تاريخ النشر 9 فبراير 2015     بواسطة البروفيسور محمد عابد باخطمة     المشاهدات 201

فاصل غير إعلاني و سنعود .. صفراء لا شية فيها

تلكم هي صفة إبتسامة الفاسدين ، باهت لونها فاقع طبعها، لا تسر الناظرين، يصنعها الفاسد بإحترافية عالية بحسب مكان عمله و متطلبات موقعه و يرسمها البيروقراطي كما يرسمها مهرج السيرك.. مهمتها إظهار الشماتة و التحدي لكل صالح و مجدد بأنهم و بالرغم من إفسادهم ما زالوا موجودين أحياء يحومون حول الحمى ويق
عون فيه، وهي أيضا تظهرهم بمظهر الساخر من الأهوال برباطة جأشه فترى أحدهم يبتسم و الناس بسبب مصائبهم يبكون دما، و غير الإبتسامة الصفراء اليكم بعضا من سمات الفاسدين وليس كلها:-
1. المجادلة الوقحة
2. شخصنة الأمور الموضوعية
3. تعميم الأمور الشخصية
وفي القرآن الكريم سورة البقرة آية11 ( وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ) يقال لهم لا تفسدوا أي نهاهم عن فعل الفساد فيردون بوقاحة جدلية (نحن مصلحون).
فلا يتحدثون عن الفساد وهو الموضوع بل يشخصنون القضية بنحن مصلحون.
و (إذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء) فإن طلب منهم كأشخاص أن يؤمنوا عمموا الأمر ولم يذكروا أنهم لن يؤمنوا بل عمموا القضية بمبرر أن الإيمان إختاره السفهاء.
فمن الناس إذا قيل له يا حضرة صاحب ال.... هذا القرار و الإجراء سيضر بالمصلحة العامه و هو مخالف للنص النظامي و لروح النظام تجدهم يردون (إحنا نبغي نطبق المطبق في الدول المتقدمة) و نريد ان نصلح أحوالنا لنصبح متقدمين علميا و تقنيا فنحن مصلحون،
بس يا حضرة صاحب ال.....الدول المتقدمة لا تطبق الأمور هكذا و متطلبات النجاح ليست مكتمله كما يجب و الأفضل أن ندخل تعديلات كما حدث في...
يردون بقولهم يعني (تبغانا نسوي زي الدول المتخلفة) ، تقول له بس هذا سيخرب ما باقي من منافع يرد يعني جات على هاذي ماهي كلها خربانه جات علينا يعني ولا تبغى تصلح حضرتك الكون.
4. تعجبك أقوالهم عند سماعهم
5. يشهدوا الله على مافي قلوبهم
6. اللدد في الخصومة
7. إذا تولوا سعوا في الإفساد
8. إذا تولوا أهلكوا الحرث
9. إذا تولوا أهلكوا النسل
10. تأخذهم العزة بلإثم
وفي القرآن الكريم سورة البقرة آيه 204 وما بعدها ( ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا و يشهد الله على مافي قلبه و هو ألد الخصام و إذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها و يهلك الحرث و النسل و الله لا يحب الفساد و إذا قيل له إتقي الله أخذته العزة بلإثم).
فمن الناس من تسمعه يقول (أنا ما سعيت للمنصب ولا بغيته) و لكنه فرض علي فرضا و مستعد لتركه في اي وقت و لكن المسؤولية الوطنية و حبي لمساعدة الناس هو الذي يجبرني على البقاء فأنا سوف أفعل و أعمل و أسوي....الخ .
ويكمل .. يشهد الله إني لولا حب الخير و الأجر كان دورت الإستقالة ولو بواسطة، ثم يجلس خلف مكتبه و يمسك بقلمه أو يوحي لمساعديه بما لا يخفى آثره من الفساد ،
فإن قيل له إتق الله يا رجل قال أنا صاحب الصلاحية أنا المؤتمن أنا أعرف ما يجب و مالا يجب أنا أفعل الأصلح و الأفضل و يبتسم إبتسامة صفراء لا شية فيها عندما يضعك في مأزق معارضة صاحب الصلاحية النظامية.
وهي ايضا إبتسامة من قال أنه فعل الأصلح و الأنفع ولكنه كتم أنها الأصلح و الأنفع له هو شخصيا.
ما سبق ينطبق على آ حاد المفسدين ولكنه أيضا ينطبق على شللهم قال القرآن الكريم في سورة محمد آية 22 (فهل عسيتم إن تو ليتم أن تفسدوا في الارض)
11. يكونوا شلل فاسده و يستمعون لمشورة غير المصلحين
12. يقطعون ما أمر الله به أن يوصل
و في القرآن في سورة الرعد آية 25( و الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل و يفسدون في الأرض)
وفي سورة الشعراء اية 151 ومما بعدها( ولا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون)
وفي النمل أية 22 (وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون) فمن الناس من يطيع المسرفين من المفسدين لأسباب لا تخفي و الشلل مهمة لأنها محضن و متنفس و مركز تخطيط و بدل من الإصلاح بين المختلفين في الرؤى و الطروحات يقطعون أواصر الزمالة و يغذون الفردية و يقتلون روح الفريق في العمل مع إيمانهم بأهمية عمل الفريق في الشلة.
13. يبخسوا الناس اشياءهم
14. يتخلصون من الأقوياء المقاوميين و يستبقون الضعفاء النافعين
15. يقسمون الناس لشيع و احزاب بحسب مصالحهم الفاسدة
و في القرآن سورة هود آية 85(أوفو الكيل و الميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم و لا تعثوا في الارض مفسدين)
وفي سورة القصص آية 4(.. وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم و يستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين)
فمن الناس من تقول له هذا الرجل الموظف مستكمل لشروط الترقية أو البدل أو التعيين كما هو النظام فيقول لك لن أوقع ولن يأخذ ولو وقف على شعر راسه و خليه يطالب بالنظام ، كل مبدع مشاغب وكل ناقد معارض وكل مطالب مشاكس و النظام يمنع المشاغبة و المعارضة و المشاكسة لأنها تعطل العمل و يتم تجمييد أو نقل أو حتى محاولة فصل كل مبدع ناقد مطالب بحق و يتمركز في مراكز صناعة القرار في المؤسسة من يقول حاضر طيب ابشر و لو بغير قناعته وكلما تخلص الفرد من شخصيته كلما أصبح صفحة بيضاء لحبر الفساد الأسود.
16. يعارضون الفساد قولا و عملا و بشراسة،
وفي القرآن في سورة البقرة آية 127 (أتذر موسى و قومه ليفسدوا في الأرض) طبعا هذا قول هامان و قارون و بقية الشلة.
يضعون المبررات ليقول فرعون كما في سورة غافر آية26 (ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد) يعني يريد أن يأخذ الإستثناء القانوني!!!! من المجلس التشريعي!!!! ليطهر مصر حارة حارة وزنقة زنقة، وبدون أن يخالف الدستور!!!!
ثم أن هذا مجرد جواب لتساؤل طرحه هامان و المجلس التشريعي (أتذر موسى و قومه؟)
وعندما قال مؤمن آل فرعون وهو عضو صالح في المجلس الفاسد و لكنه كان يخفي إيمانه (أتقتلون رجلا يقول ربي الله) وضع الأمور كما يجب فهو لم يقل أتقتل يافرعون رجل يقول ربي الله بل خاطب المجموع من إقترح ومن أجاب ومن سكت و أوضح القضية وهي أن الموضوع ليس إصلا ح و إفساد فموسي لم يطالب بتغيير النظام أو إسقاطه أو تعديل دستوري كل ما قاله موسي أن ربي الله وهو رد على تساؤل من فرعون وكل طلبه هو إخراج بني إسرائيل من مصر و العبودية ،
وذكر مؤمن آل فرعون لإسم الله عز و جل يدل أن فرعون و من حوله يعرفون هذا الإسم جيدا و إلا لما قاله لهم، فقال فرعون ( ما اريكم إلا ما أري) مجرد رأي (إيشبك محموق كده) و (ما أريكم إلا سبيل الرشاد) ثم إنو ماكان قصدي إلا أدلكم على أحس الطرق للبلاد و العباد، وكأني به ينظر نظرة معناها ... خلصوا عليه بدون غلبه و شوشرة..... فكادوا له كيدا و مكرو له مكرا لكن الله وقاه سيئات ما مكروا و حاق بهم سوء العذاب.
سأقف هنا لكي لا يطول الفاصل و لعل لنا عودة تفصيلية ولكني اريد أن ادلل و أذكر باهمية ركن تعيين مرجعية تعريف الفساد لأن فرعون و بدعم هامان و قارون كانو يعتبرون موسى وهارون و مؤمن آل فرعون من الفاسدين المفسدين في الأرض الذين يخشون منهم على الناس فيبدلوا دينهم و يظهروا في الأرض الفساد،
ترى أي دين الذي كان يخشى فرعون تبديله وأي فساد الذي يخشى أن يظهر؟؟؟؟ الجملة التي قالها فرعون ذكية جدا فمن الناحية النظامية لا يؤاخذ عليها.
أما من قال لهم فهم يعرفون أن الدين الذي يخشى أن يبدل هو عبادة فرعون و إظهار الفساد هو أن يعرف الناس الحقائق كما عرفها السحرة ، فقط ذكرت ما سبق لكي لا نكون صورة ذهنية قبيحة عن مظاهر الفاسدين كما هي الصورة الذهنية عن الفساد نفسه بالعكس (دول ناس شيك جدا وكشخة) و تعجبك أشكالهم، و لسانهم يقطر (شيرة) وليس (عسل طبيعي) و صوتهم خافت ناعم و يرجعون دائما للمنطق و العقل كمرجعية نادرا ما يغضبون و دائما يحقدون.
و يميلون للمزاح و الإستظراف ليس لأنهم ظرفاء بل لأن المزاح خط رجعة ( إنا كنا نخوض و نلعب) فحبهم للفرفشة لأنها وعاء الإستهزاء و عشقهم للوناسه لأنها مجال اللعب و مطية الخوض، فلو ظهر للعيان فسادهم قالوا (يا شيخ كنا بنمزح ليش إنت ماخذ الأمور بحزازية و معقد كل شي!!!!!) 
فإن لم يفعل الشخص ما كان يبدوا أنه مزاح قال الفاسد الذي تولى (يعني إنت ماتفهم هو الأمر كان مزحة هو كل ما الوحد يبغي يسوى شي لازم يزعق و يشخط و يأمر ما كنت أمزح كنت مؤدب معاك بس يظهر إنو ما ينفع !!!!!)
يلبسون مسوح الضأن و قلوبهم كذئاب و نفوسهم كأبن آوى ، يغلب عليهم الإستهزاء بغيرهم و لكن أوضح شيء فيهم هي إبتسامتهم الصفراء....و صدقوني صفراء لا شية فيها و اسألوا إن شئتم من خرج برحمة الله من ظلمات الفساد لنور الصراط المستقيم الذي نسأل الله أن يهديني و إياكم إليه و أن يجعلني الله و إياكم من أهله و يوفقنا فيه و يثبتنا عليه ليوم نلقاه و هو عنا راض غير غضبان .
تساؤلات :-
- لولا القرآن الكريم كمرجعية هل كنا سنعتبر فرعون و هامان و قارون فاسدين؟؟
- لولا الرسول صلى الله عليه وسلم هل كنا سنعرف كيف نصلح حتى لو لم نفسد؟؟
- هل أوضحت أهمية ركن المرجعية في تعريف الفساد وتحديد الموقف من الفاسدين؟؟
أ.د محمد بن عابد باخطمة
استشاري جراحة الكبد والقنوات المرارية بمستشفى جامعة الملك عبدالعزيز وكلية الطب. 


أخبار مرتبطة