ود مكافحة مرض السكري متواضعة وغير فعالة؟ ولماذا يبدو الناس عموماً غير مبالين بخطورة هذا المرض؟ وهل جهود التوعية المبذولة الآن كافية؟ وما الإجراءات الإضافية التي يمكن اتخاذها للحد من انتشار المرض خاصة بين الشباب والأطفال؟
المشاركون في القضية
البروفيسور عبدالرحمن الشيخ:
رئيس الجمعية العلمية السعودية لمرض السكري وأستاذ واستشاري الغدد الصماء والسكري بجامعة الملك عبدالعزيز.
د. عبدالعزيز بن عبدالله التويم:
استشاري ورئيس قسم السكري وغدد الأطفال بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية للحرس الوطني - نائب رئيس جمعية طب الأطفال السعودية.
د. علي سعيد الزهراني:
استشاري غدد صماء وسكري بمستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض.
أ. د. وليد لطفي بخاري:
كبير استشاريي جراحة المناظير المتطورة وجراحات السمنة والغدد بالمركز الطبي الدولي بجدة.
د. نادية ناجي غنام:
استشارية سكر وغدد صماء واستقلاب بمستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض سابقاً.
د. حميد حمد الصحفي:
استشاري الغدد الصماء والسكري للكبار بمستشفى حراء العام بمكة المكرمة.
د. خالد بن علي المدني:
استشاري التغذية العلاجية بعيادات أدفانس كلينك بجدة ونائب رئيس الجمعية السعودية للغذاء والتغذية.
د. وسام حسن جمال:
الأستاذ المساعد واستشاري جراحات المناظير والسمنة بجامعة الملك عبدالعزيز.
صحح البروفيسور عبدالرحمن الشيخ الإحصائية الصادرة عن وزارة الصحة بقوله إن 24 % مصابون بمرض السكر فعلياً و 16 % لديهم قابلية للإصابة بالمرض لكنهم غير مصابين ما يعني أن نسبة ال 40% تشمل المصابين والذين لديهم قابلية للإصابة بالمرض.
ويقول إن وزارة الصحة بدأت في الآونة الأخيرة بعمل جهود لتوعية المجتمع من مخاطر مرض السكر في المملكة العربية السعودية؛ وذلك بتنفيذ بعض البرامج التثقيفية والندوات الصحية ولكنه يرى أن هذا غير كاف.
كما يرى في توفير البلديات أماكن لمزاولة الرياضة غير كاف أيضاً لحل المشكلة وإن كانت ستحد منها، حيث أوضحت الدراسات أن مرض السكر سيتضاعف في عام 2020م وستصل التكلفة إلى سبعة مليار دولار.
ولذا فالمطلوب من وزارة الصحة والبلديات والجامعات عمل دراسات ميدانية لمعرفة أسباب زيادة المرض وتكثيف التثقيف الصحي وفائدة مزاولة الرياضة في المجتمع.
كما يجب على الجامعات إنشاء المراكز المتخصصة لإجراء الدراسات العلمية وإجراء البحوث على المرضى للمساعدة في كيفية منعه وعلاجه.
ومن واقع خبرته الطويلة مع المرضى وجد البروفيسور عبدالرحمن الشيخ أن الكثير منهم لا يبالون لأن بعضهم لا يعانون من بعض الأعراض فمثلاً لا يشعرون بألم ولا يوجد لديهم سخونة مشابهة لبعض الأمراض الأخرى فلا يهتمون بالحمية والدواء إلى أن تحصل لديهم مضاعفات.
وفيما يتعلق بجهود التوعية المبذولة فيراها أيضاً غير كافية سواء من وزارة الصحة أم من غيرها من الوزارات الأخرى التي لها علاقة بصحة المريض؛ كونهم كما يرى يقومون بإجراء بعض الدراسات وطباعة بعض المنشورات وتوزيعها في اليوم العالمي لمرض السكر.
ويقول: «نحتاج إلى توعية في كل بيت وفي كل حي وعن طريق وسائل الإعلام وأئمة المساجد وفي المدارس والجامعات لتثقيف المجتمع بخطورة هذا المرض القاتل الصامت؛ فمشكلة مرض السكر ليست بالإصابة بهذا المرض ولكن في المضاعفات الناجمة عنه؛ فهناك بعض المرضى بعد الإصابة بعشر سنوات يعانون من ضعف في النظر وضعف في وظائف الكلى وآلام في القدمين.
ولا بد أن يعلم الجميع أن أكثر من 50 % من مرتادي عيادات العيون وغسيل الكلى هم من مرضى السكر، كما أن أكثر الإصابات بمرض الشريان التاجي في القلب هم من مرضى السكر فعند الإصابة بهذا المرض لا بد أن نهتم بكيفية علاجه لمنع مضاعفاته، فقد أوضحت الدراسات العلمية التي لا جدال فيها أن علاج مرضى السكر والوصول إلى المعدلات القريبة من الطبيعي مثل أن يكون المعدل التراكمي أقل من 7 % قد يجنب المريض هذه المضاعفات التي قد تكون مكلفة صحياً ومادياً ومعنوياً على المريض وعلى ميزانية وزارة الصحة.
ويكمل: «لقد أخذت على عاتقي أن أقيم في كل شهر ندوة أو محاضرة عن طريق الجمعية العلمية لمرض السكر لتثقيف المجتمع بمخاطر هذا المرض، وكانت المحاضرة التي ألقيتها أخيراً عن كيفية منع مضاعفات السكري لدى مريض السكر سواء كان من النوع الأول أم الثاني والحمد لله ظهرت في الآونة الأخيرة كثير من العلاجات التي تستخدم لعلاج هذا المرض منها أنواع جديدة من الأنسولين والعقاقير الطبية ووزارة الصحة توفر كل ما هو جديد في المراكز الصحية فلهم مني كل التقدير، ولكن يلاحظ أنة يتم الترويج عبر وسائل التواصل الاجتماعي أحياناً لبعض المعلومات الخاطئة غير الصحيحة فيما يتعلق بعلاج هذا المرض؛ منها وجود بعض العلاجات الشافية من مرض السكر في بعض الدول كزراعة الخلايا الجذعية في أوكرانيا أو في الهند أو في تايلاند وهذه كلها أخبار غير صحيحة؛ وفيها استغلال للمرضى لدينا فقد ذهب إلى تلك البلدان أكثر من مريض وعادوا دون أي فائدة.
لكن بالنسبة للخلايا الجذعية فأوضحت الدراسات في الولايات المتحدة الأمريكية بعد 23 عاماً من الدراسة بأن هناك أملاً إن شاء الله في علاج النوع الأول من مرض السكر من خلالها ونحن ننتظر نتائج الأبحاث النهائية كي نتأكد.
لماذا لا يبالون؟
د. علي سعيد الزهراني يشير إلى أن هناك دراسة قديمة قبل عشر سنوات بينت أن نسبة الإصابة بمرض السكري نحو 24 % في الأعمار بين 30 - 70 عاماً.
أما بالنسبة لجهود مكافحة السكري التي تبدو متواضعة وغير فعالة فلأنها حسبما يرى جهوداً فردية.. «ونحن بحاجة إلى خطة وطنية متكاملة تشارك فيها جميع القطاعات والوزارات مثل وزارة الصحة والتعليم والتجارة وهيئة الاتصالات وهيئة الغذاء والدواء إضافة للمنزل والمدرسة، ويجب أن تكون هناك مراقبة على المواد الغذائية ومحتوياتها وإجبار التجار على وضع نسبة السعرات الحرارية ومكونات الأغذية على المعلبات والحافظات وأوعية الغذاء.
كما يجب وضع حد أعلى لنسبة السكر في المشروبات الغازية والعصيرات المعلبة وينبغي على هيئة الغذاء والدواء مراقبة وتحليل المواد الغذائية المستوردة والتأكد من أنها تخضع لمعايير الصحة العامة».
وفي المقابل يجب على وزارة الثقافة والإعلام الحد من الإعلانات التي تروج للأكلات السريعة والمواد الضارة كالتدخين.
كما يجب على وزارة التعليم أن تضع ضمن مقرراتها منهجاً متكاملاً للصحة العامة والحرص على الرياضة المدرسية بمعدل نصف ساعة إلى ساعة يومياً بحيث تمارس فيها رياضة صحية لطلاب المدارس.
أيضاً يجب عمل سجل للطلاب يراقب المؤشرات العامة للصحة العامة مثل الوزن والطول ومؤشرات كثافة الجسم.
أما لماذا يبدو الناس غير مبالين من خطورة هذا المرض فالسبب من وجهة نظره يكمن في نقص التثقيف الصحي اللازم؛ ولأن هذا المرض مزمن وكثير من المرضى في بداية الإصابة أو في السنوات الأولى من الإصابة لا يشعرون بأعراضه الخاصة. وهو يرى أن جهود التوعية في هذا المجال غير كافية ويجب أن يشتمل المنهج الدراسي على تثقيف صحي مبني على أسس علمية مكثفة وغرس مفهوم الرياضة وأسس الصحة العامة في النشء حتى تصبح جزءاً من حياته العامة خصوصاً لدى طلاب المراحل الأولى لترسيخ هذه المفاهيم لديهم كي ينشأ جيل متأصلة فيه أسس الصحة العامة؛ لأن الملاحظ أن حصة الرياضة تؤخذ كفسحة وإذا مورست فهي تمارس بصورة عشوائية لمرة أو مرتين في الأسبوع.
إذن فكل هذه الخطوات مهمة بشكل كبير للسكر من النوع الثاني لأن لنمط الحياة أثراً كبيراً في إمكانية حدوثه على عكس النوع الأول من السكري الذي تلعب فيه الوراثة دوراً مهماً ولا يعتمد على نمط الحياة وممارسة الرياضة.
الوعي.. ثم الوعي
كي تكون الجهود المبذولة من وزارة الصحة وغيرها فعالة يرى د. وليد لطفي بخاري ضرورة أن تنصبّ تلك الجهود أولاً على التثبت من الأعداد الحقيقية للمرضى المصابين بمرض السكر؛ وهذه بحاجة إلى بنك معلومات مرتبط بالأحوال المدنية في وزارة الداخلية حتى يكون لدينا سجل لكل مريض مرتبط بسجله المدني في مركز معلومات مركزي مخصص لمرضى السكر حينها تكون الأعداد موثقة وبالتالي لا مجال للخطأ.
ثانياً: هذا الموضوع يحتاج إلى كثير من الجهود الإحصائية والتثبتية ووعي المواطن والتأكيد على أنه لا بد أن يقوم كل مواطن بفحص السكر في مرحلة معينة من عمره ولا بد أن يكون هناك تعاون بين الأحوال المدنية ووزارة الصحة لتثبيت هذه الأماكن.
كما تلعب ثقافة المواطن نفسه دوراً في الاكتشاف المبكر لهذا المرض عن طريق الفحص الدوري ومراقبة المراكز المتخصصة في هذا المجال؛ ويأتي هنا دور وزارة الصحة في عمل مراكز متخصصة للسكر في كل الأحياء بحيث تُوزع المدينة إلى أحياء وفقاً للأعداد ويوضع في كل حي طبيب غدد صماء وممرضين متخصصين بحيث يقوم الطبيب بمتابعة هؤلاء المرضى وضمان علاجهم؛ وهذا سيكون له تكاليف هائلة على الدولة، واليوم ساعد انتشار التقنية المعلوماتية وتوافر المعلومات في الشبكة العنكبوتية في الارتقاء بالمستوى الثقافي لدى المريض.
وصف المرض بالقاتل الصامت قد يكون مبرراً لعدم مبالاة الناس به كما يرى د.وليد لطفي بخاري، وهو يقول إن المرض يؤثر على كل أجهزة الجسم بدءاً من الجهاز العصبي والجهاز الحركي والحواس جميعها، كما يؤثر على الأعضاء والأوردة والشرايين؛ فمضاعفات مرض السكر لا حدود لها بعكس الأمراض الأخرى التي تظهر أعراضها بشكل أوضح على المريض وتكون بصورة آلام أو إعاقة.
أما مريض السكر فيكتشف أن الكلية لديه أصبحت لا تعمل نتيجة فشل كلوي ناتج عن مرض السكر، وفجأة يجد أنه أصيب بغرغرينة بسبب احتكاك بسيط بين أصابع قدمه ونعاله. ثم فجأة يكتشف أيضاً أن الأوردة والشرايين لديه مسدودة ومتآكلة في الساق ككل فهو مرض صامت وخطير وخبيث وتلعب السمنة دوراً كبيراً في الإصابة به، وتزداد الخطورة إذا علمنا أن 30 % من السعوديين مصابون بالسمنة.
أما جهود التوعية المبذولة فلا شك عنده أنها غير كافية ولا بد من تكثيفها.. «أنا هنا أركز على الوعي وأقول الوعي ثم الوعي ثم الوعي، والاكتشاف المبكر للمرض وعلاجه هو الكفيل بالحد من هذا المرض وتقليل مضاعفاته لمن أصيب به إلى أدنى حد بإذن الله».
تضافر الجميع
د. نادية ناجي غنام تؤكد حاجة المجتمع المستمرة إلى التوعية بأخطار مرض السكر لأنه في ازدياد ولا بد من تضافر جميع القطاعات الصحية بالمملكة في عملية التوعية وحتى القطاعات التجارية فجميع الأطعمة يفترض أن تدون عليها محتوياتها ونسبة كل نوع منها كي يستطيع أن يعرف كمية الكربوهيدرات والسعرات الحرارية التي يتناولها الانسان.
كذلك وزارة التجارة لها دور في إجبار الشركات المصنعة للأغذية والمستوردة لها على تدوين مثل هذه المعلومات على الأطعمة المستوردة التي تجد طريقها للمستهلك عند الفسح لها بالدخول.
ولا بد من تكثيف الرقابة الصحية على المطاعم وليس الرقابة التجارية فقط وأن تكون كل الأطعمة مبين عليها محتوياتها لأن معظم الأمراض المزمنة والمستوطنة كالضغط والسمنة والسكر وارتفاع الكلسترول بحاجة إلى توافر شرطين هما:
أولاً: توفير صحية الغذاء وثانياً: الرياضة إذ يجب توفير أماكن للرياضة في كل حي بحيث يجد الإنسان على الأقل رصيفاً أو مكاناً يستطيع المشي فيه داخل المدينة كي نجعل الحركة نظام حياتنا.. «على أيامنا كانت حتى مدارس البنات فيها الرياضة الحركية الجسدية واليوم الحاجة أشد لأن تكون الرياضة جزءاً من حياة أبنائنا وبناتنا في المدارس كي نبعدهم قليلاً عن الجلوس لساعات طويلة عن الإنترنت بعد أن أصبحت الحركة لديهم تكاد تكون شبه معدومة للأسف».
وتشير د. نادية إلى أن تكلفة علاج مرض السكر المباشرة وغير المباشرة عالية جداً تقدر بالمليارات فلماذا تُصرف على العلاج ومضاعفات المرض فيما الأفضل أن يُصرف جزء منها على الوقاية التي لا تحتاج لمبالغ ضخمة لأنها غير مكلفة.
عدم كفاءة الجهود المبذولة يرجع إلى عدة أسباب كما ترى د. نادية فالطواقم الطبية قليلة وغير مكتملة فكل مركز صحي يقوم بعلاج مرضى السكر بحاجة إلى فريق طبي يكون من ضمنة إخصائي تغذية علاجية، ونحن لدينا قلة في هذا التخصص لأن المتوافر إخصائي تغذية فقط والواجب أن يتوافر فريق طبي متكامل لمريض السكر خاصة أن الرعاية النفسية غير موجودة لدينا فيما يتعلق بهذا المرض.
كذلك يجب توفير الوسائل التي تساعد المريض مثل الأدوية وأجهزة قياس السكر وإن كان توفير الجهاز لوحدة غير كاف فلا بد من توفير أشرطته لأنه يحلل بشكل يومي وعلبة الأشرطة التي بها خمسين شريطاً يصل سعرها إلى مائة وأربعين ريالاً.
والسكر كما هو معروف أنواع الأول منه هو سكر الأطفال المعتمد على الأنسولين والنوع الثاني وهو سكر الكبار الذي أصبح يصيب للأسف من هم دون سن العشرين كما يصيب الأطفال بينما كان في السابق لا يأتي إلا للكبار.
وهذا النوع لا يكون الخلل فيه في منطقة واحدة وإنما في عدة أماكن داخل الجسم وهو يتطلب أنواعاً عدة من الأدوية للتحكم في السكر.
وهناك نوع ثالث من أنواع السكر وهو سكر الحمل والذي أصبح أكثر انتشاراً بسبب عادات الاكل السيئة والسمنة وأصبحت الأم وكذلك الاجنة معرضين لمشاكل صحية كثيرة.
ومن حيث الوقاية فإن سكر النوع الأول ليست له وقاية مثل النوع الثاني فحتى الآن لم يستطع العلماء التوصل إلى السبب الحقيقي المسبب له وبالتالي لم يتوصلوا إلى طريقة الوقاية اللازمة منه.
لكن الأشد انتشاراً الذي تنتج عنه المشاكل الكبرى هو النوع الثاني الذي تدخل فيه السمنة ويتحكم فيه نمط الحياة الذي يعيشه الإنسان فهو السبب في استمرارية المشاكل والمضاعفات التي تنتج عنه.
وكي نحد من عملية انتشاره خاصة أنه أصبح ينتشر بين الأطفال لا بد من الحد من السمنة ولا بد من تكثيف جهودنا خلال الخمسين عاماً القادمة لتغيير نمط الحياة لدى الأجيال الجديدة في طريقه الأكل وممارسة الرياضة وتشجيع الشباب والأطفال على ممارستها بحيث تكون جزءاً من حياتهم لأننا أصبحنا نجد شباباً تحت سن الثلاثين عاماً يصابون بالجلطات في القلب وفي الرأس بسبب هذه الأمراض المزمنة التي يمكن تلافيها بالتوعية بحيث تكون الرياضة جزءاً من حياة المجتمع اليومي من الآن فصاعداً كي نتجنب النوع الثاني من السكر وذلك إذا حافظنا على ممارسة الرياضة وتناول الغذاء الصحي وبالتالي نتلافى بقية الأمراض الأخرى كالسمنة والضغط وارتفاع الكلسترول.
كما يمكن تجنب المضاعفات الخطيرة التي تنتج عن مرض السكر على الشرايين والأعصاب ما يؤدي إلى الأصابة بجلطات الرأس والقلب وبعدها تأتي مضاعفات الشبكية والعين ومضاعفات الكلى ومشاكل الأطراف والبتر فكل الأجهزة تتأثر فاعتلال الأعصاب يعني أن كل الجهاز الهضمي والتناسلي والبولي يتأثر ويحصل اعتلال تنتج عنه مشاكل كثيرة منها أن الأكل لا يتم هضمه بشكل صحيح في الوقت الصحيح، وأيضاً الاستجابة للأدوية تصبح غير صحيحة، وهو ما يؤكد أن اعتلال الشرايين والأعصاب تؤثر على كل الأجهزة في الجسم.
المثقفون والمثقفات الصحيات
لا يختلف رأي د. عبدالعزيز بن عبدالله التويم تجاه الجهود المبذولة كثيراً عما سبق فهو يرى أنها لا تزال مشتتة ومتواضعة وتفتقد إلى التنظيم والاستمرارية مقارنة بمدى وسرعة انتشار هذا المرض بين سكان المملكة.
فحسب الإحصائيات العالمية يحتاج كل 500 مريض من مرضى السكري إلى مثقف أو مثقفة صحية واحدة بحساب بسيط.. «وإذا اعتبرنا أن السكان المصابين في المملكة يبلغ عددهم أربعه ملايين مصاب فإن عدد المثقفين والمثقفات الصحيات يجب أن يكون في حدود 8000 مثقف ومثقفة بينما العدد الفعلي الموجود لا يتجاوز ال 500 مثقف ومثقفة صحية معتمدة في مجال السكري.
أيضاً يلزم عمل كادر صحي وظيفي لمثقفي ومثقفات السكري كي يستمروا في هذا المجال لأنه لا يوجد لهم الآن أي كادر صحي مما يضطرهم إلى ترك هذه المهنة والتوجه إلى تخصصات أخرى كالتمريض مثلاً رغبة في تحسين أوضاعهم وزيادة رواتبهم.
لذلك أدعو إلى عمل كادر أو هيكل وظيفي واضح متدرج مثل كادر الأطباء وكادر التمريض وكادر الصيادلة نظراً لأهمية هؤلاء في توعية مرضى السكري في مراحل المرض الأولى ومنع حدوث مضاعفات خطيرة له.
وفي مجال التوعية يجب التركيز على النشء خصوصاً طلاب المدارس، حيث إن أطفال اليوم هم رجال الغد فيلاحظ ظهور السمنة أو زيادة الوزن لدى هؤلاء الأطفال بشكل كبير مما يزيد من أعداد مرضى السكري من النوع الثاني في المستقبل.
ولذلك يجب الاهتمام بالثقافة الصحية لمنع السمنة وزيادة النشاط الرياضي المنظم (وليس استخدام حصة الرياضة كفسحة إضافية).
كما أرى ضرورة عمل برنامج تدريبي وتثقيفي لمدرسي العلوم على كيفية التعامل مع الطفل المصاب بالسكري بما فيها الإسعافات الأولية ويمكن تكريم هذه الفئة من المدرسين بحوافز معنوية وتقليل عدد الحصص المعطاة لهم مقارنة بزملائهم الآخرين مقابل هذا العمل.
أيضاً يجب عمل فحص عشوائي لجميع الأطفال ممن هم فوق سن العاشرة ومصابون بالسمنة أو زيادة في الوزن بشكل دوري أو سنوي في المدارس وهذا سيسهم في اكتشاف حالات السكري لديهم في وقت مبكر.
كما يجب على المدارس سواء كانت حكومية أم خاصة إعادة النظر فيما تقدمه لهؤلاء الأطفال من وجبات دسمة وعالية السعرات الحرارية وبعض المشروبات الغازية.
كما نقترح على وزارة الإعلام منع الإعلانات التلفزيونية وفي الصحف التي تشجع هؤلاء الأطفال على تناول الوجبات السريعة وإذا كان ولا بد فيجب تأخيرها إلى الوقت الذي ينام فيه الأطفال أي إلى بعد الساعة الثانية عشرة ليلاً منعاً لاستهداف هؤلاء الأطفال.
أيضاً وكما هو معروف فإن النشاط الرياضي هو جزء من علاج داء السكري خصوصاً النوع الثاني الذي عادة ما يصيب الكبار فاقترح الاستفادة من المراكز التجارية (المولات) في تمكين السيدات المصابات بداء السكري من استخدامها في الساعات الصباحية المبكرة أي من الساعة السابعة إلى الساعة العاشرة صباحاً للمشي خصوصاً في أوقات الصيف الحارة؛ لأن هذه المراكز التجارية لا تبدأ عملها الرسمي إلا في العاشرة صباحاً شرط وجود رقابة داخل هذه المولات للحفاظ على سلامتهن وعدم التحرش بهن من ضعاف النفوس.
د. خالد المدني: التنظيم الغذائي العلاجي عامل أساسي للوقاية والسيطرة على السكري
فيما يتعلق بدور التغذية الصحية في الوقاية من مرض السكري يقول الدكتور خالد بن علي المدني: يعتبر التنظيم الغذائي العلاجي عاملاً أساسياً للوقاية والسيطرة على المرض ويجب التركيز على مشاركة المريض في كيفية إيجاد حلول للمشكلات الصحية قدر الإمكان باستعمال آليات تعليمية مختلفة وطرق تقنية؛ ولذلك وبصورة عامة يهدف التنظيم الغذائي العلاجي إلى التالي:
- المحافظة على مستويات سكر الدم أقرب إلى المستوى الطبيعي وذلك من خلال الغذاء المتوازن، والنشاط الحركي، والمتوافر من الأنسولين مع المحافظة على وظائف الكلى أو الغسيل الكلوي.
- إحراز الأفضل لمستويات الشحوم بالمصل، وضغط الدم مما يقلل من خطورة أمراض القلب والأوعية الدموية.
- تناول الكمية الكافية من السعرات الحرارية للمحافظة على الوزن المناسب بالنسبة للطول.
- إحراز مستويات كيميائية حيوية مقبولة، ومستوى مناسب للسوائل.
- الوقاية والعلاج للمضاعفات الحادة والمزمنة لداء السكري.
----------------
د. حميد حمد الصحفي: تقليل الوزن وممارسة الرياضة تقيان من الإصابة بالسكر الوراثي
وحول علاقة مرض السكري بالوراثة يقول د. حميد الصحفي إنها علاقة وطيدة خاصة النوع الثاني من السكر، حيث إن نسبته تزيد خاصة في الناس الذين لديهم أقارب من الدرجة الأولى ونعني بهم الآباء والأمهات والأعمام والعمات والأخوال والخالات. هذه النسبة تزيد وتظهر خاصة إذا توافرت أسباب أخرى مصاحبة مثل زيادة الوزن وزيادة العمر وتناول أدوية تزيد من احتمالية الإصابة بالسكر مثل أدوية الكورتيزون وحبوب منع الحمل للسيدات وبعض الأدوية النفسية أيضاً. كل هذه تزيد من نسبة الإصابة بالسكري الذي له علاقة بالوراثة (النوع الثاني) إذا توافرت أسباب أخرى مرضية مثل الحمل فالمرأة الحامل إذا كان أحد أفراد أسرتها من الدرجة الأولى مصاباً بالسكر فإن نسبة إصابتها بالسكر في أثناء الحمل تزداد. أما كيف نمنع الإصابة بالسكر الوراثي أي النوع الثاني فيكون ذلك بتقليل الوزن وممارسة الرياضة والابتعاد عن الأدوية التي تزيد من نسبة الإصابة بالسكر التي أشرت إليها آنفاً إلا باستشارة طبية ومتابعة النساء الحوامل ممن لديهن تاريخ عائلي لمرض السكر لاكتشاف أي إصابة بالسكر في أثناء الحمل لمعالجتها وتفادي مضاعفات السكر على المرأة الحامل وجنينها أما بالنسبة للنوع الأول من السكر وهو سكر الأطفال فهو غالباً ليس له علاقة بالوراثة.