ة علاقة بين المرض والبيئة، وهل للغذاء دور فيإصابة النساء أو تعرضهن للمرض؟
كل هذه الطروحات وغيرها تضعها «عكاظ» عبر الملفالساخن على طاولة المتخصصين؛ سعيا للوصول إلى إجابات شافية تكرس الدور الوقائيوتعزز الجهود المبذولة في الحملات التي تنادي بأهمية الكشف المبكر، خصوصا أن سرطانالثدي يمثل ما نسبته 24 في المائة من السرطانات النسائية في المملكة ويأتي فيالمرتبة الأولى.
رأى أستاذ الأورام في جامعة الملك عبدالعزيز في جدةالبروفيسور ياسر بهادر، أن الحملات التوعوية الصحية تؤدي دورا هاما في تكريسالوقاية من الأمراض، وقال: لا أخفي إن قلت إنه في السابق كنا نعاني كثيرا في اكتشافالحالات المرضية التي كانت تصل إلى المستشفيات متأخرة، فمثلا حالات سرطان الثديكانت تصل وهي في مرحلتها الثالثة والرابعة نتيجة ضعف الوعي الصحي لأن نساء المجتمعالكثير منهن كن يتجاهلن الأعراض ويعتقدن أنها أعراض مؤقتة تزول بتناول الأدويةالتي تريحهن من الألم، أما الآن فإن الوضع اختلف كثيرا فبدأنا نلمس الوعي الصحيلدى النساء بأهمية الكشف المبكر في الوقاية، وجميع الحملات التي نفذت ومازالت تنفذتعطي مؤشرات إيجابية في تفهم النساء بأهمية التوجه إلى إجراء فحصوصات الماموجرام.
ويستطرد الدكتور بهادر «رغم التجاوب الكبير الذينلمسه في الحملات الصحية مازلنا نطمح إلى المزيد، خصوصا أن الدول العالمية وصلتإلى 70 في المائة في مجال الاكتشاف المبكر، إلا أننا لم نصل إلى الآن إلى مرحلةمتقدمة وفقا للسجلات الإحصائية، ومن هذا المنطلق فإن الأمر يحتاج إلى جهود أكبروتعاون وتكاتف بين كافة القطاعات الصحية المعنية، حيث إن استمرار الحملات التوعويةمقياس علمي لرصد مدى تجاوب المجتمع ومقياس لمعرفة النسب ومدى تغيرها في السجلاتالإحصائية.
مرحلة الخطر
وفي سياق متصل، أوضحت المدير التنفيذي لمركز محمدحسين العمودي للتميز في رعاية سرطان الثدي في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة وناجيةمن المرض وناشطة عالميا في مجال سرطان لثدي الدكتورة سامية العمودي، أن سرطانالثدي يمثل ما نسبته 24 في المائة من السرطانات النسائية في المملكة ويأتي فيالمرتبة الأولى، إلا أن المشكلة ليست في عدد الحالات، حيث إن الإحصائيات هذه لاتعكس الواقع الصحي، كما أن هناك حالات تعمد للسفر إلى الخارج طلبا للعلاج فلا يتمحصرها في هذه الأرقام.
وأضافت: هناك حالات في القرى والهجر لا تذهبللمستشفيات وربما تحدث الوفاة وتسجل تحت وفاة لأسباب أخرى فلا تدخل في الإحصائيات،والأهم أننا نحاول التركيز على خفض الحالات المتقدمة؛ لأن هذا هو الحل الذي سينعكسعلى معدلات الشفاء وعلى عدم إهدار موارد الدولة في علاج الحالات المتقدمة.
وحول الجهود في مكافحة سرطان الثدي قالت «الجهودالمبذولة في جانب مكافحة سرطان الثدي غير كافية ولكنها قطعا قد اختلفت عما كانتعليه سابقا، فهناك حراك من جميع فئات مقدمي الرعاية الصحية من الوزارة والجامعاتوالقطاعات الخاصة وغيرها في سبيل إقامة الندوات والمؤتمرات ونشر ثقافة الفحصالمبكر، بل وهناك لجان تعمل الآن على توحيد الجهود وعلى وضع آليات مقننة حتى فيطرق العلاج لتحسين جودة الخدمات المقدمة لمرضى السرطان».
وعن أبرز التحديات التي تواجهها في إيصال الرسالةالإنسانية إلى نساء المجتمع السعودي ولاسيما أنها عاشت تجربة المرض تضيف «جهوديبدأت فردية، لكنني أصبحت الآن أملك دعما لا متناهيا من جامعة الملك عبدالعزيز فيجدة ممثلة في دعم شخصي من مديرها والذي يدعمني في كل ما أقوم به، وهذه حقيقة لاأنكرها، وطبعا هناك الرجل الذي أكرمني يوم آمن بقضيتي ويدعمني في رسالتي وهو محمدحسين العمودي الذي يرعى الكرسي العلمي لأبحاث سرطان الثدي، والآن زاد الدعمبالمنجز الحضاري الجديد الذي نعمل عليه في الجامعة وهو إنشاء أول مركز تميز فيرعاية سرطان الثدي في المنطقة أيضا بتبرع سخي منه، وسيكون هذا المركز نموذجاومرجعية للمنطقة بأكملها، وقد استضفنا خبراء من الولايات المتحدة الأمريكية منجهات متعددة، مثل مجموعة المبادرة العالمية في سرطان الثدي من سوزان ج كومن، ومركزالفريد هاتشون للسرطان؛ للتشاور في برامج المركز وخططه الاستراتيجية».
وحول تقييمها للوضع الحالي لمرض سرطان الثدي أكدتالدكتورة العمودي: لازلنا في مرحلة الخطر، وبعض الدراسات تشير إلى أنه بحلول عام2025م سيزيد معدل الإصابة بسرطان الثدي بما يقارب 350 في المائة في المملكة، أي أنهناك حربا مقبلة أكبر من التي نعيشها الآن ما لم نقم بالاستعداد لمواجهة هذا الخطرمن الآن.
الاكتشاف المتأخر
وعن سؤالنا حول الحالات التي تصل إلى المستشفياتمتأخرة، وهل توجد آلية لهذه المشكلة بجانب التوعية، لفتت إلى أن هناك عدة عواملأهمها تمكين المرأة وتوفير المعلومة لها بأهمية الكشف المبكر، وهو ما يتم من خلالنشر الوعي وإدخال هذه القضية ضمن مناهجنا الدراسية، فهذه المشاكل الصحية لابد أنيعرفها المتلقي كل على حسب عمره، والمعرفة قوة في ظل قلة وعي النساء بأمور كثيرةعن صحة الثدي.
ثانيا، توفير آلية فحص الثدي، وهذه حقوق صحية يجب أنتدركها المرأة وتبحث عنها. ثالثا، الاستعانة برجال الدين، حيث إن لرجال الدينتأثيرا أقوى من الآخرين، بحيث نشرك من لهم ثقافة تجعلهم يشاركون في العمل المجتمعيبنشر ثقافة الفحص المبكر، وأهميته وأحكام التكشف على الأطباء وأهمية التداوي وغيرذلك.
سرطان الثدي
وتتطرق رئيسة قسم الأشعة في مستشفى الملك عبدالعزيزومركز الأورام في جدة الدكتورة إيمان باروم لجانب تعريف سرطان الثدي فتقول: سرطانالثدي هو انقسام غير طبيعي وغير منتظم لخلايا الثدي عند المرأة ويحدث غالبا فيخلايا القنوات الحليبية ويؤدي إلى تكوين ورم كامن، ونتيجة لتعدد انقسام الخلاياعشوائيا يكبر حجم الورم بسرعة ويؤدي إلى انتشاره في الجسم عن طريق الدم والقنواتالليمفاوية.
وبينت الدكتورة باروم، أن سبب المرض غير معروفتماما، لكن توجد هناك عوامل تزيد من فرص الإصابة بهذا المرض، غير أن وجود واحد أوعدد من هذه العوامل لا يعني حتمية إصابة الشخص بهذا المرض، وهذه العوامل تشمل:التاريخ المرضي فاحتمالية الإصابة بسرطان الثدي تكون أعلى في النساء اللاتي لديهنأقارب من الدرجة الأولى (أم، أخت، ابنة) مصابات بهذا المرض، حيث ترتفع النسبة إلىالضعف، أما إذا كان الأقارب من الدرجة الثانية (الجدة، العمة، الخالة)، سواء منناحية الأم أو الأب، فإن نسبة الإصابة ترتفع ولكن تكون أقل من الحالة الأولى،والمرأة المصابة بسرطان في أحد الثديين ترتفع لديها نسبة الإصابة بالمرض في الثديالآخر أو في مكان آخر في الثدي نفسه، والعلاج بالإشعاع في منطقة الصدر في سن صغيرةيزيد من احتمالية حدوث سرطان الثدي.. بعض الدراسات أثبتت أن الرضاعة الطبيعية لمدةسنة ونصف إلى سنتين تقلل بعض الشيء نسبة الإصابة بسرطان الثدي، وعدم إنجاب الأطفالأو إنجاب أول طفل بعد سن 30 سنة، يزيد قليلا من نسبة الإصابة بسرطان الثدي، كما أنبداية الدورة قبل سن 12 سنة وانقطاعها بعد سن 55 سنة يزيد قليلا من نسبة الإصابةبسرطان الثدي.
وتوضح الدكتورة باروم أن الاكتشاف المبكر للمرض يعطينتائج وفرصا علاجية أفضل بكثير من الاكتشاف المتأخر.
البيئة والتغذية
وحول علاقة البيئة والتغذية بمرض سرطان الثدي ترىالدكتورة منى محمد باسليم استشارية جراحة الأورام رئيسة وحدة أمراض وجراحة الثديفي مستشفى الملك فهد في جدة، أن نسبة سرطان الثدي في تزايد مستمر في العالمالصناعي منذ عام 1940م، وتشكل حوالى مليون حالة في العام، كما أن النساء اللواتيينتقلن للعيش من بلدان يكون معدل سرطان الثدي فيها منخفض إلى بلدان أخرى يكون فيهاالمعدل مرتفع (كالدول الصناعية) يكتسبون زيادة في معدل الخطورة، وهذا دليل على أنالعوامل البيئية تسبب سرطان الثدي.
ولفتت إلى أن العوامل البيئية المتسببة في السرطانهي: الأشعة المؤينة، وهي السبب الأول والمعروف منذ القدم في التسبب في سرطانالثدي، والأشعة السينية وأشعة جاما من الأسباب المعروفة كمواد مسرطنة؛ لأنها تعززقوة بعض الهرمونات والمواد الكيميائية في جسم الإنسان لتكون مسرطنة، والدليلالعلمي الاختباري يشير إلى أن حوالى 100000 مادة كيميائية صناعية تستعمل اليومتساهم في حدوث سرطان الثدي إما بتغير وظائف الهرمونات أو تغير شكل الجينات.
وشددت الدكتورة باسليم على ضرورة اتخاذ إجراءات ضدالتعامل مع جميع ما تم التعارف عليه كمادة مسرطنة من المواد المستعملة في حياتنا،وإجراء المزيد من الدراسات والأبحاث في جانب سرطان الثدي، ويجب أن تشمل الأبحاثدراسة أهمية تأثير مدة التعرض القليل والوقت الزمني والتعرض التراكمي وتعرضالسيدات في المنازل وأماكن العمل للمواد المسرطنة.
وتنص الدكتورة باسليم بالإكثار من تناول الفواكهوالخضروات العضوية الغنية بفيتامين إي وسي ومادة البيتا كاروتين، بالإضافة إلىالألياف التي يوجد نوعان منها وكلاها مفيدة، القابلة للذوبان وغير القابلةللذوبان، فالقابلة للذوبان توجد في نخالة الرز، دقيق الشوفان، والشعير، أماالألياف غير القابلة للذوبان توجد في نخالة القمح، سيقان الخضروات والفواكه.
الكشف المبكر
ويتناول الدكتور هدير مصطفى مير مدير مركز الأورامفي مستشفى الملك عبدالعزيز استشاري علاج الأورام بالأشعة جانبا آخر من الموضوعفيقول:
مرض سرطان الثدي من الأمراض التي انتشرت بين نساءالمجتمعات العالمية بشكل لافت للنظر وأصبح يشكل معادلة صعبة في المجتمع السعوديباعتباره يحتل المرتبة الأولى ضمن قائمة أورام النساء، وهو مؤشر خطير يدفع الأوساطالطبية إلى بذل الكثير من الجهد الوقائي وتنظيم المزيد من الحملات التوعوية فيسبيل إيصال المعلومة التعريفية والتثقيفية بالمرض وأهمية الكشف المبكر.
وأفاد الدكتور مير أن هناك 3 طرق للكشف المبكرلسرطان الثدي هي: الأولى عن طريق الاكتشاف المبكر من خلال الفحص باستخدام أشعة«الماموجرام»، فيما تتمثل الطريقة الثانية من خلال الفحص السريري الذي يتم بواسطةالطبيبة، إذ توجد أعراض معينة منها تغيرات في حلمة الثدي وإفرازات تخرج منهاوتورمات تحت الإبطين وفي الثدي، أما الطريقة الثالثة فهي ذاتية تعتمد على فحصالمرأة نفسها، وهي ضرورية لمعرفة أية تغيرات تطرأ على طبيعة الثدي، لكن نسبة الوعيالمطلوبة لهذا المرض متدنية في مجتمعنا فمعظم الحالات التي تردنا تكون في المرحلتينالثالثة أو الرابعة وهي المراحل المتأخرة.
الدكتور هدير أكد أن الحملات الوطنية للتوعية بسرطانالثدي أو الأمراض الأخرى ضرورية لتوعية المجتمع ولتكريس الوعي الصحي، خصوصا أنالفرد لدينا لا يبحث عن المعلومة الطبية إلا عندما يصاب بمرض لا سمح الله، في الوقتالذي يجب عليه أن يكون مدركا أن هناك أمراضا قد تكون أعراضها متشابهة أو غيرملموسة وبالتالي يتجاهل الفرد أهمية التوجه إلى الطبيب، لكن عندما تصل التوعية إلىحده فإنه حتما سيحرص على إجراء الفحص الدوري، ولا سيما أن الاكتشاف المبكر لأي مرضيعزز ويرفع من نسب الشفاء