخاطر على الجهاز التنفسي والعصبي، إضافة إلى المضاعفات التي قد تحدث.

وأكد أن الأطباء دائما يحاولون أن يجنبوا الشخص مخاطر التخدير العام؛ لذا اخترع البنج الموضعي والنصفي،وأشار إلى أن جميع الأنظمة الصحية في العالم تحاول أن تحد من استخدام البنج العام أو الكامل بسبب مخاطره ومضاعفاته. من جهة أخرى، وجه الدكتور طارق زمزمي، أستاذ أمراض النساء والتوليد بجامعة الملك عبد العزيز، إلى ضرورة توعية الأطباء بالوقت المناسب الذي يجب أن يتدخل فيه لإجراء ولادة قيصرية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: « هناك حالات تستدعي إجراء العملية القيصرية، ويجب أن يعرف الطبيب المختص الوقت الذي يجبأن يتدخل فيه لإنقاذ الطفل بعملية قيصرية مستعجلة بدلا من إبقائه لمدة أطول فيتعرض لنقص أكسجين».

وأشار زمزمي إلى أن عدم تدخل الأطباء في الوقت المناسب لإجراء عملية قيصرية يعتبر من الأخطاء الطبية التي نشاهدها للأسف الشديد بشكل شبه يومي، لافتا إلى أن «تأخر الطبيب في اتخاذ القرار بالوقت المناسب قد ينتج عنه ولادة طفل معوق بسبب نقص الأكسجين أو شلل دماغي»، وشدد على أهمية توعية الأطباء بالتدخل في الوقت المناسب لإجراء عمليات الولادة القيصرية.


أخبار مرتبطة